حديث الجمعةشهر محرم

حديث الجمعو103: الجمهور العاشورائي – الإساءة الصارخة لمقام النبي الأعظم صلى الله عليه وآله.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


هذه بعض العناوين:
 الجمهور العاشورائي
 الإساءة الصارخة لمقام النبي الأعظم صلى الله عليه وآله.


الجمهور العاشورائي:
لكي يتشكل جمهور عاشورائي يجسد الإمتداد الحقيقي لخط الإمام الحسين عليه السلام , لابد أن يتوفر هذا الجمهور على مجموعة خصائص ومكونات، ومع غياب بعض هذه الخصائص والمكونات يكون التشكل ناقصا، ويكون الإنتماء إلى خط الثورة الحسينية إنتماء مهزوزا.
ليس كل الباكين على الإمام الحسين عليه السلام هم من عداد الجمهور العاشورائي الذي يجسد خط الإمام الحسين عليه السلام، فكم من الباكين على الحسين عليه السلام هم من يشهر السيوف على الإمام الحسين عليه السلام ؟ وحسب تعبير الفرزدق حينما سأله الإمام الحسين عن الناس في العراق حيث قال:”قلوبهم معك وسيوفهم عليك”.
قد نبكي الإمام الحسين، ونتأوه لمصاب الحسين، إلا أننا نحمل القيم التي يحملها قتلت الحسين عليه السلام ،ونحمل المبادئ التي حملها أعداء الحسين عليه السلام.
فليس كل من بكى أصبح منتميا إلى خط الثورة الحسينية …
وليس كل من حضر مجالس العزاء أصبح منتميا إلى خط الثورة الحسينية…
وليس كل من لطم على صدره أصبح منتميا إلى خط الثورة الحسينية…
الإنتماء إلى هذا الخط يمثل “هوية” لها خصائصها ومكوناتها المتميزة…
كما أن الانتماء إلى الخط المضاد للثورة الحسينية يمثل “هوية” لها خصائصها ومكوناتها المتميزة…
هناك مفاصلة واضحة بين الهويتين والإنتمائين .
وحينما تتداخل الخصائص والمكونات يغيب التمايز بين الهويتين وبين والإنتمائين,  وهذا كاف في أن يضع الإنسان في الخط المضاد للثورة الحسينية.


والسؤال المطروح هنا:
كيف نشكل من أنفسنا “جمهورا عاشورائيا منتميا إلى خط الثورة الحسينية؟
الإجابة على هذا السؤال يفرض علينا أن نتعرف على مكونات هذا التشكل, وعلى خصائص هذا الانتماء.
وذلك من خلال النقاط التالية:
1- أن نملك رؤية واعية بأهداف الثورة الحسينية ، وبمضامين وقيم عاشوراء :
إن غياب هذه الرؤية يشكل خللا واضحا في الإنتماء إلى خط الإمام الحسين عليه السلام ، كيف يمكن أن نكون منتمين إلى هذا الخط ، ونحن لا نملك رؤية بخصائص هذا الخط ، وبمكوناته، وبأهدافه ،وبقيمة. فربما جسدنا أهدافا مضادة ،وقيما مضادة، ومبادئ مضادة، ومادمنا لا نملك البصيرة والروية الواعية.
في الخمسينات أخترق “الشيوعيون” في العراق أجواء بعض المواكب الحسينية ، وأقحموا شعاراتهم وردد جمهور تلك المواكب تلك الشعارات والتي تتناقض كل التناقض مع أهداف الثورة الحسينية … كيف حدث ذلك ؟
لانًّ هذا الجمهور كان يفتقد الرؤية الواعية ويفتقد البصيرة، الأمر الذي سمح لشعارات وردات و”شيلات” تتناقض مع مفاهيم الثورة الحسينية أن تخترق مواكب الحسين ،وأن تخترق مراسيم عاشوراء.
إننا  ندعوا الجمهور لكي يكون “جمهورا عاشورائيا” منتميا إلى خط الإمام الحسين عليه السلام أن يكون على درجة كبيرة من الوعي والبصيرة بأهداف ثورة الإمام الحسين عليه السلام , وبقيم عاشوراء حتى يكون هذا الجمهور “السياج” الذي يحمي أجواء الموسم العاشورائي من كل الإختراقات ومن كل المفاهيم والأفكار والشعارات التي تتنافى مع مفاهيم وأفكار وشعارات كربلاء الحسين عليه السلام.
لذلك أكدنا في كثير من مناسبة ضرورة أن تنطل الكلمات والشعارات في أجواء هذا الموسم من خلال المفهوم العاشورائي، ومن خلال العنوان الحسيني ، حتى لو أرادت هذه الكلمات والشعارات أن تلامس قضايا الواقع المعاصر، بكل إمتداداته الثقافية والأخلاقية والإجتماعية والسياسية .
إننا نريد لثورة الإمام الحسين عليه السلام أن تكون حاضرة في كل امتدادات الواقع المعاصر وفي كل إمتدادت الحاضر والمستقبل ، ولا نريد لثورة الإمام الحسين عليه السلام أن تتحجم في التاريخ وفي الماضي ،إلا أن هذا الحضور يجب أن يعبر بوضوح عن هوية الثورة الحسينية وعن مبادئها وأهدافها وقيمها.
قد يقال : لماذا الإصرار على ربط الشعارات بثورة الإمام الحسين عليه السلام ، فالكثير من قضايا العصر لا علاقة لها بهذه لثورة  (البطالة ، التميز ،  الفساد الإداري والمالي ، أزمة الدستور ، العنف والإرهاب ، قضية فلسطين ، قضية العراق ، قضايا العرب والمسلمين ، قضايا العالم …. ) ما علاقة كل ذلك بثورة الإمام الحسين عليه السلام ؟
 نطلب من أن يفرض خطاب عاشوراء نفسه على كل هذه القضايا ؟ وكيف نطالب خطاب عاشوراء أن يفرض نفسه على كل هذا الواقع ؟


حينما نفهم ثورة الإمام الحسين عليه السلام، فهما واعيا فسوف نجد أنها قادرة أن تكون حاضرة في كل قضايا العصر.
حينما نتحدث عن ثورة الإمام الحسين عليه السلام فنحن نتحدث عن مبادئ الحق والعدالة والحرية والكرامة ، فيما تعنيه هذه المبادئ من رفض الظلم، والقهر ، والجوع، والحرمان ، والعبث والتطرف، والعنف والإرهاب…
وهل مأساة الإنسان في هذا العصر إلا كونه ضحية أنظمة جائرة ظالمة مستبدة ، أبتعدت كل البعد عن منهج الله تعالى ، وعن قيم الحق والعدالة والحرية والكرامة.
إن خطاب عاشوراء قادر على أن يكون حاضرا في كل مآسي العصر ، مآسي الفكر والثقافة والمآسي الروحية والأخلاقية ، وغيرها مما يعاني منه إنسان هذا العصر .
إننا يجب أن ننطلق من مأساة كربلاء إلى كل مآسي الإنسان في هذا العصر ، وإلى كل عذابات الإنسان في هذا الزمان وهكذا نعطي لخطا عاشوراء حضوره المتحرك وحضوره الفعال ، وأن لا نحجم عاشوراء في التاريخ.
وهذا لايعني أن ننسى التاريخ ، وننسى أحداث التاريخ ، وننسى ما جرى في كربلاء من فجائع ومآسي وإنتهاكات وجنايات لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الأجيال .
إن ملف الجريمة النكراء التي حدثت في ظهيرة عاشوراء في السنة الواحدة والستين كم الهجرة ، هذا الملف يجب أن يبقى مفتوحا ويجب أن يكون حاضرا، من خلال هذا الملف ، يجب أن تلاحق كل ملفات الظلم والإستبداد ، وإنتهاك الحرمات ، ومصادرة الكرامات في كل الأزمنة والأعصر.
من خلال هذا الملف ، يجب أن تحاسب كل ممارسات العبث بمقدرات الشعوب ، وكل أشكال المصادرة لحقوق الإنسان ، في كل الأوطان والبلدان من هنا نفهم لماذا حاربت الكثير من أنظمة الحكم في التاريخ عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام ، ولا زالت أنظمة القهر والإستبداد ، وأنظمة السياسة الجائرة تضيق بعاشوراء الحسين ولا زال الحكام المتسلطون يعيشون الرعب من عاشوراء الحسين عليه السلام.
وحينما يكون الحديث عن عاشوراء الثورة ، وعاشوراء الرفض لكل سياسات الظلم والقهر والإستبداد  فلا يعني أن رسالة عاشوراء  تقف عند هذه الحدود …. إن عاشوراء تحمل أهدافا عقائدية، وروحية، أخلاقيه، وتربوية، وإجتماعية ، فالحديث عن عاشوراء الحديث ، هو حديث عن الإسلام وعن كل منظوماته الفكرية، والروحية، والأخلاقية، والإقتصادية، والإجتماعية، والسياسية، والجهادية . نتابع حديثنا في اللقاء القادم بإذن الله تعالى.


الإساءة الصارخة لمقام النبي الأعظم صلى الله عليه وآله:
ما صدر عن صحف دنماركية ونرويجية من تطاول وقح ، وإساءة صارخة لمقام النبي الأعظم(ص) هو تعبير عن أسوء حالات الإنحدار الأخلاقي ، بما يعنيه هذه الإنحدار من إنتكاسة حضارية لدى إنسان هذه الدول التي طالما تشدقت بالحديث عن الحضارة والتقدم والتسامح والإنفتاح والقيم والأخلاق . لقد برهن هذا التصرف الهابط تجاه نبي الإسلام الأكرم (ص) عن أن تلك الكلمات مجرد شعارات زائفة كاذبة خادعة.
إننا على قناعة بزيف تلك الحضارات وبكذب تلك الشعارات ، إلا أن هناك أكثر من المخدوعين ، والمضللين ممن يسوقون لمشروعات الغرب الثقافية، والإقتصادية، والسياسية، في داخل مجتمعاتنا.


ماذا تعني الإساءة إلى مقام النبي الأعظم محمد (ص) ؟
إنها إساءة إلى مقام كل الأنبياء وإلى كل الرسالات وكل النبوات وإساءة إلى كل القيم وإلى كل قيم الحضارة النظيفة…
إنها انتهاك للمقدسات…
إنها إعتداء صارخ على أكثر من مليار مسلم في العالم…
إنها امتحان لكل الإرادات في مجتمعات المسلمين…


وماذا كانت ردود الفعل؟
لقد عبرت حكومات ، وهيئات ، وجمعيات ، ومواقع ، وكيانات، ومؤسسات ، عن إستنكارها الكبير ، وعن شجبها الشديد ، وربما علقت قلة من الحكومات علاقاتها الدبلوماسية ، ونادت البيانات بمقاطعة البضائع الدنماركية والنرويجية،
إننا نشيد بكل الموافق التي عبرت عن غيرتها ، وعن حبها، وعن دفاعها، وعن إستيائها، واستنكارها…
ورغم أن المواقف لازالت دون المستوى الذي يتناسب مع حجم الإساءة وحجم الإعتداء ، ولازالت أكثر الحكومات صامته، ومتخلفة عن أبسط المواقف، ولازال الإستنفار الشعبي في حاجة إلى المزيد من التصعيد ،ولا زالت المقاطعة لم تأخذ حركتها الجادة ولا زالت النداءات متشظية ، ومتباعدة … لماذا لاتتوحد النداءات ، والخطابات والمواقف؟
إن مواجهو قضايا في هذه المستوى تحتاج إلى المزيد من التوحيد والتآزر والتحاور .
إن الإعتداء على مقام الرسول الأعظم(ص) ليس شأنا خاصا لهذا المذهب أو ذاك المذهب ، أنه شأن المسلمين جميعا ، شأن الأمة كل الأمة ، شأن كل العلماء من كل المذاهب ، شأن كل المؤسسات والهيئات والجمعيات ، شأن كل الحكومات والأنظمة والكيانات السياسية، فالموقف الواحد والموحد هي التي تعطي للأمة قدرتها في مواجهة الأخطار والمؤمرات والتحديات.


واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا “
“ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”
خائن لله وللرسول من يعمل على تمزيق وحدة الصف بين المسلمين ، ومن يزرع الفرقة والعداوة، والإحتراب ، والتقاتل في داخل الأمة ، وخاصة في مثل هذه الظروف الصعبة، حيث تواجه المسلمين أخطر التهديدات.
إن الأزمات الصعبة يجب أن تعلمنا كيف نتوحد وكيف نتقارب وكيف نتحاور ، وإن كان التوحيد والتقارب والتحاور من الأهداف المطلوبة في كل الظروف وفي كل الحالات.


أيها الأحبة :
إن تطاولا مشينا على مقام نبي الإسلام الأعظم(ص) لجدير أن يستثير الغيرة ، والحمية عند المسلمين ، وأن يستنهض مالديهم من الهمم للدفاع عن مقدساتهم وفي التصدي لكل المشروعات التي تحاول أن تصادر هويتهم  وأن تصادر إنتماءهم وأصالتهم.


وإذا كان الإستنفار العام على مستوى الإستنكارات والبيانات والمسيرات أمر مطلوبا حينما تتعرض المقدسات للإساءة والمسًّ والإنتهاك ، فأن التعبئة الدائمة ، والتحصين المستمر الذي يضع الأمة في حالة الإستعداد والإستنفار المتحرك هو الأمر الأهم ، وإلا أصبحنا نعيش الإنفعالات المؤقتة والطارئة والتي تنتهي بانتهاء التحدي.


أيها الأحبة:
 في ختام هذه الكلمة نؤكد للمؤمنين جميعا على ضرورة المشاركة الفعالة في  المسيرات الشعبية التي سوف تنطلق يوم غد الجمعة ظهرا ، في العديد من مدن وقرى البحرين ، إن هذه المشاركة هي الحد الأدنى من التعبير عن الإستنكار والغضب لما تعرض له نبينا الأعظم(ص) من إساءة و قحة ، وانتهاك صارخ من قبل صحف دنماركية ونرويجية وفرنسية.
ثم أن المقاطعة لمنتجات هذه الدول هي واحده من التعبيرات العملية التي تؤكد صدقيه الرفض والإحتجاج، فالمطلوب من المؤمنين الغيارى على مقدساتهم وعلى نبيهم العظيم (ص) أن يوقفوا كل أشكال التعاطي مع هذه المنتجات.
نسأل الله تعالى أن يوحد كلمة المسلمين في مواجهة كل المخططات التي تستهدف هذا الدين ، وتستهدف قيمه ومقدساته .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى