السيد في الصحافة

صحيفة الأيام:فرصـة تاريخيـة

فرصـــــــة تاريخيـــــــــة


جاء استقبال عاهل البلاد المفدي الملك حمد بن عيسي آل خليفة لكل من الشيخ احمد قاسم والسيد عبدالله الغريفي وعضو مجلس الشوري جميل المتروك ليؤكد ان جلالته حفظه الله يسعي سعيا حثيثا الي مد جسور التواصل والحوار والمساهمة في معالجة القضايا الوطنية وان سياسة الباب المفتوح المتعارف عليها في مملكة البحرين تؤكد علي وجود قنوات اتصال بين المؤسسة الرسمية والمواطن، كما جاءت لتؤكد اننا نعيش في ابهي عصور الديموقراطية وان الملك المفدي – ورغم مهامه الجسام – لن يرد اي مواطن جاء وطرق بابه لانه حفظه الله اب واخ لجميع المواطنين.
ثم جاء تصريح وزير العمل والشئون الاجتماعية الدكتور مجيد العلوي بان جلالة الملك المفدي سيلتقي قريبا برؤساء الجمعيات السياسية ليستمع لوجة نظرهم ليؤكد من جديد علي اهمية العمل من خلال القنوات الدستورية والشرعية لبحث وتجاوز اي اختلافات في الرأي.
وبعيداً عن الازمة الراهنة واقصد بها ازمة العريضة فإنني أري بل ان المجتمع البحريني باكمله يري انها فرصة تاريخية لهذه الجمعيات السياسية لمراجعة نفسها واعادة تدقيق ملفاتها وبرمجة اجندتها وانها فرصة تاريخية لهذه الجمعيات لمراجعة ضمائر زعمائها وخطبائها، انها فرصة تاريخية لمراجعة نفوسهم والنظر بعين الاعتبار الي مصلحة الوطن اولا وثانيا وثالثا واخيرا واجراء مراجعة شاملة لخططهم في ممارسة العمل السياسي في البحرين بعد ان عطلوا التجربة الوليدة.
والحديث عن العمل السياسي في البحرين مثير للعجب والجدل حقا ولمن لا يعلم فإن دستور البحرين يتضمن وجود ميثاق يجمع 6 جمعيات سياسية منها 4 جمعيات قاطعت الانتخابات البرلمانية جملة وتفصيلا فيما شاركت جمعيتان فقط ومنذ ذلك التاريخ والجمعيات المقاطعة تحشد وتجيش وتعطل، كما انها تقود حملة تشهير ضد المؤسسات الدستورية بدعاوي واهية فتارة تتعلق بصلاحيات مجلس الشوري وتارة اخري تتعلق بتمثيل المجلس النيابي وتارة ثالثة بالحقوق الدستورية… وكان الشعب البحريني من دون الامم كتب الله علي جبينه ان يشاهد مسلسلا مملا من ألف حلقة وحلقة.
وإذا كان العمل السياسي الحقيقي في واقع الحال يعتبر مسؤولية ورسالة وليس مكسبا شخصيا او وجاهة اجتماعية كما يعتقد البعض فان هذه النظرة لم تتبلور بعد عند البعض حتي اصبح عملهم سيركا سياسيا حتي بعض خطباء المساجد شاركوا فيه بعد ان تركوا الوعظ والارشاد ونصح الناس واعانتهم علي امور دينهم وادعوا انهم اكثر الناس فهما بالسياسة واصول الحكم وحشروا انوفهم في كل كبيرة وصغيرة.
وبنظرة سريعة للخريطة السياسية في البحرين يتضح ان التيارات المقاطعة تعاني من اشكالات تتعلق بجوهر مفهومها للعمل السياسي من خلال تعثرها في فهم واستقراء الواقع السياسي الجديد بعد التعديلات الدستورية فهي لا تدري مدي الاختلاف بين 1973م والتعديلات التي دخلت عليه العام 2002م وهي لا تعي الفرق بين ان يكون الحكم ملكياً مستبدا او ملكيا دستوريا، كما ان هذه الجمعيات تحالف فيها الاسلامي مع اليساريين في زواج مصلحة رغم العداء بينهما ولكن لاضرر من ذلك لتكريس ازمة دستورية مفتعلة، اما التيارات اليسارية فما زالت ترفع مقولات لينين وانجلز التي ماتت مع الاتحاد السوفياتي غير مأسوفا عليها.
يجب علي هذه التيارات التفكير من جديد في برامجها ورؤها السياسية بشكل متجدد يساير ما نحن فيه الان من تطور ونهضة شملت كافة مجالات هذه النهضة يدعمها ايمان من قادة البلاد بان دولة الديموقراطية وسيادة القانون يجب ان تستمر وتتطور بتعاون الجميع حتي تحتل البحرين وضعها الطبيعي بين الامم المتحضرة، للاسف ان قادة هذه الجمعيات لا يستجيبون لاي تطور منذ التصويت علي الميثاق الوطني وكأنهم محاطرن بقالب، انهم مربوطون بالماضي، يرفضون كل مكتسبات الوطن الدستورية التي اقرها دستور 2002م والذي نص علي ان مملكة البحرين مملكة دستورية من خلال نظام ملكي يستند الي مبدأ الفصل بين السلطات مع الاخذ بالنظام البرلماني ومنح المرأة حقوقها السياسية وتعزيز الشفافية في كافة الاجهزة الادارية من خلال ديوان للمراقبة المالية وآخر للرقابة الادارية.
وإذا كنا الان في حالة من المكاشفة والمصارحة فاننا نأخذ علي هذه الجمعيات انها نفضت يديها من المشاركة جملة وتفصيلا ولذلك لم نجد احد منها استطاع ان يتبني قضايا المواطن الحقيقية بهدف رفع مستوي معيشته او حلا لمشكلة البطالة او اي مشكلة اخري، كما انها لم تتقدم باي مشروع او اقتراح وطني.
اننا ننصح هذه الجمعيات ان تنحو منحي جديداً في عملها العام وليكن لقاؤها مع جلالة الملك المفدي بداية جديدة لهم وعفا الله عما سلف، وهذا هو واجب الدولة… فهي كالاب يعفو عن ابنه حين… لقد كان الوطن كريماً معهم.. والاولي بهم ان يردوا هذا الكرم بالوقوف مع النفس ومحاسبتها، يجب عليهم ان ينحو منحا جديدا في العمل الوطني حتي يصلوا الي مرحلة تبني اسلوبا مغايراً في الحوار والتعامل مع الآخر والاعتراف.
ان العقلاء في هذه الجمعيات يجب ان يتحركوا فالعمل الوطني يسمو علي الجميع وشعب البحرين وقيادته لن تسمح للعبة السياسية ان تمزق القانون وتتجاوزه لاي اعتبار.
ان المرحلة الدقيقة التي تمربها البحرين تستدعي منا جميعا ان نلتفت حول القيادة حتي يخرج افضل ما في هذا الشعب الا وهي اللحمة الوطنية التي لن ينال منها اي كائن من كان، انها فرصة تاريخية لهم فالبحرين وتجربتها الديموقراطية لن تعود للوراء وهذا ما اكده جلالة الملك.


* نائب شيخ قبيلة الدواسر
* الشيخ: عيسي بن علي الدوسري

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى