آخر الأخبارملف شهر محرم

التَّهيئة لشهر محرم 1444هـ

تاريخ: 21 ذو الحجَّة 1443هـ | الموافق: 21 يوليو 2022 م | حسينيَّة النُّعيم الغربي - البحرين

هذه الكلمة لسماحة العلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، والتي ألقيت في حسينيَّة النعيم الغربي بمناسبة التَّهيئة لشهر محرَّم الحرام 1444هـ، في يوم الخميس (ليلة الجمعة)، بتاريخ: (21 ذو الحجَّة 1443 هـ – الموافق 21 يوليو 2022 م)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.

 

مسؤوليَّة الإحياء العاشورائي

 

أعوذ باللَّه السَّميع العليم من الشَّيطان الغوي الرَّجيم

بسم الله الرَّحمن الرّحيم

الحمد للهِ ربِّ العالمين، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّد الأنبياء والمرسلين، سيِّدنا ونبيِّنا وحبيبنا وقائدنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ الطَّيِّبين الطَّاهرين.

السَّلام عليكم أيُّها الأحبَّة جميعًا ورحمة الله وبركاته.

ونحن على مشارف الموسم العاشورائي، الموسم المركزي في الواقع الشِّيعي.

نريد لهذا الموسم أن يكون موسمًا ناجحًا، وهذا يحتاج إلى مجموعة أمور، أشير إليها ثم أبدأ بالتفصيل.

 

المواقع المسؤولة عن نجاح الموسم العاشورائي

هناك مجموعة مواقع أساس تتحمَّل مسؤوليَّة نجاح الموسم العاشورائيِّ:

الموقع الأوَّل: الخطاب العاشورائيِّ

الموقع الثَّاني: الإدارات العاشورائيَّة

الموقع الثَّالث: الفعَّاليَّات العاشورائيَّة

الموقع الرَّابع: الجمهور العاشورائيِّ

أعطني خطابًا عاشورائيًّا ناجحًا، وإدارات عاشورائيَّة ناجحة، وفعَّاليَّات عاشورائيَّة ناجحة، وجمهورًا عاشورائيًّا ناجحًا، أقول لك إنَّ الموسم ناجح.

إنَّ وجود خلل في هذه المواقع الأربعة يؤدِّي إلى خللٍ في الموسم.

فإذا أوجدنا خطابًا فاشلًا فشل الموسم، حتى لو كانت الإدارات ناجحة، وحتى لو كان الجمهور ناجحًا، وحتى لو كانت الفعَّاليَّات ناجحة.

وسنتحدث عن ما هو المقصود بخطاب عاشوراء؟

فإذًا يجب أن يكون الخطاب ناجحًا.

وسيأتي الحديث عن معايير النَّجاح.

وإذا وجدنا خطابًا ناجحًا لكن كانت الإدارات فاشلة، فهنا ينعكس فشلها على فشل الموسم، مهما كان الخطاب ناجحًا، ومهما كانت المواقع الأخرى ناجحة.

إذا كانت إدارات المآتم وإدارات المواكب إدارات فاشلة فهنا يُفشِل الموسم، فإنَّ الإدارات الفاشلة تُفشِل الموسم.

وإذا وُجد خطابٌ ناجحٌ وإدارات ناجحة، لكن الفعَّاليَّات العامَّة فاشلة أو الجمهور فاشل، فهنا يفشل الموسم.

إذًا هذه مواقع أربعة يجب أن نلقي بعض الضَّوء عليها؛ حتى نستعدَّ لموسم عاشورائي ناجح، حيث إنَّ هذا الموسم موسمٌ استثنائيٌّ في التَّاريخ، وفي الواقع الشِّيعي.

إنَّ خطاب الإمام الحسين (عليه السَّلام) متحرِّك طيلة السَّنة، ومنبر الإمام الحسين (عليه السَّلام) متحرِّك طيلة السَّنة، لكنَّ موسم عاشوراء وموسم الأربعين هذين الموسمين لهما خصوصيَّات، واستعدادات نفسيَّة وفكريَّة وثقافيَّة لا توجد في أيِّ موسم آخر.

إذًا نحنُ معنيُّون بأنْ نعمل على نجاح الموسم، فإنَّه بقدر ما ينجح الموسم العاشورائي ننجح في صناعة الإنسان العاشورائي.

