المعارف الأخلاقيةمحاضرات إسلامية

كلمة العلاّمة الغريفي في مؤتمر (ثنائيَّة الشَّباب والعبادة بين الواقع والمأمول)

هذه الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، ألقيت في افتتاح مؤتمر (ثنائيَّة الشَّباب والعبادة بين الواقع والمأمول)، وقد تمَّ بثُّها عبر البثِّ الافتراضيِّ في يوم الأربعاء (ليلة الخميس) بتاريخ: (10 شعبان 1442 هـ – الموافق 24 مارس 2021 م)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.

كلمة افتتاحيَّة
مؤتمر (ثنائيَّة الشَّباب والعبادة بين الواقع والمأمول)
أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الغويِّ الرَّجيم

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلوات على سيِّدِ الأنبياء والمرسلين سيِّدنا ونبيِّنا وحبيبنا وقائدنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الطَّيِّبين الطَّاهرين.
السَّلام عليكم أيُّها الأحبَّة ورحمة الله وبركاته.
ملتقى يحاولُ أنْ يقاربَ شؤون الشَّباب هو في غاية الأهمِّيَّة، خاصَّة والهدف المركزيَّ لهذا الملتقى هو (التَّحصين الرُّوحيُّ لدى أجيالنا الجديدة).
محصِّنات الأجيال
مطلوب جدًّا أنْ تتوفَّر هذه الأجيال على مجموعة محصِّنات:
أوَّلًا: التَّحصين العلميُّ والثَّقافيُّ
هذا تحصين ضروريٌّ لأجيالنا ولشبابنا، وذلك بأنْ نصنع وعي الأجيال، ورؤية الأجيال، وثقافة الأجيال، ومفاهيم الأجيال، هذا نسمِّيه التَّحصين الفكريُّ، والتَّحصين الثَّقافيُّ.
من ضرورات هذه المرحلة – وشبابنا، وأجيالنا يواجهون تحدِّيات فكريَّة، وتحدِّيات ثقافيَّة – مطلوب أنْ نحصِّن هذا الجيل فكريًّا، ثقافيًّا، توعويًّا.
ثانيًا: التَّحصين الأخلاقيُّ والسُّلوكيُّ
نمط الأخلاق، ونمط السُّلوك، ونمط الممارسات في ظلِّ اختراقات خطيرة تحاول أنْ تنحرف بمسارات شبابنا، وأجيالنا.
إذن، نحن بحاجة أنْ نحصِّن هذه المسارات العمليَّة، والسُّلوكيَّة، والأخلاقيَّة تحصينًا جادًّا حقيقيًّا.
ثالثًا: التَّحصين الاجتماعيُّ والسِّياسيُّ
كلُّ مسارات الشَّباب يجب أنْ تتحصَّن وفق ضوابط ومعايير الدِّين، والشَّرع.
رابعًا: التَّحصين الحركيُّ والجهاديُّ
وتحصينات أخرى.
هذه مجموعة محصِّنات أساس، وضروريَّة لشبابنا.
ورغم القيمة الكبرى لهذه التَّحصينات إلَّا أنَّ التَّحصين الرُّوحيَّ له مركزيَّته.
فلا قيمة لتحصين علميٍّ وثقافيٍّ إذا كان مفرَّغًا من الإشعاع الرُّوحيِّ.
فلو ملأنا عقول شبابنا بالفكر، وبالمفاهيم، وبالتَّصورات لكنَّ الأرواح خاوية، والجانب الرُّوحيَّ خاوٍ جاف، فهذه المفاهيم ستبقى تائهة، بليدة.
ولا قيمة لتحصين أخلاقيٍّ وسلوكيٍّ، واجتماعيٍّ وسياسيٍّ، وحركيٍّ وجهاديٍّ إذا كان هذا التَّحصين جافًّا من نداوة الرُّوح، وطراوة الوجدان.
مأزق إنسان هذا العصر هو (انمساخ المسار الرُّوحيِّ)، وهيمنة نوازع الشَّرِّ.
ولن يتحرَّر الإنسانُ من كلِّ مآزق العصر ما لم يسمح لروحه أنْ تتحرَّر، من كلِّ (المُثْقِلات) التي فرضتها أنانيَّة الإنسان!
الاستنهاض الرُّوحيُّ
هنا القيمة الكبرى لهذه الملتقياتِ التي تحاول أنْ تستنهض (إشراقات الرُّوح).
كهذا الملتقى الطَّيِّب الذي ينطلق لربط الشَّباب بالعبادة، ولربط الشَّباب بالصَّلاة، وبمواقع الرُّوح.
هنا سؤال يُطرح: كيف نمارس هذا الاستنهاض الرُّوحيَّ؟
نريد أنْ نستنهض الرًّوح، ونريد أنْ ننشِّط الرُّوح في داخل الشَّباب، وفي داخل الأجيال الجديدة.
كيف ننشِّط الحالة الرُّوحيَّة؟
كيف نوقِظ الحسَّ الرُّوحيَّ؟
كيف نمارس عمليَّة الاستنهاض الرُّوحيِّ؟
سؤال في غاية الأهمِّيَّة، يحتاج إلى ملتقيات، ويحتاج إلى لقاءات، ويحتاج إلى دراسات، ويحتاج إلى بحوث.
ليس من خلال الكلمات، وليس من خلال الملتقيات، إلَّا أنْ تضعَنا هذه الكلمات والملتقيات أمام (برمجةٍ روحيَّة جادَّة).
نتحدَّث، ونلتقي، ونمارس الكثير من الكلمات، والمحاضرات، والكتابات.
البرمجة الرُّوحيَّة الجادَّة
لكنَّ السُّؤال: إلى أيِّ مدى استطاعت هذه الملتقيات؟، وإلى أيِّ مدى استطاعت هذه الكلمات أنْ تبرمج لحركة الرُّوح؟
إذن، نحن بحاجة لبرمجة عمليَّة روحيَّة جادَّة.
البرمجة الرُّوحيَّة الجادَّة تشكِّل منطلقًا أساسًا.
كيف نبرمج؟
هذا السُّؤال الجادُّ الحقيقيُّ الذي يجب أنْ يجيب عنه أمثال هذه الملتقيات.
ماذا أعني بالبرمجة الرُّوحيَّة؟
أعني بالبرمجة الرُّوحيَّة:
أوَّلًا: الإعداد الرُّوحي
وثانيًا: الشَّحن الرُّوحي
وثالثًا: التَّحصين الرُّوحي
إذا غاب أحد هذه المكوِّنات (الإعداد)، (الشَّحن)، (التَّحصين) تعثَّرت البرمجة الرًّوحيَّة.
إنَّ غياب الإعداد يُفقد البرمجة أصالتها.
فلو أنَّنا حاولنا أنْ نشحن ونحصِّن لكن من دون إعداد، فهنا إذن عمليَّة برمجة فاقدة للأصالة.
إنَّ الذي يُعطي للبرمجة أصالتها هو أنْ نُحدِث إعدادًا جادًّا حقيقيًّا، فغياب الإعداد يُفقد البرمجة أصالتها.
وغياب الشَّحن يُفقد البرمجة فاعليَّتها.
وغياب التَّحصين يُفقد البرمجة نقاوتها.
إذن، نحن بحاجة لأصالة، ولفاعليَّة، ولنقاوة.
الإصالة تُنتجها عمليَّة الإعداد.
والفاعليَّة تُنتجها عمليَّة الشَّحن.
والنَّقاوة تُنتجها عمليَّة التَّحصين.
ولا قيمة لبرمجة روحيَّة لا تملك أصالةً، ولا تملك فاعليَّةً، ولا تملك نقاوةً.
أحاول أنْ أقارب بإيجاز هذه المكوِّنات، ولعلَّ في أوراق مؤتمركم ما يعالج الكثير من قضايا الرُّوح والعبادة.
مكوِّنات البرمجة الرُّوحيَّة
المكوِّن الأوَّل: الإعداد الرُّوحيُّ
ويعتمد هذا الإعداد على ثلاثة مرتكزات:
المرتكز الأوَّل: صناعة قلب طاهر
هذا مرتكز أساس في الإعداد
•قال تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ (الشُّعراء: 88 – 89).
صناعة القلب السَّليم هو أساس الاعداد الرُّوحي، فإنَّنا نتعب ونشحن لكن لم نقم بتهيئة القلب، ولم نقم بصناعة القلب، فكل الجهود تبقى ضائعة ومبعثرة، ولا قيمة لها، ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.
•الحديث عن الإمام عليٍّ (عليه السَّلام) يقول: «طهِّروا قلوبكم من درن السَّيِّئاتِ تضاعف لكم الحسنات» (الرَّيشهري: ميزان الحكمة 3/816).
•«…، عن أبي عبد الله (عليه السَّلام)، عن أبيه، عن جدِّه علي بن الحسين (عليه السَّلام) قال: قال: موسى بن عمران (عليه السَّلام): «يا ربِّ، مَنْ أهلُك الَّذينَ تظلُّهم في ظلِّ عرشك يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّكَ؟
فأوحى الله إليه: الطَّاهرةُ قلوبهم» (البرقي: المحاسن 1/76، ح45).
المرتكز الثَّاني: صناعة بطن طاهر
•«يا عليُّ، مَنْ أكل الحرام سود قلبه، وخلف دينه، وضعفت نفسه، وحجب الله دعوته، وقلَّت عبادته» (التويسركاني: لئالي الأخبار 1/3).
•في الحديث عن النَّبي (صلَّى الله عليه وآله): «مَنْ أكل الحلال أربعين يومًا نوَّر اللهُ قلبَه، وأجرى الله ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه» (الرَّيشهري: حكم النَّبي الأعظم (ص) 7/328، ح11096).
هنا تنطلق الرُّوح، وتنطلق آفاق الفكر الإيمانيِّ حينما يكون البَطن طاهرًا، وإلَّا إذا تلوَّث البطن اسودَّ القلب، وضعفت النَّفس، وقلَّت العبادة!
هذه نتائج لتلوُّث البطن.
فإذن، كما نحتاج لتطهير القلب، نحتاج إلى تطهير البطن.
المرتكز الثَّالث: صناعة جوارح طاهرة
نطهِّر القلب، ونطهِّر البطن، ونطهِّر الجوارح: العين، اللِّسان، الأُذن، اليدين، الرِّجلين.
•الإمام عليٌّ (عليه السَّلام): «كيف يجد لذَّة العبادة مَنْ لا يصوم عن الهوى» (الرَّيشهري: ميزان الحكمة ٣/1805).
الذي يرتكب المعاصي لا يعيش روحانيَّة، ولا يعيش فيوضات الرُّوح.
•قال أمير المؤمنين (عليه السَّلام): «ما جفَّت الدُّموعُ إلَّا لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلَّا لكثر الذُّنوب» (الصَّدوق: علل الشَّرائع ١/١١٩، ب 74، علَّة جفاف الدُّموع، ح1).
إذن، نحن مع المكوِّن الأوَّل وهو الإعداد الرُّوحيُّ، وهذا الإعداد قلنا: يحتاج إلى ثلاث أمور: صناعة قلب طاهر، وصناعة بطن طاهر، وصناعة جوارح طاهرة.
المكوِّن الثَّالث: الشَّحن الرُّوحيُّ
بعد الإعداد الرُّوحيِّ نمارس عمليَّة الشَّحن الرُّوحيِّ.
روافد الشَّحن الرُّوحيِّ
وهذا الشَّحن يعتمد مجموعة روافد:
1-الصَّلاة
الصَّلاة أهم رافد للشَّحن الرُّوحيِّ.
كيف نوظِّف الصَّلاة في الشَّحن الرُّوحيِّ؟ – هذا يحتاج إلى حديث مفصَّل -.
كيف نعطي الصَّلاة دورها الفاعل في إنتاج الرُّوح؟ – هذا يحتاج إلى حديث -.
إذن، الصَّلاة تشكِّل الرَّافد الأساس للامتلاء الرُّوحيِّ، وللشَّحن الرُّوحيِّ، وللدَّفْق الرُّوحيِّ.
2-الذِّكر
•﴿… أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (سورة الرَّعد: الآية 28).
أيُّ ذِكْر لله تعالى إذا كان ذِكْرًا واعيًا، سواءً ذِكْرًا لسانيًّا، أم ذِكْرًا قلبيًّا، أم ذِكْرًا عمليًّا.
الذِّكْر يساهم مساهمة فاعلة وكبيرة وجادَّة إذا وُظِّف توظيفًا أصيلًا واعيًا في إنتاج شحن روحيٍّ مركَّز.
3-الدُّعاء
الدُّعاء حديث مع الله تعالى.
وطلب من الله سبحانه.
وعرض هموم الإنسان بين يدي الله (عزَّ وجلَّ).
الدُّعاء يصنع حالة روحيَّة.
4-تلاوة القرآن الكريم
من أهم منابع الشَّحن الرُّوحيِّ: القرآن الكريم.
وتلاوة القرآن الكريم.
ومجالسة القرآن الكريم.
وأنْ نعيش مع القرآن الكريم.
هذا يعرج بأرواحنا عروجًا كبيرًا جدًّا.
5-بقيَّة العبادات: صيام، حج، عمرة، زيارة
كلُّ العبادات تمارس دورًا في التَّعبئة الرُّوحيَّة.
6-الإكثار من ذكر الموت
التَّعامل مع الموت، ومع ذِكْر الموت، والآخرة، والقبر، والحساب، وزيارة القبور.
هذه كلُّها لها تأثير في إنتاج الحالة الرُّوحيَّة.
7-قراءة كتب الأخلاق وقراءة سيرة الصَّالحين
أيضًا لهذه القراءة الرُّوحيَّة الأخلاقيَّة دور كبير في التَّعبئة والشَّحن الرُّوحيِّ.
8-حضور دورس الأخلاق
هذه مجموعة ممارسات تصنع الحالة الرُّوحيَّة.
المكوِّن الرَّابع: التَّحصين الرُّوحيُّ
قد نمارس إعدادًا روحيًّا، وقد نمارس شحنًا روحيًّا، لكن لا نحصِّن عمليَّة الشَّحن، فتذهب هذه العمليَّة هباءً، وتنتهي، وتتفتَّت، وترتبك.
إذن، نحن بحاجة إلى جانب الإعداد والشَّحن.
إلى تسييج وهو ما نسمِّيه التَّحصين الرُّوحيَّ.
مبادئ التَّحصين الرُّوحيِّ
وهذا التَّحصين يعتمد على ثلاثة مبادئ:
المبدأ الأوَّل: المشارطة، والمراقبةـ والمحاسبة
هذه تحصِّن الحالة الرُّوحيَّة.
المشارطة: وهي تؤسِّس لحركة التَّحصين الرُّوحيِّ.
زمان المشارطة: بداية اليوم.
في بداية كلِّ يوم يقف الإنسان مع نفسه، ويعقد صفقة روحيَّة مع النَّفس، هنا المشارطة، هنا وضع شروط على النَّفس.
أيَّتها النَّفس، انطلقي انطلاقًا إيمانيًّا.
أيَّتها النَّفس، مارسي الطَّاعات.
أيَّتها النَّفس، تجنَّبي المعاصي.
هنا حديث مع النَّفس.
هذه نسمِّيها مشارطة، تبدأ في بدايات كلِّ يوم.
المراقبة: وهي تؤسِّس لحماية حركة التَّحصين الرُّوحيِّ.
زمان المراقبة: أثناء اليوم.
إنَّنا بدأنا مشارطة مع النَّفس، فنحتاج كذلك إلى مراقبة حركة النَّفس، وحركة الرُّوح، هذه تسمَّى المراقبة.
المحاسبة: وهي تؤسِّس لتقويم حركة التَّحصين الرُّوحيِّ.
زمان المحاسبة: نهاية اليوم.
إذن، هذا المبدأ الأوَّل في عمليَّة التَّحصين: المشارطة، والمراقبة، والمحاسبة.
المبدأ الثَّاني: المناخات الرُّوحيَّة تنشِّط حركة التَّحصين الرُّوحيِّ
إنَّنا بدأنا مشارطة ومراقبة ومحاسبة، فنحتاج أنْ نجعل الرُّوح تنطلق في مناخات تساهم في تركيز الحالة الرُّوحيَّة، هذه نسمِّيها المناخات الرُّوحيَّة، فهي تنشِّط حركة التَّحصين الرُّوحيِّ.
1-التَّواجد في المساجد
2-التَّواجد في الحسينيَّات
3-التَّواجد في مواطن الذِّكر
هذه مناخات وبيئات تساهم على تنشيط الحالة الرُّوحيَّة.
بخلاف المناخات الملوَّثة، فإنَّها تخنق حركة الرُّوح.
فالشَّخص الذي يجلس في مواطن الفساد، ومواطن الانحراف، ومواطن الفسق، فإنَّ الحالة الرُّوحيَّة تنمسخ عنده وتموت.
إذن، حتَّى نحصِّن الحالة الرُّوحيَّة نحاول أنْ نوجد لها مناخات كالمساجد، وكالحسينيَّات، وكمواطن الذِّكر، وكالمساحات التي تعطي للرُّوح انطلاقتها، وحيويَّتها، وتجذُّرها.
فالمناخات الملوَّثة تخنق حركة الرُّوح.
(مجالس اللَّهو المحرَّم، البرامج الفاسقة عبر التِّلفاز، ومواقع التَّواصل).
المبدأ الثَّالث: مصاحبة الأخيار والأبرار، ومجانبة الفسَّاق والفجَّار
هذا له أثر في التَّحصين.
هنا سؤال مهمٌّ يُطرح: لماذا لا يتفاعل مساحة من الشَّباب مع الأجواء الرُّوحيَّة والعباديَّة؟
توجد شكوى، عن عزوف الشَّباب عن الأجواء الرُّوحيَّة، والعباديَّة.
شبابنا لا يتفاعلون مع برامج روحيَّة، وبرامج عباديَّة.
ما هو السَّبب في هذا العزوف، وفي هذا الابتعاد لشبابنا، ولأجيالنا الجديدة؟
والحديث عن الشَّباب، وعن الأجيال الجديدة.
السُّؤال: لماذا لا يتفاعل مساحة من الشَّباب مع الأجواء الرُّوحيَّة، والعباديَّة؟ لا أقول: كلُّ شبابنا، لا، فتوجد مساحة كبيرة من الشَّباب يعيشون أجواءَ الرُّوح، وأجواءَ البرامج الإيمانيَّة والبرامج الدِّينيَّة لكن توجد مساحة كبيرة من شبابنا لا يتفاعلون مع هذه البرامج.
لماذا لا يتفاعل مساحة من الشَّباب مع الأجواء الرُّوحيَّة، والعباديَّة؟
طبعًا لا تملك هذه المقاربة العاجلة أنْ تعالج هذا السُّؤال – الذي هو في غاية الأهميَّة، وفي غاية الضَّرورة -، ولعلَّ في أوراق المؤتمر ومداخلاته ما يلامس هذا الموضوع، فهذا موضوع أساس لا بدَّ أنْ تلامسه مثل هذه الملتقيات.
أسباب عزوف الشَّباب عن البرامج الرُّوحيَّة والأخلاقيَّة
ما تتَّسع له كلمتي هو أنْ أقول: إنَّ هذه الأسباب – أسباب العزوف، والابتعاد، والانفصال بين الشَّباب وبين البرامج الرُّوحيَّة والبرامج الأخلاقيَّة – أصنِّفها إلى:
أوَّلًا: أسباب ترجع إلى خطابنا الدِّينيِّ
(عدم قدرة هذا الخطاب على استقطاب هذه الشَّرائح من الشَّباب).
1-انخفاض مستوى الخطاب (لغةً ومضمونًا).
2-عدم تطوير الأساليب.
3-عدم مقاربة هموم الشَّباب.
ثانيًا: أسباب ترجع إلى الشَّباب أنفسهم، كـ:
1-عدم استيعاب قيمة الفعاليَّات الدِّينيَّة.
2-هيمنة الانشغالات الأخرى.
3-الحياء والخجل من حضور المواقع الدِّينيَّة.
4-الرَّغبة في التَّخفُّف من الالتزامات، والمسؤوليَّات.
هذه أسباب ترجع إلى الشَّباب.
ثالثًا: أسباب ترجع إلى أمور أخرى، كـ:
1-دور الأسرة.
بأي مقدار يمكن للأسرة أنْ تصنع علاقة بين الشَّباب والأبناء وبين البرامج الدِّينيَّة.
2-عوامل اجتماعيَّة
(الأعراف الاجتماعيَّة/ الرُّفقاء (رفقاء السُّوء) / المؤسَّسات الاجتماعيَّة من نوادٍ وفرق وجمعيَّات) كلُّها تساهم في فصل الشَّباب عن مواقع الدِّين.
3-مؤسَّسات التَّعليم والثَّقافة والإعلام (المناهج / التِّلفاز / الصَّحافة).
إذن، أنا أشدُّ على أيدي القائمين على هذا الملتقى الطَّيِّب الكريم، وهو يحمل عنوانًا في غاية الخطورة، وفي غاية الأهميَّة.
أتمنَّى لهذا الملتقى أنْ يُحقِّق أهدافه الكبيرة، وأنْ يساهم في صناعة التَّزاوج الحقيقيِّ بين شبابنا وأجيالنا، ومواقع النَّبع الرُّوحيِّ، والدَّفق الرُّوحيِّ، والعطاء الرُّوحيِّ.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى