آخر الأخبارشهر ربيع الثانيقضايا عالمية

حديث الجمعة 622: المقطع الأخير مِن الدُّنيا (آخر الزَّمان) – ويستمرُّ بطشُ الصَّهاينةِ قتلًا وفتكًا وحرقًا وتدميرًا

حديث الجمعة 622 | التاريخ 25 ربيع الثاني 1445هـ - الموافق 9 نوفمبر 2023 | مسجد الإمام الصادق(ع) بالقفول - البحرين

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلين مُحمَّدٍ وآلِهِ الهُداةِ الميامين.
السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

المقطع الأخير مِن الدُّنيا يُسمَّى (آخر الزَّمان)، وفي هذا المقطع الزّمانيِّ يخرج (الإمام المهديِّ المنتظر عجَّل الله فرجه الشَّريف) مِن ذريَّة النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).
وقبل ظهور هذا الإمام العظيم يتشكَّل العالم تشكُّلًا في غاية السُّوءِ والفسَادِ والضَّلالِ.
– فتزدحمُ الحروبُ والفتنُ والصِّراعات
– وتُسَفكُ الدِّماء
– وتُهتَكُ الأعراض
– وتنتشرُ البدعُ والمُنكرات
– ويتجاهرُ النَّاسُ بالفُسْقِ والفجور
– ويكثرُ الظُّلمُ والجورُ والفَسَاد
– وتخبُثُ الضَّمائرُ والسَّرَائر
– ويكتفي الرِّجالُ بالرِّجالِ، والنِّساءُ بالنِّساءِ (ما يسمَّى في هذا العصر بالمثليَّة والشُّذوذ)
– وتغيبُ الأماناتُ، وتنتشر الخيانات
– ويموت السِّترُ والعَفاف
– وتروَّجُ الأكاذيبُ والإشاعات
– ويُصبحُ المعروفُ مُنكرًا والمُنكرُ معروفًا
– ويتسلَّطُ الأشرارُ والفُجَّار
– ويُقهرُ الأبرارُ والأخيار
– وتتوارى قِيمُ الخيرِ وتقوى قِيمُ الشَّرِّ
– وتنتشرُ الملاهي ودورُ الفَساد
هذا هو الباطلُ في كلِّ امتداداته.

ويبقى السُّؤال:
وهلْ للحقِّ حضورٌ في زمنٍ قدْ هيمَنَ الباطلُ على كلِّ مساحاتِه؟
نعم یبقى للحقِّ حضورٌ، وإنْ كانَ هذا الحضورُ مُحاصَرًا، وإنْ كانَ هذا الحضورُ مُطَاردًا، إلَّا أنَّه صَلبٌ، وقَويٌّ، وثابتٌ، يتحدَّى الباطلَ بكلِّ شراستِهِ، وبكلِّ جَبرُوتِهِ، وبكلّ غطرستِهِ، وبكلِّ إمكاناتِهِ، وبكلِّ قُدُرَاتِهِ
في عَصْرِ الضَّياع:
يبقى حَمَلةُ دينٍ وقيم
ويبقى دُعَاةُ حقٍّ وهدايةٍ
ويبقى دُعَاةُ خيرٍ وصَلاح
ويبقى صُنَّاعُ مَحَبَّةٍ وَتَسامُح
ويبقى مواقعُ وعيٍ وبَصِيرة
ويبقى مشاعلُ نورٍ وعِلم
ويبقى حُرَّاسُ أمنٍ وسلام
هذا هُوَ المَشْهدُ في آخرِ الزَّمانِ.
هذا هُوَ المَشْهدُ في عَصْرِ الانتظار.
مَشْهدٌ تنزلقُ فيه الأقدام، وتضلُّ فيه العقولُ، وتتيه فيه الخيارات، وترتبك فيه المسارات، وتزيغ فيه القناعات.
فالثَّابتُ على دِينهِ وقِيَمِهِ في عصرِ الانتظار
والمدافعُ عن مبادئِهِ ومُثُلِهِ
والحارسُ لإسلامِهِ وعقائده
هو مُجَاهدٌ في أعلى دَرَجاتِ الجهادِ، وهو في صفِّ الأنبياء، بل في صفِّ سيِّدِ الأنبياء.
ورد في كلمةٍ له (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أنَّه أثنى ثناءً كبيرًا على هؤلاءِ الثَّابتين على دينهم في آخر الزَّمان – زمانِ الضَّلالِ والضَّياعِ والفساد -، والمجاهدين مِن أجلِ شريعةِ اللهِ،
هؤلاء هم المنتظرون الموطِّئون للإمام المهديِّ مِن آل مُحمَّدٍ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).
وهؤلاء هم الممثِّلون للصَّف الإيمانيِّ في عصر نَشُطَ الدُّعاة إلى خطِّ الكفر العالميِّ (خطِّ الدَّجَّال).
ونشُطَ الدُّعاةُ إلى خطِّ الضَّلال العالميِّ (خطِّ السُّفيانيِّ).
ونشُطَ الدُّعاةُ إلى خطِّ المكر العالميِّ (خطّ اليهود والصَّهاينة).
فالصِّراعُ مع قُوى الكفرِ والضَّلال، والصِّراعُ مع اليهودِ والصَّهاينة صراعٌ مَصِيريٌّ، ولن يأتي يومٌ تتوافقُ إرادةُ المؤمنينَ مع هذه المسَارات.
النِّهايةُ هُوَ الانتصارُ الأعظمُ لدينِ اللهِ الحقِّ، وتحتَ رايةِ القُرآنِ، ولن يبقى على الأرضِ إلَّا الإسلام الذي جاءَ به خاتمُ الأنبياء (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)، ولن تبقى إلَّا رايةُ (لا إله إلَّا الله، مُحمَّدٌ رسولُ الله).
فلا دجَّالَ ولا سُفيانيَ ولا صَهاينة.
فكلُّ شعاراتِ التَّقاربِ مع هذهِ الكياناتِ الباطلةِ هي شعاراتٌ زائفة وفاشلة.
مهما بُذِلتْ المحاولاتُ لأدلجتها دِينيًّا وثقافيًّا وسياسيًّا وأمنيًّا وإعلاميًّا.
هناك شعارانِ؛ شعارُ الله، وشعارُ الشَّيطان، وهما شعاران متصارعان منذ تمرَّد إبليسُ اللَّعينُ على كلمةِ اللهِ، ورفض السُّجود لآدم، وقرَّر أنْ يمارس دور الغواية للإنسان.
• {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} (الأعراف: 16-17)
هكذا سَوفَ تبقى (المفاصلة) بين مساراتِ الهُدى ومسارات الضَّلال.
في هذا العصرِ يُروَّجُ لشعارِ (الإبراهميَّة) لتنتظم مِن خلاله كلُّ الدِّيانات اليهوديَّة والمسيحيَّة والإسلاميَّة.
نعم، اليهوديَّة بكلِّ صياغاتها المُزوَّرة، والمسيحيَّة بكلِّ طوائفها المُحرَّفة.
هذه أُكذوبة كبرى، فالوريث الحقُّ للدِّيانة الإبراهيميَّة هو سيِّد الأنبياء مُحمَّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وكلّ العناوين الأخرى لا تملك حقَّ الوراثة.
وحسب ما جاءَ في القرآن أنَّ وراثة الأرض في آخرِ أشواط البشريَّة هي لهذا الدِّين الحقُّ الذي جاء خاتمة الأديان.
وكما أكَّدت الرِّوايات أنَّ كلَّ المِلل في آخرِ الزَّمان، وحينما يظهر الإمام المهديُّ المنتظر (عليه السَّلام) تجتمع على الإسلام، ولا يُعبد غير الله، وتنتهي دُوَلُ الباطل.
مِن الآيات التي أكَّدت الحتميَّة الإيمانيَّة، حتميَّة انتصار الإيمان والإسلام في آخر أشواط
البشريَّة:
• يقولُ الله تعالى (الأنبياء/ 105): {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}.
• ويقولُ تعالى (التَّوبة/ 33): {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}.
• ويقولُ تعالى (الصَّف/8): {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}
• ويقولُ تعالى (القصص/5): {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}.

وأمَّا الرِّوايات التي أكَّدت هذه الحقيقة فكثيرة جدًّا، أذكر طائفة مِنها:
• ما جاء في سُنن أبي داود (2: 207)
عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):
«لَو لَم يَبْقَ مِن الدَّهرِ إلَّا يَومٌ لَبعَثَ اللهُ رجُلًا مِن أهلِ بيتي يَملَؤها عَدلًا كما مُلِئتْ جَورًا». (1)
• ما جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل (1: 123)
عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):
«لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ، لَبَعَثَ اللهُ – عَزَّ وَجَلَّ – رَجُلًا مِنَّا، يَمْلَؤُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا». (2)
• ما جاء في سُنن التَّرمذي (4: 505)
قالَ رَسُولُ اللهِ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ العَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي». (3)
• ما جاء في صحيح البخاري (4: 205)
قالَ رَسُولُ اللهِ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):
«كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ». (4)
• ما جاء في فرائد السِّمطين للحموئي (الجويني) (2: 312)
قالَ رَسُولُ اللهِ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):
«…، وَالَّذي بَعَثَني بِالحَقِّ بشيرًا لَو لَم يَبقَ مِنَ الدُّنيا إلَّا يَومٌ واحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذلِكَ اليَومَ حَتَّى يَخرُجَ فيهِ وَلَدِي المَهدِيُّ، فيَنزِلُ روحُ اللهِ عيسَى بنُ مَريَمَ فَيُصَلِّي خَلفَهُ، وتُشِرقُ الأَرضُ بِنُورِ ربِّها، ويَبلُغُ سُلطانُهُ المَشرِقَ وَالمَغرِبَ». (5)

هذا ما لدى المسلمين كلّ المسلمين.
وأنا أكتب هذه الأسطر قرأت كلامًا في غاية الوقاحة يتجرَّأ وبكلِّ حقدٍ على عقيدة الإمام المنتظر (عليه السَّلام) ويسمِّيه إمامًا فاشيًا، ويقول كلامًا سيِّئًا جدًّا تجاه طائفة كبرى في هذا الوطن.
فماذا هي صانعة الجهات الرَّسميَّة تجاه هذا النَّمط مِن العابثين بوحدة هذا الشَّعب، وبعقيدة ثابتة عند كلِّ المسلمين… ننتظر الجواب؟!

 

كلمة أخيرة
ويستمرُّ بطشُ الصَّهاينةِ قتلًا وفتكًا وحرقًا وتدميرًا، لا يستثني أطفالًا، نساءً، مرضى، عجزى.
ولا يستثني شجرًا، حجرًا، وكلَّ موقعٍ يطالُه بطشه، حقدُه، عدوانُه، جنونُه.
ويعينه على ذلك قُوى زادتهُ طُغيانًا، وجنونًا، وعبثًا، وظُلمًا، وفسادًا.
وهكذا ماتَ الضَّمير، وسقطت القِيم، وانهارتْ المُثُل.
فأين المنظَّمات التي تحمل شعارات الدِّفاعِ عن حقوق الإنسان؟
أين الهيئاتُ الدُّوليَّة؟
أين مجلس الأمن؟
أين دُعاة السَّلام، ودُعاة الأمن، ودُعاه المحبَّة؟
لماذا كلّ هذا؟
ألأنَّ شعبًا دافع عن أرضه، عن كرامته، عن حُرِّيَّتِه، عن عزِّتِه، عن شرفِه… في مواجهةِ غاصبين، ظالمين، مارقين، جاءوا مِن كلِّ بقاع الأرض ليسرقوا أرضًا، ليستعمروا وطنًا، لِيُدمِّروا شعبًا، لِينتهِكوا أعراضًا، لِيُدنِّسوا مُقدَّسات.
ومهما طاشُوا، ومهما عَبَثُوا، ومها أرعبُوا، ومهما أرهبُوا… فلن تنكسِرَ إرادةُ شعبٍ، وعَزيمةُ شعبٍ، وبطولةُ شعب، وعُنفوانُ شعب، وصَرخةُ شعبٍ، وغَضبةُ شعبٍ.
وماذا يُطلبُ مِن شعوبنا عَرَبًا ومُسْلمين؟
الصَّرخة مطلوبةٌ، الغضبُ مطلوبٌ، الكلمةُ مطلوبةٌ، كلمةُ المسجدِ، كلمةُ المنبر، كلمة المناسبات، كلمةُ الملتقيات، وكلُّ الوسائلِ المشروعةِ مطلوبة، مقاطعةُ بضائعِ الدُّول الدَّاعمةِ للكيانِ الغاصب مطلوبة، استنفارُ كلِّ وسائلِ الضَّغطِ أمرٌ مطلوبٌ.
ولو فُتحت أبوابُ الجهادِ فلن تبخل شعوب أُمَّتنا بأرواحِها ودمائها.
وتبقى مسؤوليَّةُ الأنظمةِ أكبر، فهي تملك الكثيرَ مِن وسائلِ الضَّغطِ، ووسَائلِ الرَّفضِ، ووسائلِ الاستنكارِ، فكم هِيَ قُوَّةُ أنظمتِنا العربيَّةِ، وأنظمتِنا الإسلاميَّة لو اتَّخذتْ قرارًا مُوَحَّدًا، وقَرارًا جَريئًا، وقرارًا ضاغِطًا، هنا الضَّرورةُ كلُّ الضَّرورةِ أنْ تلتقي إراداتُ الأنظمة، وأنْ تلتقي قُدراتُ الأنظمة، وأنْ تلتقي قرارات الأنظمة.
بعد غدٍ السبت 11 نوفمبر يجتمع القادةُ العرب في لقاء قمَّةٍ لدراسة قضيَّةِ العُدوانِ على غَزَّة.
ما يتطلَّع إليه كلُّ العربِ أن تتَّحد الكلمةُ في قراراتٍ جادَّةٍ تتناسب وحجم الجرائم التي يرتكبها الجنون الصهيوني، قراراتٍ تشكِّل ردعًا حقيقيًّا، وتُوقف هذا العدوانَ بكلِّ نتائجه المرعبة، وتُنهى كلَّ أشكالِ الحصار على غزَّة، وتفتح المعابر لإدخالِ الأغذية والأدوية، وكلَّ الضَّرورات اللَّازمة، وتتصدَّى لمشروع التهجير بكلِّ خططه ومنتجاته المدمِّرة.
———————————
الهوامش:
1- السَّجستاني: سنن أبي داود 2/207، (أوَّل كتاب المهديِّ).
2- ابن حنبل: مسند الإمام أحمد بن حنبل 1/123، (مسند عليّ بن أبي طالب [ع])، ح 776.
3- التّرمذي: سُنن التّرمذي 4/505، (ك: الفتن، ب 52: ما جاء في المهديّ)، ح 2230.
4- البخاري: صحيح البخاري 4/205، (ب: نزول عيسى ابن مريم عليهما السَّلام).
5- الجويني: فرائد السِّمطين 2/312، (ب 61، شزرة من روايات ابن عباس حول ظهور المهديّ)، ح 562.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى