السيد في الصحافة

صحيفة الوسط:متفائلا بتفهم القيادة السياسية لأهداف المشروع… الغريفي “3”: “المجلس العلمائي” لمساندة الإصلاح وليس للفوضى

متفائلا بتفهم القيادة السياسية لأهداف المشروع… الغريفي “3”:
“المجلس العلمائي” لمساندة الإصلاح وليس للفوضى
2004- 11 – 25
النعيم عقيل ميرزا 
 
على رغم الإشكالات والتحديات الكثيرة التي ولدت مع ولادة مشروع المجلس الإسلامي العلمائي على الصعيدين الرسمي والأهلي فإن نائب رئيس المجلس السيدعبدالله الغريفي تعاطى مع تلك الإشكالات والتحديات بأعصاب باردة، ومفعمة بالتفاؤل الكبير بأن تذوب كل تلك الإشكالات قريبا، وتخف حدة تلك التحديات عاجلا مع نمو المجلس الذي لايزال وليدا، والذي يكتنف مستقبله شيئا من الغموض على رغم إصرار أقطابه بالمضي به قدما.
ومن بين الإشكالات التي ظهرت مع ظهور المجلس العلمائي إشكال متعلق بـ “الهاجس الأمني” وهل سيكون هذا المجلس مقادا للفوضى الأمنية؟ الأمر الذي نفاه الغريفي نفيا قاطعا مؤكدا عكس هذا الهاجس ومعتبرا المجلس “صمام أمان من التدهور الأمني” ومشددا على أن الحوار هو الطريقة التي سيعتمدها المجلس في كل شئونه التي أسس من أجلها.
“الوسط” تنشر اليوم الجزء الثالث من اللقاء الشامل مع الغريفي وتخصص هذا الجزء لملف “المجلس الإسلامي العلمائي” إذ تفتح صندوقا مليئا بالإشكالات التي واجهت المشروع منها الإشكال الدستوري والقانوني، وإشكالات أخرى تتعلق بالوحدة الوطنية وإثارة النزعات الطائفية، وهذا نص الجزء الثالث من الحوار:


أين وصلت أمور المجلس الإسلامي العلمائي؟
– مازال المجلس الإسلامي العلمائي هو خيارنا، وطموحنا الكبير الذي ظل يتحفز في النفوس زمنا طويلا وقد أصبح وجودا حاضرا على الأرض بفعل إرادات وهمم صادقة، فتحول الحلم إلى واقع وتحرك الطموح مشروعا ناهضا… ولاشك أن عملا كبيرا في حجم “المجلس العلمائي” لن تكون ولادته من دون مخاض صعب، وهكذا تزامنت هذه الولادة مع إرهاصات وتحديات وإشكالات انطلقت من موقع هنا أو موقع هناك.
وكان رد الفعل من القائمين على هذا المشروع هادئا حكيما فكان الخطاب المتزن والموقف الواثق والإصرار على الاستمرار، ما دامت القناعات التي صاغت المشروع قد تشكلت من خلال رؤية إيمانية بصيرة، ومن خلال ضرورة موضوعية ناجزة، ومادمنا واثقين من سلامة المنطلقات وسلامة الأهداف، وسلامة الوسائل بما لا يسيء إلى الوحدة الوطنية في هذا البلد ولا يسيء إلى أمنه واستقراره، وإننا على ثقة تامة بأن السلطة السياسية ستتفهم هذا المشروع وتتفهم أهدافه.


هل بادرتم بمحاورة المعارضين للمجلس من العلماء؟ وكيف ستوفقون بين وجهات النظر المختلفة بشأن المجلس العلمائي؟
– المجلس العلمائي وضع خطته الهادفة لتحريك الحوار مع الأخوة الذين عارضوا المشروع أو تحفظوا عليه، وشكلت لجنة خاصة لهذا الغرض، وبدأت لقاءاتها ومؤثراتها جيدة.


البعض يقول إن المجلس عبارة عن لون أو طيف واحد، ولا يمثل مختلف التيارات، هل هناك جدية لجعل المجلس أكثر تمثيلا للتيارات الأخرى؟
– أنا لا أفهم هذا الكلام… وأولا: إننا لا نؤمن بنظرية تكريس الأطياف والعناوين التي تخلق حالة التشظي في داخل الساحة الشيعية، إن تعدد الرؤى وتعدد مرجعيات التقليد لا يعني تعدد الانتماءات والتوجهات والاطياف ما دامت المنطلقات والاهداف واحدة. ثانيا: المشروع لم يستثن أحدا ممن توافروا على شروط العضوية، إلا ما حدث نتيجة غفلة أو سهو أو خلل في الإجراءات العملية من دون أن يكون ذلك مقصودا، وسيتم تدارك هذا الأمر، فنأمل من اخوتنا العلماء أن يحسنوا الظن على القائمين على هذا المشروع. ثالثا: الشروط التي أكدها النظام الداخلي لعضوية المجلس لا يفهم منها إنتاج تشكيلة بلون واحد أو مرجعية واحدة، وما يبرهن على ذلك أن الذين وافقوا على الانضمام للمجلس هم ينتمون إلى مرجعيات تقليد متعددة، ويحملون وجهات نظر ورؤى متعددة، لكنهم أجمعوا على ضرورة هذا المشروع. رابعا: ليس كل من رفض الانتماء إلى المجلس هو معارض للمشروع، فهناك عدد من العلماء الأفاضل لم ينتسبوا إلى عضوية المجلس ولكنهم باركوه وأيدوه وبدوا استعدادهم للتعاون معه. خامسا: وأما الذين أبدوا تحفظاتهم على المشروع فسيحاول المجلس التواصل معهم لمعالجة هذه التحفظات.


هل سيتدخل المجلس في الشئون السياسية أم سيعتمد في ذلك على العمل المؤسساتي الذي تتولاه الجمعيات السياسية؟
– مازال المجلس العلمائي في مرحلة ترتيب الملفات والأولويات، ولن نستعجل القول في هذه المسألة، وما يمكن أن نؤكده هنا أن المجلس له أهدافه الواضحة والمدونة والتي من خلالها يتحدد نمط التعاطي مع القضايا والملفات ولن تغيب هموم الناس ومصالحهم المشروعة عن اهتمامات المجلس ومسئولياته وخطاباته.


يقال إن هناك أصواتا كانت تطالب بمشروع مجلس علمائي قبل أن تطرحوه، ويقال إن أعضاء في مجلسكم كانوا يرفضون الفكرة، فما الذي حصل الآن؟
– لم نرفض أي مشروع يحاول أن ينتظم الجهود العلمائية، ويوظف الطاقات والقدرات بطريقة أفضل، ولكن ما حدث أن بعض المحاولات التي انطلقت كانت محكومة سلفا بالفشل كون الأساليب التي اعتمدت تحمل كثيرا من الخلل، ولنا عليها ملاحظات وأوضحنا ذلك لبعض القائمين على تلك المحاولات، وهناك محاولة ضمت عددا كبيرا من العلماء وطلاب العلوم الدينية كانت تتحرك في الوقت الذي كنا نؤسس لمشروعنا، وتم لقاء مع الاخوة القائمين على تلك المحاولة وأبدوا استعدادهم لتجميد محاولتهم لصالح المشروع الذي تحركنا به، وفعلا انضم غالبيتهم إلى المجلس الاسلامي العلمائي، ثم إننا لا ننتظر أن مشروعا في هذا المستوى سيحظى بإجماع وتوافق كامل وهذه سنة الحياة، وسنة الحركة والعمل.


أسس مجلسكم بطريقة استثنائية خالفتم فيه المعهود في تشكيل التجمعات… فلماذا؟
– كانت لدينا قناعة تامة بأن الأسلوب الذي اعتمدناه هو الأسلوب الأفضل والأنجح لمشروع على هذا المستوى. لقد اعتمدنا الخطوات الآتية: 1- تشكيل لجنة لوضع النظام الداخلي تضم نخبة من العلماء الأفاضل، وانجزت هذه اللجنة مسودة النظام الداخلي من خلال جلسات جادة ومكثفة. 2- تم وضع قائمة باسماء كل العلماء ممن يتوافرون على الشروط والتي عولجت بدقة وهذه الشروط هي: أ- أن يكون داخلا في مرحلة السطوح من الدراسات الحوزوية. ب- أن يمتلك الكفاءة العملية اللازمة لقيامه بالدور المطلوب منه في المجلس. ج- أن يكون حسن السمعة مع الثقة عرفا وعدم الفسق الظاهر شرعا. د- أن يكون مواطنا وألا يكون مقيما إقامة دائمة في الخارج. هـ- ألا يقل عمره عن خمس وعشرين سنة. 3- تم اللقاء مع الاخوة المدونة اسماؤهم على دفعات لإعطاء اللقاء فاعليته وإنتاجيته وجديته، ومن خلال هذه اللقاءات عرضت مسودة النظام واستمع إلى بعض الملاحظات، وتم تعديل بعض المواد. 4 – كل الذين اقتنعوا بالمشروع دونت اسماؤهم في عضوية المجلس العلمائي. 5 – عقدت الجلسة التأسيسية للجمعية العمومية وتم إقرار النظام الداخلي، وكذلك انتخاب الهيئة المركزية. وينص النظام الداخلي بأن الجمعية العمومية لها الحق في إعادة النظر في مواد النظام بعد سنة كاملة، ونعتقد أن إعطاء سنة ضرورة من أجل التأكد من جدية الانتماء ومن أجل اكتشاف نقاط الضعف على الأرض.


ولكن اعتبرت وزارة الشئون الإسلامية المجلس العلمائي مخالفة دستورية وقانونية، أليس كذلك؟
– نلاحظ على ذلك: أولا: إذا كان الدستور والقانون يعتمدان الشريعة المقدسة مصدرا أسياسيا، فنحن في مشروعنا قد انطلقنا من هذا المصدر المقدس، فعملنا تعاون على البر والتقوى استجابة لنداء القرآن “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” “المائدة: 2″، وعملنا تأكيد لحضات الشريعة “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون” “آل عمران: 104”. فهذه الممارسة التي تنتظم عملنا والخاضعة للضوابط الشرعية مكفولة دستورا وقانونا. ثانيا: إن العرف القائم والذي تشكل عبر تاريخ طويل في إعطاء هذه الطائفة أو تلك الطائفة الحق في أن تمارس دورها في ترتيب شأنها الداخلي من دون حاجة إلى قرار رسمي، هذا العرف أصبح حالة صالحة لأن تقيد وتخصص اطلاقات وعمومات القانون ولا يصح أن نفسر القانون بعيدا عن هذا العرف المعترف به. ثالثا: إن الأديان والطوائف والمذاهب معترف بها في كل المواثيق الدولية، وهذا الاعتراف يعطيها الحق أن تمارس شعائرها، وأن تنظم أمورها الداخلية بما لا يضر بوحدة الوطن وأمنه واستقراره. رابعا: هل يصح لهذه الطائفة أو تلك الطائفة أن توكل أمر شئونها الخاصة الى غيرها سواء أكان هذا الغير جهازا رسميا أو غير رسمي.


ظهرت أصوات تنادي بأن مجلسكم الجديد يساهم في تفتيت الوحدة الوطنية، كونه يمثل مذهبا واحدا كيف تعلقون؟
– نرفض هذا الاتهام: أولا: أهداف المجلس توحيدية “المحافظة على وحدة المجتمع وخدمته” وخطاب المجلس خطاب توحيدي، وآليات عمله آليات توحيدية “أقرأوا النظام الداخلي” لتكتشفوا الدور التوحيدي الكبير لهذا المجلس. ثانيا: كلما تلاحمت وتماسكت الوحدات الداخلية في هذا الوطن أو ذاك كان ذلك أدعى لإنجاح مسار الوحدة الوطنية مادامت هذه الوحدات محكومة لأهداف وخطابات ووسائل توحيدية. ثالثا: هل أن التشكلات الداخلية “العمال/ الأطباء/ الطلاب… إلخ” من خلال نقابات خاصة أو جمعيات خاصة تضر بالوحدة الوطنية؟ ما يضر بالوحدة الوطنية أن تتحول هذه التشكلات والتجمعات إلى وجودات متنافية ومتصارعة.


وورد إشكال أيضا على مجلسكم بأنه يكرس المذهبية والطائفية فما هو تعليقكم؟
– هذه دعوة باطلة: أولا: القراءة في الأهداف والوسائل والخطاب تنتج قناعة واضحة بأن هذا المجلس لا يحمل نفسا طائفيا وإن تشكل في دائرة هذا المذهب. ثانيا: المجلس العلمائي محاولة لترتيب البيت الداخلي في مواجهة حالات الشتات والفوضى والتشظي ما يشكل خطوة جادة في طريق الوحدة الأشمل. إن وجود خطاب واحد لهذا المذهب أو ذاك أدعى للوحدة والتقارب، في حين يؤدي التشظي المذهبي ووجود ألف خطاب وخطاب إلى تعقيد حركة الحوار والتواصل والتقارب، وبرهن الواقع على صحة ذلك. فالتوحيد في الدائرة الأضيق يهيئ للتوحيد في الدائرة الأوسع بشرط أن تكون حركة التوحيد الأول في اتجاه حركة التوحيد الثانية. ثالثا: إننا ندعو بكل صدق وإخلاص إلى قيام مجلس علمائي أهلي في البحرين يضم علماء السنة والشيعة.


وما ردكم على الإشكالات التي وردت أيضا من أن المجلس يثير الفوضى الأمنية؟
– ما يقال بأن المجلس العلمائي يثير الفوضى الأمنية قول لا صدقية له: 1- المجلس العلمائي صمام أمان من التدهور الأمني، وليس مقادا للفوضى الأمنية. 2- المجلس العلمائي أكد في خططه وآليات عمله على التواصل مع المؤسسات الرسمية والأهلية ما يحقق الأهداف الإسلامية والوطنية الصالحة المشتركة. فالمجلس العلمائي لا يتجه إلى خلق صراع مع السلطة وإنما يؤكد على الحوار والتواصل واعتماد الأساليب والوسائل الشرعية في عمله… فلا مبرر لإثارة المخاوف الأمنية… جاء في خطبة الجمعة لرئيس المجلس الإسلامي العلمائي سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم وهو يناقش الإشكالية الأمنية: نحن غير مستعدين لأن نكون شرطيا للحكومة، ولكننا في الوقت نفسه لا يمكن أن نكون أداة شغب في وجه الحكومة، فنحن قوة موازنة إذا اقتضى الأمر، وتطلبت المنعطفات الخطيرة، وإن كان منطلقنا الأول وهمنا الأول هو خدمة هذا الدين والمجتمع.
 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى