آخر الأخبارشهر محرمملف شهر محرم

حديث الجمعة 614: وقفة (قراءة ومحاسبة) بعد موسم عاشوراء (1) – الاعتداءات المستمرَّة على كتاب الله

الموافق 10 أغسطس 2023 - التاريخ 22 محرم 1445 | مسجد الإمام الصَّادق (ع) بالقفول

وقفة (قراءة ومحاسبة) بعد موسم عاشوراء (1)

 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياء والمرسلين مُحمَّدٍ وآلِهِ الهُداةِ الميامين.

السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

 

موسمٌ استثنائيٌّ

وهكذا انتهى موسم عاشوراء بكلِّ شعائره ومراسيمه، هذا الموسم الذي تجذَّر في التَّاريخ رغم كلِّ التَّحدِّيات، ورغم كلِّ المعوِّقات مستقطبًا كلَّ القدرات والطَّاقات.

استقطب شيوخًا، کھولًا، شبابًا، كبارًا صغارًا، رجالًا نساءً، وحتَّى الرُّضَّع فينا يتنفَّسون نفحاتِ عاشوراء الحُسين، وعاشوراء كربلاء.

هكذا عشنا معظِّمين لشعائر هي من شعائر الله {… وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} (سورة الحجُّ: الآية 32). 

وقال إمامنا الصَّادق (عليه السَّلام): «أحيوا أمرنا رحم الله مَن أحيا أمرنا». (الحرُّ العاملي: هداية الأمَّة إلى أحكام الأئمَّة (ع) 5/137، (استحباب الاجتماع وإحياء أمر الأئمَّة (ع))، ح 860)

 

وقفة (قراءة ومحاسبة) بعد كلِّ موسم

وبعد كلِّ موسم عاشوراء مطلوبٌ وقفةُ قراءةٍ ومحاسبة لهذا الموسم؛ فيما هي (الإيجابيَّات) وفيما هي (السَّلبيَّات)، لـ: 

1- الخطاب العاشورائي

2- الإدارات 

3- الجمهور العاشورائيِّ

 

دور الخطاب العاشورائي

أوَّلُ عناوين هذا الموسم (الخطاب العاشورائيُّ)

خطاب المنبر، خطاب الموكب، خطاب الفعَّاليَّات. 

نثمِّن الدَّور الكبير لخطابِ عاشوراء.

 

أهداف الخطاب المركزيَّة

وتمثَّل هذا الدَّور في إنتاج هدفين مركزين: 

1- إنتاج الحزن العاشورائيِّ 

2- إنتاج الوعي العاشورائيِّ

 

الهدف الأوَّل: إنتاجُ الحُزنِ العاشورائيّ

فلا عاشوراء بلا حزن وبلا دموع.

فمن خلال الحُزنِ والدُّموع يتجذَّر العُشق العاشورائيُّ، والوهج العاشورائيُّ.

هناك مَنْ ينتقد دُموعَ عاشوراء، وحُزنَ عاشوراء! 

هؤلاءِ لم يتنسَّمُوا عُشقَ عاشُوراء. 

هؤلاءِ لم يمتلؤا بفاجعةِ عاشُوراء. 

هؤلاءِ لم يَذُوبُوا في مأساةِ عاشُوراء. 

هؤلاء لم يستحضروا مشاهِدَ عاشُوراء.

دمعة ذائبة في عشق الحُسين (عليه السَّلام) تبوِّء الإنسان في الجنَّة غُرفًا كما في حديث الإمام زين العابدين (عليه السَّلام). 

هؤلاء لم يستوعبوا جنايات عاشوراء، فلم تشهيد الدُّنيا جناياتٍ كجناياتِ عاشوراء، وكدماءِ عاشوراء، وكأحزانِ عاشوراء. 

وإذا كان استنطاق الحزن العاشورائيّ والدَّمعةِ العاشورائيَّة مطلوبٌ جدًّا جدًّا، فيجب أنْ تكون وسائل هذا الاستنطاق تتناسب مع قيمِ عاشوراء الكبرى، ومع أهداف عاشوراء، وأنْ لا تمسَّ عنوانَ الصُّمود والإباء، وعنوان العزَّة والكرامة. 

فدموعُ عاشوراء ليست دموعَ ذِلّةٍ وهَوَان. 

ودموعُ عاشوراء ليست دموعَ ضعفٍ وانهزام.

دموعُ عاشوراء تصنعُ إباءً، صمودًا، عَزْمًا، إرادةً، قوَّةً، ثباتًا، عِزَّةً، كرامة.

فأمَّةٌ تنتمي إلى عاشوراءِ الحُسين (عليه السَّلام) أُمَّةٌ كبيرةً في أهدافها، في شموخها، في عنفوانها، في إرادتها، في كلِّ وجودها، فعاشوراء عنوان العِزَّة والإباء.

وحينما نتحدَّث عن الشُّموخ، وعن العُنفوان، وعن الإرادة، وعن المواقف، لا نتحدَّث عن عنفٍ، وتطرَّفٍ، وإرهاب.

عاشوراء بكلِّ مآسيها وفجائعها ودمائها هي نتاجُ عنفٍ، هي نتاجُ تطرُّفٍ، هي نتاجُ إرهابٍ. 

كان شعار الإمام الحُسين (عليه السَّلام) هو (الإصلاح). 

كان شعارُهُ (الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر).

كان شعاره (أنْ يسير بسيرة جدِّهِ المصطفى، وبسيرة أبيه عليٍّ المرتضى). 

فواجهوه بشعار العُنف. 

وواجهوه بشعار التَّطرُّف.

وواجهوه بشعار الإرهاب.

فكم هو الفارق كبير وكبير جدًّا بين الشِّعارين، شعار الإمام الحُسين (عليه السَّلام)، وشعار أعداء الحُسين (عليه السَّلام).

شعار الإمام الحُسين (عليه السَّلام) بقي عنوانًا لكلِّ أجيال الدُّنيا الباحثة عن القِيَم الكبرى، الباحثةِ عن العِزَّة والكرامة، الباحثةِ عن الخير والصَّلاح، الباحثةِ عن الحرِّيَّة والانعتاق، الباحثةِ عن الأمن والأمان، الباحثةِ عن الثَّباتِ والصُّمودِ، الباحثةِ عن الأملِ والطُّموح، الباحثةِ عن الإيمان والهُدى والحقِّ، وكلِّ مسارات الفضيلة.

هذا هو شعارُ الحُسين (عليه السَّلام)، وهذا هو شعارُ عُشَّاقِ الحُسين (عليه السَّلام). 

وأمَّا الشِّعار الآخر، شعارُ أعداءِ الحُسين (عليه السَّلام) فبقي عنوانًا لكلِّ أجيالِ الدُّنيا الباحثةِ عن القِيم الضَّالة، الباحثةِ عن الذِّلةِ والمَهانةِ، الباحثةِ عن الشَّرِّ والفسادِ، الباحثةِ عن العُنفِ والتَّطرُّفِ، الباحثةِ عن الهزيمة والانقهارِ، الباحثةِ عن الكفر والضَّلالِ والباطلِ، وكلِّ مسارات الرَّذيلة. 

وهكذا بقي الشّعاران شعار الحُسين (عليه السَّلام) وشعار أعداء الحُسين (عليه السَّلام) في صراع دائم عبر كلِّ مسارات التَّاريخ، وعبر كلِّ مسارات الأجيال.

وهكذا تشكَّلَ منهجانِ ومَسَارانِ وخطَّان. 

ولا أتحدَّثُ هنا عن انتماءات مذهبيَّة، فالإمام الحُسين (عليه السَّلام) ليس لطائفةٍ أو لمذهب، بل هو لكلِّ الطَّوائف، لكلِّ المذاهب، بل هو لكلِّ العالم، ولكلِّ الإنسانيَّة.

فمطلوبٌ مِن كلِّ المسلمين بكلِّ مذاهبهم أنْ ينفتحوا على عاشوراء الحُسين (عليه السَّلام)، معتمدين أيَّ أسلوب مشروع في إحياء هذه المناسبة، بل مطلوب مِن كلِّ دعاة الحرِّيَّة والعِزَّة والكرامة في العالم أنْ يترسَّموا مبادئ عاشوراء، وقِيَم عاشوراء، وممَّا يؤسف له أنَّ أغلب وسائل الإعلام في بلدان المسلمين ليس لها أيُّ حضورٍ في هذه المناسبة الكبرى، وفي هذه الفاجعة العظمى؟!

 

الهدف الثَّاني: إنتاج الوعي العاشورائيُّ

الهدف المركزيِ الثَّاني لخطاب عاشوراء هو: إنتاج الوعي العاشورائيُّ 

وهنا نثمِّن لمنبرنا العاشورائيِّ دوره الكبير في إنتاج (الوعي)، وفي صنع (البصيرة)، بل ونفخر بمنابر مَثَّلتْ مستوياتٍ راقيةً في طرحها العلميِّ والثَّقافي، وبأساليبَ راقيةٍ، وبلغةٍ متطوِّرةٍ. 

نتمنَّى أنْ نجد أكبر كَمٍّ من المنابرِ النَّوعيَّةِ والكفوءَةِ، والقادرةِ أنْ ترتقي بالخطاب العاشورائيِّ بما يتناسب مع ضروراتِ هذه المرحلةِ بكلِّ تحدِّياتِها الكبيرة، وبكلِّ خياراتِها المتعدِّدة، وبكلِّ ضروراتِها المتنوِّعة.

 

تطويرُ أسلوبِ ولغة ومضامين الخطاب العاشورائي

تطويرُ أسلوبِ الخطاب: خطابِ المنبر، وخطابِ الموكب، وخطاب الموسم، مطلوبٌ جدًّا.

وكذلك تطويرُ لغةِ الخطاب مطلوبٌ جدًّا. 

وتطويرُ مضامينِ الخطاب، ومعالجاتِ الخطابِ مطلوبٌ جدًّا.

وهذا يفرض أنْ تنشط وتتطوَّر وترتقي (أساليب الإعداد الخطابيِّ).

إعداد منابر، إعداد رواديد، إعداد قدرات عاشورائيَّة، بما يتناسب مع ضرورات المرحلة، وبما يتناسب مع تحدِّيات العصر، وبما يتناسب مع حاجات الأجيال.

عجز الخطاب العاشورائيِّ، وغياب الخطاب العاشورائيِّ عن متابعة ضروراتِ المرحلة، وتحدِّيات العصر، وحاجات الأجيال يضع الخطاب متخلِّفًا ومعزولًا عن حركة الواقع بكلِّ امتداداته وحاجاته. 

 

ملاحظات حول خطابنا العاشورائيِّ

وهنا أضع بعض ملاحظات حول خطابنا العاشورائيِّ، وكلِّي احترام وتقدير لحَمَلة هذا الخطاب، وما يبذلون مِن جهدٍ كبيرٍ في خدمة الإمام الحُسين (عليه السَّلام)، وفي خدمةِ أهداف عاشوراء.

 

الملاحظة الأولى: نقص دراسات السِّيرة

يبدو مِن خلالِ متابعة مسار الخطاب العاشورائىِّ أنَّ هناك بعض النَّقص في (الدِّراسات المتعلِّقة بالسِّيرة).

 رُبَّما يوجد شيئ مِن السَّرد التَّاريخيّ، إلَّا أنَّ ما أعنيه هو الحاجة إلى (الدِّراسات التَّاريخيَّة) لمواجهة بعض الإشكالات، ولصناعة ذهنيَّة منفتحة على عاشوراء في كلِّ مراحلها.

1- المرحلة التي سبقت عاشوراء 

2- المرحلة التي عاصرت عاشوراء 

3- المرحلة التي جاءت بعد عاشوراء

ولا تُفهم عاشوراء فهمًا متكاملًا ما لم تُقرأ هذه المراحل بشكلٍ متكامل.

المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل عاشوراء

تؤسِّس لمبرِّرات انطلاق الثَّورة الحُسينيَّة، المبرِّرات الموضوعيَّة التي تشكَّلت وحتَّمت ضرورة هذه النَّهضة المباركة. 

لا زالت هذه المبرِّرات في حاجة إلى مزيد من الدِّراسة، رغم أنَّ الحُسين (عليه السَّلام) إمامٌ معصوم فمبرِّرات نهضته معصومة بلا إشكال. 

إلَّا أنَّ هذا لا يمنع أنْ تُقرأ هذه النَّهضة، وهذه الثَّورة وِفْق (المعايير الموضوعيَّة) في مواجهة الإشكالات التي رُبَّما تُنتجها الذِّهنيَّة التي لا تؤمن بعصمة الثَّورة، وبعصمة كلِّ منطلقاتها وأهدافها.

 

المرحلة الثَّانية: مرحلة عاشوراء بكلِّ أحداثها وتفاصيلها الموثَّقة 

وهنا يتحمَّل الخطاب مسؤوليَّة كبرى في عرض وقائع عاشوراء عرضًا مُوثَّقًا وسليمًا، وهنا الخشية أن يجنح خطابُ المنبر إلى (مرويَّات) فيها الكثير مِن التَّأمُّل والتَّحفُّظ، بهدف الإبكاء وإنتاج الدَّمعة. 

هذا الهدف مطلوبٌ جدًّا، ما دامت الوسيلة لا تتنافى مع القِيم الكبرى لعاشوراء، وإنْ كان كلُّ مقطعٍ مِن أحداث كربلاء قادرٌ أنْ يملأ القلوبَ أسىً وحُزنًا، ويفجِّر العيون دموعًا وعبرات.

 

المرحلة الثَّالثة: مرحلة ما بعد عاشوراء 

هذه المرحلة لها أهمِّيتها وقيمتها الكبرى. 

ويلاحظ أنَّ هذه المرحلة لا تَحظى باهتمام خطاب المنبر في الكثير من تفاصيلها، نستثني بعض تفاصيل ما حدث لسبايا عاشوراء، فهي محل اهتمام خطاب المنبر. 

إنَّ قراءة هذه المرحلة لها أهميَّتها العظمى بكلِّ أحداثها الثَّقافية والرُّوحيَّة والاجتماعيَّة والسَّياسيَّة، وهنا الضَّرورة أنْ تُدرس الثَّورات التي انطلقت بكلِّ تنوُّعاتها في الأهداف والولاءات، ومدى علاقتها بمنطلقات عاشوراء وقيم كربلاء، وماذا كان موقف الأئمة (عليهم السَّلام) من هذه الثَّورات؟ 

لنا حديث أكثر تفصيلًا حول هذه المسألة.

 

الملاحظة الثَّانية: هناك منهجان في الطَّرح المنبريِّ

المنهج الأوَّل: الانطلاق من خارج كربلاء

أن ينطلقَ الخطابُ المنبريُّ من آيةٍ قرآنيَّة، أو نصٍّ نبويٍّ، أو كلمةٍ لأحد المعصومين (عليهم السَّلام)، ويتناول بحثًا علميًّا مستوعبًا في طرح منبريٍّ راقٍ، وفي نهاية الطَّرح يُعرِّج الخطابُ على كربلاء. 

المنهج الثَّاني: الانطلاق من كربلاء

أن ينطلقَ الخطابُ المنبريُّ من كربلاء. 

مثلًا يتحدَّث الخطابُ عن (الإصلاحِ)؛ فينطلق من كلمة الإمام الحسين (عليه السَّلام): «إنَّما خرجتُ لطلب الإصلاح …»، فيعالج الخطابُ (الإصلاحَ) بكلِّ مكوِّناته ومساراتِه. 

وهنا يأتي النَّصُّ القرآنيُّ والنَّبويُّ وما صدر عن المعصومين (عليهم السَّلام) داعمًا ومؤيِّدًا.

الطَّرح في المنهجين واحد، إلَّا أنَّ هناك فارقًا مهمًّا:

– في المنهج الأوَّل: (كربلاء تستلم المفاهيم) 

– وفي المنهج الثَّاني: (كربلاء تُعطي المفاهيم) 

فأيُّ المنهجين هو الأولى؟

أترك الأمر لأساتذة المنبر… 

لا بأس أن يُفتح حوار علمي جادٌّ حول هذه المسألة.

 

الملاحظة الثَّالثة: ظاهرة إعادة العشرات

ظاهرة إعادة العشرات أصبح لها حضور في أكثر المناطق، أصل الظَّاهرة لا تحفُّظ عليها، ولكن للتَّذكير فقط أكرِّر القول بضرورة توظيف هذا العشرات توظيفًا فاعلًا، وهنا أضع بعض نقاط: 

النقطة الأولى: النُّسخة العاشورائيَّة الأولى لها خصوصيَّتها فيما يتَّصل بتفاصيل مصرع الإمام الحسين (عليه السَّلام)، ومصارع شهداء كربلاء، والخطباء الأجلَّاء حفظهم الله ملتفتون إلى هذه الخصوصيَّة، وحُضَّار العشرات من المؤمنين يُدركون ذلك أيضًا، فلا نحتاج أن نكرِّر التَّأكيد على هذه المسألة، وعلى ضرورة الحفاظ على هذه النُّسخة العاشورائيَّة، فلا تتكرَّر ولا تُعاد في العشرات.

 

النقطة الثَّانية: لا زالت بعض التَّفاصيل حول أحداث عاشوراء في حاجة إلى مقاربة، وخاصَّة فيما يتَّصل بسيرة أنصار الإمام الحسين (عليه السَّلام)، فالعشرات فرصة مناسبة لمعالجة هذا الفراغ، فمنبر عاشوراء لا يتناول إلَّا عددًا محدودًا من الأنصار، فما أحوج أجيالنا العاشورائيَّة أنْ تطَّلِع على سيرة هؤلاء القمم الذين أصبحوا عناوين كبرى في دنيا البطولة والشَّهادة، واقتحموا التَّاريخ من أوسع أبوابه، وكانوا خالدين ما بقيت الدُّنيا، ولهم في الآخرة مقعدَ صدقٍ مع الحسين (عليه السَّلام). 

 

النقطة الثَّالثة: ما أعقب عاشوراء من تغيُّرات في السَّاحة الإسلاميَّة، على مستوى صناعةِ وعي الأمَّة

من جديد، وإنتاجِ روحِ الصُّمودِ، وتنشيطِ قِيَم الرِّسالة، وبعثِ إرادة الجهاد، والدَّفعِ في اتِّجاه الحَراكِ الثَّوري. 

هذه بعضُ متغيِّراتٍ في غاية الأهميَّة. 

فالحاجة كبيرة أن يُعالِج خطابُ المنبر هذا المقطع التَّاريخي بكلِّ متغيِّراته المفصليَّة. 

والعشرات فرصة كبيرة لمعالجة هذه المساحة التاريخيَّة بكلِّ متغيِّراتها الكبرى، وبكلِّ تفاعلاتها مع ثورة الإمام الحسين (عليه السَّلام)، وكم اقتربت أو ابتعدت عن أهداف كربلاء؟

 

النقطة الرَّابعة: قراءة أدوار الأئمَّة من أهل البيت (عليهم السَّلام) بعد عاشوراء في تأصيل أهداف ثورة الإمام الحسين مسألة في غاية الأهميَّة، فهل أعطى خطاب المنبر هذه المسألة اهتمامًا؟ 

وكم هي فرصة العشرات مناسبة جدًّا لمعالجة هذه المساحة.

ورُبَّما يتناول حديث جمعةٍ قادمٍ إنْ شاء الله هذا الموضوع، ويبقى دور المنبر مطلوبٌ جدًّا في معالجة هذه العنوان، فأجيالنا لا زالت تعيش فراغًا في فهم أدوار الأئمَّة من أهل البيت (عليهم السَّلام) في التَّعاطي مع عاشوراء، عاشوراء في كلِّ أبعادها الوجدانيَّة والفكريَّة والرُّوحيَّة والجهاديَّة، وبقدر ما يرتقي هذا الفهم يرتقي التَّعاطي مع عاشوراء، ويرتقي الحضور الفاعل لعاشوراء.

 

كلمة أخيرة: الاعتداءات المستمرَّة على كتاب الله  

لا زالت الاعتداءات الحمقاء على كتاب الله مستمرَّة وبكلِّ وقاحة، ولا زالت مواقف الأنظمة بحاجة إلى تصعيدٍ لتشكِّل ردعًا حقيقيًّا، فهذه الأنظمة تملك وسائل فاعلة ورادعة، إلَّا أنَّ هذه الوسائل معطَّلة أو لم تفعَّل بالقدر المطلوب.

نعم صرخات الشُّعوب هي المرتفعة، ولهذه الصَّرخات قيمتها، هكذا تبقى شعوبُنا حاضرة في كلِّ قضايا أمَّتنا، ومطلوب من الأنظمة أن تفتح المجال لكلِّ هذه الصَّرخات العاشقة لكتاب الله، والذَّائبة في حبِّ الله ما دامت صرخات رشيدة.

وكم هو الأثر كبيرٌ وفاعلٌ حينما تتآزر أدوار الأنظمة وصيحات الشُّعوب في الدِّفاع عن قرآننا، وديننا، ومبادئنا، وقِيَمنا، وعزَّتنا، وكرامتنا، هكذا تكون الأمَّة الحاضرة. 

والخشية كلُّ الخشية أن نكون كما قال نبيُّنا الأعظم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا. 

قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ 

قَالَ: أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ، تُنْتَزَعُ الْمَهَابَةُ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ، وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ …». (أحمد بن حنبل: مسند أحمد بن حنبل 37/82، ح22397) 

 

حمى الله أمَّة الإسلام وجعلها أمَّةَ عِزّةٍ وكرامة، وأمَّة قيم ومبادئ. 

 

وآخرُ دعوانا أنْ الحمد للهِ ربِّ العالمين.

وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّد الأنبياء والمرسلين.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى