الإمام الحسن الزكي (ع)حديث الجمعةشهر صفر

حديث الجمعة 54: في ذكرى الامام الحسن المجتبى (عليه السَّلام) الحث على المساجد – وصايا الكونكرس الأمريكي للأنظمه العربية – الموقف الشرعي من المسيرات المجهولة

حديث الجمعة 54 | 11 صفر 1425 هـ | 1 ابريل 2004 م | المكان: مسجد الإمام الصادق (ع) | القفول - البحرين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للّه ربِّ العالمين والصّلاة والسَّلام على خير الخلق أجمعين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السَّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته
في ذكرى الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
من خلال المساجد تتعبأ الأمة، جهادياً لتعطي المال والروح والدم وكلّ ما تملك
 من أجل الله وفي سبيل المبدأ والعقيدة.
من كلمات الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام):
جاء في بعض مواعظه وكلماته:
(من أدام الاختلاف إلى المسجد أصاب ثمان خصال: آية محكمة، وأخاً مستفاداً، وعلماً مستطرفاً، ورحمة منتظرة، وكلمة تدلّ على هدى، أو تردعه عن ردى، وترك الذنوب حياءً أو خشية).

 نتناول هذه الكلمات في نقاط:
(1) الحث الشديد على حضور المساجد والصلاة فيها:
لقد أكدّت الروايات على أهمية حضور المساجد والصلاة فيها، وهذه طائفة منها اكتفي بقراءتها لوضوح دلالاتها ومعانيها.
1. عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لجبرئيل: يا جبرئيل أيّ البقاع أحبُّ إلى الله عز وجل؟ قال: (المساجد، وأحبُّ أهلهاإلى الله أوّلهُم دخولاً وآخرهُم خروجاً منها).
2. وعن النبي (صلى الله عليه وآله): (المساجد مجالس الأنبياء).
3. وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (عليكم باتيان المساجد، فإنّها بيوت الله في الأرض، ومن أتاها متطهراً طهرّه الله من ذنوبه، وكُتب من زواره، فأكثروا فيها من الصلاة والدعاء، وصلّوا من المساجد في بقاع مختلفة، فإنّ كلّ بقعةٍ تشهد للمصلي عليها يوم القيامة).
4. ومن وصايا النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر: (يا أبا ذر طوبى لأصحاب الألوية يوم القيامة يحملونها فيسبقون الناس إلى الجنة، ألا وهم السابقون إلى المساجد بالأسحار وغيرها، يا أبا ذر إنّ الله يعطيك مادمت جالساً في المسجد بكل نَفَسٍ تتنفس فيه درجة في الجنة، يا أبا ذر كلّ جلوسٍ في المسجد لغواً إلاَّ ثلاثة: قراءة مصلي، أو ذاكراً لله تعالى، أو مُسَائِل عن علم).
5. عن علي (عليه السلام) أنّه قال: (السابق من دخل المسجد قبل الأذان، والمقتصد من دخله بعد الأذان، والظالم من دخله بعد الإقامة).
6. وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: (سبعة يظّلهم الله عز وجل في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجلٌ قلبه متعلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان كانا في طاعة الله عز وجل فاجتمعا على ذلك وتفرقا، ورجل ذكر الله عز وجل خالياً ففاضت عيناه ورجل دعته إمرأة ذات حسب وجمال فقال: إنّي أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا يعلم شماله ما يتصدق بيمينه).
7. عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (إنَّ الله تبارك وتعالى إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي، وفيها ثلاثة نفر من المؤمنين، ناداهم جل جلاله وتقدّست أسماؤه يا أهل معصيتي لولا من فيكم من المؤمنين المتحابين بجلالي، العامرين بصلواتهم أرضي ومساجدي، والمستغفرين بالأسحار خوفاً مني، لأنزلت بكم عذابي ثم لا أبالي).
8. عن جابر قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:(يجيء يوم القيامة ثلاثةٌ يشكون: المصحف والمسجد والعترة، يقول المصحف: ياربّ حرّفوني ومزقوني، ويقول المسجد: ياربّ عطّلوني وضيعوني، وتقول العترة: يا ربّ قتلونا وطردونا وشردونا، فأجثوا للركبتين للخصومة، فيقول الله جلّ جلاله لي: أنا أولى بذلك).
9. وفي حديث للإمام الصادق (عليه السلام): (ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل: مسجد خراب لايصلّي فيه أهله، وعالم بين جهّال، ومصحف معلّق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه).
01 وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ألاَ ومن مشى إلى المسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكلِّ خطوة سبعون ألف حسنة).
(2) المساجد لها دورها الخطير في حياة الأمة:
تشكّل المساجد المواقع الأخطر في حياة المسلمين، فمن أهم أدوارها:
أ. ربط الإنسان بالله تعالى إيماناً، وعبادة، وسلوكاً.
ب. التوعية والتثقيف بكل ما يحمله هذا العنوان من مضامين كبيرة ودلالات خطيرة.
ج. التحصين الروحي والأخلاقي في مواجهة كل مشروعات الفساد والإنحلال.
د. التعبئة الاجتماعية والسّياسية، والرسالية، والجهادية.
فمن خلال المساجد تشكّل التلاحم الاجتماعي في داخل الأمة، وتكرّست  الوحدة بين المؤمنين، ومن خلال المساجد تأصل الوعي السّياسي في خط الإيمان، ومن خلال المساجد تجذّر الحسّ الرسالي وانطلقت الدعوة إلى الله تعالى، وتحرك مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن خلال المساجد تتعبأ الأمة، جهادياً لتعطي المال والروح والدم وكلّ ما تملك من أجل الله وفي سبيل المبدأ والعقيدة.
هذا هو الدور الكبير الذي يجب أن تمارسه المساجد، إذا أريد لها أن تكون مساجد لله تعالى.

قوى الاستكبار في هذا العصر، وعلى رأسها أمريكا، قد أرعبها دور المساجد في مجتمعات المسلمين،المساجد تشكّل الهمَّ المرعب لدى أمريكا وقوى الاستكبار وأنظمة الحكم التابعة، خطاب المساجد يشكّل الهمَّ المرعب لدى أمريكا وقوى الاستكبار وأنظمة الحكم التابعة، جمهور المساجد يشكلّ الهمّ المرعب لدى أمريكا وقوى الاستكبار وأنظمة الحكم التابعة، من هنا كان من أولويات المشروع الأمريكي في هذا العصر الهيمنة على المساجد، وعلى خطاب المساجد، وعلى جمهور المساجد، إنَّ أغلب الأنظمة السياسية في بلدان المسلمين، وإنَّ أغلب مؤسسات الثقافة والإعلام والتربية، وإنَّ أغلب الجمعيات، والمنظمات، والأحزاب، هذه كلّها لا تمثل مصدر قلق للمشروع الأمريكي كونها إمّا امتداداً لهذا المشروع، أو إنّها لا تتنافى مع أهداف المشروع، ولذلك فالخطاب الصادر عن هذه الكيانات بكلّ ألوانها وأطيافها ورموزها لا يحسب له المشروع الأمريكي أيَّ حساب، وإن حمل هذا الخطاب شيئاً من الرفض أو الصخب أحياناً ضد سياسة أمريكا، وضد مواقف أمريكا المنحازة بكل وضوح إلى جانب العدو الصهيوني، وضد التدخل السافر لأمريكا في المنطقة، نعم هذا الخطاب لا تحسب له أمريكا أيّ حساب، لأنّه لا يعبّر عن ضمير هذه الأمة، ولا يعبّر عن أصالتها، ولا يعبّر عن قيمها الإيمانية والروحية، ولا يعبّر عن هويتها الحضارية والثقافية، أنا لا أريد أن أتهم كلَّ الفكر وكل الثقافة، وكل الخطاب الذي يحمله الواقع العربي والواقع الإسلامي، إلاّ أننّي لا أشك ولا يشك أيّ غيور على هذه الأمة، أنَّ المكوّنات السّياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية والتربوية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لا يحكمها خطاب الإسلام ولا توجهها قيم الدين، إن لم تكن في المساحات الكبيرة منها تتنافى مع أحكام الإسلام، ومبادىء الدين، فخطاب الأنظمة الرسمية، وخطاب المؤسسات الثقافية، وخطاب الأحزاب السياسية في الواقع العربي والإسلامي أغلبه قد طبّع علاقته مع المشروع الأمريكي، وأمّا خطاب المساجد في البلدان العربية والإسلامية فيمكن تصنيفه إلى عدة أنماط أهمها:

النمط الأول: الخطاب الذي يعيش الانغلاق والجمود ويعيش الانفصال الكامل عن جميع قضايا السّاحة، وهموم الناس، فلا تعنيه أوضاع الحاكم والمحكوم، وأوضاع الساسة والسياسة، وأوضاع العالم، وأوضاع أمريكا، واسرائيل وأوضاع الثقافة والإعلام والتربية والمؤسسات والجمعيات والأحزاب، ما يعنيه فقط أن يقول للناس: عباد الله عليكم بتقوى الله، دون أن يحدد أبعاد التقوى، وامتدادات التقوى، ومضامين التقوى، ما يعنيه فقط أن يتناول بعض المنكرات الفردية، ولا تهزّه المنكرات الكبيرة التي تشكل خطراً على الإسلام والمسلمين، ما يعنيه فقط أن يطرح شيئاً من الفقه والثقافة، بشرط أن لا يقترب من فقه السّياسة وثقافة السياسة، وأن لا يقترب من فقه المجتمع وثقافة المجتمع،  وأن لا يقترب من فقه العصر وثقافة العصر، هذا النمط من الخطاب لا يقلق المشروع الأمريكي، وتباركهُ أنظمة الحكم والسياسة، ولا تنزعج منه قوى التغريب والعلمنة.

النمط الثاني: الخطاب المتحرر من حالات الجمود والانغلاق، إلاّ أنّه يجامل الأنظمة، ولا أقول يرتمي في أحضان الأنظمة الحاكمة، وإنّما لا يملك الجرأة أن يحاسب إنحرافات السياسة، وأخطاء الأنظمة، وإذا قال كلمة، فهي كلمة خجولة ضعيفة لا تعبّر عن موقف، هذا النمط من الخطاب تباركه الأنظمة، ولا يزعج مشروعات الهيمنة الأمريكية.

النمط الثالث: الخطاب المأسور تماماً لهيمنة الأنظمة، ومشروعات الأنظمة، ومن الواضح جداً هوية هذا الخطاب.

النمط الرابع: الخطاب المتحرر من الجمود والهيمنة، إلاّ أنّه خطاب مصلحي، يتحرك وفق المصالح الشخصية، ومن خلالها يحدّد اللغة والموقف، وهذا النمط من الخطاب واضح الهوية أيضاً.

النمط الخامس: الخطاب المتطرف مذهبياً أو سياسياً: المتطرف مذهبياً حيث يعتمد لغة التكفير والتضليل والإلغاء والمصادرة، وهذا التطرف المذهبي محكوم للجهل والتعصب والغباء، والحقد، والهوى، ومن السهل أن يوظف هذا الخطاب المتطرف مذهبياً من قبل قوى الاستكبار، ومن قبل أنظمة السياسة، وهناك الخطاب المتطرفاً سياسياً، وهذا الخطاب يعتمد العنف أسلوباً وحيداً، ويرفض أيّ أسلوب آخر، في هذا الخطاب يغيب العقل وتتحكم الانفعالات، الخطاب المتطرف سياسياً يقلق الأنظمة، ويزعج المشروع الأمريكي، إلاّ أنّه يفوّت على الأمة أهدافها المشروعة، ويربك الخطاب الواعي الأصيل، ثمَّ إنّ هذا الخطاب هو الورقة التي يعتمدها أعداء الأمة في الداخل والخارج لضرب الأهداف الحقيقية والمشروعات الصادقة

النمط السادس:الخطاب الذي يمتلك المواصفات التالية:
– التحرر من الجمود والانغلاق.
– التحرر من هيمنة الأنظمة الحاكمة.
– التحرر من التطرف والتعصب والمصالح الضيقة.
– التحرر من الخوف والضعف والاسترخاء.
هكذا خطاب جدير به أن يكون مصدر قلق لأمريكا وقوى الاستكبار وأنظمة الاستبداد ولكل مؤسسات التغريب والعلمنة، هكذا خطاب يجب محاصرته والتحذير منه، هكذا خطاب ديني يجب إيقافه وإنهاؤه وفق المشروع الأمريكي لإصلاح وتطوير البلدان العربية والإسلامية، المشروع الأمريكي يضيق بأيّ عنوان ديني ولو كان شكلياً.
(3) وصايا الكونغرس الأمريكي إلى الأنظمة العربية والإسلامية:
نشرت صحيفة الشرق الصادرة في الدوحة نقلاً عن صحيفة الاسبوع المصرية تقريراً تضمن اقتراحات تقدم بها ثلاثون عضواً بالكونغرس الأمريكي وأبرز هذه الاقتراحات:
1.إعداد دستور أو قانون أساسي أمريكي تلتزم به البلاد العربية كمرجع نهائي للإصلاح والتطوير.
2. تؤكد المذكرة أن كافة الشعارات الدينية يجب أن تختفي.
3. وتطالب المذكرة الحكومات العربية بعدم قراءة الآيات القرآنية في المؤسسات الحكومية، فالأعمال الرسمية للحكومات العربية في المؤتمرات والندوات والجلسات الرسمية، وكلّ ما يأخذ نطاق العمل الحكومي والبرلماني والقضائي والعسكري يجب أن يفتتح باسم الحرية والديمقراطية والشعب ومبادىء الدولة العليا، ووفقاً للمذكرة الأمريكية فإنّه لا يجوز افتتاح أعمال المجالس النيابية بالآية الكريمة {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}.
4. كما لا يجوز – حسب المذكرة – لأيّ رئيس عربي أن يبدأ خطابه بالآيات القرآنية.
5. ودعت المذكرة إلى إلغاء {بسم الله الرحمن الرحيم} لأنّها تعد رمزاً دينياً.
6. وقالت صحيفة الاسبوع المصرية التي نشرت التقرير: أن الكونغرس منع الحكومات العربية ستة أشهر لتعديل قوانينها وتطبيق هذه الاصلاحات ووقف (تسييس الدين وتديين السياسة).
7. ووجه أعضاء الكونغرس بضرورة مشاركة خبراء أمريكيين في تطوير التجارب الديمقراطية بالبلدان العربية.

أيّها الأحبة:
لسنا في حاجة إلى توضيح أو شرح لهذه المقترحات فهي صريحة كلّ الصراحة، وواضحة كلّ الوضوح، إنّه مشروع الهيمنة الأمريكي في دولنا العربية والإسلامية، فليتق الله تعالى في دينهم وقيمهم أولئك الذين يتجاوبون مع الكثير من المشروعات المطروحة في بلداننا العربية والإسلامية والتي تحاول أن تجتذب كلَّ الواقع الديني إلى هيمنة المؤسسات الرسمية، كما هي مشروعات الأحوال الشخصية، والأوقاف، وكادر التوظيف لأئمة الجمعة والجماعة، وغيرها من المشروعات،إنّ محاولات التقليل من خطر الهيمنة الرسمية والتي تنطلق هنا وهناك، هي محاولات لا تملك أيّ مبرر وأن حاولت أن تستند إلى بعض المبررات الخاطئة من قبيل الإفراط في حسن الظن وغياب القراءة الواعية للحاضر والمستقبل، والإتكاء على فتاوى في صدورها نظر وتأمل أو إنها لم تلتفت إلى حيثيات موضوعية خطيرة، أو الحاجة إلى تحسين الوضع المعيشي لأئمة الجمعة والجماعة أو .. أو.. ولست هنا في صدد مناقشتها، ولها حديث آخر، ما أريد أن أقوله هنا: أنَّ المؤسسات الرسمية في بلداننا العربية والإسلامية تتعرض إلى حصار شديد من قبل مشروعات الهيمنة الخارجية وخاصة الهيمنة الأمريكية، فهل يسمح لنا ديننا وقيمنا أن نسلّم مقدّراتنا بيد هذه المشروعات؟
وإذا أردنا أن لا نسيء الظن في حكوماتنا، فنحن لا نملك أن نحسن الظن في الأهداف الأمريكية في المنطقة والتي باتت تحاصر كلَّ الواقع الرسمي، لم تكن خيارات الأنظمة بيدها فيما هو أسلوب التعامل مع المواقع الدينية، إنّه الخيار الأمريكي المفروض، والمذكرة التي أشرنا إليها شاهد على ذلك والتصريحات الصادرة عن الإدارة الأمريكية تؤكد هذه الحقيقة، والعجب لمن يستسلم لوهم الواقع الذي يعيشه ويسترخي في أحضان أحلام لن تبقى هادئة وسوف تتحول إلى كوابيس مرعبة، ومن هنا كان إصرارنا أن تبقى المساحات الدينية مستقلة عن المؤسسات الرسمية حتى لو سلّمنا بحسن النوايا فالأحوال الشخصية، والأوقاف، والمساجد، والحسينيات، والحوزات، هذه مساحات دينية يجب أن تحتفظ باستقلاليتها، وحينما نطالب بالاستقلال لهذه المساحات الدينية لا يعني أن تتحول إلى مواقع تنافي وصراع المؤسسات الرسمية، بل تشاركها وتتعاون معها في خدمة هذا الوطن، وحماية أمنه واستقراره، والدفاع عن كلِّ المكتسبات الخيّرة التي تريد أن تنهض بهذا البلد في طريق العزة والكرامة والفضيلة والصلاح والاستقامة على منهج الله تعالى.
(4) الموقف الشرعي من المسيرات والاعتصامات المجهولة:
وفي ختام حديثي أود أن أؤكد على مسألة أرى من الضروري التأكيد عليها، لقد أصبحنا نفاجأ بين حين وآخر بمنشورات مجهولة المصدر تدعو إلى مسيرة هنا أو إعتصام هناك، الناس يتساءلون عن موقفهم الشرعي من هذه الدعوات،  وأقول عن موقفهم الشرعي لأنَّ الإنسان المسلم لا يتحرك إلاّ من خلال موقف شرعي، إنَّ المسيرات والإعتصامات حق مكفول لكلَّ المواطنين، ولا يمكن أن يصادر هذا الحق تحت أيّ مبرر من المبررات، وتحت أيّ ذريعة من الذرائع، إلاّ أننا نؤكد أن تكون هذه المسيرات والإعتصامات واضحة كلَّ الوضوح في أهدافها وقياداتها، وفي مبرراتها ودوافعها، وأن تكون هذه المسيرات والإعتصامات ملتزمة كلَّ الالتزام بالضوابط الشرعية والأخلاقية والقانونية، وإلاّ تحوّلت إلى فوضى وانفلات، إنَّ من حق المواطنين أن يعبّروا عن آرائهم ومواقفهم بالأساليب السلمية وبالطرق الحضارية، إلاّ آنّه لا يجوز للشارع أن تقوده نداءات مجهولة، ولا يجوز أن تقوده نداءات تختفي وراء أسماء غير واضحة الهوية والانتماء، ولا تكفي الشعارات والعناوين، لا بد من الوضوح ليتحدد الموقف الشرعي من هذا النداء أو ذاك النداء والموقف مسؤولية، حينما ننطق وحينما نصمت، ومسؤولية حينما نتحرك وحينما نقف، ومسؤولية حينما نوالي وحينما نعادي، ومسؤولية حينما نؤيد وحينما نعارض، ومسؤولية حينما ننتمي وحينما نرفض الانتماء، والشارع مسؤول كلّ المسؤولية عمّن يقوده، ويوجهّه، ويحركه، ويستنفره. ومسؤول كلّ المسؤولية عمن يحدّد له مواقفه وخياراته.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى