المفاهيم الإسلاميةمحاضرات إسلاميةملف شهر رمضاننفحات رمضانية

نفحات رمضانيَّة (27) أحاديث للأمل في رحمة الله (2)

هذه الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، وهي الحلقة السَّابعة والعشرون ضمن البرنامج اليومي (نفحات رمضانيَّة)، والذي تمَّ بثُّها في شهر رمضان المبارك 1442هـ، عبر البثِّ الافتراضيِّ في يوم الاثنين بتاريخ: (27 شهر رمضان 1442 هـ – الموافق 10 مايو 2021 م)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.

أحاديث للأمل في رحمة الله (2)

أعوذ باللَّه السَّميع العليم من الشَّيطان الغوي الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلوات على سيِّدِ الأنبياء والمرسلين سيِّدنا ونبيِّنا وحبيبنا وقائدنا محمَّد، وعلى آلِهِ الطَّيِّبين الطَّاهرين الأخيار الأبرار.
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتابع الأحاديث التي ترفع من منسوب الأمل والرَّجاء عند الإنسان.
تقدَّمت أربعة أحاديث تملأنا أملًا، ورجاءً في رحمة الله، وفي كرمه، وفي عطائه، وفي مغفرته.
وأتناول هنا الحديث الخامس:

الحديث الخامس: الصَّلاة على النَّبيِّ محمَّد وآله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)

عن الإمام الرِّضا (عليه السَّلام): «مَن لم يَقدِرْ على ما يُكَفِّرُ بهِ ذُنوبَهُ، فَلْيُكثِرْ مِنَ الصَّلاة على محمَّد وآلِهِ فإنَّها تَهدِمُ الذُّنوبَ هَدمًا». (الصَّدوق: الأمالي، ص 131، ح123/8)
هناك إنسانٌ مملوء بالذُّنوب والمعاصي، ولا يستطيع أن يُكفِّر عن ذنوبه، هذا – طبعًا – بالنِّسبة للذُّنوب التي ترجع إلى الله وليس إلى العباد، فإنَّ معالجة الذُّنوب الخاصَّة بالعِباد لها طريقة أخرى.
يقولُ الإمام الرِّضا (عليه السَّلام): «مَن لم يَقدِرْ على ما يُكَفِّرُ بهِ ذُنوبَهُ فَلْيُكثِرْ مِنَ الصَّلاة على محمَّد وآلِهِ فإنَّها تَهدِمُ الذُّنوبَ هَدمًا»
ليس هناك شيئٌ يهدم الذُّنوب التي ترجع إلى الله كما تهدمها الصَّلاة على النَّبيِّ وآل النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

والصَّلاة على النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) تُعبِّر عن:

1-وعي الارتباط

الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مُهِمَّة، فهي تربطنا برسول الله، وتوثِّق علاقتنا بالنَّبي وآله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فكلَّما أكثرت من الصَّلاة على محمَّد تعمَّقت علاقتي برسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وتعمَّقت علاقتي بالأئمَّة الطَّاهرين (عليهم السَّلام)، وبالتالي تتعمَّق علاقتي مع الله.
وكلَّما أردت الإكثار من الصَّلاة على محمَّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فإنَّ عليَّ أن أملك وعي الارتباط، وأن أفهم أنَّ هذه الصَّلاة تربطني بالله، وتُعمِّق صِلتي بالله.
فهي ليست كلمات أُطلقها ولا أعلم ما هو مقصودها، وما هي دلالاتها.
إذن، الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد بما لها من العطاءات الكبيرة الكبيرة جدًّا تُعبِّر عن وعي الارتباط بالنَّبي الأطهر (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وبأهل بيته الكرام (عليهم السَّلام).

2-عشق الارتباط

وتعبِّر هذه الصَّلوات ثانيًا عن عشق الارتباط، فليس فقط العمق العقلي، وليس فقط العمق الثَّقافي، وليس فقط عمق المفهوم، بل هناك عشق الارتباط، فأنا عاشقٌ لرسول الله، عندما أُكثِر من الصَّلاة على النَّبي وآله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فذلك يعني أنَّني عاشقٌ له (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).
والعاشق لرسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ولأهل بيته (عليهم السَّلام) يحشره الله معهم، فبقدر عشقي لرسول الله أُحشر مع رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وبقدر عشقي لأهل بيت رسول الله أُحشر معهم، وبقدر عشقي للأنبياء أُحشر معهم.
إذن، الصَّلاة تعبِّر أوَّلًا عن عمق الارتباط بالنَّبي وآله الأطهار (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وتعبِّر ثانيًا عن عشق الارتباط.

3-صدق الاِرتباط

وتُعبِّر هذه الصَّلوات ثالثًا عن صدق الاِرتباط.
أن أعيش درجة عالية من العمق في ارتباطي برسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وأهل بيته (عليهم السَّلام)، ودرجة عالية من العشق، ودرجة عالية من الصِّدق.
لا أنْ أُكثِر من الصَّلاة على النَّبي وآله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وأنا في خطٍّ آخر غير خطِّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وغير خطِّ أهل البيت (عليهم السَّلام)!
هذه الصَّلاة تضعني في خطِّ النَّبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وفي خطِّ أهل البيت (عليهم السَّلام)، وفي خطِّ الله سبحانه وتعالى، وفي خطِّ القرآن، وفي خطِّ الأنبياء (عليهم السَّلام).
إذن هذا معنى: «مَن لم يَقدِرْ على ما يُكَفِّرُ بهِ ذُنوبَهُ فَلْيُكثِرْ مِنَ الصَّلاة على محمَّد وآلِهِ فإنَّها تَهدِمُ الذُّنوبَ هَدمًا».

من فوائد الصَّلاة على النَّبي وآله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)

الصَّلاة على النَّبي وآله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كما في الأحاديث لها مجموعة كبيرة من الفوائد، أذكرُ هنا بعض الفوائد للصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد.

الفائدة الأولى: صلاة الله سبحانه وصلاة ملائكته

مَن يُصلِّي على النَّبي (صلَّى الله عليه وآله) وعلى أهل بيته (عليهم السَّلام)، فإنَّ الله يصلِّي عليه، والملائكة تصلِّي عليه، لصلاته على رسول الله وعلى أهل بيته.
•قال الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «إِذَا ذُكِرَ النَّبِيُّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فَأَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي أَلْفِ صَفٍّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَلَمْ يَبْقَ شَيْئٌ مِمَّا خَلَقَ اللهُ إِلَّا صَلَّى عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ لِصَلَاةِ اللهِ عَلَيْهِ وَصَلَاةِ مَلَائِكَتِهِ، وَلَا يَرْغَبُ عَنْ هَذَا إِلَّا جَاهِلٌ مَغْرُورٌ َقَدْ بَرِئَ اللهُ مِنْهُ وَرَسُولُهُ». (الصَّدوق: ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، ص 186)
«إِذَا ذُكِرَ النَّبِيُّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فَأَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ»:
طبعًا الصَّلاة عليه وعلى آله؛ لأنَّ الصَّلاة على النَّبي بدون ضمّ الآل صلاة بتراء لا تُقبل كما في الأحاديث.
«فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) صَلَاةً وَاحِدَةً»
هكذا يقول الإمام الصَّادق (عليه السَّلام).
«صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ أَلْفَ صَلَاةٍ»
الله بجلاله، بعظمته، بقدسه، بجبروته يصلِّي على ذلك العبد، ليس صلاةً واحدة، بل ألف صلاة، الله يصلي عليه ألف صلاة.
«فِي أَلْفِ صَفٍّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ»
كم في هذا الصَّف من الملائكة؟ لا يعلمه إلَّا الله، الله وفي ألف صفٍ من الملائكة يصلُّون على ذلك العبد الذي صلَّى على محمَّد وآل محمَّد.
«وَلَمْ يَبْقَ شَيْئٌ مِمَّا خَلَقَ اللهُ»
كلُّ مخلوقات الله: إِنْس، وجِن، وملائكة، وأشجار، وحيوانات، وطيور، وبقاع، وكواكب، ونجوم.
«إِلَّا صَلَّى عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ لِصَلَاةِ اللهِ عَلَيْهِ وَصَلَاةِ مَلَائِكَتِهِ»
«وَلَا يَرْغَبُ عَنْ هَذَا إِلَّا جَاهِلٌ مَغْرُورٌ قَدْ بَرِئَ اللهُ مِنْهُ وَرَسُولُهُ».
هذه الفائدة الأولى من فوائد الصَّلاة على محمَّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وهي أنَّ الله يصلِّي عليه، وتصلِّي عليه الملائكة، ويصلِّي عليه كلُّ شيئ.

الفائدة الثَّانية: القرب من رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يوم القيامة

كلَّما أكثرنا الصَّلاة على النَّبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كُنَّا أكثر قربًا من رسول الله يوم القيامة، وهذا ما أكَّدته روايات كثيرة، أذكر هذه الرِّواية:
•قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «أَوْلَى النَّاسِ بِي يوم القِيامة – بشفاعتي، بالقرب مِنِّي – أكثرهم عليَّ صلاة». (الطَّبرسي: مكارم الأخلاق، ص 312)
كلَّما أكثر الإنسان من الصَّلاة على رسول الله صادقًا مخلصًا لاجئًا إلى الله وإلى رسوله؛ كان أكثر قربًا، وأولى بشفاعة رسول الله، وبكرم رسول الله يوم القِيامة.
هذه الفائدة الثَّانية، وهي القرب من رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يوم القِيامة.

الفائدة الثَّالثة: قضاء الحوائج في الدُّنيا والآخرة

ما أكثر حاجات الإنسان في الدُّنيا، وما أكثر حاجات الإنسان في الآخرة، فمن أجل قضاء الحوائج في الدُّنيا وفي الآخرة أكثروا من الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ).
وأذكر هنا هذا الحديث:
•عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «مَنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ: رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ قَضَى اللهُ لَهُ مِائَةَ حَاجَةٍ، ثَلَاثُونَ مِنْهَا لِلدُّنْيَا وَسَبْعُونَ [مِنْهَا] لِلْآخِرَةِ». (الصَّدوق: ثواب الأعمال، ص 191)
مائة مرة يقول في اليوم: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآل محمَّد.
لو استطاع أن يكثر فليُكثِر، فبقدر ما يستطيع فليُكثِر.
وكما ورد في الحديث فإنَّه تُقضى له مائة حاجة، ثلاثون منها من حاجات الدُّنيا، وسبعون من حاجات الآخرة.
هذه الفائدة الثَّالثة من فوائد الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد: قضاء الحوائج في الدُّنيا والآخرة.

الفائدة الرَّابعة: غفران الذُّنوب

وتقدَّم الحديث عن الإمام الرِّضا (عليه السَّلام).
•قال الإمام الرِّضا (عليه السَّلام): «مَن لم يَقدِرْ على ما يُكَفِّرُ بهِ ذُنوبَهُ فَلْيُكثِرْ مِنَ الصَّلاة على محمَّد وآلِهِ [صلَّى الله عليه وآله وسلَّم] فإنَّها تَهدِمُ الذُّنوبَ هَدمًا». (الصَّدوق: الأمالي، 131، ح123/8)
إذن، نتحرَّر من الذُّنوب الخاصَّة بالله سبحانه وتعالى بكثرة الصَّلاة على النَّبي وآله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فإنَّها تهدم الذُّنوب هدمًا، وتمحق الذُّنوب، وتصفِّي الإنسان من المعاصي والذُّنوب الخاصَّة بالله سبحانه وتعالى.
هذه الفائدة الرَّابعة من فوائد الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد: غفران الذُّنوب.

الفائدة الخامسة: الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) نورٌ في القبر، ونورٌ على الصِّراط، ونورٌ في الجنَّة

القبر، الصِّراط، الجنَّة، هي مواقع مهمِّة.
في القبرِ وَحشةٌ وظُلمة، ومِمَّا ينير القبر وظلمة القبر الإكثار من الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد، فهي تملأ القبور نورًا، بهاءً، بهجةً، ضِياءً، عَطاءً.
«نورٌ فِي القبرِ»
ما أحوجنا إلى النُّور في القبر، فالقبرُ بيت الوَحْشَة وبيت الظُّلمة.
وكم يمتد تاريخ القبر؟ {… وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (المؤمنون/100)، ألف سَنة، عشرة آلاف سَنة، مليون سَنة؟ لا ندري.
ما أحوجنا في هذه المرحلة إلى النُّور، ولا شيئ يملأ القبور نورًا كما تملأها الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد.
«نورٌ فِي القبرِ، ونورٌ عَلَى الصِّراطِ»
ما أحوجنا إلى النُّور على الصِّراط، الصِّراط الذي يمرُّ عليه البشر يوم القيامة، كلُّ البشر يمرُّون على الصِّراط، هناك من يمرُّ على الصِّراط كالبرق الخاطف، وهناك من يمرُّ على الصِّراط كعدو الفرس، وهناك من يمرُّ على الصِّراط جريًا، وهناك من يمرُّ على الصِّراط ركضًا، مشيًا، وهناك من يمرّ على الصِّراط حبوًا، وهناك من يتمايل فيسقط في النَّار.
كم هي الحاجة إلى النُّور على الصِّراط في يوم الحساب، ولا ينير الصِّراط ولا ينير المحشر شيئ كما تنيره الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد (صلَّى الله عليه وآله).
إذن، الصَّلاة على النَّبي وآله نورٌ في القبر، ونورٌ على الصِّراط، ونورٌ في الجنَّة.
نور الجنَّة من نور الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد.
•قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «أَكْثِرُوا الصَّلاة عليَّ فإنَّ الصَّلاة عليَّ نورٌ فِي القبرِ، ونورٌ عَلَى الصِّراطِ، ونورٌ فِي الجَنَّة». (المجلسي: بحار الأنوار، 18 ق1/395، ح8)
إذن، هذه هي الفائدة الخامسة من فوائد الصَّلاة على النَّبي (صلَّى الله عليه وآله).

الفائدة السَّادسة: حضور النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عند الاِحْتِضَار

في بعض الرِّوايات أنَّ مَن يُكثِر مِن الصَّلاة على النَّبي (صلَّى الله عليه وآله) فإنَّ النَّبي (صلَّى الله عليه وآله) يحضر عنده في لحظة الاِحْتِضَار، اللَّحظة الخطيرة، الخطيرة، الخطيرة.
{وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} (ق/19)، القرآن يُعبِّر عنها بِسَكْرَة.

•قال الإمام زين العابدين (عليه السَّلام): «أشَدُّ ساعاتِ ابنِ آدَمَ ثَلاثُ ساعاتٍ: السَّاعَةُ الَّتي يُعايِنُ فيها مَلَكَ المَوتِ، والسَّاعَةُ الّتي يَقومُ فيها مِن قَبرِهِ، والسَّاعَةُ الّتي يَقِفُ فيها بَينَ يَدَيِ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى، …». (الصَّدوق: الخصال، ص 133)
فلحظة الاحْتِضَار هي من أشَدّ ساعات ابن آدم، والإِكْثَارُ من الصَّلاة على محمَّد وآله تظهر ثمرتها الكبيرة في لحظة الاحْتِضَار بحضور النَّبي الأكرم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وحضور أهل بيته (عليهم السَّلام).
•روي عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) [كما جاء في كتاب (خزانة الأسرار) وإنْ لم يَذكر له مصدرًا، وأذكره هنا على عهدة هذا الكتاب]: «أيَّما مؤمنٍ صلَّى على محمَّد وآل محمَّد [صلَّى الله عليه وآله وسلَّم] حضر عنده نور رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ساعة احتضاره عندما لا ينفعهُ أحد ولا يستطيع شيئًا». (محمد تقي المقدم: خزانة الأسرار، ص86، 35)
نور النُّبوة، ونور رسول الله، كيف يحضر؟ وكيف يتواجد؟ عالمٌ لا نُدرِكه.

الفائدة السَّابعة: الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) تُثَقل الميزان

لا يوجد شيئ يثقل الميزان يوم الحساب بمثل ما تثقله الصَّلاة على محمَّد وآله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)
•عن الإمام الباقر أو الإمام الصَّادق (عليهما السَّلام)، الرِّواية عن أحدهما (عليهما السَّلام): «مَا فِي الْمِيزَانِ شيئٌ أَثْقَلَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وإِنَّ الرَّجُلَ لَتُوضَعُ أَعْمَالُه فِي الْمِيزَانِ فَتَمِيلُ به، فَيُخْرِجُ (صلَّى الله عليه وآله) الصَّلَاةَ عَلَيْه فَيَضَعُهَا فِي مِيزَانِه فَيَرْجَحُ بِه». (الكليني: الكافي 2/494، ح15)
ماذا يعني الميل به؟
في يوم القيامة يوجد الميزان، وهو الذي توضع فيه أعمال الإنسان، فما هو هذا الميزان؟
هو معنىً رمزيّ، فلا نعلم كيفيَّته وهل أنَّه كميزان الدُّنيا؟
هناك كفَّة حسنات وكفَّة سيِّئات.
تُوضعُ أعمال الإنسان في الميزان، توضع الحسنات وتوضع السَّيِّئات، فتميل كفَّة السَّيِّئات فهي أثقل.
«وإِنَّ الرَّجُلَ لَتُوضَعُ أَعْمَالُه فِي الْمِيزَانِ فَتَمِيلُ به»
تميل كفَّة السَّيِّئات والموبقات والمعاصي.
«فَيُخْرِجُ [النَّبي] (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) الصَّلاة عليه»
النَّبي حاضر عند الميزان، ويشاهد هذا العبد وأنَّه قد مالت السَّيِّئات عنده، ولكنَّ لديه مُدَّخرٌ مِن الصَّلوات على النَّبي (صلَّى الله عليه وآله).
«فَيَضَعُهَا فِي مِيزَانِه فَيَرْجَحُ بِه»
النَّبي يُخرِج الصَّلوات ويضعها في كفَّة الحسنات، فتميل كفَّة الحسنات، وتثقل كفَّة الحسنات على كفَّة السَّيِّئات فينجو.
إذن، لا يوجد في الميزانِ شيئٌ أثقل من الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد (صلَّى الله عليه وآله).

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى