الرسول الأكرم (ص)من وحي الذكريات

ماذا يريد منا رسول الله صلى الله عليه وآله في ذكرى مولده؟

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيبنا وقائدنا محمد وعلى آله الهداة الميامين


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أيها الأحبة:


 ·ماذا يريد منا رسول الله صلى الله عليه وآله في ذكرى مولده؟


لا يريد منا خطاباتٍ وكلمات، إذا كانت هذه الخطابات والكلمات استهلاكية لا تصب في الاتجاه الحقيقي لصياغة الأمة في خط الإسلام لا يريد منا عواطف وانفعالات، إذا كانت هذه العواطف والانفعالات لا تحمل وعي الانتماء إلى خط الرسالةوإذا كانت لا تختزن في داخلها المضمون الأصيل لفكر الإيمان.


 أيها الأحبة:


هذه الاحتفالات يجب أن تتوفر على خمسة عناصر أساسية:


العنصر الأول: الاستيعاب الواعي لمضامين وأهداف الذكرى.


العنصر الثاني: الانصهار الوجداني والعاطفي مع الذكرى في مضامينها وأهدافها.


العنصر الثالث: التجسيد العملي لتلك المضامين والأهداف.


العنصر الرابع: الصدق والإخلاص في التعاطي مع المضامين والأهداف..


العنصر الخامس: إعطاء المضامين والأهداف حركتها الفاعلة في كل الواقع الثقافي والروحي والاجتماعي والسياسي


 فمتى ما فقدت المعايشة لهذه الاحتفالات عنصر الوعي والنضج، كانت (( معايشةً بليدة )).


ومتى ما فقدت المعايشة عنصر الانصهار والعاطفة كانت معايشة (( جامدةً راكدةً جافةً )) لا تملك الحرارة والنبض والدفء.


ومتى ما فقدت المعايشة عنصر (( التجسيد والتطبيق والامتثال للعمل )) كانت معايشةً


(( شكليةً صوريةً فارغة )).


ومتى ما فقدت المعايشة عنصر الصدق والإخلاص، كانت معايشة (( كاذبةً منافقةً )).


ومتى ما فقدت المعايشة عنصر الحركة والعقل في كل الواقع كانت معايشة ذاتية منغلقة غير قادة على العطاء والتغيير.


 أيها الأحبة:


· ما هي الأهداف الأساسية لهذه الاحتفالات؟


يجب أن تحقق هذه الاحتفالات مجموعة أهداف:


الهدف الأول: أن ترسخ في الأمة أصالة الانتماء لتكون الأمة أقدر على مواجهة كل التحديات الثقافية والروحية والاجتماعية والسياسية في زحمة كل الصيغ والتيارات التي تحاول أن تسرق الهوية الإسلامية في هذه الأمة، وأن تصادر مضمونها العقيدي والفكري، وأن تسلب كل خزونها الروحي والأخلاقي.


 الهدف الثاني:أن تكون هذه الاحتفالات قوة فاعلة مغيرة في داخل الأمة، تتصدى لكل الانحرافات الفكرية والأخلاقية والعملية، وعلى كل المستويات الفردية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبذلك تساهم في تحصين المضمون الداخلي للأمة، وتعطيه القوة والصلابة، العمق والامتداد.


 الهدف الثالث:أن تخلق هذه الاحتفالات (( الصحوة الإسلامية )) عند جماهير الأمة، لأن غياب هذه الصحوة، يجعل الجماهير المسلمة عرضة لكل أنواع التضليل والاستلاب والمصادرة، ويجعل الجماهير المسلمة تسقط أمام كل أنواع الزيف الإعلامي والنفاق السياسي، والدجل الاجتماعي.


 الهدف الرابع: أن تنفتح هذه الاحتفالات على كل قضايا الأمة وهمومها، في الدائرة الثقافية والاجتماعية والسياسية، وأن لا تبقى تعيش الانغلاق في الدوائر الضيقة، والاهتمامات الصغيرة، والمعالجات التجريدية الباهتة…


يراد لهذه الاحتفالات أن تنطلق في الآفاق الكبيرة الواسعة، لتقتحم كل قضايا العصر وتحديات المرحلة، ومتغيرات الواقع.


 الهدف الخامس: من الأهداف الكبرى لهذه الاحتفالات أن تساهم في إنجاح (( مشروع الوحدة الإسلامية )) هذا المشروع الذي يشكل ضرورة تفرضها تحديات المواجهة والصراع مع القوى الاستكبارية في العالم والتي تحاول أن تصادر كل الوجود الثقافي والاقتصادي والسياسي والأمني والعسكري لهذه الأمة.


 أيها الأحبة:


في ضوء هذا الفهم لهذه الاحتفالات، نعود مرة ثانية للسؤال المطروح… .


·  ماذا يريد منا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذكرى مولده.


يريد منا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نكون مسلمين فكراً وقلباً وسلوكاً وحركةً أن نكون مسلمين حقيقيين.


رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذكرى مولده يخاطب الأمة الإسلامية بكل فصائلها ومواقعها:


 أولاً:الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ذكرى مولده يخاطب (( القادة والحكام ))….


 أيها القادة والحكام:


كل مقدسات الأمة بيدكم: الإسلام، الدين، الشريعة، القرآن، القيم، الحق، العدالة، الكرامة، فهل أنتم أمناء على هذه المقدسات والمقدرات.


إنكم تتحملون المسؤولية الأولى في ضياع الإسلام، وانحسار الدين، وتعطيل الشريعة، وهجران القرآن، وانهيار القيم والأخلاق، وانتشار الفساد، وغياب الحق والعدل والكرامة.


 أيها القادة والحكام:


كل المشروعات المناهضة للإسلام ثقافياً وأخلاقياً واجتماعياَ، وسياسياً، في مجتمعات المسلمين، سوف تساءلون عنها يوم القيامة.


 فما هو جوابكم أيها القادة والحكام..


ثانياَ:الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ذكرى مولده يخاطب (( علماء المسلمين ))


يا علماء أمتي أنتم حملة الإسلام، فماذا قدمتم للإسلام:


الإسلام يواجه خطراًَ كبيراً في الداخل والخارج، القوى المعادية للإسلام تتحرك بقوة لمحاصرة الإسلام، الكيانات السياسية المنحرفة تخطط لإلغاء الإسلام، الاستكبار العالمي أعلن حربة الظالمة ضد الإسلام، التيارات الضالة في داخل الأمة تجاهر العداء للإسلام.


فما هو موقفكم في مواجهة هذا الخطر الذي يهدد الإسلام….؟
ما هو دوركم في هذه المرحلة الصعبة المملوءة بكل التحديات القاسية؟


هل استنفرتم كل إمكاناتكم العلمية والفكرية والروحية والاجتماعية والسياسية في خدمة الإسلام؟


هل وحدتم كلمتكم، ومواقفكم، وجهادكم، وقد اصطفت كل القوى لمحاربة الإسلام والدين والقيم..


 يا علماء أمتي:


هل طالبتم بتطبيق الشريعة الإسلامية في مجتمعات المسلمين هذه المجتمعات التي آمنت بالإسلام عقيدةً ونظاماً.


هل أعلنتم الرفض لكل الأنظمة والقوانين الخارجة عن الإسلام.


 يا علماء أمتي:


هل تواجهون (( المنكرات )) و (( البدع )) وكل (( الانحرافات )) الأخلاقية والثقافية والاجتماعية والسياسية.


ألم يبلغكم حديثي:


(( إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، وإلا فعليه لعنة الله والملائكة أجمعين ))


البدع الفكرية، والبدع الأخلاقية، والبدع الاجتماعية، والبدع السياسية.


يا علماء أمتي:


لماذا تركتم قضايا الأمة الكبرى وانشغلتم بالأمور الصغيرة، والأمور التافهة…؟


لماذا تثيرون الفتن والصراعات بين الناس؟


لماذا هذه الكتابات والخطابات المشحونة بالسباب والشتائم والتفكير؟


لماذا لا تمارسون دوركم في توحيد صفوف الأمة؟


ما هو دوركم في مواجهة المبادئ الكافرة، والتيارات الضالة التي تشكل خطراً على الإسلام؟


 أيها العلماء:


هل أنتم القدوة والمثل في التقوى والورع، والخلق، والجهاد، والعطاء.؟


هل تعيشون هموم البائسين والمحرومين؟


هل تطالبون بحقوق المستضعفين؟


يا علماء أمتي:


هل قمتم بواجبكم في توعية الأمة وتثقيفها، وتربيتها روحياً وأخلاقياً وتوجهها اجتماعياً، واقتصادياً وسياسياً….


 فما هو جوابكم أيها العلماء؟
ثالثاً:


الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ذكرى مولده يخاطب (( المثقفين )) .


لماذا لا توظفون طاقاتكم العلمية والثقافية والأدبية في خدمة الإسلام؟


لماذا أنحرف بعضكم عن خط الإسلام، وأصبح يشكل تياراً ثقافياً وسياسياً مناقضاً للإسلام ولمبادئه وقيمه؟


لماذا خدعتكم بهرجات الغرب الرأسمالي، وهرطقات الشرف الشيوعي، لقد أنتهت هلوسات الشيوعية وسقطت مقولاتها وتضليلاتها.


وسوف تسقط مقولات الرأسمالية، وبهرجاتها الكاذبة، وغطرستها الزائفة وسوف تنتهي كل الأيديولوجيات الكافرة والمنحرفة.


والمستقبل للإسلام(( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ))


(( ونريد أن نمن على الذي استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ))


أيها المثقفون الذين ابتعدوا عن الإسلام، عودوا إلى أحضان الإسلام، واخلعوا عن أنفسكم كل الانتماءات الزائفة.


أيها المثقفون المنتمون إلى الإسلام.


هل تملكون ثقافة التحدي والمواجهة؟


هل تملكون ثقافة الإبداع والتغيير؟  


هل تملكون ثقافة الرفض لكل الواقع الفاسد؟


هل تملكون ثقافة الانتماء الواعي؟


هل تملكون ثقافة العقل والروح والعمل؟


هل تملكون ثقافة الدين والحياة والسياسة؟


وما هو جوابكم أيها المثقفون؟


رابعاً:


الرسول صلى الله عليه وآله في ذكرى مولده يخاطب (( الشباب ))
لماذا تركتم أصالتكم وارتميتم في أحضان الغرب والشرق؟


لماذا وجد فيكم المنحرفون فكرياً وثقافياً؟
لماذا وجد فيكم المنحرفون أخلاقياً وسلوكياً.


لماذا وجد فيكم المنحرفون اجتماعياً وسياسياً.


لماذا وجد فيكم الخاملون الكسالى.


لماذا وجد فيكم المداهنون للباطل.


يا شباب أمتي:


إني أريدكم شباباً مؤمناً.


إني أريدكم شباباً واعياً.


إني أريدكم شباباً ملتزماً.


إني أريدكم شباباً رسالياً


إني أريدكم شباباً مجاهداً.


يا شباب أمتي:


(( يأتي في آخر الزمان اخوة لي فمن أدركهم فليبلغهم سلامي ))


(( انهم يأتون في زمان قد انحرف الناس فيه عن الدين ، فيقبضون على دينهم ، ويجاهدون من اجل شريعتي أولئك اخوتي فمن أدركهم فليبلغهم سلامي ))


فما هو جوابكم أيها الشباب ؟


خامسا :


الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ذكرى مولده يخاطب (( النساء )) .


1.     يخاطب النساء المتغربات.


(( يأتي في آخر الزمان نساء عاريات كاسيات، متبرجات، عن الدين خارجات، وإلى اللذات مسارعات، في جهنم خالدات…. ))


أيها النساء المتغربات:


لماذا هذا الانسلاخ عن الهوية الإسلامية؟


لماذا هذه الاستعارة للهويات الأخرى الممسوخة؟


لماذا هذا الارتماء في أحضان الأفكار والأخلاق، والعادات، والأزياء الوافدة من دول الكفر؟


لماذا هذا الانبهار بحضارة الزيف والهبوط والانحلال…؟


لماذا هذا السقوط في حبائل التغريب الشيطانية:


مناهج التغريب..


برامج التغريب


إعلام التغريب.


ثقافة التغريب..


مؤسسات التغريب..


– فما هو جوابكن أيتها النساء المتغربات.


2.     ويخاطب النساء الجامدات المتخلفات لماذا هذا الجمود والانغلاق والتخلف؟


المرأة – كما الرجل – تتحمل مسؤولية الإسلام، مسؤولية الدعوة إلى الله، مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.


القرآن يقول:


(( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ))


ويقول:


(( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر ))


ويقول:


(( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إني من المسلمين…. ))


هذه خطابات عامة لا تخص الرجال وحدهم، إنها خطابات للمرأة كما هي خطابات للرجل.


فهل تمارس المرأة دورها كما أراد لها الإسلام؟


في الدعوة إلى الله.


في مواجهة الفساد والانحراف.


في التثقيف والتوعية…


في التربية والتوجيه..


في الرعاية الاجتماعية..


في الممارسة السياسية…


3.     ويخاطب النساء المؤمنات الواعيات العاملات:


يا نساء أمتي المجاهدات.


بورك فيكن الإيمان الصادق.


وبورك فيكن الوعي الناضج.


وبورك فيكن الالتزام والاستقامة.


وبورك فيكن الثبات والصمود في مواجهة كل التحديات:


تحديات الأسر المنحرفة


تحديات الأعراف الاجتماعية الفاسدة.


تحديات الإعلام المضلل


تحديات الثقافة الفاسقة


تحديات الأزياء الرخيصة الهابطة…


تحديات كل الواقع البعيد عن الله تعالى وبورك فيكن الصبر والتحمل في زحمة المعانات الصعبة القاسية…


وبورك فيكن الجهاد الدائم في خط الإسلام دعوةً، وتثقيفاً، وتربيةً، ونشاطاً اجتماعياً، وحركةً دؤوبة معطاءة، وعزيمة صلبة لا تعرف الضعف والتراجع والانهزام، وطموحاً كبيراً مفتوحاً على كل آفاق الحاضر والمستقبل.


سادساً:


وأخيراً الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ذكرى مولده يخاطب كل المسلمين…


أيها المسلمون:


إذا أردتم العزة.


وأردتم الكرامة


وأردتم الحرية.


وأردتم القوة.


وأردتم الانتصار


وأردتم السعادة.


وأردتم الرفاه.


وأردتم الاستقرار


وأردتم الأمن.


فعليكم بالإسلام، بالقرآن، بالجهاد


أيها المسلمون:


هل أنتم اليوم تملكون موقفاً حضارياً متميزاً..؟


هل تشكلون رقماً صعباً في معادلات السياسة العالمية؟


هل تملكون قراركم السياسي والأمني والاقتصادي والعسكري؟


هل تملكون أرضكم وبحاركم وسماءكم ونفطكم وثرواتكم؟


لقد تجاوز عددكم المليار….


لماذا تمرغ كرامتكم عصابة من الصهاينة؟


لماذا تدنس قدسكم أولى القبلتين وثالث الحرمين…؟


لماذا تذبح أطفالكم.؟..


لماذا تنتهك أعراضكم؟


لماذا.؟. لماذا؟


(( لقد تداعت عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها ))


(( ولم تكن عن قلة ))


(( فأنتم مليار مسلم وتزيدون ))


(( ولكنكم غثاء كغثاء السيل ))


(( يجعل الوهن في قلوبكم من حبكم في الدنيا وكراهيتكم الموت ))


هكذا يخاطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن نحتفل بذكرى مولده


وهكذا يريدنا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن نحتفل بذكرى مولده، أن نكون معه فكراً، وروحاً، وعملاً، وجهاداً


·         (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار، رحماء بينهم، تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله، سيماهم في وجوههم من أثر السجود…. ))


من هم الذين مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟


 ليس المقصود المعية الزمانية والمكانية فقط،وليس مجرد الانتساب إلى الإسلام،ملامح هامة يرسمها لنا هذا النص القرآني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى