حديث الجمعةشهر رجبملف شهر شعبان

حديث الجمعة 469: شهرانِ حافلانِ بالمناسباتِ الدِّينيَّة – أحكام الأسرة – ملاحظات عاجلة

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلينَ محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الهُدَاةِ الميامين.

وبعد فمع هذا العنوان:

شهرانِ حافلانِ بالمناسباتِ الدِّينيَّة

رجبٌ، وشعبانُ شهرانِ حافلانِ بالمناسباتِ الدِّينيَّة.
وهنا مسألةٌ لا بدَّ من معالجتها بجُرأةٍ وصراحةٍ، من خلالِ طرح هذا السُّؤال:
كيفَ هُوَ مُستوى التَّعاطي مع هذه المناسبات؟

يؤسفني أنْ أقولَ: إنَّنا في هذا التَّعاطي تأسُرَنا (المظاهر الاحتفاليَّة) أكثر من الأهدافِ والمضامين، والأسوأُ من هذا أنَّه بدأت تقتحم أجواءَ هذه المناسباتِ (مظاهرُ دخيلةٌ) لا تنسجم مع أهدافِ المناسباتِ الدِّينيَّة، ممَّا يُسيئ إلى سمعتِها، ويصادرُ رسالتَها.
ولا أشكُّ أنَّ الذين يدفعون بهذه المظاهر المسيئة إمَّا أنْ يكونوا (بُسَطاء) لا يملكون وعيًا بأهدافِ ومضامين هذه المناسباتِ، ولا يفقهون خطورة هذه المظاهر.
وإمَّا أنْ يكونوا (عابثين) يريدون أنْ يُسيئوا إلى سمعةِ المناسبات الدِّينيَّة، وأنْ يسرقوا أهدافها الكبرى.

ولعلَّ أبرز هذه المناسبات (مناسبة النِّصف من شعبان) حيثُ ذِكرى ولادةِ (الإمامِ المهديِّ المنتظر عليه السَّلام)، وتحظى هذه المناسبةُ بأكبر المظاهر الاحتفاليَّة، ممَّا أوجَدَ أجواءً ملائمةً؛ لانتشارِ ممارساتٍ متنافيةٍ مع أهدافِ هذه المناسبة.

لستُ ضدَّ مظاهرِ الفرحِ والابتهاج ما دامت في سياقِ الحفاظِ على قداسة الذِّكرى، وعلى أهدافها.

وبشرط أنْ لا تكونَ المظاهرُ الاحتفاليَّةُ على حساب (الإحياءِ الواعي والهادف).
دعوة لإنشاء موسم الإمام المنتظر (عليه السَّلام)

وهنا أوجِّهُ دعوةً ونحن على مقربةٍ من ذكرى ولادةِ الإمام المنتظر (عليه السَّلام)، وهذه الدَّعوة هي أنْ يخصَّص موسمٌ باسم (موسم الإمام المنتظر عليه السَّلام) يمتدُّ أسبوعًا كاملًا بِدءًا من الثَّالث عشر من شهر شعبان، وأنْ يكون عنوان الموسم لهذا العام: (كيف نعيش الانتظار الواعي)؟

مطلوبٌ أنْ تُكثَّف في هذا الموسمَ المحاضرات، والبرامج، والنَّدوات حول مسألة الانتظار، وما يحمله هذا العنوان من دلالات كبيرة وخطيرة.

ويجب أنْ تعرَّى كلُّ الممارسات الخاطئة، والدَّخيلة، والمشبوهة.

والدَّعوةُ موجَّهةٌ:

أوَّلًا: إلى العلماءِ والخطباء
ليمارسوا دورهم في طرح قضيَّة الإمام المنتظر (عليه السَّلام) طرحًا واعيًا، ومركَّزًا من خلال المساجدِ والمنابرِ، والاحتفالاتِ، والنَّدواتِ، والملتقياتِ.

ثانيًا: إلى أصحاب الأقلامِ والقُدُراتِ الفكريَّةِ والثَّقافيَّةِ
لكي يكتبوا، وينشروا ثقافة الارتباط بالإمام المنتظر (عليه السَّلام)، وأنْ يتصدَّوا لكلِّ الدَّعوات المشبوهة، والتي تحاول أنْ توظِّف قضيَّة الإمام المنتظر (عليه السَّلام) توظيفًا مزوَّرًا، ومنحرفًا.

ثالثًا: إلى الجمعيَّاتِ والمؤسَّسات الدِّينيَّة
فمطلوب أنْ تمارس دورها في الإعداد للبرامجِ، والنَّدواتِ، والملتقياتِ الخاصَّة بقضيَّة الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
ومطلوب منها كذلك أنْ تُعنى بطبع ونشر كلِّ ما يتَّصل بموضوع الإمام المهديِّ المنتظر (عليه السَّلام)، وإيصال ذلك إلى أكبر مساحةٍ من الجمهور؛ من أجل نشر الوعي بقضيَّة الإمام المنتظر (عليه السَّلام).

رابعًا: إلى أصحاب المآتم والحُسينيَّات
ليمارسوا دورهم في إحياء المناسبة، على أنْ يتوزَّع هذا الإحياء على ليالي الأسبوع المخصَّص للإمام المنتظر (عليه السَّلام)، شريطة أنْ تتنوَّع البرامج، وأنْ لا تكون على وتيرة واحدة، فاجتذاب الجمهور في حاجةٍ إلى تطوير وتنويع البرامج والفعالياتِ.

خامسًا: إلى الجمهور
وهم القاعدة التي تحتضن البرامج، والفعاليات.
فبلا جمهور تتركَّدُ كلُّ البرامج والفعاليات، فمسؤوليَّة هؤلاء كبيرةٌ جدًّا في إنجاح موسم الإمام المنتظر (عليه السَّلام)، أو إفشالِهِ!

إنَّ التَّعاطي الجادَّ والفاعل من قبل الجمهور مع برامج هذا الموسم يعطي لعمليَّة الإحياء حيويَّةً وفاعليَّة، وممَّا يؤسف له أنَّ المظاهر الاحتفاليَّة التي ازدحمت بها الشَّوارع أخذت تستقطب جمهورًا كبيرًا على حساب الاحتفالاتِ الجادَّة والهادفة، وهذه المسألة في حاجةٍ إلى المعالجةِ من خلال مزيد من التَّوعية والتَّثقيف للجمهور، ومن خلال التَّطوير، والارتقاءِ ببرامج الاحتفالات؛ والتي بسبب رتابتها ما عادت قادرة أنْ تستقطب كلَّ الجمهور.
أعود للتَّأكيد على ضرورة (الإحياء الواعي والهادف للمناسبات الدِّينيَّة).
فاللقاءُ بهذه المناسباتِ يُشكِّل أحد مكوِّنات (الأصالةِ) في حركتنا المعاصرة، هذه الحركةُ التي تعيش زحمةَ التَّحدِّياتِ الصَّعبةِ، والمنزلقاتِ الخطيرة، والتَّجاذُبات القاسية.
وهذا يفرض علينا أنْ نتعاطى مع هذه المناسبات الدِّينيَّة بطريقة أكثر وعيًا، وأكثر فاعليَّة.
ويجب أنْ نملك الجرأةَ في أنْ نحاسب احتفالاتِنا، لقاءاتِنا، حسينيَّاتِنا، مساجدَنا، مؤسَّساتِنا، كلَّ ممارساتِنا، وكلَّ فعالياتِنا الدِّينيَّةِ، والثَّقافيَّةِ، والاجتماعيَّةِ، والسِّياسيَّةِ.
كما يجب أنْ نمتلك الجرأة الكبيرة في أنْ نواجه أخطاءَنا متى اكتشفنا هذه الأخطاء، وإلَّا تكرَّس الواقعُ المغلوط، وتراكمت الأخطاء، وتشكَّل مسارٌ مزوَّر.

اللِّقاء في ظِلال المناسبات عمليَّة فاعلة في خطِّ البناء
أيّها الأحبَّة، اللِّقاء مع المناسباتِ الدِّينيةِ ليس استرخاءً في أحضانِ التَّاريخ!
الكثيرون يطيب لهم الرُّقاد في أحضانِ التَّاريخ هروبًا من مسؤوليَّاتِ الحاضرِ، وعناءاتِ الحاضرِ، وتحدِّياتِ الحاضرِ.

هناك مَنْ يريد لنا أنْ نعيش (الغَيْبُوبة) في الماضي؛ ليتمكَّن هو من الاستفراد بالحاضرِ، الحاضرِ بكلِّ مفاصلِهِ الثَّقافيَّةِ، والاجتماعيَّةِ، والاقتصاديَّةِ، والسِّياسيَّةِ، والحقوقيَّة.
هذا لا يعني أنَّنا يجب أنْ ننفصل عن التَّاريخ.
يجب أنْ نتواصل مع التَّاريخ.
ويجب أنْ نملك وعي التَّاريخ.
من خلال هذا الوعي يتحوَّل اللِّقاء مع (المناسباتِ الدّينية) عطاءً، وحركةً، وصيرورةً فاعلةً في خطِّ البناءِ والتَّغيير.

وكلَّما كانت هذه اللِّقاءاتُ واعيةً، وجادَّةً، وفاعلةً استطاعت أنْ تحقِّق نجاحاتٍ كبيرةً على مستوى الفكرِ والثَّقافةِ، وعلى مستوى الرُّوحِ والأخلاقِ، وعلى مستوى السُّلوكِ والممارسة.
وكلَّما كانت غيرَ واعيةٍ، وغير جادَّةٍ، وغيرَ فاعلةٍ، فالمآل إخفاقاتٌ على كلِّ المستوياتِ الفكريَّةِ، والثَّقافيَّةِ، والرُّوحيَّةِ، والأخلاقيَّةِ، والسُّلوكيَّةِ، والعمليَّةِ.

ومَنْ يتحمَّلُ مسؤوليَّةَ النَّجاحاتِ والإخفاقات في التَّعاطي مع المناسباتِ الدِّينيَّةِ؟
يتحملها ثلاثُ جهاتٍ:

الجهة الأولى: القائمونَ على إحياء هذه المناسبات
ولكي تكونَ الإحياءات ناجحةً يجب أنْ يتوفَّر القائمون والمشرفون على الصِّفات التَّالية:
1- الرُّؤية الواعية بأهداف هذه المناسبات.
2- الإخلاص، لكيلا تتحوَّل الإحياءات إلى مظاهر رِيَائِيَّة فاقدة لمضمونها الرُّوحي، ووهجها الإيمانيِّ.
3- الإعداد النَّاجح، لكيلا يكون الاحتفاء استهلاكًا للجهد، والوقت.

الجهةُ الثَّانيةُ: المشاركون في برامج الإحياء
وهؤلاء يجب:
1- أن يكونوا الأمناء في طرح الأفكار؛ لكيلا يعبثوا بوعي النَّاس.
2- أنْ يكونوا ملتزمين وصادقين؛ لكيلا ينطبق عليهم قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ (سورة الصَّف: الآية2-3).
3- أنْ يملكُوا الجُرأة والرُّشد.
لكيلا يداهِنُوا الواقع بكلِّ تحدِّياتِهِ، وأخطائِهِ، وانحرافاتِهِ، وبكلِّ إغراءاتِهِ، ومساوماته.
ولكيلا يكون الخِطابُ متخلِّفًا، مُنْفَعِلًا، طائشًا، متطرِّفًا.
فلا قيمةَ لجُرأةٍ بلا رُشْدٍ.
ولا قيمةَ لرُشدٍ بلا جُرأةٍ.

الجِهةُ الثَّالثةُ: جمهورُ هذه المناسَباتِ
مطلوبٌ من هذا الجمهور:
1- أنْ يرتقي إلى مستوى وعي الأهداف لهذه المناسبات.
2- أنْ يمتلك حماسًا مُحصَّنًا بالرُّشد؛ لكيلا ينفلت هذا الحماس، ولكيلا يتطرَّف.
إنَّ جماعات التَّطرُّف عُبِّئت بحماساتٍ غير محصَّنةٍ بالرُّشد، فكان ما كان من أمرِها حيث انزلقت في مسارات العنف، والتَّطرُّف، والإرهاب.
3- أنْ يتمثَّل عمليًّا معطيات هذه المناسبات؛ ليكون مصداقًا لقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ (سورة الزمر: الآية18).

أحكام الأسرة
في شريعة اللهِ تعالى منظومة متكاملة من الأحكام تعالج كلَّ المساحات في حياة الإنسان، وفي كلِّ المجالات الفرديَّة، والاجتماعيَّة، والاقتصاديَّة، والسِّياسيَّة.

وهذه الأحكام الشَّرعية يستنبطها الفقهاءُ المُتَخصِّصُونَ من كتاب اللهِ تعالى، وسُنَّةِ نبيِّهِ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من قولٍ، أو فعلٍ، أو تقرير.

ووسَّعها الشِّيعةُ الإماميَّة إلى ما يصدر عن الأئمَّة من أهل البيت (عليهم السَّلام).
فلا يجوز لمَن لا يملك (الفقاهة، والاجتهاد) أنْ يمارسَ الاستنباط، وإلَّا كان متجرِّئًا على شرع الله تعالى.

وانطبق عليه قول الله تعالى:
﴿قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلًا قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ﴾ (سورة يونس: الآية59).
الله هو الذي ينزل الرِّزق، وهو الَّذي يحدِّد للنَّاس الحلال والحرام من هذا الرِّزق، فلا يجوز لهم أنْ يشرِّعوا فيه من عند أنفسهم، وإلَّا كان افتراءً على الله سبحانه.
فالذين لا يملكون قدرة (الاستنباط) لا يجوز لهم أنْ يُعطوا الرَّأي فيما هو (الحكم، والفتوى).
• قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):
“…، مَنْ أفتى بغير عِلْمٍ وهو لا يعلم النَّاسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه، فقد هلك، وأهلك”! (الكافي1/43، الشَّيخ الكليني).
• وقال الإمام الباقر (عليه السَّلام):
“مَنْ أفتى النَّاسَ بغير عِلْمٍ، ولا هُدى لعنتْهُ ملائكةُ الرَّحمةِ، وملائكةُ العذابِ، ولحِقَهُ وِزْرُ مَنْ عَمِلَ بفتياه” (الكافي1/42، الشَّيخ الكليني).
• وقال الإمام الصَّادقُ (عليه السَّلام) للمفضل:
“أنهاك عن خصلتين فيهما هلاكُ الرِّجال:
أنهاكَ أنْ تُدينَ الله بالباطِل.
وتفتي النَّاسَ بما لا تعلم” (الكافي1/42، الشَّيخ الكليني).

فأحكام الشَّريعة لها متخصِّصُون متفرِّغُون أفنوا أعمارهم في العلم والتَّحصيل، هؤلاء هم المؤهَّلَوُنَ لاستنباط الأحكام من مصادرها، وأنْ يُعطوا الرَّأي فيما هو من شؤون الشَّريعة.
ومع احترامنا لرجالِ القانونِ، ولرجال السِّياسة، ولرجال المؤسَّسات الوضعيَّة، فليس من اختصاصاتهم أنْ يُعطوا الرَّأي في الحلالِ والحرام إلَّا أنْ يكونوا رجال اجتهاد واستنباط، وكذلك ليس مِن وظائفهم أنْ يُرجِّحوا رأيًا فقهيًّا على رأي آخر.

فمن الخطر كلِّ الخطر حينما تُقحم المؤسَّساتُ الوضعيَّة في شؤون الدِّين، وفي شؤون الإفتاء!
ومن أخطر شؤون الدِّين (أحكام الأسرة)، فهي تتعلَّق بالأعراض، والأنساب، والمواريث.

فالفقهاء يقسِّمون أحكام الأسرة إلى مجموعة أبواب:

الباب الأوَّل: الزَّواج
وفي هذا الباب يعالج الفقهاء عدَّة عناوين، من أهمِّها:
1- محرَّمات الزَّواج.
2- عقد الزَّواج.
3- الحقوق الزَّوجيَّة.
4- أحكام النَّسب.
5- حقوق الأبناء.
6- أقسام الزَّواج.
وعناوين أخرى كثيرة.

الباب الثَّاني: الطَّلاق
وفي هذا الباب يعالج الفقهاء عدَّة عناوين، من أهمِّها:
1- شروط الطَّلاق.
2- أحكام الطَّلاق.
3- أقسام الطَّلاق.
4- أحكام العِدَّة.
وعناوين أخرى كثيرة.

الباب الثَّالث: الميراث
وفي هذا الباب يعالج الفقهاء عدَّة عناوين، من أهمِّها:
1- موجبات الإرث.
2- وطبقات الورثة.
3- كيفيَّة توزيع التَّرِكة.
وعناوين أخرى كثيرة.

وإذا كانت (وثيقة مسقط) الخاصَّة بأحكام الأسرة تشتمل على (279 مادَّة)، وإذا كان الاقتراح بقانون بشأن قانون الأسرة الموحَّد في مملكة البحرين يشتمل على (149 مادَّة)، فإنَّ الرَّسائل العمليَّة لفقهائِنا تشتمل فيما يتَّصل بأحكام الأسرة على ما يقرب من (ألف مسألة)!

ملاحظات عاجلة
من خلال قراءة أوَّليَّة للاقتراح بقانون بشأن (قانون الأسرة الموحَّد) في مملكة البحرين وجدناه يحمل مجموعة كبيرة من الأخطاء والتَّجاوزاتِ لرأي المذهب الشِّيعيِّ الإماميِّ، وأحكامه!

وهذا يعني أنَّ أتباع هذا المذهب سوف تفرض عليهم – فيما هي أحكام الزَّواج، والطَّلاق، والميراث – أحكامٌ متنافية مع مذهبهم!

وحتَّى لا يكون اتِّهامًا وتجنِّيًا أشير إلى بعض أمثلة، تاركًا التَّفصيل إلى قراءةٍ نقديَّة شاملةٍ وضعها بعض علمائنا الأجلَّاء، وربَّما تنشر قريبًا إنْ شاء الله تعالى.

المثال الأوَّل: تقول المادَّة 88، بند رقم أ: “الطَّلاق حل عقد الزَّواج بالصِّيغة الموضوعة له شرعًا، أو عرفًا”.

رأي الفقه الشِّيعي الإماميِّ: لا يصحُّ الطَّلاق إلَّا بالصِّيغة المخصوصة المتلقَّاة من قبل الشَّارع المقدَّس، ولا يصحُّ بالعبارات التي يضعها العرف، مثل: أنتِ خَلِيَّة، وأنتِ حرام عليَّ، وغيرها.
المثال الثَّاني: تقول المادَّة 88، بند رقم ب: “يقع الطَّلاقُ باللَّفظ الصَّريح عُرفًا، أو بالكتابة، …”.
رأي الفقه الشِّيعيِّ الإماميِّ: المشهور عند فقهاء الشِّيعة أنَّ الطَّلاق لا يقع بالكتابة من الحاضر القادر على اللَّفظ.

المثال الثَّالث: تقول المادَّة 126، بند رقم ب: “تنقضي عدَّة الحامل المُتوفَّى زوجُها بوضع حَملها”.
رأي الفقه الشِّيعيِّ الإماميِّ: عدَّة الحامل المُتوفَّى عنها زوجها أَبْعَدُ الأجلين من وضع الحَمْل، ومضي الأربعة أشهر، وعشرة أيَّام.
المثال الرَّابع: تقول المادَّة 127، بند رقم ج/1: “عدَّة غير الحامل ثلاث حيضات كاملات لذوات الحيض، دون حساب الحيضة التي وقع فيها الطَّلاق”.

رأي الفقه الشِّيعيِّ الإماميِّ: هنا مسألتان:
1- طلاق المرأة الحائض باطل.
2- المرأة المستقيمة الحيض تَعْتَدُّ بثلاثة أطهار لا بثلاث حيضاتٍ.
هذه مجرَّد أمثلة تكشف أنَّ القانون الموحَّد للأسرة، والذي يراد أنْ يُطبَّق على السُّنَّة والشِّيعة، وفيه الكثير ممَّا يخالف فقه الشِّيعة، ممَّا يترتَّب عليه حدوث أَنْكِحَة باطلة وفق فقه الشِّيعة، وكذلك طَلَاقات باطلة، وهذا يترتَّب عليه أنساب باطلة، ومواريث باطلة!
من هنا أكَّد علماء المذهب على ضرورة أنْ يُحصَّن قانون الأسرة بضمانات دستوريَّة مشدَّدة تؤكِّد على اعتماد الشَّريعة الإسلاميَّة فقط مصدرًا للتَّشريع في أحكام الأسرة، وليس في الميراث فقط كما هو منصوص عليه في الدُّستور.

كما يجب أنْ يكون لمرجعيَّة المذهب الدِّينيَّة إشراف، ومُصادقة؛ للاطمئنان على مطابقة القانون لفتاوى المذهب المعتمدة، وإلَّا فسوف نبقى مضطَّرين أنْ لا نتعامل مع هذا القانون، ممَّا سوف ينتج عنه أزمات صعبة، البلد في غنًى عنها لو تمَّت معالجة الأمور بعيدًا عن فرض الإرادات.

ورغم أنَّنا نؤمن أنَّ الشُّؤون الدِّينيَّة لها مرجعيَّاتها المختصَّة، إلَّا أنَّنا لا عقدة لدينا من (التَّقنين) لو توفَّرت (الضَّمانات)، و(المحصِّنات) الحقيقيَّة، وما هذا إلَّا خشية على المسار الشَّرعيِّ لأحكام الله تعالى، وخشية أنْ تفرض رؤى لا يقرُّها الشَّرع كما حدث في الكثير من البلدان!
فمسؤوليَّتنا الشَّرعيَّة لا تسمح لنا أنْ نفرِّط.

وليست المسألة عنادًا، وتزمُّتًا، ومناكفة، ورغبة في الخلاف.
والحمد للهِ ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى