الرسول الأكرم (ص)من وحي الذكريات

كلمة سماحة العلاّمة الغريفي التي بُثت عبر الفضاء الإلكتروني في ذكرى المبعث النَّبويِّ الشَّريف

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّد الأنبياء والمرسلين محمَّدٍ وعلى آلِهِ الطَّيِّبين الطَّاهرين.

السَّلام عليكم أيُّها الأحبَّة جميعًا ورحمةُ اللهِ وبَركاتُه.

وبعد: فَأُهنِّئ جميع المسلمين بهاتين المناسبتين العظيمتين؛ مناسبة (المبعثُ النَّبويُّ)، ومناسبة (الإسراءِ والمعراج) سائلًا المولى القدير أنْ يملأ حياةَ المسلمين أمنًا وإيمانًا، وخيرًا وصلاحًا، وتآلفًا وتقاربًا، وحُبًّا وتَسَامحًا، وتقدُّمًا وازدهارًا، وعزَّةً وسُؤددًا، إنَّه تعالى نِعْمَ المولى، ونِعْمَ النَّصير.

ممارسة أقصى درجات الاحتياط، والاحتراز

أيُّها الأحبَّة الكرام، لا زالت ظروفُ (الفيروس المُرعِب) تفرض على الجميع أنْ يمارسوا أقصى درجات الاحتياط، والاحتراز، وأنْ يُجمِّدوا كلَّ أشكال التَّجمُّعات العامَّة مهما كان عنوانها، بل وأيَّ ملتقيات يتَّسع عددُها وتشكِّل أجواءً للعدوى.

وهنا: أؤكِّد على:

1-وجوب الانقياد
لكلِّ التَّعليمات، والتَّوجيهات الصَّادرة من الجهات الطِّبيَّة، والصِّحيَّة.

2-ضرورة التَّعاون مع الإجراءات الرَّسميَّة
في سبيل احتواء كلِّ الآثار الخطيرة لهذا الوباء.
‌أ- هذا ما يفرضه (التَّكليف الشَّرعيُّ).

‌ب- وهذا ما يفرضه (الحرص على سلامة النَّاس).

‌ج- وهذا ما يفرضه (العقلُ الرَّشيد).
فالاحتياطات مطلوبة جدًّا في مثل هذه الظُّروف.

فلا مجال في مثل هذه الظُّروف الاستثنائيَّة أنْ يتصرَّف النَّاسُ وفق (مزاجاتهم الشَّخصيَّة)، الأمر الذي يهدِّد صحَّة وحياة الآخرين، فيجب أنْ نكون جميعًا في مستوى المسؤوليَّة.

3-وهنا أؤكِّد ضرورة (اللُّجوء إلى الله تعالى)
والإكثار من التَّضرُّع، والابتهال، والدُّعاء، فهو وحدَه تعالى بيده (الحياة، والموت)، و(الصَّحَّة، والمرض)، و(الشِّفاء، والسَّقم).
﴿… إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ﴾ (سورة الشُّعراء: الآية 77 – 81).
وهذا لا يعني أنْ يتخلَّى الإنسانُ عن (الأسباب الطَّبيعيَّة) في الوقاية من الأمراض والأوبئة، وفي معالجة الأمراض والأوبئة.

4-مطلوب جدًّا منك أنْ تتوقَّى بكلِّ الوسائل الممكنة
ووفق التَّوصيات، والتَّوجيهات الطِّبيَّة، والصِّحَّيَّة.

5-ومطلوبٌ منك جدًّا أنْ تبادر إلى العلاج، وإلَّا فَأنتَ (خائن لبدنك)!

‌أ-هذا ما قاله أمير المؤمنين (عليه السَّلام): «مَنْ كتم الأطباءَ مرضَهُ خانَ بدنَه». (ميزان الحكمة 4/2888، محمد الريشهري).
وخيانة البدن يترتَّب عليه (عقوبة الله تعالى).
كونوا شفَّافين، وصُرَحاء، وبادروا إلى الأطباء، وإلى مواقع العلاج حينما تبدو عليكم أَيَّة مؤشِّرات هذا الوباء.
لا تتكتَّموا، ففي ذلك هلاككم، وهلاك الآخرين.

‌ب- يقول أمير المؤمنين (عليه السَّلام): «مَنْ كَتَم مكنونَ دائِهِ عجز طبيبُه عن علاجه». (ميزان الحكمة 4/2888، محمد الريشهري).
هنا يؤكِّد أمير المؤمنين (عليه السَّلام) على ضرورة اللُّجوء إلى الأطباء، ومكاشفتهم.
فلا يجوز التَّستُّر بالأمراض، وخاصة إذا كانت أمراضًا سارية، ومُعْدِيةً، ومدمِّرة لحياة النَّاس كما هو (وباء الكورونا)، والذي خَلَق (رُعبًا) في كلِّ العالم، (فيروس صغير جدًّا) أدخل الرُّعب في كلِّ العالم، وفرض (استنفارًا استثنائيًّا)، وهزَّ (اقتصاد دول كبرى)، وأنتج (خسائر مذهلة)!
كم هو الإنسان ضعيف مهما مَلَك من (أسباب الدُّنيا)، ومهما ملَكَ من (استعدادات الأرض).

الهزَّات الرَّبَّانيَّة تَذْكِرةٌ

إنَّها (هزَّات ربَّانيَّة) تذكِّر الإنسان بضَعفه، بِعجزِه، بصِغرِهِ مهما تَعَمْلَق، ومهما طغى وتجبَّر، وبغى!
وأمام هذه الامتحانات مطلوب من الإنسان:

1-أنْ يعود إلى ربِّه تعالى.
2-وأنْ يُراجع كلَّ أوضاعه الدِّينيَّة، والدُّنيويَّة.
3-أنْ يُراجع كلَّ ثقافته.
4-أنْ يُراجع كلَّ قِيَمِه.
5-أنْ يُراجع كلَّ اقتصادِه.
6-أنْ يُراجع كلَّ سياستِهِ، كلَّ أمنِهِ، كلَّ مساراتِهِ، وكلَّ علاقاتِهِ.

فهذه (الامتحانات الصَّعبة) يجب أنْ تكون:
‌أ- (محطَّات مُرَاجَعة).
‌ب- و(محطَّات محاسبة).
‌ج- و(محطَّات تصحيح).

تذكيرٌ بأهل العَوز والاحتياجات

وهنا أُذكِّر نفسي، وأُذكِّرُكم:
إنَّ مثل هذه الأزمات – كما هي أزمة هذا الوباء لها – (تداعياتها الكبيرة)، ولعلَّ من أهم تداعياتها أنْ تبقى أسرٌ تعيش العوز، الجوع، العراء، المرض، الحاجة إلى أبسط الضَّرورات:
1-فهلْ نشبعُ وتجوعُ أسرٌ وأطفال؟
2-وهل نروَى، وتظمأ أسرٌ وأطفال؟
3-وهل نلبسُ، وتعرى أسرٌ وأطفالٌ؟
4-وهل نشفى، وتمرض أسرٌ وأطفال؟

‌أ- في الكلمة عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «…، مَنْ فرَّج عن أخيه كُربه من كُرُب الدُّنيا نَظَر الله إليه برحمتِهِ، فنال بها الجنّة، وفرَّج الله عنه كُربه في الدُّنيا والآخرة، …». (ثواب الأعمال، الصفحة 289، الشيخ الصَّدوق).

‌ب- وفي الكلمة عن أمير المؤمنين (عليه السّلام): «…، مَنْ نفّسَ عن مؤمن كربه نفَّس الله عنه اثنين وسبعين كربة من كرب الدُّنيا، واثنين وسبعين كربه من كرب الآخرة، …». (مسند الإمام علي (عليه السَّلام) 10/211، السيد حسن القبانجي).

‌ج- وفي الكلمة عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «مَنْ نفَّس عن مؤمن كربه نفَّس الله عنه كُرب الآخرة، وخرج من قبره وهو ثلج الفؤاد، ومَن أطعمه من جوع أطعمه الله ثمار الجنَّة، ومَنْ سقاه شربة ماءٍ سقاه الله من الرَّحيق المختوم». (الوافي 5/671، الفيض الكاشاني).

‌د- الإمام الباقر (عليه السَّلام): «…، لأنْ أعول بيتًا من المسلمين أسدُّ جوعتهم، وأكسو عورتهم، وأكفُّ وجوههم عن النَّاس أحبُّ إليَّ، مِن أنْ أحجَّ حجَّة وحجَّة وحجَّة، ومثلها ومثلها حتَّى بلغ عشرًا، ومثلها ومثلها حتَّى بلغ السَّبعين». (الوافي 5/678، الفيض الكاشاني).

‌ه- في الكلمة عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «ما آمن بي مَنْ بات شبعان وأخوه المسلم طاوٍ». (ثواب الأعمال، الصفحة 250، الشيخ الصَّدوق).

‌و- في الكلمة عن الإمام زين العابدين (عليه السَّلام): «مَنْ كان عنده فضل ثوب، فعلم أنَّ بحضرتِه مؤمنًا محتاجًا إليه، فلم يدفعْهُ إليه أكبَّه اللهُ تعالى في النَّار على مَنخَرَيه». (ثواب الأعمال، الصفحة 250، الشيخ الصَّدوق).

‌ز- في الكلمة عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «أيَّما مؤمن منع مؤمنًا شيئًا ممَّا يحتاج إليه وهو يقدر عليه من عنده، أو من عند غيره أقامه الله (عزَّ وجلَّ) يوم القيامة مُسودًّا وجهُهُ، مزرقَّةً عيناه، مغلولةً يداه، فيقال: هذا الخائن الذي خان الله ورسوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، ثمَّ يُؤمر به إلى النَّار». (الوافي 5/988، الفيض الكاشاني).

مناسبتان تؤسِّسانِ لوحدة المسلمين

السَّابع والعشرون من رجب (ذِكرى المبعث النَّبويِّ) وفق الرُّؤية الشِّيعيَّة.

والسَّابع والعشرون من رجب (ذكرى الإسراء والمعراج) وفق الرُّؤية السُّنيَّة.

والمناسبتانِ عظيمتانِ، ولهما قيمتهما الكبرى عند جميع المسلمين، وتحملانِ من المعاني والدَّلالات ما يضعهما على رأسِ قائمةِ المناسبات الدِّينيَّة الإسلاميَّة.

الاحتفاء بالمناسبتين، وإنتاج التَّقارب

فالاحتفاء بهاتين المناسبتين يجب أنْ يكون منطلقًا لإنتاج (التَّقارب بين المسلمين) بكلِّ مذاهبهم، وانتماءاتِهم.

الخطر الَّذي يهدِّد المسلمينَ في هذا العصر هو (خطر الصِّراعات المذهبيَّة)، و(خطر العصبيَّات الطَّائفيَّة).

تعدُّد الانتماءات الدِّينيَّة، والثَّقافيَّة، والاجتماعيَّة، والسِّياسيَّة، وتعدُّد (الرُّؤى، والقناعات)، هذا التَّعدُّد (حقٌّ مشروع).

حرِّيَّة تشكيل الانتماء

فلكلِّ إنسان الحقُّ في أنْ يُشكِّل (انتماءه) ما دام هذا التَّشكُّل صنعته (قناعات مدروسة)، وليس نتيجة (هوى)، و(تعصُّب)، و(إلغاء) للآخرين.
1-أنْ نختلف دينيًّا، ومذهبيًّا.
2-أنْ نختلف ثقافيًّا، وفكريًّا.
3-أنْ نختلف اجتماعيًّا.
4-أنْ نختلف سياسيًّا.

لا مشكلة في ذلك، بشرط أنْ يكون هذا الاختلاف وفق (المعايير العلميَّة)، ووفق (الضَّوابط الأخلاقيَّة).

أمَّا أنْ يتحوَّل هذا الاختلاف الدِّينيُّ، وهذا الاختلاف المذهبيُّ، وهذا الاختلاف الثَّقافيُّ، وهذا الاختلاف السِّياسي إلى (خلافات)، وإلى (صراعات)، وإلى (عداوات)، و(مواجهات، وصِدامات)، وإلى (استباحة دماء، وأموال، وأَعْراض)، أنْ يتحوَّل هذا الاختلاف إلى (تطرُّف)، وإلى (عنف)، وإلى (إرهاب)، فهذا محرَّم في دِين الله سبحانه وتعالى.
ومحرَّمٌ في كلِّ شرائع السَّماء.
ومحرَّمٌ في كلِّ الأنظمة العادلة، والقوانين الحقَّة.

التَّقارب هو الهدف المركزيُّ من الاحتفالات

أيُّها المحتفِلونَ بالمبعث النَّبويِّ.
أيُّها المحتفلونَ بالإسراءِ والمعراج.
أيُّها المحتفلونَ بكلِّ مناسبات الإسلام.
إنَّ الهدف المركزيَّ للمبعث النَّبويِّ.
إنَّ الهدف المركزيَّ للإسراء والمعراج.

إنَّ الهدف المركزيَّ لكلِّ مناسبات الدِّين:
1-أنْ يتقارب المسلمون.
2-أنْ تتقارب عقولُهم، وأفكارُهم.
3-أنْ تتقارب قلوبُهم، وأرواحُهم.
4-أنْ تتقارب مواقفُهم.
5-أنْ تتقارب خياراتُهم.

من أجل أنْ يكون (المسلمون) كيانًا حاضرًا حينما تتحرَّك الكيانات.

ومن أجلِ أنْ يكون المسلمون خَيارًا ناجِزًا حينما تتشكَّل الخَيَارات.

أمَّا أنْ يكون المسلمون (قصعة) تتداعى عليها كلُّ الأمم.
وأمَّا أنْ يكون المسلمون (غثاء) كغثاء السَّيل.
وأمَّا أنْ يكون المسلمون هم (الوجود الأوهن)، والأضعف.
رغم أنَّهم يشكِّلون (رقمًا عدديًّا هائلًا)!
ورغم أنَّهم يملكون (ثروات عُظمى)!
ورغم أنَّهم يملكون (مواقع استراتيجيَّة كبرى).
وقبل كلِّ هذا هم يملكون (أعظم دِين)، وأعظم رسالة، وأعظم كتاب، وهو (القرآن الكريم).

أسباب الضَّعف

فلماذا أصبحوا (قصعة) تتداعى عليها كلُّ الأمم؟
ولماذا أصبحوا غثاء كغثاء السَّيل؟
ولماذا أصبحوا ضعفاء؟

1-لأنَّهم اختلفوا، وتمزَّقوا، وتفرَّقوا!
2-لأنَّهم تصارعوا، وتحاربوا، وتقاتلوا!
3-لأنَّهم كفَّر بعضُهم بعضًا!
4-لأنَّهم استباح بعضُهم دماءَ بعض، وأموالَ بعض، وأعراض بعض!

‌أ-فمتى يصغي المسلمون إلى نداء القرآن الكريم؟
﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ …﴾. (سورة آل عمران: الآية 103).

‌ب-ومتى يصغي المسلمون إلى نداء القرآن الكريم؟
﴿… وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ …﴾. (سورة الأنفال: الآية 46).

‌ج-ومتى يُصغي المسلمون إلى نداء نبيِّهم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحلُّ لمسلم أنْ يهجر أخاه فوق ثلاث». (ميزان الحكمة 4/3437، محمد الريشهري).

المبعث النَّبويُّ كما جاء في روايات أهل البيت (عليهم السَّلام)

هناك صورة مشوَّشة لقصة نزول الوحي على محمَّدٍ (صلَّى الله عليه وآله) في غار حراء!!
ولست – هنا – في صدد مناقشة هذه الصُّورة المشوَّشة، وإنَّما أكتفي بذِكر الصُّورة كما جاءت في روايات الأئمَّة من أهل البيت (عليهم السَّلام)، فقد جاء في هذه الرِّوايات: «…، كان رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يغدو كلَّ يوم إلى حراء، وينظر آثار رحمة الله، مُتعمِّقًا في ملكوت السَّماواتِ والأرض، ويعبد الله حقَّ عبادته، حتَّى استكمل سنَّ الأربعين، ووجد اللهُ قلبَهُ أفضل القلوب، وأجلَّها، وأطوعَها، وأخشعَها، فأَذِنَ لأبواب السَّماء ففتحَت، وأَذِن للملائكة، فنزلوا ومحمَّدٌ (صلَّى الله عليه وآله وسلّم) ينظر إلى ذلك …!
فنزلت عليه الرَّحمةُ من لدن ساق العرش، ونظر إلى الرُّوح الأمين جبرائيل مطوَّقًا بالنُّور، هبط إليه وأخذ بضبعه، وهزَّه، فقال: يا محمَّد، اقرأ.
قال: وما أقرأ؟
قال: يا محمَّد، ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ (سورة العلق: الآية 1-5)، ثمَّ أوحى إليه ما أوحى، وصعد جبرائيل إلى ربِّه، ونزل محمَّد (صلَّى الله عليه واله وسلم) من الجبل وقد غشيه من عظمة الله وجلال أبَّهتِهِ، …، فأراد الله أنْ يشجِّع قلبه، ويشرح صدره، فجعل كلَّما يمرُّ بحجر، وشجر ناداه: السَّلام عليك يا رسول الله، …». (التَّمهيد في علوم القرآن 1/102، محمد هادي معرفة)

الإسراءُ والمعراج رحلةٌ كونيَّةٌ ربَّانيَّةٌ

شرَّف الله (جلَّ جلالُه) بها عبدَهُ، وحبيبَهُ محمَّدًا المصطفى (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم).

1-بدأت هذه الرِّحلة الكونيَّة الرَّبَّانيَّة من (المسجد الحرام)
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام …﴾. (سورة الإسراء: الآية 1).

2-وكانت المحطَّة الثَّانية (المسجد الأقصى)
﴿… إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ …﴾. (سورة الإسراء: الآية 1)
وصلَّى النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآله) في المسجد الأقصى.
وصلَّى بأرواح الأنبياء العظام: (نوح – إبراهيم – موسى – عيسى عليهم السَّلام)

3-ومِن المسجد الأقصى عُرج بالحبيب المصطفى (صلَّى الله عليه وآله) إلى السَّماوات العُلى حتَّى بلغ (سِدرة المنتهى) ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ (سورة النَّجم: الآية 9)، كناية عن شدَّة القرب من الله تعالى.

كيف تمتْ هذه الرِّحلة الكونيَّة؟

1-هل هي مجرَّد رُؤيا صالحة؟
ليس الأمر كذلك.

2-هل هي بالرُّوح دون الجسد؟
ليس الأمر كذلك.

3-هل أنَّ الإسراء بالجسد، والرُّوح، وأنَّ العروج بالرُّوح فقط؟
ليس الأمر كذلك.

4-الرَّأي الَّذي تتبنَّاه مدرسة أهل البيت (عليهم السَّلام) أنَّ الإسراء والمعراج كانا بالرُّوح والجسدِ معًا.

الإسراء والمعراج معجزة كبرى

إنَّ رحلة كونيَّة امتدَّت من مكَّة المكرمة إلى بيت المقدس، ومنه السَّماوات العُلى.

بكلِّ أحداثها ومجرياتها الكبيرة، وبكلِّ مشاهداتِها المذهلة:
1-صلَّى النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في المسجد الأقصى.

2-صلَّى بأرواح الأنبياء العظام (عليهم السَّلام) في المسجد الأقصى.

3-التقى في السَّماوات بالملائكة، وأرواح عدد من الأنبياء (عليهم السَّلام).

4-شاهد الجنَّة، وبعض سكَّانها.

5-شاهد النَّار، وبعض سكَّانها.

6-وَصَل إلى (سدرة المنتهى)، و(جنَّة المأوى).

7-وأوحى إليه ربُّه ما أوحى.
هذه الرِّحلة بكلِّ هذه الأحداث والمشاهدات تمَّت في زمن قياسيٍّ!

تساؤلات

وهنا تساؤلات:
1-ما المركب الذي استُخدم في هذه الرِّحلة الكونيَّة؟
الرِّوايات تسمِّيه (البراق)، أو (رفرف).

2-كيف اجْتاز النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) المحيط الفضائيَّ للأرض في عصر لا توجد فيه مركبات فضائيَّة؟

3-كيف تحدَّى النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) (الإشعاعات الكونيَّة القاتلة والمدمِّرة)، حيث لا توجد (واقيات) في مواجهة في الإشعاعات؟

ويبقى عنصر (الزَّمن) يتحدَّى العقل البشريَّ حتَّى عصرنا الحاضر.

‌أ-إنَّها قدرة الله تعالى، القدرة المُطلقة.
‌ب-ويبقى حدث الإسراء والمعراج معجزة كبرى تتحدَّى العقل البشريَّ.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى