الإمام الحسين الشهيد (ع)حديث الجمعةشهر صفرشهر محرمملف شهر محرم

حديث الجمعة 5: الجبهة التي وقفت ضدَّ الإمام الحُسين (عليه السَّلام)

حديث الجمعة 5 | 26 صفر 1423 هـ | 09 مايو 2002 م | المكان: مسجد الإمام الصادق (ع) | القفول - البحرين

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيبنا وقائدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

ذكرنا في حديث سابق الأصناف التي تورطت في الوقوف ضد الإمام الحسين (ع)، وشاركت في جريمة كربلاء، ولم نستوعب الحديث عن هذه الأصناف .

 وأهم هذه الأصناف :

1.نظام الحكم الأموي وعلى رأسه يزيد بن معاوية بن أبي سفيان .

2.عملاء النظام من عباد المال والمناصب .

3. علماء البلاط .

4.المتدينون الأغبياء .

5.الهمج الرعاع .

تناولنا الصنفين الأول والثاني بالتفصيل وأشرنا إشارة عاجلة إلى الصنف الثالث، نحاول في حديثنا – الليلة – أن نتابع الكلام حول هذا الموضوع .

الصنف الثالث : علماء البلاط الأموي :

 من هم علماء البلاط ؟
علماء البلاط مجموعة من شيوخ الدين والحديث والوعظ، يستأجرهم النظام الحاكم من أجل خدمة أهدافه .

1. إعطاء الشرعية للسلطة ونظام الحكم .

2.تخدير الجماهير وشلّ روح الثورة .

3. إسقاط القوى المعارضة للنظام .

4.التبرير لإنحرافات الحكام .

ونستعين هنا ببعض الشواهد لهذا النمط من علماء البلاط في العهد الأموي والعهد العباسي :

الشاهد الأول :

تحدثنا مصادر التاريخ أنّ معاوية بن أبي سفيان بذل للصحابي سمرة بن جندب أربعمائة ألف درهم على أن يروي أنّ هذه الآية {ومِن الناس مَن يعجبك قوله في الحياة الدنيا ، ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألّد الخصام ، وإذا تولّى سعى في الأرض ليفسد فيها ، ويهلك الحرس والنسل ، والله لا يحب الفساد } ، قد نزلت في علي بن أبي طالب .

وأنّ الآية الثانية قد نزلت في ابن ملجم وهي قوله : { ومن الناس من يشري نفسه إبتغاء مرضاة الله } ، فروى ذلك .(أقرأ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4 : 63) .

الشاهد الثاني :

شريح القاضي الذي أصدر فتواه المعروفة بمشروعية قتل الإمام الحسين (ع) باعتباره خرج على الجماعة وشق عصا المسلمين، وقد جاءت الأحاديث عن النبي (ص) بقتل من يخرج على الجماعة كائناً من كان، وهكذا توظف النصوص الدينية توظيفاً منحرفاً ومن أجل إرضاء السلطان

الشاهد الثالث :

جاء في تاريخ بغداد أن غياث بن إبراهيم دخل على المهدي العباسي، وكان المهدي يحب الحمام فطلب منه المهدي أن يحدثه، فروى حديثاً عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال :

(( لا سبق إلاّ في حافر أو نصل أو جناح )) .

فأمر له المهدي بعشرة آلاف درهم، فلما قام غياث، قال المهدي : أشهد أنّه قفا كذاب على رسول الله (ص)، ما قال رسول الله (ص) جناح، ولكنه أراد أن يتقرب إليّ .

الحكام يعلمون تماما بكذب هؤلاء المتزلفين إلى البلاطات الحاكمة رغبة في الحصول على المكاسب المادية، ولكنهم يستفيدون منهم للدعاية وتضليل الجماهير .

الشاهد الرابع :

دخل أبو البختري وهب بن وهب قاضي بغداد على هارون الرشيد، وهارون يطيّر في الحمام، فقال : هل تحفظ في هذا شيء ؟ ، فقال : نعم حدثني هشام عن عروة عن ابيه عن عائشة أنّ النبي (ص) كان يطيّر الحمام .

الشاهد الخامس :

روى شاه بن بشير (كان معروفاً بالوضع في الدولة العباسية) عن جابر بن عبد الله مرفوعاً : ((أتاني جبرئيل وعليه قباء أسود، ومنطقه، وخنجر، فقلت : ما هذا ؟

فقال : يأتي زمان يكون لباسهم كهذا، قلت : يا جبرئيل من يكون رئيسهم ؟ ، قال من ولد العباس)) .

إنّ ظاهرة (علماء البلاط) تتكرر في كل زمان، فمن أقوى الوسائل التي تعتمدها الأنظمة الحاكمة هو توظيف الدين وعلماء الدين في خدمة أهداف السلطة، وما أكثر أولئك الذين اشتروا مرضاة الحكام بغضب الله تعالى، وهؤلاء سوف يتبؤون مقاعدهم من النار .

أنا لا أريد أن أقول لا يجوز لعلماء الدين أن يتواصلوا مع الأنظمة الحاكمة، وإنمّا أريد أن أقول أن لا توظفهم الأنظمة في خدمة أهدافها غير المشروعة .

أما إذا كان التواصل من أجل إصلاح الأنظمة، ونصيحة الحكام، وقول كلمة الحق، والدفاع عن حقوق الشعوب، وإيصال اصوات المحرومين، وخدمة قضايا الأمة، فهذا من مسؤوليات العلماء الصادقين المخلصين، وسوف يحاسبون أمام الله تعالى لو تخلوا عنها .

فما أحوج الأمة إلى العلماء الصادقين الذين يملكون الجرأة والشجاعة في أن يقولوا الكلمة في مواجهة الظلم والباطل والفساد .

إننّا في هذا المناخ السّياسي المنفتح الذي تعيشه مملكة البحرين، ندعو بقوة أن يكون لعلماء الدين دورهم الواضح والجريىء على كل المستويات الروحية والأخلاقية والإجتماعية والثقافية والسياسية .

إن الأصوات النشاز التي ترتفع هنا أو هناك تطالب بتجميد دور الدين، ودور علماء الدين في الشأن الثقافي والشأن الإجتماعي والشأن السياسي، هي أصوات مشبوهة لا تريد لهذا البلد أو لهذا الشعب الخير والصلاح .

أثاروها ضجة لأنّ علماء الدين قالوا كلمتهم في إنتخابات البلديات، من حق كل القوى، ومن حق كل الناس أن يقولوا كلمتهم في الإنتخابات وأما إذا كانت الكلمة لعلماء الدين، فهذا تدخل خطير جداً يهدد مسار الديمقراطية في هذا البلد، ويستثير الطائفة والمذهبية .

لهذه القلام أن تقول ما تشاء مادامت تملك المساحات المفتوحة على صفحات الجرائد المحلية، الإّ أنّ جماهير هذا الشعب المؤمن بدينة، وبإسلامه، وبقيمة وبعلمائه، سوف تصرّ على التعاطي مع الدين، ومع علماء الدين المخلصين، في كل القضايا وعلى كل المستويات .

وسوف يصرّ علماء الدين في أن يمارسوا مسؤولياتهم الروحية والثقافية والإجتماعية والسياسية، وهم واثقون كلّ الثقة أنّ الجماهير المؤمنة، هي القاعدة الصلبة التي يعتمدها العلماء في كل تحركاتهم وفي كل مواقفهم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى