حديث الجمعةشهر ربيع الأول

حديث الجمعة139:معايير النجاح والفشل أمام إغراءات المال

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


إغراءات المال:
يتعرض الإنسان إلى مجموعة إغراءات:
– إغراء المنصب والجاه والموقع الاجتماعي
– إغراء المال والثروة
– إغراء الجنس
– والكثير من أشكال الإغراء
نتناول في حديثنا – الليلة – إغراءات المال :
الكثيرون ينجحون أمام ( محنة الفقر والحرمان) ولكن كم من الناس ينجحون أمام ( فتنة المال والثروة)؟


قد يطرح سؤال:
ما هي المعايير لاكتشاف النجاح والفشل أمام ( إغراءات المال والثروة)؟
يمكن أن نحدد هذه المعايير من خلال طرح مجموعة أسئلة:
1. هل يصاب صاحب المال والثروة بالبطر والغرور والتكبر والاستعلاء على الناس؟
إذا أصيب بذلك، فهذا برهان واضح على إخفاق كبير أمام (فتنة المال والثروة) قال تعالى:((كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أن رَّآهُ اسْتَغْنَى)) سورة العلق :6، 7 ،ومن الناس من لا يبطره المال، فلا يزداد إلاّ تواضعا، ولينا، وحبا للناس.


2. هل أن صاحب المال والثروة ينغمس في الترف المحرم؟
ليس محرما أن يتقلب الإنسان في نعم الله تعالى، إذا كان ذلك بالطرق الحلال قال تعالى ((قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)) سورة الأعراف – آية 32 ، وقال تعالى :(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)) سورة المائدة : 87 .
فالمفروض أن يوظف المال توظيفا محرما، أن ينغمس الإنسان في الترف الحرام، أن يتعدى المرء على حدود الله تعالى، هذا أحد معايير النجاح أو الفشل في التعاطي مع إغراءات المال والثروة.


3. هل يمنع صاحب المال والثروة حق الله تعالى من زكاة أو خمس؟ وهل يبخل بالمال فلا يبذله في وجه البر والخير ؟
ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى:(( كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ)) البقرة : 167  ، قال : هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله عزوجل بخلا ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله عزوجل أو بمعصية الله، فإن عمل فيه بطاعة الله رآه في ميزان غيره فرآه حسرة وقد كان المال له، وإن كان عمل فيه بمعصية الله عزوجل  قواه بذلك المال حتى عمل به في معصية الله عزوجل. تفسير العياشى ج 1 ص 72
روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (يؤتى برجل يوم القيامة، وقد جمع مالاً من حرام، وأنفقه في حرام، فيقال: اذهبوا به إلى النار.
ويؤتى برجل قد جمع مالاً من حلال، وأنفقه في حرام، فيقال: اذهبوا به إلى النار.
ويؤتى برجل قد جمع مالاً من حرام، وأنفقه في حلال، فيقال: اذهبوا به إلى النار، ويؤتى برجل قد جمع مالأ من حلال، وأنفقه في حلال، فيقال له: قف!!
لعلّك قصّرت في طلب هذا لشيء مما فرضت عليك من صلاة لم تصلّها لوقتها، وفرّطت في شيء من ركوعها وسجودها ووضوئها؟! فيقول: لا يا رب كسبت من حلال وأنفقت في حلال ولم اُضيّع شيئاً مما فرضت!!
فيقال: لعلّك اختلت في هذا المال في شيء، من مركب أو ثوب باهيت به؟! فيقول: لا يا رب لم اُباه في شيء!!
فيقال: لعلّك منعت حقّ أحد أمرتك أن تعطيه من ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل؟! فيقول: لا يا ربّ لم اُضيّع حقّ أحد أمرتني أن أعطيه!! فيجيء أولئك فيخاصمونه، فيقولون: يا رب أعطيته وجعلته بين أظهرنا وأمرته أن يعطينا؟!
فإن كان قد أعطاهم، وما ضيع مع ذلك شيئاً من الفرائض، ولم يختل في شيء، فيقال: قف الآن، هات شكر نعمة أنعمتها عليك: من أكلة أو شربة أو لقمة أو لذة..!! فلا يزال يُسئل) مع السعادات: 2/49.


نسأل الله أن لا يوقفنا غدا يوم الحساب موقف الذل والهوان ((يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى