حديث الجمعةشهر شوال

حديث الجمعة207:الدور الفاعل للتقوى – معركة الإمام المهديّ مع السّفياني – تصريح وزير الداخلية حول التجنيس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله الطيّبين الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


هذه مجموعة عناوين:
• كيف نعطي للتقوى دورها الفاعل في حياتنا:
لا تحمل التقوى (مضمونًا حقيقيًّا) ما لم تتحوّل إلى قوةٍ فاعلةٍ في حياة الإنسان المؤمن.
ما معنى أن تتحوّل التقوى إلى قوةٍ فاعلةٍ في حياة الإنسان المسلم؟
الجواب: أن تصنع منه إنسانًا تقيًّا (أو متقيًّا) والإنسان التقي عنوان له دلالته في المصطلح الإسلامي.
نقرأ في القرآن قوله تعالى:
• « إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ…»
• «مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ…»
• «وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ…»
• «إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا، حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا، وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا، وَكَأْسًا دِهَاقًا..» [النبأ: 31 – 34]
• «تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا» [مريم: 63]
تلاحظون في هذه الآيات أنّ القرآن استخدم مصطلح «المتّقي» ومصطلح «التّقى» ومعناهما واحد.
فمن هو الإنسان المتّقي أو الإنسان التّقي؟
هو ذلك الإنسان الذي يكون طائعًا لله تعالى في كلّ ما يصدر عنه من أفكارٍ وعواطف وممارسات.


الشخصيّة تتشكّل من ثلاثة أبعاد: (أفكار/ عواطف/ سلوك)…
فمتى ما كان الإنسان طائعًا لله تعالى في هذه الأبعاد الثلاثة فهو إنسانٌ متّقي أو تقي
وفي ضوء هذا يصحّ أن نقول أنّ هناك ثلاثة أبعاد للتقوى: (تقوى الفكر/ تقوى العاطفة/ تقوى السلوك).
وكما يكون الفكر تقيًّا يكون فاسقًا..
وكما تكون العاطفة تقيّةً تكون فاسقةً..
وكما يكون السّلوك تقيًّا يكون فاسقًا..
والمعيار في جميع ذلك هو (رضا الله تعالى)
وإليكم هذه الأمثلة:


المثال الأول:
‌أ- أن تُؤمن امرأةٌ بالحجاب والستر والعفاف فهي تحمل فكرًا تقيًّا في هذه المسألة..
وأن تُؤمن امرأةٌ بالتبرّج والتخلّي عن الستر والعفاف فهي تحمل فكرًا فاسقًا في هذه المسألة…
‌ب- أن تحبّ امرأةٌ وتعشق الحجاب والستر والعفاف فهي عاطفةٌ تقيّةٌ هنا..
وأن تحبّ امرأةٌ التبرجَ والتخلّي عن الستر والعفاف فهي تحمل عاطفةً فاسقةً هنا.
‌ج- أن تلتزم امرأةٌ بالحجاب والستر والعفاف فهي تحمل سلوكًا تقيًّا في هذا الموضوع..
وأن تمارس امرأةٌ التبرجَ والتخلي عن الستر والعفاف فهي تحمل سلوكًا فاسقًا في هذا الموضوع.


المثال الثاني:
‌أ- أن يؤمن إنسانٌ بالدّين والتديّن فهو يحمل فكرًا تقيًّا هنا..
وأن لا يؤمن إنسانٌ بالدين والتديّن فهو يحمل فكرًا فاسقًا هنا.
‌ب-  أن يحبّ إنسانٌ الدين والتديّن فهو يحمل عاطفةً تقيّةً..
وأن يكره إنسانٌ الدين والتديّن فهو يحمل عاطفةً فاسقةً..
‌ج- أن يمارس إنسانٌ الدين والتديّن فهو يحمل سلوكًا تقيًّا..
وأن يتخلّى إنسانٌ عن الدين والتديّن فهو يحمل سلوكًا فاسقًا..


المثال الثالث:
حينما نُطالب بحماية أحكام الأسرة من العبث والتلاعب من خلال «الضمانات» فهذه المطالبة تمثّل «تقوى»، فما دامت قناعةً وإيمانًا فهي «تقوى فكر»، وما دامت تفاعلًا ومشاعر فهي «تقوى عاطفة»، وإذا تحولت عملًا وممارسةً فهي «تقوى سلوك» ويُقابلها الفسوق والانحراف.


المثال الرابع:
حينما نُطالب بمحاربة الدّعارة وإغلاق الملاهي ومحلّات بيع الخمور… فهذه المطالبة تمثّل «تقوى» تتحرّك من الفكر إلى السّلوك..


المثال الخامس:
حينما نُطالب بإيقاف كلّ أشكال التميّيز، فهذا يمثّل «تقوى فكرٍ وعاطفةٍ وسلوك» ويُقابلها الفسق والانحراف.


المثال السادس:
حينما نطالب بالإصلاح السّياسي… فهذا يمثّل «تقوى».


ونخلُص إلى القول إلى أنّ «التقوى» لها امتداداتها الواسعة: تقوى العقيدة، تقوى العبادة، تقوى الأخلاق، تقوى المعاملة، تقوى السّياسة…
وكما قلنا: أنّ المعيار في جميع ذلك هو «رضا الله تعالى».
فأيّ فكرةٍ انطلقت وهي تحمل «رضا الله تعالى» فهي «فكرةٌ تقيّة».
وأيّ عاطفةٍ انطلقت وهي تحمل «رضا الله تعالى» فهي «عاطفةٌ تقيّة».
وأيّ ممارسةٍ انطلقت وهي تحمل «رضا الله تعالى» فهي «ممارسةٌ تقيّة».
نتابع الحديث بإذن الله حول «التقوى».


• معركة الإمام المهديّ مع السّفياني:
تقدّم القول أنّ ظهور السّفياني مقارنٌ لظهور الإمام المهديّ عليه السلام، وظهوره – أي السّفياني- في الشّام، وظهور الإمام المهديّ في مكة المكرمة..
وحسب الروايات أنّ السّفياني يستولي على سوريا والأردن وفلسطين، ويُرسل جيوشه إلى العراق والمدينة المنورة.
وكما سبق ينتصر الإمام المهديّ على جيوش السّفياني في المدينة وفي العراق، وهكذا يستقرّ الوضع لصالح الإمام المهديّ في الحجاز والعراق، وبعدها يبدأ الإمام المهديّ بالتحرّك إلى مناطق أخرى فيُرسل جيشًا إلى بلاد الترك وما والاه ويكون النّصر للإمام عليه السلام.
ثمّ يتحرّك الإمام بنفسه على رأس جيشه متوجّهًا إلى الشّام، وهناك تحدث معركتان كبيرتان، المعركة مع السّفياني والمعركة مع الدّجال.
وتتحدّث الأخبار عن راياتٍ تخرج من خراسان وتُنصب في القدس، ولعلّ المقصود بخراسان «إيران»، وهذه الرّايات تسبق حركة الإمام إلى الشّام، أو هي من القطعات المتقدّمة في جيش الإمام.
جاء في روايةٍ ذكرها الترمذي في جامعه وأحمد في مسنده، والبَيْهقي في دلائله، وصحّحها ابن الصدّيق المغربي في رسالته ردًا على ابن خلدون: «تخرج من خراسان راياتٍ سود، فلا يردّها شيءٌ حتى تُنصب بإيلياء» وإيلياء هي «القدس».
وفي روايةٍ أخرى: «يخرج على لواء المهديّ غلامٌ حدث السّن، خفيف اللحية أصفر، لو قاتل الجبال لهزّها، حتى ينزل إيليا».
وفي بعض الروايات أنّ هذا القائد اسمه صالح بن شعيب، وهو قائد جيش الإمام المهديّ في حملته لتحرير الشّام وفلسطين…
للحديث صلة إن شاء الله تعالى…


• تصريح وزير الداخلية حول التجنيس:
ما صدر أخيرًا عن سعادة وزير الداخليّة من تصريحٍ حول إعادة النظر في مسألة التجنيس، نتمنى أن يكون ذلك جادًّا لبدء مرحلةٍ جديدةٍ في تعاطي الحكومة مع هذا الموضوع الخطير جدًا، والذي أصبح أحد الموضوعات التي تُشكّل «مآزق» هذا البلد، لما يحمله هذا التجنيس السّياسي من مخاطر مدمِّرة ومُرعبة…


ومنذ زمنٍ طويلٍ والأصوات المخلصة تتعالى مطالبةً بإيقاف التجنيس العشوائي، إلّا أنّ هذه الأصوات بُحَّت، ولم تبدِ الحكومة أيّ نيةٍ صادقةٍ في معالجة هذا المشكل، بل لم تعترف بوجود مشكلٍ، رغم الأرقام المرعبة التي تطرحها قوى المعارضة، وبقطع النّظر عن صحّة هذه الأرقام أو عدمها فإنّ هناك دلائل واضحة جدًا عن وجود ظاهرة «المجنّسين» التي أصبحت حديث المواطنين بكلّ انتماءاتهم المذهبيّة.
ولعلّ أحداث المعارك مع المجنّسين باتت جليّة وواضحة ومتناقلة وحتى على مستوى الصحافة، فلا مبرِّر لتجاهل أو إنكار هذا الأمر، خشية أن يأتي اليوم الذي يتحوّل موضوع التجنيس إلى كارثةٍ تهدّد أمن هذا البلد واستقراره، وتهدّد أوضاعه السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة…
فحذارِ من هذا الإصرار على الإنكار والتجاهل، فالمسألة في حاجةٍ إلى وقفةٍ جادّةٍ من قِبَل الحكومة، ومن قِبَل البرلمان ومن قِبَل كلّ القوى السّياسيّة التي يهمّها مصلحة الوطن والمواطنين…


نُعيد القول بأنّنا نتمنّى أن يكون تصريح وزير الداخليّة في إعادة النظر حول موضوع التجنيس تصريحًا جادًّا، وليس للاستهلاك الإعلاميّ، فقد سأم هذا الشعب من التصريحات الاستهلاكيّة ومن الخطابات التخديريّة، وحتى لا تموت الثّقة تمامًا مطلوبٌ أن نجد تفعيلًا واضحًا للوعود التي تُطلق بين الحين والآخر والتي تهدف إلى طمئنة المواطنين، إنّ الطمئنة الحقيقيّة أنّ يجد المواطنون حركةً على الأرض لتلك الوعود التي طالما سمعوها من مواقع متقدّمة في الدولة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى