حديث الجمعةشهر جمادى الثانية

حديث الجمعة 426: الزَّهراءُ القدوةُ في العِفَّةِ والسِّتر (5) – في رحيل الأب المربِّي العلَّامة السَّيد جواد الوداعي،

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد للهِ ربِّ العالمين وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّد الأنبياءِ والمرسلين محمَّدٍ وعلى آلِهِ الهداةِ الميامين، وبعد فمع هذا العنوان:

خِطابٌ إلى نساءِ الأمَّةِ في ذكرى الصِّديقة الزهراء (ع):
لا مناسبة تغني نساءَ أمَّتنا أعظم من مناسبةِ الصِّديقة الزهراء، وإذا كان هناك (يوم للمرأة المسلمة) فليس هو إلَّا (يوم الزَّهراء)، ربّما يحتفي العالم بيوم المرأة العالمي، وبعيد الأم، وغير ذلك من المسمَّيات، ولن تكون لنا حساسية من هذه العناوين، غير أنَّها لا تملك أنْ تصوغ نساءنا وفق هويتنا الإيمانية ووفق قيم ديننا…
فمطلوبٌ أنْ نعتمد (مناسبات) قادرة أنْ تأصل لدى نسائنا انتماءَهنَّ، بما يعنيه هذا الانتماءُ من تجذيرٍ إيماني، وبناءٍ روحيٍّ وأخلاقي، وصياغةٍ عملية تجسِّد التقوى والاستقامة ونظافة السُّلوك، وطهارة الممارسة…
فأيّ مناسبة هي الأقدر على أنْ تؤصِّلَ حركة المرأة المسلمة في خط الإيمان والهدى والنظافة والطهر، والصلاح والاستقامة، وعلى أنْ تصنع منها طاقة خيرٍ وعطاءٍ وإبداعٍ وتغيير، وحركةٍ وجهادٍ؟
ليس إلَّا مناسبة الصِّديقة الزهراء بنت محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

لماذا ليس إلَّا مناسبة الصِّديقة الزهراء؟
لأنَّ فاطمة (عليها السَّلام) هي (النموذجُ الأكملُ) في كلِّ تاريخ المرأة…
إذا كان في تاريخِ المرأةِ قِمَمٌ من النِّسَاءِ..
إذا كان في تاريخِ المرأةِ (مريم ابنةُ عِمران) التي قال الله تعالى فيها: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ﴾ {آل عمران/42}
وإذا كان في تاريخِ المرأةِ (آسيةُ بنت مُزَاحم زوجة فِرعونَ) التي قال الله تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ {التحريم/11}
وإذا كان في تاريخِ المرأةِ (خديجةُ بنتُ خُوَيلد) والتي قال في حقِّها النبيُّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله) بعد أنْ سمع كلمةً من إحدى زوجاته تقول له: (إنَّ الله أبدلك خيرًا منها – يعني من خديجة) فردَّ عليها النبيُّ (صلَّى الله عليه وآله): «لا والله ما أبدلني اللهُ خيرًا منها، آمنتْ بي إذ كفر النَّاسُ وصدَّقتني إذْ كذَّبني النَّاسُ، وواستني بمالها إذ حرمني النَّاس، ورزقني منها اللهُ الوُلْدَ دونَ غيرها من النَّاس».
إذا كانت هذه النماذجُ تمثِّل قِممًا شامخةً في تاريخ المرأة، فإنَّ الصِّديقة فاطمةَ الزَّهراء هِيَ (قِمَّةُ القِمَمِ) في تاريخ المرأة.
فمنذ أنْ وضَعَتْ أولُ أُنثَى قدمَهَا على هذه الأرضِ، حينما هبطتْ حواءُ بصحبة آدمَ (عليه السَّلام) وحتَّى نهاية أشواطِ البشرية تبقى الزهراءُ فاطمةُ بنت محمَّدٍ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) هي المرأة الأولى، هي القِمَّة، هي المَثَلِ الأعلى في تاريخ المرأة.
وهذا ما أكَّدته كلمات النبيِّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) حيث قال:
•«فاطمةُ سيِّدةُ نِسَاءِ العالمين».
•«فاطمةُ سيِّدةُ نِسَاءِ أهلِ الجنَّة».

فانطلاقًا من يوم الزَّهراء (عليها السَّلام) نوجِّه هذا الخِطاب إلى نساءِ الأمَّة:
أوَّلاً:
أيتُها المرأةُ المُسلمةُ تمثَّلي شيئًا من إيمانِ الزَّهراء…
فالزَّهراء كانت قمةً في الإيمان، وقمةً في العقيدة، عاشَت إيمانَ أبيها رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وعاشت عقيدةَ بعلها أمير المؤمنين (عليه السَّلام)، فكانت أصدق نموذجٍ في الإيمانِ والعقيدة بعد أبيها وبعلها.
ففي يوم الزهراء مطلوبٌ منكِ أيَّتها المرأةُ المسلمةُ أنْ يكونَ لديكِ (مراجعةٌ إيمانيةٌ عقيديةٌ) ترتقي بمستواكِ الإيماني والعقيدي في زمنٍ تواجهين أخطر التحدِّيات التي تستهدف هُويَتِكِ الإسلامية، وانتماءَك الدِّيني.

ثانيًا:
أيَّتُها المرأةُ المسلمةُ تمثَّلي شيئًا من روحانيةِ الزَّهراءِ…
فالزَّهراءُ كانتْ قِمَّةً في الرَّوحانية، كانت العاشقةَ لله، الذائبة في عبادتِه، المتهجِّدةَ بالأسحار…
وشَهَدَ لها بذلك أبوها رسولُ الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ) حيث قال: «إنَّها متى قامتْ في محرابها بين يدي ربِّها جلَّ جلالُهُ زَهَر نورُها لملائكة السَّماءِ كما يزهرُ نورُ الكواكبِ لأهل الأرضِ، ويقول اللهُ عزَّ وجلَّ لملائكتِهِ: يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيِّدةِ إمائي قائمةً بين يَدَيَّ ترتعدُ فرائصُها مِن خيفتي، وقد أقبلتْ بقلبها على عبادتي، أشهدكم أنِّي قد آمنتُ شيعتها من النَّار».
فمتى تكوني أيَّتها المرأةُ المسلمة مشايعة للزهراء تكوني كذلك حينما تقتدين بالزهراء وبنهجها وبعبادتِها وروحانيتها.
ففي يوم الزَّهراء مطلوبٌ منكِ أيَّتُها المرأةُ المسلمةُ أنْ يكون لديكِ (مراجعةٌ روحيةٌ عباديةٌ) لترتقي بمستواكِ الرُّوحي والعبادي في زمنٍ تواجهين أخطر التحدِّيات التي تستهدف (روحانيتَكِ وعبادتَكِ وانقطاعَكِ إلى الله تعالى).
قد تسمعين مَنْ يقولُ لكِ أنكِ في عصرٍ لا موقع فيه للروحانيات، والتبتُّلات، والتهجداتِ، إنِّها الكذبةُ الشيطانيةُ التي سقَطَ ضحيتَها أعدادٌ كبيرةٌ من نِسَاءِ هذه الأمة، فحذارِ حذارِ أنْ تكوني واحدةً من ضحايا هذه الفِرية…
فجدِّدي – في يوم الزهراء- ولاءَكِ للزَّهراء، وتملَّئي من روحانيَّتِها وربانيَّتها وتهجُّدها وتعبُّدها للهِ تعالى.

ثالثًا:
أيَّتُها المرأةُ المسلمةُ تمثَّلي شيئًا من أخلاق الزَّهراء…
فالزهراء قمةً في الأخلاق والمثل والقيم، هكذا صاغها الإسلام والقرآن وهكذا اقتبست أخلاق أبيها رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فكانتْ (بضعةً منه، وشجنة منه، وقلبه، وروحه التي بين جنبيه).
ففي يوم الزَّهراء مطلوبٌ منكِ أيَّتُها المرأةُ المسلمة أنْ يكون لديكِ (مراجعة أخلاقية) لترتقي بمستواكِ الأخلاقي في زمن تحاول تيارات التغريب أنْ تسرق ما لديكِ من أخلاقٍ ومُثُلٍ وقيم، وما لديكِ من عِفَّةٍ وشرف وسترٍ وحجاب.
فها هي (مشروعاتُ العبث بأخلاق الأمة) مدعومةً من قبل أنظمةِ حكم وسياسةٍ تزحف لتخترق كلَّ السَّاحات والمواقع عبر محطَّاتٍ وقنواتٍ، ومواقع تواصل، وصحافة، ومؤسَّساتٍ، وجمعيات، ونوادي، وفُرق، ومهرجانات تحمل اسم الفن والتراث…
وكان لشعاراتِ (النهوضِ بالمرأةِ) و(الدِّفاعِ عن قضايا المرأة) و(تحرير المرأةِ) فِعلُها الكبيرُ في اجتذابِ المرأةِ إلى أحضان تلك المشروعاتِ فسَقَطَ مَنْ سَقَطَ مِن نِسَاءِ الأمة، وأهتزَّ مَنْ اهتز، وصَمَدَ مَنْ صَمَدَ.
فجدِّدي أيَّتُها المرأةُ المسلمةُ – في يوم الزَّهراء- صُمودَكِ في خطِّ العفَّةِ التي مثَّلتَها الزَّهراءِ، وفي خطِّ المُثُلِ والقيمِ التي عاشتها الزهراء، وفي خط النظافة الأخلاقية التي جسَّدَتْها الزَّهراء.

رابعًا:
أيَّتها المرأةُ المسلمةُ تمثَّلي شيئًا من تقوى الزهراء، فالزهراء كانت قمَّةً في التقوى، فهي الطاهرةُ المعصومةُ في كلِّ مواقع حياتِها، وفي كلِّ مساحات سلوكها، ففي يوم الزَّهراء مطلوبٌ منكِ أيَّتها المرأةُ المسلمةُ أن يكون لديكِ (مراجعة تقوائية) لكي ترتقي بمستواكِ في التقوى والورعِ والاستقامةِ ونظافةِ السُّلوك في زمنٍ تواجهين ضغوطًا صعبةً لكي تنحرفي عن خط الدِّين ولكي تتنازلي عن ضوابط الشرع، وثوابت الإسلام…
فالمرأة المسلمةُ في هذا العصرِ تواجه منزلقاتٍ خطيرة، فهل استطاعتْ المرأة في مجتمعاتنا أنْ تصمَد أمام هذه المنزلقات…؟
هُناكَ مَنْ سقطن عند المنزلقات…
وهُناكَ مَنْ بقينَ مرتبكاتٍ متأزماتٍ حائراتٍ…
وهُناكَ مَنْ صَمَدْنَ، وتحدَّينَ كلَّ المنزلقاتِ، وبقين ملتزماتٍ بخطِ الدِّينِ، وضوابطِ الشرعِ، وثوابتِ الإسلام…
فجدِّدي أيَّتها المرأةُ المسلمةُ – في يوم الزَّهراء- صمودكِ في خط الطاعة والتقوى والاستقامة، فليس من أتباع الزهراء إلَّا مَنْ اتقى الله وأطاعه.
وإلى المنزلِقاتِ المأسوراتِ لمفاهيم التغريب، وإلى المتأزماتِ الحائرات نقول: اقتربن من حياة الزهراء، ففي حياة الزهراء، كلُّ النقاءِ والطهرِ، وكلُّ الخيرِ والعطاءِ، وكلُّ النورِ والإشراقِ، وكلُّ السَّعادةِ والهناء، وكلُّ الرُّقي والتقدُّم…
في هذا الاقتراب والانفتاح على الزهراء الحقيقةُ كلّ الحقيقة، وما عدا ذلك فهو سرابٌ زائف ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ {النور/39}، فالظمآنُ الباحثُ عن الماءِ لكي يروي عطشه يجري وراء السَّراب ظانًا أنَّه ماء، فيجري ويركض في اتجاه هذا الماءِ الموهوم، فيبتعد عنه، وتبقى الصورة أمامَهُ تركض لتغريه بالاستمرار في الركض علَّه يظفر بالماء، وفي نهاية المطافِ لا يظفر بالماء فيسقط وقد أرهقه العطش…
هكذا مَنْ يركض ويلهث وراء الشعاراتِ الزائفة الكاذبة ظانًا أنَّ فيها الخلاص والنجاة من مآزق هذا العصر، وفي النهاية يَسْقط، ويتيه، ويضيع، ويخسر الدُّنيا والآخرة.

خامسًا:
أيَّتها المرأةُ المسلمةُ تَمثَّلي شيئًا من جهادِ الزهراء…
فالزهراء كانت مثلًا أعلى في الجهادِ من أجلِ الحقِّ، والمبدأ، ومن أجلِ القيم العليا، ومن أجل الدِّفاع عن المظلومين والمستضعفين والبؤساء والمحرومين…
ففي يوم الزهراءِ مطلوبٌ منكِ أيَّتها المرأةُ المسلمةُ أن يكون لديكِ (مراجعة في دوركِ الرسالي) فيما يعنيه هذا الدور في توظيف كلِّ قدراتك الذِّهنية والنفسية والعلمية في خدمة أهداف الدِّين…
وحينما نتحدَّث عن أهداف الدِّين لا نتحدَّث عن مفاهيم دخيلةٍ مشبوهةٍ ترِّوج للتطرُّفِ والعنفِ والإرهاب، ولا نتحدَّث عن أفكارٍ مُلْتَبسةٍ تؤسِّسُ لنزعاتٍ طائفيةٍ ومذهبيةٍ متشدِّدة، وإنَّما نتحدَّثُ عن ثوابت الدِّين، ومبادئه، وقيمه، ومُسَلَّماتِه، وضروراتِه فيما لا يختلف عليها المسلمون، فالمطالبةُ بالحقوقِ العادلةِ، والدفاعِ عن المظلومين، وإغاثةُ المحرومين، والأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر، ومحاربةُ الفسادِ والعبثِ وإرادةُ الإصلاح، هذه العناوين هي من ثوابتِ الدِّينِ وضروراتِه ومبادئِهِ وقيمه…
فجدِّدي أيَّتها المرأة المسلمةُ – في يوم الزَّهراء- انتماءَكِ إلى نهج الزهراءِ المجاهدةِ الصَّابرةِ الداعيةِ إلى قيم الدِّين، ومبادئِهِ وأحكامِهِ، والمُناصِرةِ لكلِّ مواقفِ الحقِّ والعدل، والمناوءةِ لكلِّ أشكال الظلم والمنكر والفسادِ.

كلمةٌ أخيرة:
فقدتْ البحرين علَمًا كبيرًا من أعلامِها، وعالمًا بارزًا من علمائها ألا وهو الأب المربِّي العلَّامة السَّيد جواد الوداعي، بعد أنْ ملأ مساحةً من الزمن امتدت تسعة عقود، وكان مثالاً صادقًا للعالم العامل بعلمِهِ، وهو مصداق حيٌّ للحديث القائل: «عالم ينتفع بعلمِهِ أفضلُ من سبعين ألف عابد»، فالفقيد الراحل نموذجٌ شاخصٌ لعالم لم يضن بعلمِهِ بل بَدَلَهُ ما أتيحت له فُرصُ البَدْلِ والعَطاء، وهو مَصْداقٌ لقوله تعالى: ﴿لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ {التوبة/122} فعلَّمَ ودرَّسَ ووَجَّهَ وأَرشَدَ وقدَّم للنَّاس ما لديهِ من علمٍ وفقهٍ ومعرفة.
وهكذا انطبق عليه الحديث: «عاش به النَّاس وعاش بعلمه»، أي كان في ما يحمل من علم الخير للناس ولنفسه…
•ورد عن النبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أنَّه قال:
«العلماء ثلاثة: رجلٌ عاش به النَّاس وعاش بعلمه، ورجل عاش به النَّاس وأهلك نفسه، ورجلٌ عاش بعلمِهِ ولم يعش به أحد غيره».
كان الفقيد الرَّاحلُ عالمًا وَرِعًا تقيًّا، هكذا عرفناه وهكذا عَرَفهُ كلُّ الذين عايشوه، وما كان يتصنَّعُ التدُّينَ والصَّلاح، بل كانَ صادقًا كلَّ الصِّدقِ في وَرَعِهِ وتقواه واستقامتِهِ، هكذا كان النظر إليه يذكِّر بالآخرة، سئل الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) عن قول النبيِّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «النظر في وُجُوهِ العُلماءِ عبادةٌ»، فقال (عليه السَّلام): «هو العَالمُ الَّذي إذَا نَظَرتَ إليهِ ذكَّركَ الآخِرةَ، ومَنْ كانَ خِلافَ ذلِكَ فالنظرُ إليهِ فِتْنَةٌ».
وأمَّا الحديثُ عن أخلاقِ الفقيد السَّيد الوداعي فهو قمَّةٌ شامخةٌ في الخُلُقِ والطُهْرِ والنَقَاءِ والصَفَاء، والتواضع، والبشاشةِ والأريحية، فميا يلتقيه أحدٌ إلَّا انجذبَ إليه، وذاب في حُبِّهِ، وهذه صفةُ مَنْ طلب العلم للهِ، جاء في الحديث عن النبيِّ (صلَّى الله عليه وآله): «مَنْ طلب العلم للهِ لم يُصب منه بابًا إلَّا ازداد به في نفسه ذُلَّا، وفي النَّاسِ تواضعًا، ولِلَّهِ خوفًا، وفي الدِّين اجتهادًا، وذلك الَّذي ينتفع بالعلم فليتعَلَّمُه، ومَنْ طلب العلم للدُّنيا والمنزلةِ عند النَّاسِ والحظوةِ عند السُّلطانِ لم يصب منه بابًا إلَّا ازدادَ في نفسِهِ عظمةً، وعلى النَّاسِ استطالةً، وباللهِ اغترارًا، ومن الدِّين جَفَاءً، فذلك الذي لا ينتفع بالعلم، فليكف، وليمسك عن الحجة على نفسه، والندامة والخزي يوم القيامة».
أكتفي بهذه الكلمةِ العاجلة عن فقيدنا الكبير العلامة الوداعي، تغمده الله بوافر رحمته، وحشره مع أجداده الأطهار ومع الصفوة الأبرار، والفاتحة إلى روحه الطاهرة وأرواح العلماء والمؤمنين…
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى