حديث الجمعةشهر ربيع الثاني

حديث الجمعة 282: الإيمانُ والعملُ (4) – لا تموتُ شعوبٌ تُنْجبُ شهداءَ – مسيرة العزَّة والكرامة والإباء

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد للهِ ربِّ العالمين وأفضل الصلوات على سيِّد الأنبياء والمرسلين محمدٍ وآله الهداة الميامين…


ونبقى مع قوله تعالى في سورة فصلت / الآية 30:


﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾.


وخلاصة ما تقدَّم:
إنَّ الآية القرآنية تتحدَّث عن ثلاثة مضامين مهمَّة:


المضمون الأول:
الهُويَّة الإيمانية تتحدَّد من خلال الإيمان بالله وتوحيده ﴿قَالُوا رَبُّنَا اللهُ﴾، وهنا تأكيد على أهمية التعبير عن هذا الانتماء الديني….


المضمون الثاني:
لا قيمة للانتماء الإيماني ما لم يتحول إلى عملٍ وممارسة وسلوك﴿ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ والاستقامة تعبِّر عن الالتزام العملي على مستوى الأفكار والعواطف والأقوال والأفعال.


المضمون الثالث:
البُشرى على لسانِ الملائكة ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾.
لِمنْ هذه البشرى؟
لِمنْ ﴿قَالُوا رَبُّنَا اللهُ﴾ ﴿ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾
ومتى تتنزّلُ الملائكةُ حاملةً هذه البشرى؟
في عدَّة مواطن (كما جاء في التفاسير):


الموطن الأول:
 في لحظة الاحتضار (لحظة خروج الروح)
وتشكِّل هذه اللحظة أول منزل من منازل السفر إلى الآخرة…
في اللحظة الشديدة، الصعبة، المهولة تتنزَّل الملائكة لتطمئِن المؤمن الطائع لله تعالى…


وقد جاء في الروايات أنَّ هناك أعمالًا تساعد وتهوِّن مِن سكراتِ الموت، مِن هذه الأعمال:


(1) برُّ الوالدين وصلة الرَّحم:
• في الحديث عن الإمام الصَّادق عليه السَّلام:
«مَنْ أحبَّ أنْ يُخفّفَ عنه سكراتُ الموت، فليكن بقرابته وصولًا، وبوالديه بارًّا، فإذا كان كذلك هوَّن الله عليه سكراتِ الموتِ، ولم يصبه في حياته فقر أبدًا»[1].


• وقال نبي الله موسى عليه السَّلام:
«إلهي ما جزاء مَنْ وصل رحمه.. قال: يا موسى أنسي له أجله، وأهوِّن عليه سكرات الموت، ويناديه خزنة الجنَّة: هلُّم إلينا فادخل من أيِّ أبوابها شئت»[2].


• جاء في بعض الأخبار أنَّ النبيّ صلَّى الله عليه وآله جاء عند شابٍّ وهو في حالِ الاحتضار فلقَّنه الشهادة، إلَّا أنَّه لم يستطع أن ينطق بها، فسأل النبيّ صلَّى الله عليه وآله هل لديه أم؟ وكانت امرأة بقربه فقالت: نعم أنا أمّه، فقال له النبيّ صلَّى الله عليه وآله: هل أنت غاضبة عليه؟ قالت نعم، ستّ سنواتٍ وأنا لا أكلِّمه.. فطلب منها النبيّ صلَّى الله عليه وآله أن ترضى عنه، فسامحته كرامةً لرسول الله صلَّى الله عليه وآله، فأعاد عليه النبيّ صلّى عليه وآله التلقين فنطق بالشهادة…».


(2) مَنْ كسا أخاه المؤمن كسوة:
• في الحديث عن الإمام الصَّادق عليه السَّلام:
«مَنْ كسا أخاه كسوة شتاءٍ أو صيفٍ كان حقًا على الله أن يكسوه مِن ثياب الجنَّةِ، وأن يهوِّن عليه سكراتِ الموتِ، وأن يوسِّع عليه في قبره…» [3].


(3) المواظبة على مواقيت الصَّلاة تُثبِّت الإنسان في لحظة الاحتضار:
• في الحديث عن الإمام الصَّادق عليه السَّلام:
«إنَّ ملكَ الموتِ يتصفَّح النَّاس في كلِّ يومٍ خمس مراتٍ عند مواقيت الصَّلاة، فإن كان ممَّن يواظب عليها عند مواقيتها لقَّنه شهادةَ أن لا إله إلَّا الله، وأنَّ محمَّدًا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، ونحَّى عنه ملك الموت إبليس»[4].


(4) المواظبة على قراءة بعض الأدعية تثبِّت الإنسان على الإيمان:
• ﴿ربَّنا لا تزع قلوبنا بعد إذ هديتنا﴾. (آل عمران/ الآية 8)
• «يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك»[5].
• «اللهمَّ إنِّي أعوذ بك من العديلة عند الموت»[6].


(5) صيام أيامٍ من شهري رجب وشعبان:
جاء في الروايات المعتبرة أنَّ صيام أيامٍ من رجب وشعبان أمانٌ من شدَّة سكراتِ الموت، وأمانٌ من هول المطلع، وعذاب القبر…


(6) بعضُ المستحبَّات في حال الاحتضار تخفِّف من شدَّة سكراتِ الموت…
من هذه المستحبَّات:

أ. توجيه الإنسان في حال الاحتضار إلى القبلة (أن يجعل مستلقيًا على ظهره، ويجعل وجهه وباطن قدميه إلى القبلة)..
• في الحديث عن أمير المؤمنين (ع): دخل رسول الله صلَّى الله عليه وآله على رجلٍ من ولد عبد المطلب وقد وُجِّه لغير القبلة فقال:
«وجِّهوه إلى القبلة فإنَّكم إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة وأقبل الله عزَّ وجل عليه بوجهه، فلم يزل كذلك حتَّى يُقبض»[7].


ب. تلقين المحتضر الشهادتين والإقرار بالأئمَّة (ع)..
وقد أكَّدت على ذلك روايات كثيرة…


• ففي حديث عن الإمام الصَّادق عليه السَّلام:
«ما مِن أحدٍ يحضره الموتُ إلَّا وكَّل به إبليس مِن شياطينه مَنْ يأمره بالكفر، ويشكِّكه في دينه حتَّى يخرج نَفَسُهُ، فمن كان مؤمنًا لم يقدر عليه، فإذا حضرتم موتاكم فلقِّنوهُم شهادة أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمدًا رسول الله صلَّى الله عليه وآله حتَّى يموتوا»[8].


• وفي رواية أخرى عن الإمام الباقر عليه السَّلام:
«فلقّنوا موتاكم عند الموتِ شهادة أن لا إله إلا الله والولاية»[9].


ج. تلقينُ المحتضرِ كلماتِ الفرج…
• في الحديث عن الإمام الباقر عليه السَّلام:
«إذا أدركتَ الرجلَ عند النزع فلقِّنه كلماتِ الفرج: لا إله إلَّا اللهُ الحليمُ الكريمُ، لا إله إلَّا اللهُ العليُّ العظيمُ، سبحان اللهِ ربِّ السَّماواتِ السَّبعِ وربِّ الأرضين السَّبعِ وما فيهنَّ وما بينهنَّ وربِّ العرشِ العظيم، والحمدُ اللهِ ربِّ العالمين»[10].


د. تلقينُ الميّتِ التوبةَ والاستغفارَ..
• قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله في آخر خطبةٍ خطبها:
«مَنْ تاب قبل موته بسنةٍ تاب الله عليه، (ثمَّ قال): وإنَّ السَّنة لكثيرة، مَن تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه… (ثمَّ قال): وإنَّ الشهر لكثير، مَنْ تاب قبل موتهِ بيومٍ تاب الله عليه..
(ثمَّ قال): وإنَّ يومًا لكثير، مَنْ تاب قبل موتهِ بساعةٍ تاب الله عليه..
(ثمَّ قال): وإنَّ السَّاعة لكثيرة، مَنَ تاب وقد بلغت نفسه – وأهوى بيده إلى حلقه- تاب الله عليه»[11].


فالموطن الأول من مواطن بشارة الملائكة لحظة الاحتضار وهذا ما أكَّدته الآيات في سورة الفجر:
﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾. (الفجر/ الآيات 27 – 30)


– خطابٌ من الله عزَّ وجلَّ على لسان الملائكة حين الموت، أو حين البعث أو حين دخول الجنَّة…
– النفس المطمئنة: المطمئنة بالإيمان، والحق، وبذكر الله، والواثقة بوعده تعالى…
– ارجعي إلى ربِّك بالموت، راضية بما أعطاك الله، مرضية عنده تعالى…
– فادخلي في عبادي: في جملة عبادي الصالحين.
– وادخلي جنَّتي: في زمرة المقرَّبين.


نتابع الحديث إن شاء الله تعالى..



لا تموتُ شعوبٌ تُنْجبُ شهداءَ


إذا كان الشُّهداءُ أحياءً لا يموتون حسب ما جاء في كتاب الله المنزَّل:
• ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾. (آل عمران/ 169)
• ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُون﴾. (البقرة/ 154)


إذا كان هذا حالُ الشهداءِ، فإنَّ شعوبًا تُنجبُ هؤلاءِ الشهداءَ هي شعوبٌ حيَّةٌ لا تموتُ، ما دامت تحملُ عِشْقَ الشهادةِ، والموتَ من أجلِ المبدأ والدِّينِ والحقِّ، ومِن أجلِ أن تبقى كرامتُها، وعزَّتُها، وحريَّتُها، وحقوقُها العادلة.


حديثُنا عنِ الشهادةِ والشهداءِ ليس تأسيسًا لثقافة العنف والتطرُّف والإرهاب، وليس تحريضًا ضدَّ أنظمةِ الحكم والسِّياسةِ، كما تحاول بعضُ الكلماتِ أن تتَّهمَ هذا الخطاب…
الفارقُ كبيرٌ وكبيرٌ جدًا بين ثقافةِ العنفِ والتطرُّفِ والإرهابِ وثقافةُ الشهادة…
الثقافةُ الأولى تدفعُ نحو العبثِ بدماءِ الناسِ، وأموالِهم، وأعراضِهم، ومقدَّساتهم..
الثقافةُ الأولى تقتلُ الأمنَ والأمانَ والاستقرارَ وتنشرُ الرُعبَ والخوفَ والانهيارَ…


الثقافةُ الأولى تؤسِّسُ للظلمِ والجورِ والاستبداد…
الثقافةُ الأولى تغتالُ المحبَّةَ والألفةَ، والوحدةَ والتقاربَ والأخوة..
الثقافةُ الأولى، خيانةٌ، وجريمةٌ، وحربٌ للهِ ولأنبيائه، ولكلِّ قيم الحقِّ والخير، ولكلِّ مبادئ الإنسانية…


وأمَّا ثقافةُ الشهادةِ فثقافةٌ يباركها اللهُ، والأنبياءُ والصالحون، والشرفاءُ، وكلُّ الأحرارِ في الأرض…
ثقافةُ الشهادةِ تأصيلٌ لمبادئ الحقِّ، وحمايةٌ لقيمِ الخيرِ، وحفاظٌ على مسيرةِ العدل…
ثقافةُ الشهادةِ صوتٌ للدِّماءِ، والأموالِ، والأعراضِ، والمقدَّسات…
ثقافةُ الشهادةِ تزرعُ الأمنَ والأمانَ والاستقرارَ، وتُنْهي الرُعب والخوف والانهيار…
ثقافةُ الشهادةِ صرْخةٌ في وجهِ الظلمِ، والجورِ، والقهرِ، والاستبدادِ، وفي وجه الانحرافِ، والعبثِ، والفسادِ…
ثقافةُ الشهادةِ هي ثقافةُ المحبَّة والألفةِ والوحدةِ والتقارب والأخوَّة، وثقافةُ الصِّدقِ والطُهر والفضيلة….


هكذا تبدو المسافةُ كبيرةً كبيرةً جدًا بين الثقافتين…
الخلط بين هاتين الثقافتين عمليةُ تضليلٍ، وتمويهٍ، وزيفٍ وخُداعٍ، وكذبٍ وافتراء…
أنظمة الاستكبار، وأنظمة الاستبداد تمارسُ هذا الخلطَ، وهذا التضليل، وهذا الخداع، وهذا الكذب…
لماذا؟
لكي تبقى الشعوبُ رهينة الذُّلِ والاستبدادِ، وأسيرةَ القهرِ والاستغلال… فشعوبٌ لا تنضبُ فيها دماءُ الشهداءِ، هي شعوبٌ ميِّتةٌ، مستسلمةٌ لكلِّ أشكالِ الذُّلِ والهوانِ، يطمع فيها كلُّ الطامعين، ويستعبدها كلُّ الظالمين…


• في الحديث المشهور:
«يُوشِكُ أن تَدَاعى عليكم الأمم من كلِّ أفقٍ كما تَداعى الأكلةُ إلى قصعتها…
قيل: يا رسول الله فمِن قلِّةٍ بنا يومئذٍ؟
قال [صلَّى الله عليه وآله]: لا، ولكنَّكم غثاء كغثاءِ السَّيل،…، لحبِّكم الدنيا وكراهتكم الموت»[12].


هكذا تريدُ لنا أمريكا وقوى الاستكبار، وحكَّام الظلم والاستبداد، أن لا نكونَ عشَّاقَ شهادةٍ، وان لا نكون رجالَ مبادئ وان لا نكون صنَّاع مواقف…


ونكرِّر القول: لا تموتُ شعوبٌ تنجبُ شهداء…
ولسنا بهذا الحديث محرِّضين ودعاةَ فوضى…
ولسنا بهذا الحديث مؤجِّجين ومثيري فتنةٍ…
ولسنا بهذا الحديث مُفسدين، ولا عابثين…


الحديثُ عن الشهادةِ والشهداءِ استنهاضٌ لقيم العدل والخير وعزَّة الأوطان…
الحديثُ عن الشهادةِ والشهداءِ إيقاظٌ للهمم والإراداتِ في طريق البناءِ والتغييرِ والإصلاحِ…
الحديثُ عن الشهادةِ والشهداءِ ترشيدٌ وتأصيلٌ في مواجهةِ دعواتِ التطرُّفِ والعنفِ والإرهابِ، ولكي لا تختلط الأوراق، وتتيه المساراتُ، وتنزلق الخيارات، فقد أصبحنا في زَمَنٍ ضاعتْ فيه المعايير، والتبستْ الرُؤى، فثوراتٌ نظيفةٌ مُحارَبة، وحركاتٌ مُلَّوثةٌ مدعومة!!!



كلمةٌ أخيرة:


أيُّها الأحبَّة إنَّنا جميعًا – وبإذن الله تعالى – على موعدٍ غدًا بعد الظهر مع مسيرة العزَّة والكرامة والإباء، والتي دعا إليها سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم…


فوفاءً لدماءِ الشُّهداءِ، وعذاباتِ السُّجناءِ، وآهاتِ الأمَّهاتِ الثكالى، ودموعِ الأطفالِ اليتامى، واستغاثاتِ الحرائر، وعناءاتِ المنكوبين، وصرخاتِ المحرومين، ودفاعًا عن المقدَّساتِ، وانتصارًا لإرادة هذا الشعب…
سوف يكونُ – إن شاء الله – هذا الحضور التاريخي الاستثنائي في مسيرة التاسع من مارس…


والذي توجِّهون مِن خلاله مجموعة رسائل:


الرسالة الأولى:
إنَّ الرهانَ على هذا الشعبِ – بعد الاعتمادِ على الله – هو رهانٌ ناجحٌ، فشعبٌ غيورٌ على دينه وقيمه، وعزَّته، وكرامته، وحقوقه، ومقدَّساته، لن يكون شعبًا مهزومًا أبدًا، وإنَّ شعبًا تغذَّى بصرخة إمامه الحسين «هيهاتَ منَّا الذِّلة» شعبٌ لا يعرف الهوانَ والذُّلَ، ولا يعرف الانحناءَ إلَّا لله..


الرسالة الثانية:
لن يتوقَّفَ الحَراك حتَّى تتحقَّق المطالب…
لن تكونَ هناك مساومات…
لن تكون هناك إملاءات…
لن تكون هناك تراجعات…
لن تكون هناك خياراتٌ، إلَّا خيار الصمود والإصرار والمطالبة بالحقوق، وانتصارُ إرادةِ الشعب…


الرسالةُ الثالثة:
إنَّنا جميعًا مُوَحَّدونَ، وبكلِّ الأطيافِ والمكونات..
فلن تقوى كلُّ محاولاتِ التفتيت أنْ تُفرِّقنا، أنْ تُمزِّقنا، وكلّما اشتدتْ الأزماتُ زادتنا توحُّدًا، وتكاتفًا، وتآزرًا…


الرسالة الرابعة:
إنَّنا سِلميُّونَ مهما طاشت سياسات البطشِ والفتك، ولكنَّنا غيارى على الدِّين والقيم، والأعراضِ، والمقدَّسات، والحرِّياتِ، والكراماتِ، فالدماءُ رخيصةٌ، والموتٌ عزةٌ كما قالها إمامنا الحسين «إنِّي لا أرى الموتَ إلَّا سعادة، والحياة مع الظالمين إلَّا برمًا».


الرسالة الخامسة:
إنَّ سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم رمزٌ ديني وسياسي ووطني، فلن تسمح جماهير هذا الشعب أنْ يُمسَّ، أنْ يُهانَ، أنْ يُساءَ إليه…


فهذا الحشد التاريخي كلمةُ ولاءٍ ووفاءٍ لهذا القائد الكبير، ولهذا الأب الربَّاني، الذي ذابَ حبًّا في الله، ودفاعًا عن دين الله، وإخلاصًا لهذا الوطن، ولهذا الشعب…


فنحن معكَ معكَ أيُّها الأبُّ القائد، أيُّها الرَّمز الصامد..
ولن توقفنا هرطقات العملاء المأجورين، ولا تخريفات موتى الضَّمائر البائسين، ولا كلمات المتاجرين المفلسين، ولا تظليلات المطبِّلين، ولا تشكيكاتُ المشكِّكين، ولا تشويهات الحاقدين..


فشعبنا على بصيرةٍ من دينٍ ويقينٍ، لا تهزُّه كلُّ الأعاصير، ولا توقفه كلُّ الأراجيف، ولا تخدعه كلُّ الألاعيب…
فهو مشدود الثقة بالله، صلبُ الإرادةِ، ثابتُ القدم في هذا الطريق، فصمودًا صمودًا أيُّها الأباة والنصرُ آتٍ آتٍ إن شاء الله…


وآخر دعوانا أن الحمدُ للهِ ربِّ العالمين…






الهوامش:
[1] علي الطبرسي: مشكاة الأنوار، ص 281، فصل 14. (ط1، 1418ه، دار الحديث، قم – إيران)
[2] المجلسي: بحار الأنوار 13/ 327، ب11، ح4. (ط3 المصححة، 1403ه – 1983م، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان)
[3] الكليني: الكافي 2/ 204، كتاب الإيمان والكفر، باب من كسا مؤمنا، ح1. (ط4، 1365ش، دار الكتب الإسلامية، طهران – إيران)
[4] الحر العاملي: وسائل الشيعة 2/ 455، كتاب الطهارة، أبواب الاحتضار، ب36، ح4. (ط2، 1414ه، مؤسَّسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، قم – إيران)
[5] يُسمَّى هذا الدعاء دعاء الغريق حسب ما جاء عن الإمام الصَّادق، ويُدعي به حينما تنتشر الفتن والشبهات «لا ينجوا منها إلَّا من دعا بدعاء الغريق».
مصدر الدعاء: المجلسي: بحار الأنوار 52/ 149، ب22، ح73.
[6] ابن طاووس: إقبال الأعمال 3/ 187، فصل 11. (ط1، 1416هـ، مكتب الإعلام الإسلامي، إيران)
[7] الصّدوق: من لا يحضره الفقيه 1/ 133، ح 349. (ط2، مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم – إيران)
[8] الحر العاملي: وسائل الشيعة 2/ 455، كتاب الطهارة، أبواب الاحتضار، ب36، ح3.
[9] الكليني: الكافي 3/ 123، كتاب الجنائز، باب تلقين الميت، ح5.
[10] المصدر السابق نفسه: ص 122، ح3.
[11] الحر العاملي: وسائل الشيعة 2/ 461، كتاب الطهارة، أبواب الاحتضار، ب39، ح2.
[12] المتقي الهندي: كنز العمَّال 11/ 132، ح 30916. (سنة الطبع: 1409ه – 1989م، مؤسَّسة الرسالة، بيروت – لبنان)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى