الصديقة فاطمة الزهراء (ع)من وحي الذكريات

كلمة سماحة العلاّمة الغريفي بمناسبة مولد الزهراء (ع)

هذه الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، قد تمَّ بثُّها في يوم الثُّلاثاء (ليلة الأربعاء) بتاريخ: 19 جمادى الآخرة 1442هـ، الموافق 2 فبراير 2021 م، وذلك بمناسبة ميلاد الصِّدِّيقة فاطمة الزَّهراء (عليها السَّلام)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.

أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الغويِّ الرَّجيم.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلوات على سيِّدِ الأنبياء والمرسلين سيِّدنا ونبيِّنا وحبيبنا وقائدنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الطَّيبين الطَّاهرين.
السَّلام عليكم أيُّها الأحبَّة جميعًا ورحمة الله وبركاته.
في ذكرى ولادة الصِّدِّيقة الزَّهراء (سلام الله عليها)

1)الموسمان المركزيَّان للصِّديقة الزَّهراء (عليها السَّلام)
للصِّديقة الزَّهراء (عليها السَّلام) في الواقع الشِّيعيِّ موسمان مركزيَّان:
الموسم الأوَّل: موسم للفرح في ذِكرى الولادة.
الموسم الثَّاني: موسم للحزن في ذِكرى الشَّهادة.
في هذين الموسمين ينشط الحديث عن الصِّديقة الزَّهراء (عليها السَّلام)، وهذا لا يعني أنْ نعطِّل الحديث عن الصِّديقة الزَّهراء (عليها السَّلام) في بقيَّة مساحات السَّنَة.
الحديث عن الزَّهراء (عليها السَّلام) مطلوبٌ أنْ يتحرَّك في كلِّ الأزمنة، وفي كلِّ الأوقات.
نعم، في هذين الموسمين يتمركز الحديث، وحينما نقول يتمركز، أي: نكثِّف الحديث، ونبرمج الحديث، ونوسِّع الحديث عن الصِّديقة الزَّهراء (عليها السَّلام).

2)قيمة مَوْسِمي ولادة وشهادة الزَّهراء (عليها السَّلام)
هذان الموسمان – موسم الولادة، وموسم الشَّهادة – لهما قيمة كبيرة، وقيمة هذين الموسمين ليس في (كمِّ الأيَّام)، أنْ نحتفل في ذِكرى الولادة بعدد من الأيَّام، أو نعيش ذِكرى الشَّهادة عددًا كبيرًا من الأيَّام، القيمة ليس في هذا الكمِّ من الأيَّام، وإنْ كان للكمِّ قيمة إذا وُظِّف توظيفًا حقيقيًّا، لكنَّ القيمة الحقيقيَّة ليست في كمِّ الأيَّام، بأنْ نعيش عشرة أيَّام في موسم الولادة، أو عشرة أيَّام في موسم الشَّهادة، لا، ليس الكمُّ هو القِيمة!
وإنَّما القيمة في (مستوى العطاء)، كم نعطي في هذا الموسم؟
كم نقدِّم عن الزَّهراء (عليها السَّلام) في موسم الولادة، أو في موسم الشَّهادة؟
هنا السُّؤال الأصعب!
هنا النقطة المركزيَّة.
هنا الضَّابط الحقيقيُّ لتقييم الموسم.
إذن، ليس في كمِّ الأيَّام تأتي قيمة هذين الموسمين، وإنَّما في مستوى العطاء، كم نعطي؟

وحينما أقول في مستوى العطاء أقصد:
أوَّلًا: العطاءَ الثَّقافيَّ
كم نقدِّم من ثقافة حول الزَّهراء (عليها السَّلام)؟
كم يقدِّم خطابنا في هذين الموسمين من وعيٍ فكريٍّ ثقافيٍ، ومن مفاهيم حول الصِّديقة الزَّهراء (عليها السَّلام)؟
هناك نضوب فكريٌّ، أم هناك ثراء فكريٌّ؟
إذا ملأنا هذين الموسمين بوعيٍ ثقافيٍّ، بثراء فكريٍّ، بمفاهيم، بمضامين كبرى عن الصِّديقة الزَّهراء (عليها السَّلام)، كان الموسم حقيقيًّا، وكان للموسم قيمة.
إذن، حينما أقول في مستوى العطاء: هذا المعيار الذي من خلاله نقيِّم الموسم، أقصد بالعطاء الثَّقافيِّ، هذا أوَّلًا.

ثانيًا: العطاءَ الرُّوحيَّ
إذا كان العطاء الثَّقافيُّ يصنع العقل، ويصنع الفكر، ويصنع المفاهيم، فإنَّ العطاء الرُّوحيَّ هو صناعة الرُّوح، صناعة الوجدان، صناعة الضَّمير.
كم في موسم الزَّهراء (عليها السَّلام) صنعنا أرواحًا إيمانيَّة؟
كما نصنع عقولًا إيمانيَّة مطلوبٌ في موسم الزَّهراء (عليها السَّلام) ومن خلال مدرسة الصِّديقة الزَّهراء أنْ نصنع وجدان الأجيال، وجدان النَّاس، كما الزَّهراء (عليها السَّلام) عطاء فكريٌّ وثقافيٌّ، الزَّهراء (عليها السَّلام) عطاءٌ روحيٌّ، وعطاءٌ وجدانيٌّ.
هنا أيضًا معيار آخر مهمٌّ في تقييم الموسم، كما نقيِّم الموسم من خلال مستوى العطاء الثَّقافيِّ، نقيِّم الموسم من خلال مستوى العطاء الرُّوحيِّ الذي يصنع الوجدان، يصنع الإخلاص، يصنع الذَّوبان والانصهار مع الله سبحانه وتعالى، ومع خطِّ الزَّهراء (عليها السَّلام)، وخطِّ الأئمَّة الأطهار (عليهم السَّلام).

ثالثًا: العطاءَ الأخلاقيَّ
1- عطاء ثقافيٌّ 2- عطاء روحيٌّ 3- عطاء أخلاقيٌّ
العطاء الأخلاقيُّ: هو العطاء الذي يهذِّب السُّلوك، ويمنهج سلوك الإنسان الأخلاقيَّ، في الصِّدق، في الأمانة، في النُّبل، في الطُّهر، هذا عطاء أخلاقيٌّ.

رابعًا: العطاءَ السُّلوكيَّ
هذا معيار رابع – أيضًا – من خلاله نقيِّم مستوى قيمة الموسم، كم يُعطي من عطاءات عمليَّة متحرِّكة في حياة النَّاس؟
كم يصنع حياة النَّاس؟
كم يصنع سلوك النَّاس؟
هل استطاع الموسم أنْ يُغيِّر سلوك النَّاس؟
أنْ يهذِّب سلوك النَّاسِ؟
أنْ يصنع التَّقوى في حياة النَّاس؟
هذا هو الموسم، هذا هو المطلوب.
كما نطلب من الموسم أنْ يصنع وعي النَّاس، وكما نطلب من الموسم أنْ يصنع رَوحانيَّة النَّاس، وكما نطلب من الموسم أنْ يصنع أخلاق النَّاس، نطلب من الموسم أنْ يصنع تقوى النَّاس، ورع النَّاس، انضباط النَّاس في سلوكهم الإيمانيِّ.

خامسًا: العطاءَ الاجتماعيَّ
كم هو عطاء الموسم الاجتماعيُّ؟
هل استطاع الموسم أنْ يخلق وضعًا اجتماعيًّا يمثِّل قِيَم الدِّين، وقِيَم الإسلام.
أنْ يربط بين القلوب.
وأنْ يصحِّح العلاقات الاجتماعيَّة.
هذا عطاء اجتماعيٌّ.

سادسًا: العطاءَ الرِّساليَّ
وهناك العطاء الرِّساليُّ.
هل استطاع الموسم أنْ يصنع روحًا رساليَّةً فاعلةً، هادفةً، معطيةً، آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر؟
هكذا نقيِّم الموسم.
إذن، حينما أقول القيمة في موسم الزَّهراء (عليها السَّلام) سواء موسم الولادة أم موسم الشَّهادة: القيمة ليس في كمِّ الأيَّام، وإنَّما في مستوى العطاء الثَّقافيِّ، والرُّوحيِّ، والأخلاقيِّ، والسُّلوكيِّ، والاجتماعيِّ، والرِّساليِّ.

3)ماذا يعني أنْ نفرح، وأنْ نحزن؟
نحن في موسم الولادة، أو نحن في موسم الشَّهادة، مطلوبٌ أنْ نفرح، وأنْ نحزن.
في موسم الولادة نفرح، وفي موسم الشَّهادة نحزن.
«…، يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، …» (الخصال، الصفحة 635، الشَّيخ الصَّدوق).
هذا الحديث ومفهوم الفرح، ومفهوم الحزن.
هناك فهم بسيط لهذا المدلول.
ما معنى «…، يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، …»؟
ماذا يعني أنْ نفرح في ذِكرى ولادة الزَّهراء (عليها السَّلام)؟
وماذا يعني أنْ نحزن في ذِكرى شهادة الزَّهراء (عليها السَّلام)؟
كذلك في ذِكرى مواليد الأئمَّة (عليهم السَّلام) نفرح، وفي شهاداتهم نحزن.
ماذا يعني هذا الفرح؟، وماذا يعني هذا الحزن؟
أ‌-الفهم البسيط لمعنى الفرح والحزن
هناك فهم بسيط لمدلول الفرح، ولمدلول الحزن.
الفهم البسيط أنْ أَنْشَرِح، أرتاح، عواطفي النَّفسيَّة تنفتح، هذا فرح.
والحزن أنْ أعيش درجة من الانقباض النَّفسيِّ، والألم، هذا حزن.
هذا فهم، هذا مطلوب، لكن هذا فهم بسيط لمعنى الفرح، ولمعنى الحزن.
ب‌- الفهم العميق لمعنى الفرح والحزن
هناك المعنى الأعمق الأعمق لمعنى: «…، يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، …» (الخصال، الصفحة 635، الشَّيخ الصَّدوق).

من تطبيقات هذا الفهم العميق
أوضِّح الفكرة – الفرح له مدلول أعمق، والحزن له مدلول أعمق – من خلال عناوين معيَّنة:
1-الفرح الإيمانيُّ، والحزن الإيمانيُّ
ماذا معنى الفرح الإيمانيُّ، والحزن الإيمانيُّ؟
الفرح الإيماني: أنْ نفرح كلَّما قوي الإيمان وانتصر الحقُّ على الباطل.
هذا فرح، نسمِّيه فرحًا إيمانيًّا، إذا وجدنا الإيمان قد انتصر، الإيمان قد قَوِي، الإيمان قد تمركز في وعي النَّاس، وفي حياة النَّاس نفرح، هذا فرح نسمِّيه فرحًا إيمانيًّا.
وإذا رأينا الإيمان يضمر، ورأينا الباطل ينتصر على الحقِّ، ورأينا الضَّلال ينتشر، نحزن، ونتألَّم، هذا حزن إيمانيٌّ، هذا أكبر من الحزن المشاعريِّ البسيط العاطفيِّ.
نريد أنْ نعيش في ذِكرى ولادة الزَّهراء (عليها السَّلام) فرحًا إيمانيًّا، نفرح إذا وجدنا الإيمان يقوى، وينتصر، ووجدنا الباطل يندحر وينهزم، هنا نفرح، ونحزن إذا كان العكس.
هذا فرح نسمِّيه فرحًا إيمانيًّا.

2-الفرح الرُّوحيُّ والحزن الرُّوحيُّ
ما معنى الفرح الرُّوحيِّ والحزن الرُّوحيِّ؟
حينما نعيش لذَّة العبادة هذا فرح روحيٌّ، نعيش لذَّة الصَّلاة، لذَّة الدُّعاء، لذَّة الذِّكر، لذَّة التِّلاوة القرآنيَّة، هذا الشُّعور هو فرح، لكنَّه فرح روحيٌّ، يملأ الرُّوح، يملأ القلب، يملأ الوجدان.
حينما أعيش إحساسًا بالجفاف الرُّوحيِّ، لا أعيش لذَّة العبادة، لذَّة الذِّكر والدُّعاء، لذَّة التِّلاوة القرآنيَّة، لذَّة العمل الذي يرقى بوجداني، هذا حزن روحيٌّ.
إذن، مطلوب أنْ ننتج فرحًا إيمانيًّا، وحزنًا إيمانيًّا.

3-الفرح الأخلاقيُّ، والحزن الأخلاقيُّ
ما معنى الفرح الأخلاقيُّ، والحزن الأخلاقيُّ؟
حينما تنتصر الفضيلة على الرَّذيلة أفرح، هذا فرح أخلاقيٌّ، أخلاق الإيمان انتصرت، أخلاق الباطل انهزمت، هنا فرح، هذا فرح أُسمِّيه فرحًا أخلاقيًّا.
حينما يكون العكس، حينما أرى أخلاق الباطل انتصرت.
الرَّذيلة انتشرت.
الفضيلة ضمرت.
أحزن، أتألَّم، هذا حزن أخلاقيٌّ.
فحينما «…، يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، …»، الأئمَّة (عليهم السَّلام) يفرحون حينما تنتشر الفضيلة، ويحزنون حينما تنهزم الفضيلة، وتنتشر الرَّذيلة.
فإذا عشنا هذا الفرح الأخلاقيَّ، فنحن نفرح لفرحهم، ونحزن لحزنهم.
ماذا لو انتشرت الغِيبة، وانتشر الكذب، وانتشر النِّفاق هل نفرح أم نحزن؟
إذا كنَّا نفرح فإذًا نحن لا نعيش فرحًا أخلاقيًّا إيمانيًّا، أمَّا إذا كنَّا نحزن حينما تنتشر الظَّواهر الفاسدة: الغِيبة، الكذب، النَّميمة، البهتان، المفاسد الأخلاقيَّة.
حينما نمارس التَّقاطع، والتَّدابر، نحزن أم نفرح؟
إذا كنَّا نحزن.
إذًا، نحن نعيش حزنًا أخلاقيًّا.
إذا كنَّا نفرح، فنحن لا نعيش فرحًا، ولا حزنًا أخلاقيًّا.

4-الفرح التَّقوائيُّ، والحزن التَّقوائيُّ
ما معنى الفرح التَّقوائيِّ، والحزن التَّقوائيِّ؟
هل نفرح حينما نمارس الطَّاعة؟
حينما أجد نفسي مطيعًا لله تعالى ملتزمًا بأحكام الله تعالى أفرح، هذا فرح تقوائيٌّ.
حينما أجد نفسي مخالفًا لأوامر الله مجانبًا للتَّقوى وللورع أحزن، هذا حزن تقوائيٌّ.
فهل نفرح حينما نمارس الطَّاعة، وحينما نترك المعصية؟
أو حينما يمارس النَّاس الطَّاعة، ويتركون المعاصي؟ نفرح.
إذا كان العكس.
إذًا، نحن لا نعيش فرحًا تقوائيًّا، ولا حزنًا تقوائيًّا.

5-الفرح الرِّساليُّ، والحزن الرِّساليُّ
ما معنى الفرح الرِّساليُّ، والحزن الرِّساليُّ؟
الفرح الرِّساليُّ هو أنْ نفرح حينما ندعو إلى الله تعالى.
حينما نأمر بمعروف.
حينما ننهى عن منكر.
هذا فرح رساليٌّ.
حينما يكون العكس، لا نمارس دور الدَّعوة إلى الله تعالى، ولا الدَّعوة إلى الخير، ولا الدَّعوة إلى الصَّلاح، ولا نأمر بمعروف، ولا ننهى عن منكر، نحزن، فهذا حزن رساليٌّ؟!
إذن، حينما نتحدَّث عن فرح في موسم الفرح للزَّهراء (عليها السَّلام) نعني هذه المعاني الكبيرة، وحينما نتحدَّث عن الحزن في ذكرى شهادة الزَّهراء (عليها السَّلام) نتَّسع إلى هذا المعنى الواسع من الحزن.

4)ما هو المطوب منَّا ونحن نعيش موسم الزَّهراء (عليها السَّلام)؟
أيُّها الأحبَّة، لكي نعيش موسم الزَّهراء، أو ما نسمِّيها (الأيَّام الفاطميَّة)، ما هو مطلوب منَّا؟
تمرًّ بنا أيام نسمِّيها الأيَّام الفاطميَّة في ذكرى شهادة الزَّهراء (عليها السَّلام)، وفي ذكرى ولادة الزَّهراء (عليها السَّلام)، هذا موسم الزَّهراء (عليها السَّلام).
ما هو المطلوب منَّا في هذين الموسمين: في موسم الزَّهراء (عليها السَّلام) موسم الولادة، أو في موسم الشَّهادة؟
مطلوبٌ:
أوَّلًا: أنْ نعيش الموسم وعيًا.
أنْ نفهم ما معنى هذا الموسم.
أنْ نفهم الموسم.
هذا ما أُسمِّيه وعي الموسم.

ثانيًا: أنْ نعيش الموسم وِجْدانًا
أوَّلًا ندخل الموسم في وعينا، في ثقافتنا، في فكرنا، في مفاهيمنا، هذا وعي ثقافيٌّ.
كيف يتعامل الوعي مع الموسم؟
كيف يتعامل العقل مع الموسم؟
كيف تتعامل ثقافتنا مع الموسم؟
هذا وعي ثقافيٌّ.
أنْ ندخل الموسم في وِجداننا، في ضمائرنا، فنحن هنا تعاملنا مع الموسم وِجْدانًا.
لا يكفي أنْ ندخل الموسم في عقولنا، وفي ثقافتنا، وفي وعينا، المفاهيم تبقى جامدة راكدة متكلِّسة إذا لم تدخل إلى الوجدان، الوجدان يعطيها النَّبض، الوجدان يعطيها الحرارة، الوجدان يعطيها الدَّفق.
ولذلك نجد البعض من المثقَّفين الكبار يعيشون البلادة؛ لأنَّهم لا يعيشون هذه الأفكار وجدانًا، عاشوها ثقافة، عاشوها وعيًا، عاشوها مفاهيم، ولكن لم يدخلوها في وجدانهم، ولذلك تبقى الثَّقافة بليدة، تبقى الثَّقافة راكدة، تبقى الثَّقافة ميِّتة، ليس لها نبض، ليس لها إشعاع، ليس لها حرارة.
إذن، أدخلوا الوعي في عقولكم، وأدخلوا الزَّهراء (عليها السَّلام) في وجدانكم، هنا يكون الموسم قد أخذ نبضه، حرارته، دفقه.

ثالثًا: أنْ نعيش الموسم قِيمًا، وأخلاقًا
لا يكفي أنْ ندخل الموسم في عقولنا وثقافتنا، ولا يكفي أنْ ندخل الموسم في وجداننا وفي مشاعرنا، بل مطلوب أنْ ندخل الموسم في قِيَمنا، وأخلاقنا.
أنْ تنصنع القِيم والأخلاق من خلال الموسم.
أنْ تنصنع المفاهيم الأخلاقيَّة.
ليس الثَّقافة فقط.
وليس المشاعر فقط.
هناك حاجة لصناعة قِيَم، صناعة أخلاق، هنا دور الموسم.

رابعًا: أنْ نعيش الموسم سلوكًا تقوائيًّا
لاحظوا نحن أدخلنا الموسم في عقولنا، في ثقافتنا، بقي الموسم مفاهيم.
أدخلنا الموسم في وجداننا، أصبحت المفاهيم تحمل نبضًا، تحمل حرارة.
أدخلنا الموسم في قِيَمنا، أصبح الموسم يحمل قيمًا، وأخلاقًا.
أدخلنا الموسم في سلوكنا، في ممارساتنا العمليَّة، أصبح الموسم يحمل عطاءً، يحمل سلوكًا تقوائيًّا.

خامسًا: أنْ نعيش الموسم عطاءً ورسالة
عطاء، جهاد، أمر بمعروف، نهي عن منكر، محاربة فساد، محاربة ظلم، هنا أصبح الموسم حركيًّا.
لم يكن الموسم في ذاتي، أحرِّك الموسم في السَّاحة، مع النَّاس، مع الآخرين، هنا يصبح التَّفاعل في الموسم، بين أنْ أصنع داخلي، وأصنع نفسي، وأصنع وجداني، وأصنع سلوكي، وأصنع الآخرين، هكذا يجب أنْ يتحرَّك الموسم.

5)من مدرسة الزَّهراء (عليها السَّلام) يجب أنْ تُصاغ (أجيالنا النِّسائيَّة)
أيُّها الأحبَّة، يجب من خلال مدرسة الصِّديقة الزَّهراء (عليها السَّلام) أنْ تُصاغ (أجيالنا النِّسائيَّة) بالخصوص، ولا يعني أنَّ أجيال الرِّجال والشَّباب لا ينصنعون من موسم الزَّهراء (عليها السَّلام).
موسم الزَّهراء (عليها السَّلام) لكلِّ الأمَّة، لكلِّ النَّاس، لكلِّ الشَّرائح، لكن هنا الخطاب بشكلٍ خاصٍّ لأجيال النِّساء.
من مدرسة الزَّهراء يجب أنْ تصاغ (أجيالنا النِّسائيَّة).
أ- من مدرسة الزَّهراء (عليها السَّلام) يجب أنْ تصاغ (أجيال العقيدة)، فالزَّهراء (عليها السَّلام) (قمَّة إيمانيَّة).
ب- ومن مدرسة الزَّهراء (عليها السَّلام) يجب أنْ تصاغ (أجيال العبادة)، فالزَّهراء (عليها السَّلام) (قمَّة العبادة).
ج- ومن مدرسة الزَّهراء (عليها السَّلام) يجب أنْ تصاغ (أجيال القيم)، فالزَّهراء (عليها السَّلام) (قمَّة المُثل).
د- ومن مدرسة الزَّهراء (عليها السَّلام) يجب أنْ تصاغ (أجيال التَّقوى)، فالزَّهراء (عليها السَّلام) (قمَّة التَّقوى).
ه- ومن مدرسة الزَّهراء (عليها السَّلام) يجب أنْ تصاغ (أجيال الجهاد)، فالزَّهراء (عليها السَّلام) (قمَّة العطاء الرِّسالي).
هكذا يجب أنْ يتحرَّك الموسم.
وهكذا يجب أنْ تتحرَّك عطاءات هذا الموسم.
وهكذا يجب أنْ نتعاطى مع موسم الصِّديقة الطَّاهرة الزَّهراء (عليها السَّلام).
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى