حديث الجمعةشهر ربيع الثاني

حديث الجمعة 528: الشَّبابُ وتحدِّياتُ الزَّواج

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلين محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الهُداةِ الميامين.

وبعد، فتعالج هذه الكلمةُ في هذه اللَّيلة هذا العنوان:

الشَّبابُ وتحدِّياتُ الزَّواج

تواجُهُ شبابَنا في مشروع الزَّواجِ مجموعة تحدِّيات من أبرزها:

1.عدم القدرة على توفير السَّكن
إمَّا لكون الشَّباب عاطلين عن العملِ، وإمَّا لأنَّ إمكاناتهم المادِّيَّة ضعيفة لا تسمح لهم بتوفير السَّكن.

2.عدم القُدرة على توفير تكاليف الزَّواج
‌أ.مُهُور مرتفعة.
‌ب.حفلات زواج باهظة.
‌ج.غلاء فاحش.
‌د.ضرائب مُرهقة.
فماذا يصنع شبابٌ عاطلون؟
وماذا يصنع شباب متدنِّية رواتبُهم؟
وماذا يصنع شبابٌ محاصرون بالغلاء، والضَّرائب؟

مَنْ يتحمَّلُ المسؤوليَّة؟
الدَّولة أوَّلًا، وثانيًا، وثالثًا.
ثمَّ بقيَّة المواقع القادرة على معالجة هذه الأوضاع.

لن تتناول الكلمة – اللَّيلة – كلَّ التَّحدِّيات التي تواجه مشروع الزَّواج عند الشَّباب.

تتناول الكلمة فقط:

تكاليف الزَّواج الباهظة!

من أجل تسهيل الزَّواج نجد الإسلام يؤكِّد على تخفيض المهور:

1.قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «أفضلُ نساءِ أمَّتي أصبحُهنَّ وجهًا، وأقلَّهُنَّ مَهْرًا». (ميزان الحكمة 2/1182، الريشهري).

2.وقال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «خير الصَّداقِ أيسرُه». (ميزان الحكمة 2/1182، الريشهري).

3.وقال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «…، مِن بركةِ المرأةِ سرعةُ تزويجها، …، ويُسْرُ مهرِها”. (المحجَّة البيضاء 3/91، الفيض الكاشاني).

4.وفي الحديث: “لا تغالوا بمهور النِّساء، فتكون عداوة”. (هداية الأمَّة 7/279، الحر العاملي).

5.دعونا نقرأ هذه الرِّواية: «عن أبي جعفر (عليه السَّلام)، قال: جاءت امرأةٌ إلى النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)، فقالت: زوِّجني يا رسول الله.
فقال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): مَنْ لهذه؟
فقام رجلٌ، فقال: أنا يا رسول الله، زوِّجنيها.
فقال [صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلّم]: ما تُعطيها؟
فقال: ما لي شيئ!
فقال [صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم]: لا!
فأعادت!
فأعاد رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) الكلام!
فلم يقمْ أحدٌ غير الرَّجل!
ثمَّ أعادت،
فقال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) في المرة الثَّالثة: أتُحسنُ مِن القرآن شيئًا؟
قال: نعم.
قال: قد زوَّجتُها، أو زوَّجتُكَها، أو زوجتُ على ما تحسنُ من القرآن، فعلِّمها إيَّاه». (روضة المتقين 8/281، المجلسي (الأول)).
هكذا يريد الإسلام أنْ يُسهِّل أمر المهور.

المهر منحة من الله تعالى

المرأة ليست سلعة تباع، وتشترى!
والمهر ليس قِيمة للمرأة، بل هو منحة من الله تعالى.

1.نقرأ في: (سورة النِّساء: الآية 4) قوله تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْئٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾.
﴿صَدُقَاتِهِنَّ﴾، أي: مهُورُهنَّ.
﴿نِحْلَةً﴾: عطيَّة من اللهِ تعالى للنِّساء.
﴿طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْئٍ﴾: أي طابتْ نفوس النِّساءِ بهبةِ شيئٍ من الصَّداق لكُمْ.

﴿فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا﴾، أي: كُلوا هذا الموهوب لكُمْ طيِّبًا مُساغًا محمودَ العاقبة.

نفهم من هذا النَّصِّ: إنَّ (المهر) ليس ثمنًا للمرأة، وإنَّما هو منحة من الله يقدِّمه الرَّجل ُ تعبيرًا، ورمزًا للمحبَّة، والمودَّة، والوفاء.

2.قال تعالى في: (سورة الرُّوم: الآية 21): ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

أيُّها الأحبَّة، إنَّ القيمة الكبرى للزَّواج ليس من خلال المبالغات في المهور، وفي تكاليف الزَّواج، وإنَّما من خلال ما يُحقِّق هذا الزَّواج من أهداف كبرى، ومن إنتاج للمودَّة، والمحبَّة بين الرَّجل والمرأة.

إنَّ المرأة لا ترتفع قيمتُها بارتفاع مهرها، وبارتفاع تكاليف زواجها!
الزَّهراء (عليها السَّلام) أعظم امرأة!
قولوا لي بربِّكم: هل توجد في الدُّنيا امرأة أعظم من الصِّديقة فاطمة الزَّهراء (عليها السَّلام) ابنة محمَّدٍ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)؟!!
فاطمة (عليها السَّلام) التي قال فيها أبوها المصطفى (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم):

1.«…، فاطمة ُسيِّدةُ نساءِ العالمين». (ميزان الحكمة 1/150، الريشهري).

2.«فاطمةُ سيِّدة نساءِ أهل الجنَّة». (روضة المتقين 8/587، المجلسي (الأول)).

3.«فاطمة، …، بضعة منِّي، وهي قلبي، وروحي التي بين جنبيَّ، …». (بحار الأنوار 43/54، المجلسي).

الزَّهراء (عليها السَّلام) مثال يُحتذى
هذه المرأة التي هي (المثل الأعلى) في تاريخ النِّساء!
كم كان مَهرُها؟
وكم هي تكاليف زواجها؟
تحدِّثنا كتب السِّيرة أنَّ أعاظم الصَّحابة كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعبد الرَّحمن بن عوف، وغيرِهم قد تقدَّموا إلى رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) خاطِبين الصِّدِّيقة الزَّهراء (عليها السَّلام)، فما أجابهم النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)،
وأخيرًا جاء عليٌّ (عليه السَّلام) خاطبًا الزَّهراء (عليها السَّلام).
توجَّه إلى النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)، وكان في منزل زوجته أمِّ سلمة.

جلسَ عليٌّ (عليه السَّلام) بين يدي رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)، وقال: «…، سمعتُك يا رسول الله، تقول: كلُّ سببٍ ونسبٍ منقطعٌ إلَّا سَببي، ونسبي.

فقال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): أمَّا السَّببُ، فقد سَبَّبَ اللهُ.
وأمَّا النَّسب، فقد قرَّب الله.
وهشَّ في وجهِهِ، وبشَّ!

ثمَّ قال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): ألك شيئٌ أزوِّجُكَ منها به؟
فقال عليٌّ (عليه السَّلام): لا يخفى عليكَ حالي، إنَّ لي فَرَسًا، وسَيْفًا، ودِرْعًا.

فقال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): بِعْ الدِّرع». (بحار الأنوار 43/108، المجلسي).

فباعه، فكانت قيمته (480 درهمًا).
هذا هو مهر الصِّدِّيقة الزَّهراء (عليها السَّلام).

فهل يوجد في الدَّنيا امرأة تضاهي الزَّهراء (عليها السَّلام) نسبًا، وحَسَبًا، وشَرَفًا، وعزًّا، وفخرًا، وموقعًا، وفضلًا.

تواضع المهور والحفلات

أيُّها الأحبَّة:
لماذا لا تتواضع المهور؟
ولماذا لا تتواضع حفلات الزَّواج؟
ما الدَّوافع وراء هذا التَّسابق في المهور، وفي حفلات وولائم الأعراس؟
هل هو التَّفاخر، وحبُّ المظاهر؟
أم هي أوضاعٌ فرضتها الأعراف؟
أم هي ضرورات، وموضات العصر؟
ربَّما تكون التَّكاليف مباحة، ولكنَّها تثقل كواهل الأزواج، وأسر الأزواج، وخاصَّة أولئك الذّين لا تتحمَّل أوضاعُهم الماليَّة كلَّ هذه التَّكاليف، ممَّا يضطَّرهم إلى أنْ يغرقُوا في القروض والدُّيون.

ثمَّ لماذا هذا التَّعدُّد في حفلات ِوولائم الزَّواج؟

حفلات وولائم الخطوبة؟!
حفلات وولائم العقد؟!
حفلات وولائم الزَّفاف؟!
وبعدها سَفَرات شهر العسل؟!
لماذا لا يكتفى بحفلٍ واحد؟

1.قال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «أظهروا النِّكاح، وأخفوا الخطبة». (ميزان الحكمة 2/1189، الريشهري).

2.وقال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «الدَّعوة أوَّل يوم حقٌّ، والثَّاني معروف، والثَّالث رياء وسمعة». (ميزان الحكمة 2/1189، الريشهري).

مفاسد المبالغة في المهور، وفي تكاليف الأعراس

أوَّلًا: إعراضُ كَثِيرٍ من الشَّباب عن الزَّواج، أو اضطرارهم إلى التَّأخُّر في الزَّواج.

وهذا لا شكَّ له مفاسد خطيرة، فقد يدفع بعض هؤلاءِ الشَّباب إلى السُّقوط في مُنزَلقاتِ الشَّيطان، خاصَّة في هذا العصر الَّذي يَضُجُّ بأساليب الفتنةِ، والإثارة، وأدواتِ التَّرويج لكلِّ أشكالِ الفسقِ والفجور، ولكلِّ ألوانِ الإغراءاتِ المحرَّمةِ.

ولقد سقط في هذه المنزلقاتِ، والحبائلِ الشَّيطانيَّة ِأعدادٌ كبيرةٌ من الشُّبَّان، والشَّابات.
ولا شكَّ أنَّ تأخُّرَ الزَّواج، أو العجز عن الزَّواج من الأسباب ِالدَّافعةِ إلى هذا الانزلاقِ، والسُّقوط في المصائِد، والحبائلِ الشَّيطانيَّة.
وقد أكَّدت الرِّوايات على دور الزَّواج في تحصين الشَّباب، وحمايتهم من الوقوع في أشراك الشَّيطان.

‌أ.قال النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «ما مِن شابٍّ تزوَّجَ في حداثةِ سنِّهِ إلَّا عجَّ شيطانُه: يا وَيْله، يا وَيْله! عصم منِّي ثلثي دينِهِ، فليتقِ اللهَ العبدُ في الثَّلث الباقي». (ميزان الحكمة 2/1179، الريشهري).

‌ب.وفي حديث آخر قال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «يا معشر الشَّباب، مَن استطاع منكم الباءة – يعني: مؤنة النِّكاح -، فليتزوَّج، فإنَّه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفَرْج …، ومَنْ لم يستطع، فعليه بالصَّومِ، فإنَّه له وِجاء – يعني: وقاية، وحماية -». (مسند أحمد 1/378، أحمد بن حنبل).

‌ج.وفي حديثٍ ثالث قال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «مَنْ تزوَّج، فقد أحرز نصفَ دينِهِ، فليتَّقِ الله في النِّصفِ الآخر». (هداية الأمَّة 7/65، الحر العاملي،).

مخاطر العزوبة!

وكذلك حذَّرت الأحاديث من (العزوبة) لِما ينتج عنها من أخطارٍ كبيرةٍ، وآثارٍ مُدمِّرة:

1.قال النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «شرارُ موتاكم العزَّاب». (ميزان الحكمة 2/1180، الريشهري).

2.وقال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «شرارُكم عُزَّابُكم، وأراذلُ موتاكم عزَّابُكم». (ميزان الحكمة 2/1180، د الريشهري).

صلاة المتزوِّج أفضل!

وقد ورد في الرِّواياتِ أنَّ صلاة المتزوِّج أفضل من صلاة الأعزب!

1.قال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «…، ركعتان من متأهِّلٍ خير من سبعين ركعةً من غير متأهِّل». (ميزان الحكمة 2/1180، الريشهري).

2.وقال الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «إنَّ ركعتين يصلِّيهما رجل متزوِّج أفضل من رجل يقوم ليله، ويصوم نهاره أعزب». (ميزان الحكمة 2/1179، الريشهري).

ربَّما يسأل البعض: وماذا لو كان (الأعزب) أكثر تفقُّهًا في عبادته، وأكثر إخلاصًا، وأكثر ورعًا من (المتأهِّل)؟

لا شكَّ أنَّ هذه العناوين لها قيمتها الكبيرة في معايير (القَبُول، والثَّواب)، فالأكثر تفقُّهًا، وإخلاصًا، وورعًا هو الأكثر قُرْبًا من الله تعالى.

نعم، لو تساوت مستويات التَّفقُّه، والإخلاص، والورع، فإنَّ عبادة (المتأهِّل) أفضل من عبادة (الأعزب) إذا كان الأعزب قد ترك الزَّواج اختيارًا.
أمَّا إذا كان التَّرك اضطراريًّا، فهل هو مشمول لهذه الرِّوايات في المفاضلة؟
المسألة فيها تأمُّل!!

ثانيًا – ومن الآثار السَّلبية للمغالاةِ في المهور، والمبالغةِ في حفلاتِ الأعراس-: إنَّ العلاقة الزَّوجيَّة تفقد طابعَها القدسيَّ، والإيمانيَّ، والرُّوحيَّ، وتنصبغ بالصِّبغة المادِّيَّة.

إنَّ للعلاقةِ الزَّوجيَّة قدسيَّتُها، وطهرها، ونقاءَها الإيمانيَّ.

وهذا ما أكَّدته الآيات الكريمة، والرِّوايات الشَّريفة:

1.قوله تعالى في: (سورة الرُّوم: الآية 21): ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

2.في الحديث عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «مَنْ أحبَّ أنْ يلقى الله طاهرًا مُطهَّرًا، فلْيَلْقَه بزوجة». (ميزان الحكمة 2/1178، الريشهري).

3.وعنه (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “النِّكاح سنَّتي، فمَن رغب عن سنَّتي، فليس منِّي».(ميزان الحكمة 2/1178، الريشهري).

4.وعنه (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «ما بُنيَ في الإسلام بناءٌ أحبُّ إلى اللهِ (عزَّ وجلَّ) من التَّزويج». (ميزان الحكمة 2/1178، الريشهري).

إذا كانت العلاقة الزَّوجيَّة تحمل كلَّ هذه القداسة، والطُّهر في منظور الدِّين، فإنَّ إغراقَها بالمادِّيَّات لا شكَّ يصادر نسبةً كبيرةً من تلك القداسة، وذلك الطُّهر.

أنا – هنا – لا أتحدَّث عن أجواء عرس تعجُّ بالمحرَّمات، هذه الأجواء – بكلِّ تأكيد – تمسخ المضمون الرُّوحيَّ للزَّواج، وتعبث بكلِّ قِيَمِهِ، ومعاييره الإيمانيَّة.

أنا أتحدَّث عن أجواء عرسٍ خالية من المحرَّمات، إلَّا أنَّها مثقلةٌ بترف مُبَالغ فيه، وبتكاليف باهظة تُثقل كواهل الأزواج، وتعطي للزَّواج عنوانًا مادِّيًّا يصادر طابعَها القدسيَّ، والإيمانيَّ، ووهجها الرُّوحيَّ.

ثالثًا – ومن الآثار السَّلبيَّة للمغالاة في المهور، وفي حفلات الزَّواج – أنَّ الشَّباب لا يجدون خَيَارًا إلَّا أنْ يُرهقوا أنفسهم بقروضٍ ثقيلة؛ لكي يتمكَّنوا من الوفاء بتكاليف الزَّواج الباهظة!
وهكذا يبقى هؤلاء الشَّباب يحملون هموم الدُّيون زمنًا طويلًا، ممَّا ينعكس سلبًا على أوضاعهم النَّفسيَّة، وبالتَّالي على مسار العلاقة الزَّوجيَّة!
فالزَّوج المُثقل بالهمِّ تتحطم مشاعرُه وأحاسِيسُهُ، وتنغلق عواطفُه!

وكثيرًا ما تفشل تجربة الزَّواج بسبب تأزُّم المشاعر، والعواطف، والأحاسيس.
فمِن أهم عوامل نجاح العلاقة الزَّوجيَّة أنْ تكون مشاعرُ الرَّجل منفتحة على المرأة، وأنْ تكون مشاعر المرأة منفتحة على الرَّجل.

فإذا انغلقت المشاعر من هذا الطَّرف، أو من ذاك ارتبكت العلاقة الزَّوجيَّة.
قال الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): “لا غنى بالزَّوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته، هي:

الموافقة؛ ليجتلب بها موافقتها، ومحبَّتها، وهواها.
وحسنُ خُلُقِه معها.

واستعمالُهُ استمالةَ قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعتِه عليها». (ميزان الحكمة 2/1185، الريشهري).
من هنا أقول: إنَّ بقاءَ الزَّوج يحمل همَّ الدُّيون يُشكِّل مُعِّكرًا كبيرًا لأوضاعه النَّفسيَّة، وبالتَّالي يُعَكِّر أجواء الحياة الزَّوجيَّة.

إنَّ المبالغات الكبيرة في نفقات الأعراس لا تخلق السَّعادة الزَّوجيَّة، وإنَّما تتحقَّق السَّعادة من خلال تطبيق المنهج الرَّبَّانيِّ.

وآخر دعونا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى