الإمام الحجة المنتظر (ع)ملف شهر شعبانمن وحي الذكريات

كلمة العلَّامة الغريفي في ليلة النِّصف من شعبان: خصوصيَّات ليلة النِّصف من شعبان – كيف نؤصِّل لحركة الانتظار؟ – المسارات الانحرافيَّة والتَّحريفيَّة لحركة الانتظار.

هذه الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، في الاحتفال بليلة النِّصف من شعبان 1442هـ، وقد تمَّ بثُّها عبر البثِّ الافتراضيِّ في يوم الأحد (ليلة الاثنين) بتاريخ: (14 شعبان 1442 هـ – الموافق 28 مارس 2021 م)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.

كيف نؤصِّل لحركة الانتظار

أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الغويِّ الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلوات على سيِّدِ الأنبياء والمرسلين سيِّدنا ونبيِّنا وحبيبنا وقائدنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الطَّيِّبين الطَّاهرين.
السَّلام عليكم أيُّها الأحبَّة ورحمة الله وبركاته.
أهنِّئكم بميلاد صاحب العصر والزَّمان (أرواحنا فداه).

أتناول في هذا اللِّقاء مجموعة عناوين:
العنوان الأوَّل: خصوصيَّات ليلة النِّصف من شعبان.
العنوان الثَّاني: كيف نؤصِّل لحركة الانتظار؟
العنوان الثَّالث: المسارات الانحرافيَّة والتَّحريفيَّة لحركة الانتظار.

العنوان الأوَّل: خصوصيَّاتُ ليلةِ النِّصفِ من شعبان
ليلة النِّصف من شعبان تحمل مجموعة خصوصيَّاتٍ مهمَّة جدًّا.
الخصوصيَّة الأولى: أنَّ ليلة النِّصف من شعبان هي أفضلُ ليلةٍ بعد ليلةِ القدر
وهذا ما أكَّدت عليه روايات الأئمَّة (عليهم السَّلام):
•روي عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) أنَّه قال: «سُئل الإمام الباقر عليه السَّلام عن فضلِ ليلة النِّصف من شعبان؟
فقال (عليه السَّلام): هي أفضلُ ليلة بعد ليلة القدر؛ فيها يمنح اللهُ تعالى العباد فضلَه، ويغفر لهم بمنِّهِ، فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها، فإنَّها ليلة آلى اللهُ على نفسِهِ ألَّا يردَّ سائلًا فيها ما لم يسألِ معصية، وإنَّها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبيِّنا (صلَّى الله عليه وآلِهِ) فاجتهدوا في الدُّعاء والثَّناء على الله عزَّ وجلَّ».
(الطُّوسي: الأمالي، ص 297، المجلس 21، ح 583/35)

الخصوصيَّة الثَّانية: أنَّ ليلة النِّصف من شعبان هي ليلة العبادة
كما أنَّ ليلة القدر ليلة عبادة، فليلة النِّصف من شعبان أيضًا ليلة عبادة وطاعة وتهجُّد ولجوء إلى الله، املؤها أيُّها الأحبَّة بالعبادة.
ومفهوم العبادة يتَّسع لكلِّ مساحات الحياة
1- العبادة بالمعنى الخاص:
•الصَّلاة
•الذِّكر
•الدُّعاء
•التِّلاوة… إلى آخر ألوان العبادة الخاصَّة.
2- العبادة بالمعنى العام
•التَّفقُّه في الدِّين
•تحسين الأخلاق
•الورع عن محارم الله
•العلاقات الزَّوجيَّة
•الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر
فاملأوا هذه اللَّيلة المباركة الكريمة بطاعة الله على كلِّ المستويات.

الخصوصيَّة الثَّالثة: ليلة التَّقارب والتَّآلف وليلة المحبَّة والسَّلام
•زر أخًا في الله
•اقض حاجة مؤمن
ليلة النِّصف من شعبان هي ليلة المحبَّة والسَّلام
لأنَّ فيها وُلد إمام السَّلام وإمام المحبَّة، الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
فلنتَّخذ من ليلة النِّصف من شعبان ليلة محبَّة وليلة سلام وليلة وئام.
ولذلك أيُّها الأحبَّة صفُّوا كلَّ خلافاتكم في هذه اللَّيلة، سواءً الخلافات الأسريَّة، أو الخلافات الاجتماعيَّة، أو أيَّ لون من ألوان الخلافات، في هذه اللَّيلة لنصفِّ كلَّ خلافاتنا.
•صفِّ أيَّ خلاف في داخل الأسرة أو خارجها باعتماد المعايير الشَّرعيَّة، وعدم تحكيم المزاجات الذَّاتيَّة.
وإذا وجدت الضَّرورة في اللُّجوء إلى غيرك في حلِّ مشاكلك الأسريَّة والاجتماعيَّة فالجأ إلى مَنْ يتوفَّر على أربعة شروط أساس:
الشَّرط الأوَّل: فهم فقهيٌّ مركَّز.
الشَّرط الثَّاني: ثقافة دينيَّة واعية.
الشَّرط الثَّالث: خبرة أسريَّة واجتماعيَّة.
الشَّرط الرَّابع: ورع وتقوى.
هذه أربعة شروط أساس، حينما تريدون أن تضعوا مشاكلكم، وهمومكم، وقضاياكم الخاصَّة، ضعوها بين من يتوافر على هذه الشُّروط.
واحذروا أن تلجأوا إلى من لا يملك هذه الشُّروط متكاملة.
فإذن، ليلة النِّصف من شعبان ليلة المحبَّة والتَّسامح.

الخصوصيَّة الرَّابعة: إنَّها ليلة الانتظار
في هذه الليلة نعيد كلَّ حساباتنا حول الانتظار، وكيف نعيش الانتظار بمعناه الحقيقي الكبير؟
•رُوي عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله) أنَّه قال: «أفضل أعمال أمَّتي انتظار الفرج». (الصَّدوق: كمال الدِّين وتمام النِّعمة، ص 644)
• عن الفيض بن مختار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السَّلام) يقول: «مَنْ مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن هو مع القائم في فسطاطه.
(قال:) – ثمَّ مكث هنيئة – ثمَّ قال: لا بل كمن قارع معه بسيفه.
– ثمَّ قال -: لا والله إلَّا كمن استشهد مع رسول (صلَّى الله عليه وآله)».
(البرقي: المحاسن 1/174، ب38، ح151)

العنوان الثَّاني: كيف نؤصِّل لحركة الانتظار؟
ليلة النِّصف ولادة الإمام الحجَّة المنتظر (عليه السَّلام)، في هذه الليلة نحن بحاجة إلى أن نعيد صياغة مضمون الانتظار، كيف نعيش الانتظار؟ ما هي دلالاته؟ ما هي مفاصله الأساس؟

المرتكزات الأساس لتأصيل حركة الانتظار
هناك أربعة مرتكزات أساس لتأصيل حركة الانتظار
1.التَّأصيل الفكري والثَّقافي
2.التَّأصيل الرُّوحي والوجداني
3.التَّأصيل السُّلوكي والأخلاقي
4.التَّأصيل الرِّسالي والحركي
لكي نكون منتظرين انتظارًا حقيقيًّا، لا بدَّ أن نتوفَّر على هذه المرتكزات الأربعة، وغياب أيِّ مرتكز من هذه المرتكزات يشكِّل خلل في التَّعاطي مع الانتظار.
الانتظار الذي أعطته النُّصوص والرِّوايات مضمونًا كبيرًا، كبيرًا جدًّا، يحتاج أن نعطيه الكثير الكثير من عقلنا، ومن وجداننا، ومن سلوكنا، ومن أخلاقنا، ومن ممارساتنا.
فهذه أربعة مرتكزات أساس لكي نصوغ انتظارًا حقيقيًّا.
المرتكز الأوَّل: التأصيل الفكري والثَّقافي
(امتلاك وعي الانتظار)
وهذا يعني أن نملك وعي الدِّين ووعي الانتظار، فالمنتظرون الحقيقيُّون هم الذين يملكون وعي الإسلام، ووعي الدِّين، ووعي الفقه، ووعي الشَّريعة، ويملكون مفهوم الانتظار؛ المفهوم الحقيقي الأصيل.
وهذا أسميَّناه التَّأصيل الفكري والتَّأصيل الثَّقافي.
•جاء في وصف أصحاب الإمام المنتظر (عليه السَّلام) أنَّهم: «أصحاب البصائر» وليسوا من الهمج الرِّعاع.
اقرأوا حول الإمام المنتظر (عليه السَّلام)
اسألوا عن الإمام المنتظر (عليه السَّلام)

المرتكز الثَّاني: التَّأصيل الرُّوحي والوجداني
المنتظرون نماذج راقية في البعد الرُّوحي، وفي البعد العبادي، وفي عشق الانتظار وعشق الإسلام وعشق الدِّين، هذه حالة وجدانيَّة.
كما نصوغ العقل المنتظر، لا بدَّ أن نصوغ الوجدان المنتظر، فالعقل المنتظر يتلاحم مع الوجدان المنتظر، بما يعنيه الوجدان المنتظر من عشق حقيقي وذوبان في الإسلام، وفي الدِّين، وفي الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
هذا نسمِّيه التَّأصيل الوجداني والرُّوحي.
فالمنتظرون كما تتحدَّث الرِّوايات:
•«رهبان باللَّيل». (المجلسي: بحار الأنوار 52/310)
•«رجال لا ينامون اللَّيل، لهم دَوِّي في صلاتهم كدَوي النَّحل». (المجلسي: بحار الأنوار 52/310)
•(ربَّانيُّون) في خطِّ الله، وفي خطِّ الإسلام.

المرتكز الثَّالث: التأصيل السُّلوكي والأخلاقي
صنعوا وجدانهم الانتظاري، وصنعوا عقلهم الانتظاري.
إذن، هم بحاجة أن يصنعوا سلوكهم الانتظاري، التَّقوى، الورع، الصَّلاح، هؤلاء المنتظرون.
•المنتظرون «صلحاء نجباء».
•عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) أنَّه قال ذات يوم: «مَنْ سرَّه أنْ يكون من أصحاب القائم، فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر».
(النعماني: الغيبة، ص 207، ب11، ح16)

المنتظرون الحقيقيُّون هم نماذج راقية في التَّقوى، والورع، والصَّلاح.
لستُ منتظرًا إذا كنت غير متَّقٍ.
إذا كنت لا أملك ورعًا، وإذا كنت أعيش العصيان والتمرُّد على الله، كيف أكون منتظرًا!
فأصحاب الإمام (عليه السَّلام) نماذج راقية في الصَّلاح والطَّاعة، والتَّقوى، والعبادة، والانقطاع إلى الله سبحانه وتعالى.

المرتكز الرَّابع: التَّأصيل الرِّسالي الحركي
كما صنعوا عقلهم الانتظاري، وصنعوا وجدانهم الانتظاري، وصنعوا سلوكهم الانتظاري، يجب أن يصنعوا حركيَّتهم الانتظاريَّة، جهادهم، أمرهم بالمعروف، مواجهة الفساد والانحراف والضَّلال والضَّياع، لأنَّهم حينما يخرج الإمام سيمارسون عملًا رساليًّا ضخمًا جدًّا.
إذا لم يهيِّئوا أنفسهم لهذا العمل الرِّسالي الضَّخم الكبير، كيف سيكونون من أصحاب الإمام؟ وكيف سيكونون من المنتظرين؟
ولذلك الرِّوايات تصف أصحاب الإمام (عليه السَّلام) بأنَّهم:
•«رهبان باللَّيل، ليوث في النَّهار». (المجلسي: بحار الأنوار 52/310)
عبَّاد في اللَّيل، ومتهجِّدون، أمَّا بالنَّهار فليوث، يحملون روح الإسلام.
•«يشتاقون إلى الشَّهادة».
•«يأتي في آخر الزَّمان أخوة لي …».
أصحاب الإمام المنتظر عقائديُّون مبدأيُّون.
ليسوا صنَّاع عنف وتطرُّف.
ولا دعاه عصبيَّة.
فحينما أقول ليوث ويشتاقون إلى الشَّهادة، بمعنى أنَّهم يملكون درجة عالية جدًّا من الهمَّة الإيمانيَّة، والصِّدق في العمل للإسلام، وحركيُّون، لا بمعنى أن يكونوا متطرِّفين، لا بمعنى أن يكونوا عنفيِّين، وإنَّما الدَّعوة إلى الله، بالصدق وبالكلمة، وبالحكمة، وبالموعظة الحسنة.

إذن، إذا استطعنا أن نصنع عقلنا الانتظاري، واستطعنا أن نصنع وجداننا الانتظاري، واستطعنا أن نصنع سلوكنا الانتظاري، واستطعنا أن نصنع حركيَّتنا الانتظاريَّة، فنحن المنتظرون.

العنوان الثَّالث: المسارات الانحرافيَّة والتحريفيَّة لحركة الانتظار
الانتظار تعرَّض إلى كثير من المسخ، وتعرَّض إلى الكثير من التَّشويه والتَّشويش، ولذك نحن بحاجة إلى أن نقف مع ألوان من المسخ والتَّشويش والتَّشويه لحركة الانتظار.
هنا أذكر بعض نماذج من المسارات الانحرافيَّة والتحريفيَّة والمتكلِّسة.
•المسار الانحرافي
•المسار التَّحريفي
•المسار السَّاذج
ماذا أعني بهذه المسارات الثَّلاثة؟
المسار الأول: المسار الانحرافي
وهو مسار انحرافي خطير يرى أنَّ الانتظار هو أنْ نروِّج للفساد والانحراف لأنَّ الإمام المهدي لن يظهر إلَّا إذا امتلأت الأرض ظلمًا وجورًا وفسادًا وانحرافًا.
إذن، مسؤوليَّتنا حتى نعجِّل بظهور الإمام أن نملأ الدُّنيا والأرض فسادًا وانحرافًا.
لاحظوا كيف يعمل الشَّيطان في صنع العقل الانحرافي، هذا العقل الذي يرى أنَّ العبث بالقِيَم والعبث بالدِّين والعبث بالإسلام والعبث بمفاهيم القرآن، هو صلب الانتظار!
الإمام الذي جاء من أجل أن يغيِّر كلَّ الواقع الفاسد، يتحوَّل الواقع الفاسد إلى المعنى الأصيل لحركة الانتظار.
إذن، أصحاب هذا الاتِّجاه منحرفون انحرافًا خطيرًا، عن عمد وعن قصد، ولعلَّ هناك من يؤسِّس ويمنهج لهذا اللَّون من الانحراف، وفي أن يحوِّل الانتظار الهادف، الفاعل، الذي يصنع الخير والعطاء والسَّلام، إلى مشروع فساد ومشروع انحراف ومشروع ضلال.
هذا المسار الأوَّل الذي أسميته المسار الانحرافي، بلا شكَّ بأنّه مسار منحرف عن خطِّ الإسلام وخطِّ الإسلام وخطِّ القرآن وخطِّ الإيمان وخطِّ الانتظار، بل هو محارب للانتظار، ومجهض لحركة الانتظار.

المسار الثَّاني: المسار التَّحريفي
وهو مسار تحريفي خطير أيضًا، لا يقل خطورة عن المسار الأوَّل.
ماذا أعني بالمسار التَّحريفي؟
يرى أنَّ الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وإصلاح الأوضاع الفاسدة هي تكاليف معطَّلة في عصر الغيبة لأنَّها من مهمَّات الإمام المنتظر (عليه السَّلام)
المسار التَّحريفي هو تجميد أي حركة في عصر الغيبة.
ما هو معنى تجميد أي حركة؟
هكذا يقول هذا المسار التَّحريفي: نحن في عصر الغيبة لسنا مطالبين أن ندعو إلى الله، أن نأمر بمعروف، أن ننهى عن منكر، أن نحارب فساد، أن نحارب منكر، هذه مهمَّات ومسؤوليَّات الإمام المنتظر.
إذن، نحن مطلوب أن نجمِّد مشروع العمل الإسلامي بكلِّ أشكاله: الثَّقافيَّة، الاجتماعيَّة، السِّياسيَّة، وأيَّ لون من ألوان العمل والدَّعوة إلى الله، يجب أن يتجمَّد في عصر الغيبة؛ لأنَّ هذه المهام هي مهام الإمام، فالإمام سيخرج وسيمارس دور الدَّعوة والتَّغيير والإصلاح، نحن في عصر الغيبة يجب أن نعطِّل أيَّ مشروع إصلاح، وأيَّ مشروع تغيير، وأيَّ مشروع بناء، وأيَّ مشروع دعوة، وأيَّ مشروع أمر بمعروف ونهي عن منكر، محاربة الواقع الفاسد، هذه كلُّها ليست مسؤوليَّتنا نحن، هي مسؤوليَّة الإمام.
لاحظوا كيف تحوَّل مشروع الانتظار الفاعل المغيِّر إلى مشروع معطِّل، وإلى مشروع مكلِّس، وإلى مشروع مجمِّد للعطاء والحركة الإيمانيَّة.
وحملة هذا التفكير إمّا مضلَّلون وعابثون.
وإمّا جهلة مخدوعون.
هذا المسار الثَّاني ربَّما صنعه أناس معادون لخطِّ الانتظار منحرفون، وربَّما سذَّج أغبياء مرَّت عليهم فكرة أنَّ الإمام يغيِّر ويصلح، فلسنا في حاجة إلى أن نمارس أيَّ لونٍ من ألوان التغيير والدَّعوة إلى الله.

المسار الثَّالث: المسار السَّاذج
وهو مسار ساذج وتخديري.
هو ليس مسارًا ينطلق كالمسار الأوَّل في عِداء متحكِّم للإسلام وللدِّين وللانتظار، وليس كالمسار الثَّاني الذي يعطل تعطيلًا كاملًا حركة الانتظار، لكن هذا المسار يفهم الانتظار فهمًا بسيطًا ساذجًا مسترخيًا، لا يفهم الانتظار إلَّا دعاء، ونذور، وتمنيِّات مسترخية، وأحلام ومنامات، وممارسات بليدة
الدُّعاء مطلوب جدًّا جدًّا بشرط أن يتحوَّل جزءًا من المشروع الواعي للانتظار.
النذور وإهداء الأعمال وكلَّ ما يجذِّر العلاقة الواعية مع الإمام المنتظر (عليه السَّلام) أمور لا مشكلة فيها ما دامت جزءًا من الانتظار الشَّامل.
أنا لا أقول إنَّ الدُّعاء لا قيمة له، الدُّعاء هو عنصر أساس في الانتظار، لكن إذا وظَّفنا الدُّعاء توظيفًا انتظاريًّا واعيًا.
فمَنْ يدعو ويمارس الدُّعاء، ويعيش مضامين الدُّعاء، ومعطيات الدُّعاء، وأهداف الدُّعاء التي تصنع الوعي الانتظاري وتصنع الوجدان الانتظاري وتصنع السُّلوك الانتظاري وتصنع الحركيَّة الانتظاريَّة.
هذا الدعاء مطلوب، إذا استطاع الدُّعاء أن يصنع معطيات الانتظار، وإذا استطاع التهجُّد أن يصنع معطيات الانتظار، هذا مطلوب.
أمَّا أن يتحوَّل الدُّعاء إلى وسيلة تكليسيَّة، تجميديَّة، تعطيليَّة، فهذا تعاطٍ غير واع، وتعاطٍ ساذج.
لا مشكلة في أن ينذر الإنسان للإمام، لكن لا بمعنى أن يرى كلَّ الانتظار هو النَّذر للإمام وأصبح من المنتظرين، أو أنَّه إذا رأى رؤية في المنام صار من المنتظرين، أو إذا مارس السُّلوك الفلاني صار من المنتظرين.
لا، هذا تبسيط، وهذا تجهيل لحركة الانتظار.

سُرَّاق الانتظار
أيُّها الأحبَّة: احذروا سرَّاق الانتظار
هناك عنوان خطير، هو عنوان سرَّاق الانتظار، هناك من يريد أن يسرق الانتظار.
النوع الأوَّل من سرَّاق الانتظار: هم أصحاب المسار الأوَّل هم دجَّالون كذَّابون ضالون مضلِّون يخطِّطون بخبث للانحراف بعقيدة الانتظار.
يُضاف إليهم (أدعياء المهدويَّة) عبر التاريخ ظهر من يدَّعي أنَّه الإمام المهدي، هؤلاء دجَّالون كذَّابون، وكذلك (أدعياء السَّفارة) السَّفارة انتهت بعد عصر الغيبة الصُّغرى، فمن يأتي ويدَّعي أنَّه سفير الإمام هذا كذَّاب دجَّال محارب لقضية الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
هذا النُّوع الأوَّل من سرَّاق الانتظار وهم أصحاب المسار الأوَّل، هم الدَّجَّالون الذين حرَّفوا الانتظار تحريفًا خطيرًا.

النوع الثَّاني من سرَّاق الانتظار: هم أصحاب الفهم المغلوط للانتظار (المسار الثَّاني).

النوع الثَّالث: وهم جهلة وبسطاء فهموا الانتظار استرخاء ناعمًا (المسار الثَّالث)
أيضًا هؤلاء يوضعون في سياق سلب الانتظار، هم لا يتعمَّدون أن يسرقوا الانتظار، لكنَّهم بجهلهم وببساطتهم وبفهمهم الاسترخائي الناعم للانتظار أعطوا سرَّاق الانتظار الفرصة لأن يسرقوا الانتظار.

إذن، مطلوب التصدِّي لهذه المسارات، وإنْ كانت لغة التصدِّي تختلف من مسار لآخر.
أنا أحارب المسار الأول بلغة، أحارب المسار الثاني بلغة، أتحدث مع المسار الثَّالث بلغة.
وحينما أتحدَّث عن التصدِّي لا أعني العنف والتطرُّف والإرهاب، فهذه الأساليب محرَّمة في الشَّرع وفي القانون.
وإنَّما أعني المواجهة بالكلمة الرشيدة البصيرة الهادفة، واللُّغة التي تصوغ الوعي، وتهدي إلى الصَّلاح، وتفضح الزَّيف والضَّلال.

المسؤولون عن التَّصدِّي للمسارات الانحرافيَّة والتَّحريفيَّة لحركة الانتظار
من يتحمَّل مسؤوليَّة التَّصدِّي لسرَّاق الانتظار، والمحرِّفين للانتظار؟
إنَّها مسؤوليَّة حوزات دينيَّة
ومسؤوليةُ حملةِ الفكر الدِّيني من علماء وخطباء ومفكِّرين ومثقَّفين.
إنّها مسؤوليَّة المناسبات الدِّينيَّة
ومسؤوليَّة الملتقيات العلميَّة والثَّقافيَّة والندوات
ومسؤوليَّة الكتابات والدِّراسات
ومسؤوليَّة المحاضرات والكلمات
وهذه المسؤوليَّات ليست محدودة بزمن، بل هي مفتوحة.
قد يتصوَّر البعض أنَّ خطاب الانتظار محكوم لذكرى مولد الإمام المنتظر (عليه السَّلام) في النِّصف من شعبان، الأمر ليس كذلك.
نعم يمكن اعتماد المناسبة منطلقًا لتنشيط خطاب الانتظار، لما للذِّكرى من فاعليَّة في الوعي الشِّيعي وفي الوجدان الشِّيعي، وفي كلِّ الواقع الشِّيعي.
فيمكن اعتماد المناسبة الفرصة الكبيرة لدراسة مسار الانتظار، وخطاب الانتظار، وثقافة الانتظار.
بشرط أنْ تكون هذه الدِّراسة جادَّة، وجريئة وبصيرة.
فالحاجة كبيرة أنْ نمارس نقدًا ذاتيًّا لخطابنا الدِّيني: خطاب المناسبات، خطاب المنبر، خطاب المسجد، فنحن بحاجة أن نعيد الحساب لهذا الخطاب، فيما هي مضامين هذا الخطاب، وفيما هي أدوات الخطاب، وأساليب الخطاب، ولغة الخطاب.
إذا وجد لدى أجيالنا الجديد ابتعاد عن خطاب الدِّين، فليس الخلل في الدِّين، وليس الخلل دائمًا في هذه الأجيال.
ربَّما الخلل في الخطاب، وفي أدوات الخطاب.
وربَّما الخلل في البرامج.
وربَّما الخلل في المضامين.
لا أريد أنْ أبرِّئ الأجيال الجديدة من المسؤوليَّة، هم يتحمَّلون مساحة من المسؤوليَّة.
ولكنَّنا مطالبون كحملة للخطاب الدِّيني أن نحاسب أنفسنا قبل أنْ نحاسب الشَّباب.

مسألة الانتظار
أعود للحديث عن مسألة الانتظار
فهي مسألة المستقبل الذي ينتظر العالم كلَّ العالم.
إنّها مسألة التغيير الأعظم.
لذلك مطلوب التأسيس لوعي الانتظار.
ومطلوبٌ التأسيس لحركة الانتظار.

ممَّن نأخذ وعي الانتظار؟
من أين نأخذ وعينا وفهمنا للانتظار؟ وممَّن نأخذه؟
أيُّها الأحبَّة هذه مسألة مهمَّة جدًّا، انتبهوا إليها.
خذوا عقيدتكم بالإمام المهدي، وخذوا وعيكم بالانتظار
من الفقهاء الأمناء على الدِّين.
ومن العلماء والخطباء الثقاة المعتمدين.
ومن حملة الفكر الأصيل.
وإلَّا:
تاه بكم المسار
وانحرف الدَّرب
وعبث بكم العابثون
وطمع فيكم المضلِّلون
وفقدتم البصيرة.
فالحذر الحذر من فقد البصيرة
•{.. فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (الحج/46)
•رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «ليس الأعمى من يعمى بصره، إنَّما الأعمى من تعمى بصيرته». (الرَّيشهري: ميزان الحكمة، 1/266)
•الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «العامل على غير بصيرة كالسَّائر على غير الطَّريق ولا يزيده سرعة السَّير من الطَّريق إلَّا بُعدًا». (الصَّدوق: الأمالي، ص 507، المجلس 65، ح705/ 18)

ممَّن نأخذ البصيرة؟
فقضيَّة الانتظار أيُّها الأحبَّة في حاجة إلى بصيرة وإلى وعي.
من أين تأخذون البصيرة؟
من الشَّارع؟
من العوام؟
مِن المتديِّنين الجهَّال؟
من المضلِّلين؟
من سُرَّاق الانتظار؟
المسألة ليست كذلك.
أمامكم الطريق الذي حدَّده الأئمَّة (عليهم السَّلام)
إنَّه الرُّجوع إلى الفقهاء الصَّالحين.
«فأمَّا مَنْ كان من الفقهاء صائنًا لنفسه، حافظًا لدينه، مخالفًا لهواه، مطيعًا لأمر مولاه فللعوام أنْ يقلِّدوه». (تفسير الإمام العسكري (ع)، ص 308)
مصطلح (العوام) هنا: كلُّ مَنْ لا يملكون قدرة الفقاهة والاجتهاد، ربَّما يملكون كفاءات عالية في اختصاصات أخرى في الطبِّ، في الهندسة، في القانون …
كما أنَّ الفقهاء الذين لا يملكون هذه الاختصاصات مطلوبٌ منهم أن يرجعوا إلى الأطبَّاء والمهندسين والقانونيِّين.
فالمواقع التي تحدِّد الرؤية في كلِّ قضايا الدِّين هم الفقهاء والمجتهدون.
وقضيَّة الإمام المنتظر (عليه السَّلام) هي واحدة من أهم قضايا الدِّين.

قضية في هذا المستوى من الأهميَّة والخطورة هل تُترك لجهل الجاهلين، وعبث العابثين؟
الأمر ليس كذلك، لا بدَّ من الرُّجوع إلى أهل الاختصاص في هذا الشَّأن وهم الفقهاء والعلماء المعتمدون، ليس كلُّ من وضع على رأسه عِمَّة هو عالم معتمد، ليس كلُّ من تزيَّا بزيِّ الدِّين وعلماء الدِّين هو عالم معتمد.
خذوا عقيدتكم، فكركم، ثقافتكم، مفاهيمكم من فقهاء أجلَّاء معتمدين، ومن علماء موثوقين معروفين.
ولا تُستقى الرُّؤية من هنا وهناك وحتى من الذين يحملون الصَّلاح ما داموا ليسوا من أهل العلم والاختصاص، فكم انزلق أناس صالحون، وربَّما عبادٌ ومتهجِّدون لأنَّهم لا يملكون (بصيرة فقهيَّة وعقيديَّة) وكانت مآلاتهم إلى الضَّلال من حيث يشعرون أو لا يشعرون فضلُّوا وأضلَّوا معهم خَلْقًا كثيرًا، فالحذر الحذر من هذه الانزلاقات.
فمتى استقينا الرُّؤية من منابع العلم والفقه والاجتهاد فنحن في أمان من أنْ نضلَّ أو ينحرف بنا المسار.
إنَّ قضيَّة في مستوى قضيَّة الإمام المهدي المنتظر (عجَّل الله فرجه) ليست متروكةً لمزاجات العوام، فهي محصنَّة كلَّ التَّحصين بما صدر عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله) وعن الأئمَّة (عليهم السَّلام) من وصايا وتوجيهات.
والأمناء على هذه الوصايا والتوجيهات هم الفقهاء الصَّالحون، وقد تصدَّى هؤلاء الفقهاء الأمناء لكلِّ الاختراقات ولكلِّ الادِّعاءات الزَّائفة، فجزاهم الله كلَّ الجزاء بما بذلوا واعطوا وجاهدوا فهم الحرَّاس الأمناء لهذا الدِّين.
أيُّها الأحبَّة لا تقولوا أخذنا عقيدتنا بالإمام المهدي وعقيدتنا في الانتظار من فلان العابد أو من فلانة الصَّالحة.
كمْ يملك فلان العابد من فقاهة في الدِّين؟
وكم تملك فلانة الصَّالحة من فقاهة في الدِّين؟
وحينما أقول (فقاهة في الدِّين) لا أعني بعض معلومات فقهيَّة أو بعض ثقافة دينيَّة، وإنَّما أعني المستويات المتقدِّمة في الفقه وفي ثقافة الدِّين أعني الفقهاء، وأعني الفضلاء وفق مصطلح الحوزات.
هذا هو (المؤمِّنُ) للمعتقدات وللقناعات الدِّينيَّة، وحينما أقول (المؤمِّن) ما يعذر الإنسان أمام الله يومَ الحساب.
في ذلك اليوم – يوم الحساب، ويوم القيامة – سوف نُسأل: من أين أخذنا دينَنا؟ من أين أخذنا عقائدَنا؟ من أين أخذنَا أحكامنا في صلاتنا، في صيامنا، في حجِّنا، وفي كلِّ شؤون حياتنا؟
فالحذر الحذر من الانزلاقات والانسياق وراء المزاجات.
والحذر الحذر من أنْ نأخذ ديننا من أدعياء العلم.
لقد صنَّف أمير المؤمنين (عليه السَّلام) النَّاس إلى ثلاثة أصناف:
1-«عالم على هدى من الله …».
2-«وجاهلٍ مُدَّع للعلم …».
3-«ومتعلِّم من عالم على سبيل هدى من الله ونجاة».
وعقَّب عليه السَّلام بقوله:
«ثمَّ هلك مَنْ ادَّعى وخاب مَنْ افترى».
(الكليني: الكافي 1/81، باب أصناف النَّاس، ح1)

وقد حذَّرت الأحاديث من العمل بغير علم:
•قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):
«مَنْ عَمِلَ على غير علم كان ما يُفسِدُ أكثرَ ممَّا يُصلحُ».
(الكليني: الكافي 1/92، باب من عمل بغير علم، ح3)

•وقال الإمام الصَّادق عليه السَّلام:
«لا يقبل الله عملًا إلَّا بمعرفة، ولا معرفة إلَّا بعملٍ، فمن عَرِف دَلَّتْهُ المعرفةُ على العملِ، ومَنْ لم يعمل فلا معرفةَ له، ألا إنَّ الإيمان بعضه من بعض».
(الكليني: الكافي 1/92، باب من عمل بغير علم، ح2)

أيُّها الأحبَّة: أعيدوا حساباتكم مع الانتظار في ليلة الانتظار وفي أيام الانتظار.
أخلص إلى القول إنَّ عقيدة الانتظار تحتاج:
أوَّلًا: إلى درجة عالية من العلم والبصيرة؛ لكي لا تسقط في أيدي (سرَّاق الانتظار) بكلِّ أصنافهم وأنواعهم والذين عبثوا بهذه العقيدة، واربكوا الكثير من مضامينها.
وجزى الله الحرَّاس الأمناء لعقيدة الانتظار من فقهاء وعلماء أجلَّاء ودعاة يملكون البصيرة كلَّ البصيرة، وإخلاصًا كلَّ الإخلاص.

ثانيًا: إلى درجة عاليةٍ من التَّمثُّل العملي.
فالانتظار ليس كلماتٍ تُطلق، ولا خطاباتٍ تُقال، ولا أمنيات تداعب الخواطر وإنَّما الانتظار هو:
-(التزام صادق بتعاليم الدِّين)
-و(عشق حقيقيٌّ يملأ القلوب والمشاعر)
– و(عطاءٌ متحرِّك لا يعرف النُّضوب)
-و(جهاد متواصل من أجل أنْ تكون كلمة الله هي العليا)
هذا هو الانتظار.
في ذكرى مولد الإمام المنتظر (أرواحنا فداه) مطلوب أنْ نراجع فهمنا للانتظار وأنْ نراجع ممارستنا للانتظار.
فربَّما في الفهم غبش وخلل.
وربَّما في الممارسة خطأ وزلل.
فإذا استطعنا أنْ نقارب هذا الفهم وهذه الممارسة بنجاح كان الاحتفاء بذكرى المولد قد حقَّق هدفه الأساس.
أيُّها الأحبَّة: ليس هدف الذِّكرى أنْ نملأ الشَّوارع بمظاهر الفرح والابتهاج وإن كان هذا مطلوبًا وله دلالاته الكبيرة ومعطياته الفاعلة.
هدف الذِّكرى هو أنْ نمركز علاقتنا بالإمام المهدي المنتظر (عليه السَّلام)، أن نمركزها في (وعينا)، وأنْ نمركزها في (وجداننا) وأنْ نمركزها في (سلوكنا) وأنْ نمركزها في (كلِّ حراكنا).
وغياب أيُّ بعد من هذه الأبعاد يشكِّل خللًا في التَّعاطي مع هذه المناسبة.

أيُّها الأحبَّة: فمطلوب منَّا من خلال الاحتفالات
ومن خلال المراجعات الذاتيَّة
أنْ نحاسب هذه المركزة، وأن نملأ كلَّ الفراغات
فربَّما كان الفراغ في الوعي
وربَّما كان الفراغ في الوجدان
وربَّما كان الفراغ في الممارسة
وربَّما كان الفراغ في الحَراك
هكذا نصوغ الانتظار
فالانتظار ليس كلمات، وليس تمنيِّات، واسترخاءات، وليس بعض تأوُّهات، وتمتمات …
المسألة أكبر وأكبر وأكبر
•ولهذا جاء في الحديث: «أفضل أعمال أمَّتي انتظار الفرج». (الصَّدوق: كمال الدِّين وتمام النِّعمة، ص 644)
أي الانتظار الذي هو أفضل الأعمال؟
وفي الأدعية المعتمدة كدعاء النُّدبة ودعاء العهد مضامين كبيرة تضعنا أمام الانتظار الواعي.
فاقرأوا هذه الأدعية قراءة بصيرة، وترجموها واقعًا متحرِّكًا.
•الإِمَامِ الصَّادِقِ عليه السَّلامُ: «مَنْ قَرَأَ هَذَا العَهدَ أَربَعِينَ صباحًا كَانَ مِنْ أَنصَارِ الإِمَامِ (عج)». (المجلسي: زاد المعاد، ص 542)

ما أسهل أن أقرأ صفحتين، أو ثلاث صفحات يوميًّا، وأصبح من أصحاب الإمام، هل بهذه الطريقة أكون من أصحاب الإمام؟
لو تأمَّلتم في دعاء العهد وفي مضامينه لوجدتم أنَّها المضامين فعلًا لو عشنا المضامين وطبقناها، دعاء العهد مبايعة حقيقيَّة مع الإمام المنتظر (عليه السَّلام)، هل فعلًا نحن حينما نقرأ دعاء العهد نبايع الإمام المنتظر (عليه السَّلام)؟ إذا كنَّا نبايع الإمام المنتظر (عليه السَّلام) بيعة حقيقيَّةً صادقةً لتغيَّر كلَّ شيئ في أوضاعنا، وفي عقلنا، وفي ثقافتنا، وفي وجداننا، وفي مشاعرنا، وفي عشقنا، وفي سلوكنا، وفي تقوانا، وفي حركيَّتنا، كلُّ هذا يتغير إذا كنَّا نبايع الإمام بيعةً حقيقيَّة.
إذن فعلًا من يبايع الإمام أربعين صباحًا مبايعةً حقيقيَّةً جادَّةً صادقةً واعية بصيرة، كيف لا يكون من أتباع الإمام؟
أمَّا من يقرأ الدُّعاء قراءة سطحيَّة عاجلة عابرة لا تعيش عمق المضامين، هذه قراءة لا أقول لا يحصل ثواب عليها، لكن لا يتحوَّل إلى أنَّه من أصحاب الإمام.
فاقرأوا هذه الأدعية قراءة بصيرة، وترجموها واقعًا متحرِّكًا تكونوا من أصحاب الإمام إن شاء الله.
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى