القضية الدستورية
لقد بلغت تداعيات الموقف من القضية الدستورية إلى منعطف صعب بات يحمل مؤشرات خطيرة وهنا نؤكد:
أولاً: ضرورة ضبط الأعصاب، فإنّ التعاطي المتشنج مع هذه المسألة في هذه المرحلة الصعبة له نتائجه المدمرة على مسارات المشروع السّياسي، فحماية لهذه المسارات ندعو إلى تهدئة التوترات والتشنجات من جميع الأطراف، فالسلطة بما تحمله من مسؤولية كبيرة في رعاية المشروع السّياسي مطلوب منها قبل غيرها أن تكون هادئة الأعصاب، عقلانية التصرف، لكي لا تهتز منجزات التجربة، وترتبك مسارات المشروع. ومطلوب من قوى المعارضة أن تضغط كثيراً على أعصابها وتهدىء من توتراتها عند هذا المنعطف الصعب حتى لا تعطي أيّ مبرر لمواقف مضادة، ولصراعات سياسية غير محسوبة تكون ضحيتها أمن البلد واستقراره وضياع القضايا المصيرية لهذا الشعب، ومطلوب كذلك من الشارع أن يكون أكثر هدوءاً وانضباطاً فإنّ ردود الفعل المنفلتة سوف تكون نتائجها في غير صالح هذا الشعب.
ثانياً: ندعو السلطة الموقرة أن تعيد النظر في هذا التصعيد الأمني، فنحن في الوقت الذي نشدّد على أهمية حماية الأمن والاستقرار نرى أنّ هذا المستوى من التصعيد مضر جداً وله تأثيراته العكسية والخطيرة على أمن الوطن واستقراره، إنَّ هذا الانعطاف إلى المعالجات الأمنية يؤشر إلى منحى يبعث على القلق الشديد.
ثالثاً: ندعو السلطة الموقرة وبدافع المحبة لهذا الوطن أن تطلق سراح المعتقلين، وإذا كانت هناك مسؤولية قانونية فيجب أن تتحملها إدارات الجمعيات الأربع، وأن معالجة الاشكالات ليس بالخيار الأمني وليس بالتوقيفات والاعتقالات، وإنّما بالحوار السّياسي وبالتفاهم السّياسي، إنّ العصا الأمنية لا تخدم هذه المرحلة بما تحمله من شعارات الديمقراطية والشفافية والانفتاح والحرية، فمسؤولية الجميع الدفع في إتجاه التفعيل الحقيقي لهذه الشعارات.
رابعاً: إنّنا نأسف للغة التحريض الصحافي والتي تحاول أن تنفخ في روح العداء بين السلطة وطائفة كبيرة من أبناء هذه الشعب، كم هو جميل أن تكون اللغة لغة الحب والود حتى لا نستعدي السلطة ضد الشعب، ولا نستعدي الشعب ضد السلطة، إنَّ لغة التخوين لغة لا مبرر لها في هذه المرحلة التي يجب أن تزرع فيها أجواء الثقة وأجواء الأخوة، فعلى الأقلام الصحافية والإعلامية أن تمارس دور التخفيف من التوترات والتشنجات، بدل أن تصب الزيت على النار.
خامساً: نتمنى أن تحسم المسألة الدستورية من خلال حوارات مكثّفة تشارك فيها الرموز الدينية والسّياسية وكلّ القوى الفاعلة في السَّاحة لتجنيب البلد كلّ المنزلقات الخطيرة، وكل المآلات المدمّرة، ونتمنى أن تبعد كلّ الخيارات الأمنية التي لاتزيد الوضع إلا تعقيداً وتشنيجاً وإرباكاً، في الوقت الذي يجب أن يحرص الجميع حكومةً وشعباً على أمن هذا البلد واستقراره ليواصل الخطى في درب البناء والازدهار والخير والصلاح.