السيد الإمام الخمينيشخصيات ورجال

في الذكرى الرابعه عشر لرحيل الإمام الخميني قدسر سره

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للّه ربِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، السَّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته
.


في ذكرى رحيل الإمام الخميني (رضوان اللّه عليه):
في هذه الأيام تمر الذكرى السنوية الرابعة عشرة لرحيل الإمام الخميني (قدس اللّه روحه الزكية) وبهذه المناسبة نرفع العزاء إلى إمامنا صاحب العصر أرواحنا فداه، وإلى الفقهاء العظام وإلى الأمة الإسلامية.
لا يمكن لحديث جمعةٍ أن ينفتح إلاَّ على مساحةٍ صغيرةٍ صغيرةٍ جداً من حياة هذا الإنسان العظيم، وإنَّ كانت المساحة الصغيرة في حياته هي دنيا كبيرة من العطاء والفيض، ودنيا كبيرة من النور والإشراق، ودنيا كبيرة من القيم والمعاني.


أستميحه أن أطلَّ – باستحياءٍ – على شيء من دنياه، وأنا عاجز أن أستوعب القليل القليل من معناه، وقصارى عذري أنّي أعشق هذا الإسم وأعشق معناه، وأعشق خط الإمام الخميني، منه نتعلم كيف نكون الربانيين في خط اللّه تعالى، منه نتعلم كيف نعطي الصَّلاة حضورها في كل مواقع الحياة، فتكون الصَّلاة ثقافة، وتكون الصلاة سياسة، وتكون الصلاة جهاداً، وتكون الصلاة شهادة، وتكون الصلاة الحياة بكاملها، هكذا كان الإمام الخميني (رضوان اللّه عليه) المصلّي في مواقع الروح والعبادة، والمصلّي في مواقع الفكر والثقافة، والمصلّي في مواقع الإجتماع والسياسة والمصلّي في كلِّ مواقع الحياة، منه نتعلم كيف نقرأ القرآن حركة وعطاء وفيضاً وهداية وزاداً وبصيرة ونوراً، ومنهجاً ودستوراً، وخطاب حياة، منه نتعلم كيف ندعو اللّه خشوعاً وذوباناً وانقطاعاً، وإنصهاراً، وعملاً وسلوكاً والتزاماً وطاعة وتقوى وورعاً واستقامة، هكذا كان الإمام الخميني (رضوان اللّه عليه) لا يفصل القرآن عن حركة الحياة، وحركة الواقع وحركة السلوك.


ولا يفصل الدعاء والذكر عن صياغة الإنسان وهكذا نتعلم منه كيف نفهم الدين لا جموداً ولا ركوداً ولا تخلفاً، وكيف نفهم الدين لا تطرفاً ولا إرهاباً ولا عدواناً.


وهنا وقفةً مع مقولات تطرح في الساحة يحلو للبعض أن يتهم خطابنا بالجمود، ويحلو للبعض الآخر أن يتهم خطابنا بالتطرف، فإن تحدثنا بهدوء نؤسس لخط الأصالة في مواجهة قوى الإنفلات والتمرد اعتبروا ذلك (جموداً دينياً)، وإن تحدثنا بعنفوان وقوة ضد مشروعات الهيمنة والإستلاب ودفاعاً عن القيم والأرض والمقدسات اعتبروا ذلك (تطرفاً دينياً).
إننا نرفض الجمود والتطرف مهما كان شكل هذا الجمود أو هذا التطرف، إلاّ أنَّ الجمود والتطرف في قاموس هؤلاء لهما معنى آخر، وحتى نتحرر من الجمود والتطرف يجب أن نتخلى عن الدين أو نمارس الدين وفق (الطبخة الأمريكية الجديدة).


أيهّــا الأحبــة:
ليس المهم ما يقولون، فليسموه جموداً، ركوداً، تخلفاً، تطرفاً، أو أيّ شيء آخر، المهم يجب أن نملك وعي الموقف، وأن نملك مسؤولية الموقف، المهم أن نتابع ما يتحرك في الساحة بعقول مفتوحة – هكذا تعلمنا مدرسة الإمام الخميني رضوان اللّه عليه – فساحتنا مزدحمة بالقضايا، بالجدل، بالتجاذبات، وربمّا أدّى هذا الإزدحام إلى التشويش والغموض على مستوى الرؤية، وعلى مستوى الموقف.
ومسؤوليتنا في مثل هذه الأجواء أن نملك الوعي والبصيرة وإلاّ تاهت بنا الرؤى وانزلقت بنا المواقف، وما أسوأ المصير حينما تتيه الرؤى وتنزلق المواقف.


والمسألة ليست مسألة ضجيجٍ وصخبٍ، وإنفعالاتٍ، وتأييداتٍ، ومعارضات، والمسألة ليست مسألة أهواءٍ سياسيةٍ، وتهويلاتِ صحفٍ، وبهرجاتِ إعلامٍ، والمسألة ليست مسألة مغالباتٍ هنا وهناك، وشعاراتٍ فيها الكثير من الخداع، ومساوماتٍ وترضيات، ونزغاتٍ وأهواء وشهوات.
المسألة – أيّها الأحبة – مسألةُ حسابٍ صعبٍ وعسير {يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلاَّ من أتى اللّه بقلبٍ سليم، وأُزْلفَتْ الجنةُ للمتقين وبُرّزتْ الجحيمُ للغاوين، وقيل لهم أين ماكنتم تعبدون من دون اللّه هل ينصرُونكم أو ينتصرون، فكُبّكِبُوا فيها هم والغاوون وجنود أبليس أجمعون}،
هذه لغة كتابنا العزيز وقرآننا المجيد، وإنَّ هذه اللغَة لثقيلة على أبناء الدنيا الغافلين عن لقاء اللّه سبحانه، وقد تسمعون مَنْ يقول مِن هؤلاء : لماذا توظّفون لغة الترهيب والتغريب في قضايا السّياسة؟
وفي قضايا الثقافة، وفي المجتمع، لماذا تستخدم لغة الضغط النفسي والفكري على الناس؟
هؤلاء يريدون لنا أن نجمَّد خطاب القرآن، وأن نجمَّد خطاب الدين لأنَّ خطاب القرآن وخطاب الدين لا يجوز له أن يتدخل في شؤون السِّياسة، وفي شئون الثقافة، وفي كل شئون الحياة، فماذا يبقى لخطاب القرآن ولخطاب الدين ؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى