السيد في الصحافة

صحيفة الوسط : آفاق الوحدة الإسلامية وضرورتها

في منتدى الوحدة الإسلامية في البحرين…
العولمة هم مشترك والتقارب الإسلامي يتطلب حراكا اجتماعيا


من صحيفة الوسط – حيدر محمد


شهد جامع الإمام الصادق بالدراز مساء الاثنين الماضي انطلاق منتدى الوحدة والثقافة الإسلامية الذي تقيمه جمعية التوعية الإسلامية تحت شعار “الوحدة الإسلامية وتحديات العولمة”، وشارك في الليلة الأولى السيدعبدالله الغريفي والشيخ حسن قارئ الحسيني وضيف التوعية آية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي وابتدأ الحفل بعد تلاوة عطرة لآي من الذكر الحكيم بكلمة رئيس الجمعية الشيخ سعيد النوري حدد فيها زوايا العولمة الثلاث: الأولى هي مجموعة الأطر والآليات التي قربت المسافات وعمقت التفاعل بين الشعوب والدول حتى صار العالم كما يعبر عنه بالقرية الصغيرة تليها مجموعة القوى السلبية للعولمة من نشر الهيمنة والغزو والصدام. وثالثها هي القيم الإيجابية للعولمة من الاحترام ونشر السلم والاستقلال وحفظ الإنسانية.


بعده تناول الشيخ حسن قارئ الحسيني كلمة بعنوان “آفاق الوحدة الإسلامية وضرورتها”، وتساءل في بداية حديثه عن أية أمة كنا قبل الإسلام والقرآن، فالعلاقة قبل الإسلام كانت قائمة على البغضاء، وبعد قدوم النبي “ص” تحولت إلى حب وتآلف. وأضاف الحسيني قائلا “لو فعلنا مثلما فعل النبي محمد “ص” ولو سرنا على نهجه فسنستطيع تحقيق الوحدة المنشودة. ولو تمسكنا بالقرآن وجعلناه ربيع قلوبنا لحققنا الوحدة”، ولكن المشكلة برأي الحسيني تكمن في “أننا عرفنا القرآن ظاهريا ولم نعش جوهر القرآن”، مختتما حديثه بالقول “إننا نملك بين أيدينا أثمن شيء ولكننا بحاجة إلى أن ندرك معاني القرآن ونستفيد منها في كل أمور حياتنا”.


بعد ذلك رصد السيدعبدالله الغريفي في ورقته التي تناول فيها اتجاهات متعددة بشأن مسألة الوحدة عدة مواقف وحالات نفسية عند الناس بشأن مسألة التقارب الإسلامي:
الموقف الأول: وجهة النظر المتشددة والرافضة للآخر وهي التي ترمي الآخر بأنه خارج الدائرة الإسلامية، وكلفت هذه الفئة الواقع الإسلامي أثمانا باهظة من دماء وعنف متبادل “العنف المذهبي”. ويتمثل الموقف الثاني في الفئة المتحفظة جدا وهي تعتبر الطرف الآخر خارج عن ملة الإسلام، ولكنها تخشى هيمنة الطرف الآخر اذ ترى في التقارب إلغاء لانتمائها المذهبي ومصادرا له.


الموقف الثالث: الفئة القائلة بأن مشروع التقارب مشروع “طوبائي” خيالي لا يمكن تحقيقه وهي ترى أن الوحدة هدف يمكن تحقيقه نظريا أما عمليا فلا يمكن تحقيقه لعدة أسباب فكرية ونفسية “…” لا يمكن الخلاص منها، لذلك لا جدوى من بذل الجهد والمال من أجل التقارب، ويستشهد أصحاب هذا الرأي بفشل غالبية المحاولات التي سعت للتقارب.


الموقف الرابع: الفئة التي تجزئ بين مسارين: الفكري والعقائدي، وهذه الفئة ترى أن التقارب في هذه المواضع غير ممكن، ثم المسار الاجتماعي والسياسي وترى أن التقارب ينحصر في هذين المجالين. بينما يتجسد الموقف الخامس في الفئة المقتنعة نظريا والتي ترى ضرورة الوحدة الإسلامية ولكنها لا تسعى لتحقيقها طلبا للراحة.


الموقف السادس: الفئة المقتنعة نظريا وعمليا وهي التي اقتنعت نظريا وعمليا بمشروع الوحدة في جميع المستويات، وهي تسلك المنحى الجاد في مشروع الوحدة، إذ حقق القائمون على هذا المبدأ إنجازات على مستوى التأصيل والتأسيس، ومن انجازاتهم إنشاء دار التقريب في القاهرة والمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب.


ويؤكد الغريفي أن السبيل للوحدة يأتي عبر تأصيل حال الوعي لمكونات المشروع، وتأصيل مبدأ الحوار النظيف والصراحة العاقلة، وإقامة البرامج العملية المشتركة الثقافية والتربوية التي تذيب الحواجز النفسية، وعقد اللقاءات العلمية المتخصصة بعيدا عن أجواء الضجيج والإعلام والمزايدات. وانتقد الغريفي بعض الحوارات على الفضائيات التي تسعى لإثارة الضجيج والتهويش، “أما إذا كانت هذه الحوارات متعقلة فإننا نرحب بها على وسائل الإعلام”.


وبدوره ركز آية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي على وجود الكثير من الخواص والآثار المتعددة بين المسلمين، فالواقع الذي نعيشه أن هناك اختلافات بين الطوائف الإسلامية وبين أفراد المسلمين ولا يمكن حصر مواد الاختلاف فهناك اختلاف في الفهم والعاطفة. والمرجو من الوحدة هو تأكيد الأمور المشتركة حتى تجعلهم يدا واحدة وخلق قوة ضد الأعداء، المسلمون مشتركون في أمور كثيرة منها: القرآن والقبلة الواحدة منوها بوجود أمرين الوحدة والتقريب، فإذا كانت هناك أمور إسلامية مشتركة فالمرجو هو الوحدة في هذا المواضع، أما في مواضع الاختلاف فالمرجو هو التقارب بين الآراء.


وخلص اليزدي إلى تأكيد ضرورة السعي إلى تحقيق الوحدة الإسلامية في الأمور الكثيرة المشتركة، أما في موارد الاختلاف “وهي الأمور الظنية” فيجب عدم التعصب والتشدد للآراء فيها فهي من معوقات الوحدة، وترك هذه الأمور لأهل الخبرة والاختصاص.


اليزدي:النظرية الأخلاقية قيمة إسلامية لا غربية


دعا المفكر الإسلامي آية الله محمد تقي مصباح اليزدي إلى البر والإحسان مع المخالفين “سواء في الدين أو المذهب أو الفكر”، مستشهدا بقوله تعالى “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين” “الممتحنة: 8”.


جاء ذلك ضمن محاضرة له بعنوان “النظرية الأخلاقية في الفكر الاسلامي والغربي”، عقدت في جامع الإمام الصادق “ع” بالدراز ليلة الثلثاء الماضية، تلتها ندوة لكل من رئيس جمعية المنبر الإسلامي صلاح علي والكاتب الإسلامي السيد كامل الهاشمي، وتأتي هذه الفعالية ضمن أسبوع “منتدى الوحدة والثقافة الإسلامية” الذي تقيمه جمعية التوعية الإسلامية.


ففي محاضرته، طرح ضيف البحرين اليزدي عدة مفاهيم أوضح معناها في الفكر الإسلامي والغربي، موضحا انه: “عندما نقول الفكر الغربي فلا نقصد فكر كل من يسكن الغرب، بل هو الفكر الغالب للمدارس الفكرية في الغرب”.


وبين الفرق في تعامل الفكر الغربي مع الحقائق والموجودات الحسية وبين تعامله مع الأمور الاعتبارية المعنوية، إذ أشار إلى “أن الموجودات والحقائق في الفكر الغربي يمكن إثباتها بالطرق العلمية، فيما أن الشائع عند المثقفين الغربيين أن القيم والأخلاق والإدراكات الاعتبارية كلها نسبية لا دليل لها في الواقع العملي ولا يمكن إثباتها”.


مضيفا “في الغرب يدعون إلى احترام الآخر، حتى لو كان يصنع وثنا يجب أن نحترم مقدساته، وليس لنا أن نناقشهم في ذلك لأنها أمور اعتبارية “…” نحن حين نؤدي الصلاة أو أي منسك آخر نعتبره واجبا، فيما يعتبره من يعتقد أنه أمر اعتباري أمر حسن لكنه ليس واجبا ولا ينبغي مناقشته باعتبار الإيمان بالله تجربة نفسية شخصية”.


وفي معرض حديثه عن الحداثيين قال: “اعتبر الحداثيون الأدلة على وجود الله كلها مخدوشة، وحينما سئل أحدهم عن ذلك قال: أنا في نفسي أؤمن بالله ولكنني لا أرى دليلا منطقيا على ذلك “…” إن اعتبار الأمور الأخلاقية أمورا اعتبارية أدى إلى التساهل فيها، كما يجب أن نميز بين التساهل الخطأ والتساهل الصحيح، فالتساهل الخطأ مثل التنازل عن العقائد الحقة “تسامحا” مع الآخرين، فما شرع واجبا يجب الأخذ به بدقة”.


وانتقد اليزدي القول إن التسامح قيمة في الفكر الغربي تجاه كل شيء، لأننا نعيش عصر التسامح، واصفا إياها بـ “المغالطة”، ومفندا صحتها بشرح قاعدتي “الأحكام تابعة إلى عناوينها” و”عند تعارض المصالح يجب الأخذ بالأهم منها”.


أما رئيس جمعية المنبر الإسلامي صلاح علي فقد بدأ حديثه بالإشادة بأسبوع الوحدة التي تقيمه جمعية التوعية الإسلامية واصفا الحدث بـ “أمر نفتخر به وسنة حسنة”، مؤكدا قوله “نتمنى أن يكون التفاعل مع هذا الحدث وأمثاله تفاعلا أكبر من جميع الفعاليات في البلد”.


وطرح علي في ورقته التي حملت عنوان “مؤسساتنا والبرنامج الأخلاقي والتربوي” الفرق بين “العولمة” و”العالمية”، قائلا “نحن المسلمون عالميون لأن الإسلام عالمي، قال تعالى “إن هو إلا ذكر للعالمين” “التكوير:27”.


مشيرا إلى “أن الإسلام جاء لإحقاق الحق، ولم يأت لسلب الشعوب بل سعى إلى رفاهيتها، كما اهتم بإشاعة قيم العدل والإحسان والمساواة “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر يعظكم لعلكم تذكرون” “النحل: 90″، فالإسلام لا يؤمن بالعرقية ولا الطبقية ولا أي شيء آخر يفرق بين الناس، وقد قال رسول الله “ص” في خطبته بحجة الوداع “إن ربكم لواحد “…” لا فضل لأسود على أبيض ولا لعربي على أعجمي إلا بالتقوى”.


وفي معرض حديثه عن “العولمة”، أرجع صلاح علي البداية الفعلية لمفهوم العولمة إلى عهد الرئيس الأميركي بوش الأب، على رغم إثباته بداية ظهور المفهوم قبل ذلك بكثير.
ورأى علي أن “العولمة” يراد منها “إهمال العلاقات الاجتماعية التي تقوم على التكامل والتعاون، فهي تجعل من العالم يشجع على الجشع من دون الالتفات إلى القيم”، واستعرض عدة سلبيات للعولمة أهمها “أن الغرب أشاع فلسفة جديدة عرفت بالفردية، ما أدى إلى تفكك الأسر، والتي تعتبر قوام المجتمع الإسلامي”. كما حذر علي من غزو العولمة بتوجهها للمرأة وتركيزها على “صناعة السينما والفضائيات ومساحيق التجميل”، فيما قال: “إن العولمة جعلت الاقتصاد للكبار والأخلاق للصغار خصوصا لما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني “تغير فيها كيفما تشاء””، منتقدا ما تروج له العولمة من “الشذوذ الجنسي والإباحية” مستدلا على ذلك بذكر عدة توصيات لمؤتمر السكان العالمي. وأكد علي “أن الشيء الذي لا نقبل بعولمته هو الثقافة والأخلاق والقيم، إذ لابد أن تكون للأمم خصوصيتها، كما أننا لا نؤمن بـ “صراع الحضارات” بل بالحوار فيما بينها”، منهيا ورقته بعدة توصيات أهمها “استقلالية الأمة سياسيا، المحافظة على ثروات الأمة، الوقوف الموحد أمام الحكام ونصحهم، الضغط الاجتماعي على الحكام، الاتفاق على كل ما يعيد الروح للوحدة، عدم الخروج عن الثوابت القاطعة، طرح الخطط المتنوعة، عدم فرض اتجاه رأي واحد على الأمة، الاتفاق على رفض الإباحية الجنسية والإلحاد، تأكيد الحوار بين مختلف الأطراف في البلد الواحد، وزرع معاني الوحدة بين أفراد الأمة”.


أما السيدكامل الهاشمي فقد طرح في ورقته عدة إشكالات تعاني منها الأمة بحسب رأيه، الأولى “إشكالية معرفية”، إذ انتقد “إخفاقات المعرفة الدينية التقليدية” داعيا إلى عدم استبعاد العلوم الحديثة عن العلوم الدينية كعلوم “إدارة المعرفة”، مؤكدا ضرورة تطوير المعرفة الدينية.


أما الإشكالية الثانية فهي “شعورية نفسية”، ففي ظل صيحات الحداثة والعولمة وغيرها، نرى والكلام للهاشمي أن الآخر يعمل بشكل منظم، بينما ابتلي هذا العالم بالفوضوية، داعيا إلى الاستعجال في تحديث المنظومة الأخلاقية، وفرض توجهات المعركة الحضارية بيننننا وبين الغرب.


كما عرض للإشكالية الثالثة وهي “المظهرية العملية”، والتي استدل عليها بانفلات السلوكيات والعادات الدخلية، وأن الحل يكمن في تطوير مبدأ المواجهة بين الحضارات، وأكد الهاشمي “أن النهوض بالمجتمع يحتاج إلى إدخاله كعنصر رئيسي في المشروع، كالتوحد في مشروع تحرير فلسطين كما دعا إلى ذلك الإمام الخميني “رض”، فالأمة لا تتوحد في الإطار النظري بل يوحدها المشروع العملي”.


وفي مداخلة للباحث الإسلامي سالم النويدري انتقد فيها الهاشمي لتفريقه ما بين الدين والمعرفة الدينية، قائلا “هذا ما ذهب إليه الحداثيون”، موضحا أن المعرفة الدينية تنقسم إلى ثابتة وغير ثابتة، وأن على الإنسان المعاصر أن يكتشف الآليات التي تعينه على التلاؤم والمعرفة الثابتة.


وفي حديث خاص لـ “الوسط” لم ينف الهاشمي تفريقه ما بين الدين والمعرفة الدينية، قائلا “هذا ما دعا إليه الشيخ جوادي آملي

Show More

Related Articles

Back to top button