ما هي القوى التي تتصدى للإمام المهدي؟
ما هي القوى التي تتصدى للإمام المهدي؟
ليلة الثلاثاء 15 شعبان 1423 مأتم النعيم الجنوبي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وقائدنا محمد وعلى آله الهداة المعصومين:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أيها الأحبة في الله أهنئكم بميلاد أمل البشرية الإمام المهدي المنتظر أرواحنا فداه..
السؤال الذي اطرحه هنا-ونحن نحيي هذه الذكرى العظيمة-
ما هي القوى التي سوف تتصدى للإمام المهدي حينما يعلن ظهوره…؟
هناك نوعان من القوى سوف تتصدى لحركة الإمام المهدي(ع)، هذه الحركة التي تستهدف تغيير العالم بكامله، واقامة الدولة الإسلامية العالمية…
جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام
“إذا قام القائم المهدي لا تبقى أرض إلا نودي فيها شهادة إن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله”
وعن الإمام الباقر عليه السلام:
“وليبلغن دين محمد صلى الله عليه وآله ما بلغ الليل والنهار حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض”.
وفي حديث آخر للإمام الباقر عليه السلام:
“إن الإسلام يظهره الله على جميع الأديان عند قيام القائم عليه السلام”
وفي حديث ثالث للإمام الباقر عليه السلام قال:
“القائم منا، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب ويظهر الله عز وجل به دينه على الدين كله ولو كره المشركون”
وهذه الحتمية لانتصار الإسلام في نهاية أشواط البشرية تؤكدها نصوص القرآن:
“هو الذي أرس رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون”
“ولقد كتبنا في الزبور من بعد الِذكر أن الأرضَ يرثها عِبِاديَ الصالحون”
“وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئا”
نعود للقول بأن الإمام المهدي حينما يعلن حركته المباركة لإنقاذ العالم سوف تتصدى نوعان من القوى..
• “النوع الأول: قوى الانحراف
• “النوع الثاني: قوى الكفر
وعبرت الروايات والأحاديث عن النوع الأول من القوى بـ”السفياني” ،وعن النوع الثاني من القوى بـ”الدجال” فمن هو السفياني، ومن هو الدجال؟
هناك اتجاهان في تفسير هذين العنوانين:
الاتجاه الأول:
يفسر هذين العنوانين تفسيرا حرفيا، فالسفياني شخص محدد يقود حركة الانحراف في وسط المسلمين ويتصدى بقوة للإمام المهدي حينما يعلن انطلاقته المباركة..
والدجال شخص محدد يقود حركة الكفر من خارج الوسط الإسلامي، ويعلن حربه للإمام المهدي(ع).
وتدور معارك طاحنة وعنيفة بين الإمام المهدي(ع) وكل من جيش السفياني وجيش الدجال، ويكون النصر والغلبة في النهاية لجيش الإمام المهدي، ويقتل السفياني ويقتل الدجال، وتتم الهزيمة لجيشيهما،ويباد الجيشان، إلا من يعلن إسلامه ..
الاتجاه الثاني:
يفهم هذين العنوانين فهما رمزيا:
فالسفياني ليس شخصا معينا، وإنما رمز وعنوان لكل القوى الانحرافية في داخل المسلمين، والتي قد يجسدها العديد من الأسماء والأشخاص تلتقي جميعها عند هدف واحد هو”الانحراف عن خط الإسلام الأصيل”
فقوى الإنحراف – المعبر عنها بالسفياني- هي قوى تعلن انتماءها للمسلمين، وتمارس الكثير من شعائر الإسلام ولكنها تعمل من اجل تحريف الإسلام، والانحراف به عن مساره الأصيل .
فمن الطبيعي حينما يظهر الإمام المهدي وهو الممثل الحقيقي للإسلام سوف تتصدى له قوى الانحراف والتحريف، قوى السفياني، لأن الإمام سوف يعلن أن الإسلام الذي يمثله “الأدعياء” هو إسلام مزيف، وإسلام مزور..
نحاول هنا إن نلقي نظرة على الروايات والأحاديث التي تناولت “السفياني” لنرى كيف يمكن أن نفهمها..
جاء في هذه الروايات وهي تصف “السفياني” الفقرات التالية:
1- “السفياني منكم ويحمل في عنقه صليب” ومن الواضح أن السفياني-كما يؤكد هذا النص- ينتمي إلى المسلمين، بدلاله الكلمة “منكم” سواء فسرنا السفياني شخصا واحدا، أو مجموعة أشخاص يمثلون خطاً واحداً هو “خط الانحراف” وعبارة “يحمل في عنقه صليب” لها دلالتان:
الدلالة الأولى:
أن السفياني بكل رموزه في وسط المسلمين يحمل “أفكار النصارى” ويروج لثقافة “الغرب” الذي ينتمي ظاهرا إلى النصرانية ويوظف كل وسائله الإعلامية والثقافية والتعليمية، وجميع مؤسساته لنشر المبادئ والأفكار والقيم المستوردة من الغرب الكافر..
الدلالة الثانية:
إن عبارة (يحمل في عنقه صليب) تعني أن الأنظمة السفيانية، والكيانات السفيانية في وسط المسلمين سوف تكون مطوقه بمعاهدات صليبيه او معاهدات غربية تفرض هيمنة القوى الكافرة على كل مقدرات المسلمين، وهذه المعاهدات قد تكون معاهدات سياسية او معاهدات عسكرية او أمنية او اقتصادية او ثقافية..
2- “السفياني يحلل الحرام ويبيح المنكرات”
من ابرز الظواهر في ظل أنظمة السفياني هو العمل من أجل “إلغاء أحكام الإسلام” واستبدالها بأحكام وضعية تخالف صراحة أحكام الدين والشريعة ,وكذلك العمل من أجل ” نشر المنكرات والمفاسد, والانحرافات” والعبث بالقيم الروحية وهدم الأخلاق، وإشاعة الدعارة والزنا والفحشاء، واللهو والباطل وإباحة كل المحرمات..
3- السفياني “اكثر خلق الله ظلما وأشدهم شرا”.
ومن الصفات البارزة في شخصية السفياني- فردا أو نظاما أو خطا- الظلم والاستبداد ومصادرة الحريات، واستعباد الناس، والتلاعب بمقدرات الشعوب، وسلب كراماتها، والبطر، والاستعلاء، وقهر الإرادات، وسرقة الثروات، والتعاطي مع كل أشكال الشر في الأرض.
4- السفياني “يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان” وفي مقطع آخر “نزع الله من قلبه الرحمة والرأفة”
والعبارات هنا مريحة في رسم بعض ملامح النظام السفياني، والخط السفياني المتجسد في الاعتداء والبطش، والقتل، والعنف، والإرهاب وتجاوز القيم، والمبادئ، والقوانين، ونشر الرعب في قلوب الناس فلا يسلم من جوره وظلمه وبطشه حتى النساء والأطفال لأنه لا يحمل في قلبه شيئا من الرحمة والرأفة.
وأما الدجال:
فهو- وفق الاتجاه الثاني- ليس شخصا معينا، وإنما هو رمز وعنوان لكل القوى الكافرة في الأرض والتي قد يجسدها العديد من الأسماء والأشخاص تلتقي جميعها عند هدف واحد هو “إعلان الكفر والعداء للإسلام”
وربما يبرز شخص أو أشخاص، او نظام او أنظمة يتجسد فيه او يتجسد فيها العنوان الأقوى لهذا الخط – خط الدجال – وربما تتفرد قوة واحدة فتحاول أن تفرض هيمنتها على العالم، فتكون العنوان الأبرز للدجال..
وإذا أردنا أن نستنطق الروايات التي تحدثت عن الدجال، فيمكن أن نقف مع هذه المقاطع:
1- الدجال يمثل اعظم فتنة شهدها تاريخ البشرية “منذ أدم والى يوم القيامة” تصوروا حجم الخطر الذي يمثله الدجال على خط البشرية بكل امتداده..
ولذلك يرى أصحاب الاتجاه الثاني انه يصعب أن نفسر ذلك من خلال شخص واحد.. وإنما هو خط يمثل اتجاها مناهضا لخط الأنبياء وخط الأديان، ويحمل قيما وأفكارا ومبادئ تشكل أخطر فتنة على مسار الإنسانية…
ولعل النظام الكافر في هذا العصر، مجسدا في ” الإدارة الأمريكية” وعلى رأسها الرئيس الأمريكي بوش، بكل ما تتطلع إليه من هيمنة وسيطرة على كل العالم هو المظهر الأبرز لخط الدجال وإن تعبير السيد الإمام الخميني رضوان الله عليه عن “أمريكا” بـ “الشيطان الأكبر” فيه إيحاء واضح إلى هذا المعنى.
2- الدجال “كافر… مكتوب بين عينه كافر يقرأه كل كاتب وأمي”
الدجال يمثل خط الكافر, والتعبير بكونه “مكتوبا بين عينيه كافر” كفاية عن إعلانه الصريح عن الكفر، واشتهاره بانتمائه إلى خط الكفر, والأمر واضح لكل الناس, حتى الذين لا يعرفون القراءة والكتابة يعرفون “الدجال” يمثل خط الكفر.
وهذا معنى “يقرأه كل كاتب وأمي” وليس المراد – والله العالم- وجود كتابة مكونة من حروف، وإلا فكيف صح أن يقرأه كل الناس، وفيهم من لا يعرفون القراءة… فالتعبير مجازي وليس حقيقيا.
3- الدجال “اعور” “يبصر بإحدى عينيه، ولا يبصر بالأخرى”
الذين يفسرون “الدجال” بأنه خط، ومنهج، واتجاه، يفهمون هذا التعبير فهما مجازيا، فليس المقصود “العور الحقيقي” وإنما هو “العور المجازي”، فالخط، والاتجاه، والمنهج الذي يمثله “الدجال” يبصر بعين المادة فقط، وأما عين الروح فهي عمياء فاقدة للنظر، فالحضارة المصنوعة من قبل الدجال حضارة مادية بحتة لا تعترف بالأخلاق والقيم والمثل الروحية، وتتنكر للأديان والمبادئ السماوية, فكل الذين يفكرون تفكيرا ماديا بحتا، ويحكمون المعايير المادية فقط، ويحاربون قيم الدين، ومعايير الروح، ومبادئ المثل، هم تعبيرات واضحة لخط الدجال في الأرض.
4- الدجال “لا يبقى شبر في الأرض إلا وضع قدمه فيه”
ومن الواضح في هذا العصر أن “مشروع العولمة” الذي تتبناه أنظمة الكفر العالمي، وعلى رأسها النظام الأمريكي، هو مشروع يستهدف الهيمنة السياسية والاقتصادية والثقافية عل كل العالم.
ومن الواضح أن “المشروع الأمريكي” الذي يحمل لافتة التصدي للإرهاب، هو صيغة أخرى للهيمنة العسكرية على كل المفاصل الحيوية في العالم بذريعة مكافحة العنف والتطرف والإرهاب… فبدءا من أفغانستان، والعراق، تحاول أمريكا ان تنطلق في تنفيذ مشروع الهيمنة والسيطرة والتحكم.
ويمكن أن نفهم هذا التعبير “لا يبقى شبر من الأرض إلا وضع [الدجال] فيه قدمه” بان منجزات الحضارة الغربية في عالم التقنية والصناعة، والعلم المادي قد اقتحمت كل شبر من الأرض كما هو واضح في هذه العصور.
5- الدجال “يأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت”
وهذا تعبير عن الإمكانات العلمية المتطورة الذي يتوفر على امتلاكها “الدجال”
6- الدجال “معه نار ونور” أما النور، فمنجزات العلم الذي أعطت لحياة الإنسان الكثير الكثير من الرفاه المادي ووفرت الكثير الكثير من التطور في وسائل العيش والحياة.
وأما النار فأسلحة الدمار والإبادة ووسائل الفتك والقتل وأدوات البطش والإرهاب..
فالدجال يتعامل مع الناس بأسلوبين:
• أسلوب الترغيب “النور”
• أسلوب الترهيب “النار”
7- الدجال يتبعه “اليهود وأولاد الزنا، والمدمنون على الخمر، والمغنون وأصحاب اللهو، والأعراب، والنساء”
فمن الطبيعي أن يتبعوه فالدجال كل الدعم لليهود.
والدجال ينشر الفساد والدعارة ويحارب القيم والمثل والفضيلة، فمن الطبيعي أن يتبعه أولاد الزنا، والمدمنون على الخمر، والمغنون، وأصحاب اللهو.
والدجال ينشر ثقافة التغريب,معتمدا كل الوسائل المتطورة، فمن الطبيعي أن يتبعه “الأعراب” وهم الذين لا يملكون وعيا بالإسلام ولا يملكون بصيرة بالدين، وصاغت عقولهم أدوات الإعلام الكافر، وأدوات الثقافة الكافرة، ووسائل التعليم الكافر.
والدجال يمارس دورا تغريبيا خطيرا للمرأة في مجتمعات المسلمين، مستخدما الإذاعة، والتلفاز، والإنترنت، والصحافة ومناهج التعليم، وأدوات الثقافة ودور اللهو، والجمعيات، والمؤسسات، والنوادي، والتنظيمات والأحزاب.
ويسقط في “المشروع التغريبي” للدجال أعداد كبيرة جدا من النساء، واللواتي يتحولن إلى أدوات تنفيذ في هذا المشروع.