كيف يُصنع الإنسان العاشورائي؟

يصنعه موسمٌ ناجح، ويصنعه خطابٌ ناجح، ويصنعه إدارات ناجحة، وفعَّاليَّات ناجحة، وجمهور ناجح، هكذا ينصنع الإنسان العاشورائي.

نتحدَّث بشكلٍ موجزٍ عن هذه المواقع الأربعة؛ التي تُشكِّل مكوِّنات النَّجاح للموسم العاشورائي.

 

الموقع الأوَّل: الخطاب العاشورائي

ماذا نعني بالخطاب العاشورائي؟

وهنا نتحدَّث عن:

1- المنبر الحسينيِّ

هذا الموقع الأساس للخطاب العاشورائي، فهناك خطابٌ ينطلق من مواقع كثيرة، لكنَّ الموقع الأساس لخطاب عاشوراء هو المنبر، ونجاح المنبر هو نجاح الخطاب، وفشل المنبر هو فشل الخطاب، فمطلوب أن نعمل على إنتاج خطاب منبر ناجح.

كيف ينصنع المنبر الناجح؟

هذا بحثٌ آخر، معني بخطباء وعلماء ومؤسَّسات معيَّنة.

لكنَّ المهمَّ أنَّنا نحتاج إلى منبرٍ ناجح.

 

2- الرَّادود الحسينيِّ

الخطاب أيضًا يشمل الرَّدَّات الحسينيَّة لأنَّ الرَّادود صار ينافس المنبر، لعلَّه في يوم من الأيام كان المنبر متفرِّدًا، لكنَّ اليوم دخل على الخط الرَّادود، فأصبح الرَّادود ينافس الخطيب، وربَّما جمهور بعض الرَّواديد أكبر من جمهور المنابر، وأكبر من جمهور خطباء كبار، الخطباء لهم جماهيرهم وخصوصًا الخطيب حينما يكون متميِّزًا فله جمهوره وحُضَّاره، لكن أصبح الرَّادود يمتلك موقعًا استطاع مِنْ خلاله أن يستقطب جمهورًا كبيرًا، وربَّما كثير من جمهور الرَّادود قد لا يحضرون المآتم، لكنَّهم حُضَّار للرَّواديد، فهذا خطاب أيضَا.

المنبر خطاب، والرَّادود خطاب.

 

3- الشِّعار الحسينيِّ

هذا خطاب أيضًا.

نحن الآن حينما نطرح – مثلًا – شعار: (نمضي على دين النَّبيِّ) – هذا شعار يحتاج إلى حديث مفصَّل – كيف نجذِّر الشِّعار؟

كيف نؤصِّل الشِّعار؟

كيف نحرِّك الشِّعار في واقعنا العاشورائي؟

ومثال آخر: شعار (يا حسين)، هذا الشِّعار سواء وُضِع على حائط، أم على عصابة على جبهة إنسان، أم على ثيابه، فهذا شعار يجب أن يتحرَّك بوعي، فشعار (يا حسين) عندما أضعه على عصابتي، أو أضعه على قميصي، أو على لباسي، فهذا ليس فقط للعاطفة العاشورائيَّة، لا، بل هذا يحمل دلالة كبيرة، ويحمل معنى كبيرًا، هذا الشِّعار يجب أن نحوِّله إلى مضمون، ويجب أن نحوِّله إلى حركة.

 

4- الإصدار الحسينيِّ

هذا يُعدُّ مِنْ ضمن الخطاب، وإن كانت الإصدارات لحدِّ الآن غير مفعَّلة بدرجة تتناسب مع حجم الموسم العاشورائي، هناك إصدارات يجب أن تنتشر في موسم عاشوراء، ونحتاج مَنْ يقرأ، ومَنْ يتابع.

 

5- المسرح الحسيني

6- المرسم الحسيني

7- أي موقع آخر للخطاب العاشورائي

هذا كلُّه يُسمَّى خطاب، ونجاح الخطاب هو نجاح للموسم.

لكن يبقى المنبر الحسيني والرَّادود الحسيني هما الموقعان الأساس في موسم عاشوراء.

كلُّ هذه مواقع للخطاب، لكنَّ موقع المنبر يبقى متميِّز، وموقع الرَّادود يبقى متميِّز، فنحن بحاجة إلى نجاح الخطاب العاشورائي خاصَّة المنبر والرَّادود.

 

مكوِّنات نجاح الخطاب العاشورائي

ربما يسأل البعض: ما هي شروط النَّجاح؟

كيف أقيِّم المنبر النَّاجح من المنبر غير النَّاجح؟

هناك مجموعة مكوِّنات لنجاح الخطاب العاشورائي، وهي:

المكوِّن الأوَّل: عرض مأساة عاشوراء عرضًا سليمًا

1- ضرورة أن تبقى الدَّمعة.

البُعد الوجداني العاطفي مطلوب خاصَّة في موسم عاشوراء، ولا يُسمح بمصادرة هذا البعد الوجداني العاطفي.

الدَّمعة مطلوبة، والبكاء مطلوب، والتَّعاطي مع مأساة عاشوراء، ومع حزن عاشوراء، ومع لوعة عاشوراء، ومع ألم عاشوراء، هذا أمرٌ مطلوب.

وقد يأتي مَنْ يقول: لا نحتاج للدَّمعة، فقد انتهت حاجتنا للدَّمعة، أو كما قالها بعضهم في الصَّحافة في السِّتينات: أيُّها الشِّيعة إلى متى هذا الحزن المدمِّر؟

لا، هذا الحزن ليس مدمِّرًا، وإنَّما هو حزن فاعل، نريد أن نعطي للحزن حضورًا فاعلًا، ونريد أن نعطي للدَّمعة حضورًا فاعلًا، ليس فقط دمعة عاطفيَّة وجدانيَّة وألم، وإلَّا فالإمام الحسين (عليه السَّلام) يبكي عليه حتى غير المسلمين، مَنْ يقرأ مأساة الإمام الحسين (عليه السَّلام) يبكي، ومن يقرأ وعنده شيئ من الوجدان والضَّمير والأحاسيس والعواطف يبكي.

إذًا ليس مجرَّد البكاء، وإنَّما البكاء الذي ينطلق من وعيٍ بموقع وقيمة الإمام الحسين (عليه السَّلام):

مَنْ هو الحسين الذي نبكي عليه؟

ما هي مأساة الحسين؟

ما هي مأساة آل الحسين وأصحاب الحسين؟

إذًا البعد المأساوي في قضيَّة الخطاب مطلوب جدًّا.

ويجب أن تبقى الدَّمعة، ويبقى الحزن، ويبقى الألم، والوهج العاطفي والوجداني.

لكن نحن نريد مع الدَّمعة ومع الوهج الوجداني نريد ثقافة عاشورائيَّة، فلا نصنع فقط بكَّائين، مطلوب أن نصنع بكَّائين على الإمام الحسين (عليه السَّلام)، لكن كما نصنع دمعة عاشورائيَّة يجب أن نخلق ونصنع عقولًا عاشورائيَّة، وإلَّا لو صنعنا فقط دمعة عاشورائيَّة ربَّما تنفلت هذه الدَّمعة، وربما ينحرف الإنسان، فهو يبكي على الإمام الحسين (عليه السَّلام) ولكنَّه في مسارات منحرفة عن خطِّ الإمام الحسين (عليه السَّلام)؛ لأنَّنا لم نصنع عقله، ولم نصنع ثقافته، القيمة أن نصنع عقل الإنسان العاشورائي وثقافة الإنسان.

إذًا الخطاب يجب أن يصنع العاطفة، ويصنع الدَّمعة، ويصنع العقل.

العقل هو الذي يحصِّن جيلنا، فأجيالنا اليوم بحاجة إلى تحصين.

أجيالنا اليوم مسروقة، أجيالنا اليوم في هيمنة وسائل في غاية الخبث وغاية المكر وغاية التَّأسيس لسرقة الأجيال، فنحتاج إلى خطاب عاشوراء.

فإذا لم يعالِج خطاب عاشوراء مشاكل شبابنا ومشاكل مجتمعنا، متى ستُعالَج هذه المشاكل؟ وأيُّ خطابٍ يستطيع أن يُعالِج؟

صحيح هناك خطاب علماء، ومطلوب أن يُمارس كلٌّ دوره، لكن يبقى الخطاب العاشورائي خطاب متميِّز، فأنا قد لا أملك ما يملكه المنبر وما تملكه عاشوراء مِنْ جمهور.

فإذًا خطاب عاشوراء يجب أن يُعنى بواقع السَّاحة بكلِّ تحدِّياتها الفكريِّة والثَّقافيَّة.

 

2- ضرورة الابتعاد عمَّا يُسيئ إلى مقام المعصوم (عليه السَّلام).

ليس الغرض هو أن نُبكي النَّاس بأيِّ أسلوب، حتى لو كان فيه إساءة إلى شخصيَّة المعصوم، بل يجب أن نحافظ على قداسة شخصيَّة المعصوم، المعصوم بكى وتأَّلم وتوَّجع لِما شاهد مِن مآسي، ونحن نبكي عليه لِما شاهدنا مِن مآسي.

ولا ينبغي ذكر القصص من أجل إبكاء النَّاس فقط حتى لو كانت قصصًا ما أنزل الله بها من سلطان، فإنَّ البكاء مطلوب، والدَّمعة مطلوبة لكن يجب الابتعاد عمَّا يُسيئ إلى مقام المعصوم (عليه السَّلام).

 

3- ضرورة تطوير أساليب استثارة الدَّمعة.

 

المكوِّن الثَّاني: طرح قضيَّة عاشوراء طرحًا واعيًا

فيما هي منطلقاتها.

وفيما هي أهدافها.

وفيما هي معطياتها.

ما هي منطلقات عاشوراء؟

لماذا ثار الإمام الحسين (عليه السَّلام)؟

ربَّما إلى الآن لم يُعالج هذا السُّؤال معالجة علميَّة دقيقة.

هل هي معركة بين الإمام الحسين (عليه السَّلام) ويزيد على نظام؟ أو على حكم؟ أو على مواقع؟

هل فقط الإمام الحسين (عليه السَّلام) يريد أن يصحِّح بعض الأخطاء في السَّاحة؟

أو لأنَّ هناك مشروع خطير لإنهاء الإسلام؟

وهناك انقلاب على الإسلام أسقطته ثورة عاشوراء؟

ثورة عاشوراء أسقطت مشروعًا خطيرًا هو مشروع الانقلاب على الإسلام، بمعنى أنَّه لو لا ثورة الإمام الحسين (عليه السَّلام) لعاد النَّاس إلى جاهليَّتهم، كما قالوها: “… إلَّا دَفْنًا دَفْنًا”[1]، وكما قالوها: “لَعِبَت هاشِمُ بِالمُلكِ …”[2]، بمعنى أنَّنا نريد أن نلغي رسالة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، ورسالة القرآن، ونعود للجاهليَّة، وينتهي شيئ اسمه إسلام وقرآن، لكن جاءت ثورة الإمام الحسين (عليه السَّلام) فأوقفت وأسقطت هذا المشروع.

إذًا يجب عرض الأسباب المركزيَّة الحقيقيَّة لثورة الإمام الحسين (عليه السَّلام).

ويجب عرض قضيَّة عاشوراء طرحًا واعيًا فيما هي منطلقاتها، وأهدافها، ومعطياتها.

وهكذا تتزاوج الفكرة مع الدَّمعة، والعقل مع الوجدان.

 

المكوِّن الثَّالث: توظيف خطاب عاشوراء

– عقائديًّا

– ثقافيًّا

– روحيًّا وأخلاقيًّا وسلوكيًّا

– اجتماعيًّا

– رساليًّا

المطلوب من خطاب عاشوراء أن يُوظَّف من أجل صناعة عقائد النَّاس، فإنَّ العقيدة اليوم مهدَّدة. والثَّقافة مهدَّدة.

والرُّوح والأخلاق والسُّلوك مهدَّدة.

والإنسان مهدَّد اجتماعيًّا ورساليًّا.

هنا يأتي دور عاشوراء في توظيف الخطاب توظيفًا عقائديًّا ثقافيًّا روحيًّا، وصناعة الأجيال صناعة إيمانيَّة.

 

هنا سؤال يُطرح:

هل من مهمَّة الخطاب العاشورائي أن يلج السِّياسة؟ وأن نُقحم المنبر في السِّياسة؟

مطلوبٌ أن يتحدَّث المنبر عن هموم النَّاس، ومطلوب أن يتحدَّث المنبر عن آلام الشُّعوب، ومطلوب أن يتحدَّث المنبر عن إصلاحات الشُّعوب والأوطان، لكنَّ الدُّخول في معتركات السِّياسة يمكن أن يُربك أعمال المنبر، لا نقول إنَّ المنبر لا يقول الكلمة، ولا نقول إنَّ المنبر لا يُصلِح ولا يعمل على دور الإصلاح في واقع مجتمعاتنا، يجب أن نتحدَّث عن الفساد، ويجب أن نتحدَّث عن الانحرافات سواءً كانت انحرافات عقائديَّة أم انحرافات ثقافيَّة أم اجتماعيَّة أم سياسيَّة، فالانحراف انحراف، لكن نحرص أن لا ندخل في معارك وتجاذبات سياسيَّة قد تُربك أوضاع المنبر، لكن يجب أن يقول المنبر كلمته فيما هو خير الأوطان، وفيما هو خير الشُّعوب، وفيما هو خير هذا الإنسان.

 

مؤهلات الخطاب العاشورائي

1- مؤهلات عِلميَّة وثقافيَّة

2- مؤهلات رُوحيَّة وأخلاقيَّة

3- مؤهلات سُلوكيَّة

4- مؤهلات رِساليَّة

5- مؤهلات فَنيَّة

فإذًا نحتاج إلى خطاب ناجح، وهذا يحتاج إلى حديث آخر مفصَّل قد نتناوله في بعض لقاءاتنا في هذه الأيام، هذا موقع نسمِّيه موقع الخطاب.

إذًا نحتاج حتى يكون موسم عاشوراء موسمًا ناجحًا، نحتاج إلى خطاب ناجح: خطاب منبر، خطاب رادود، خطاب عالِم، وأيّ خطاب، لكن يبقى خطاب المنبر وخطاب الرَّادود هما المركزيَّان، فهذا شرطٌ أساس لنجاح الموسم.

 

الموقع الثَّاني: إدارات المآتم والمواكب

إذا وُجد خطيب كفوء قادر، وخطاب ناجح، لكن في المقابل هناك إدارات مآتم فاشلة ألا يربك هذا الموسم؟

فشل الإدارات ألا يربك الموسم؟

يُربك الموسم، بل ويُربك خطاب المنبر وخطاب الرَّادود، فإنَّ الإدارات مواقع أساس في نجاح موسم عاشوراء، بقدر ما نملك إدارات ناجحة نساهم في نجاح الخطاب، وفي نجاح المآتم، والحُسينيَّات، وفي نجاح الموسم العاشورائي.

وكيف نتوافر على إدارات ناجحة؟

من شروط الإدارات النَّاجحة:

1- امتلاك وعي كبير بأهداف الموسم العاشورائي

امتلاك وعي كافٍ بقضيَّة الإمام الحسين (عليه السَّلام)، فلا يمكنك وضع مسؤول في إدارة وهو غير مستوعب أهداف هذه المؤسَّسة، فمثلًا عندما تُدير مؤسَّسة اقتصاديَّة، أو مؤسَّسة ثقافيَّة، أو مؤسَّسة اجتماعيَّة، أو مؤسَّسة رياضيَّة، يجب أن تملك ثقافة هذه المؤسَّسة.

إذا كان شخصٌ لا يملك ثقافة رياضيَّة لا يُجعل مسؤولًا في مؤسَّسة رياضيَّة.

وإذا كان شخصٌ لا يملك ثقافة اجتماعيَّة لا يُجعل مسؤولًا في مؤسَّسة اجتماعيَّة.

وإذا كان شخصٌ لا يملك ثقافة سياسيَّة لا يُجعل مسؤولًا في مؤسَّسة سياسيَّة.

فإذا كنت مسؤولًا في إدارة مؤسَّسة حُسينيَّة ولا تملك الثَّقافة الحُسينيَّة فكيف يكون ذلك؟

فليس كلُّ من يملك شعبيَّة أكثر، وينجح أكثر في الانتخابات يكون له موقع في الإدارة، فلابدَّ أن نفكِّر في الأصلح والأقدر والأكفأ.

ومن هنا نحتاج إلى صناعة إداريِّين، وضرورة أن نصنع كفاءات إداريَّة باستمرار، فإدارات المآتم وإدارات المواكب مطلوب منها أن تملك وعيًا كبيرًا بأهداف الموسم العاشورائي.

 

2- امتلاك فهم فقهي قادر أن يحرِّك الفعَّاليَّات وِفق الضَّوابط الشَّرعيَّة السليمة

وهذا الأمر أكرره دائمًا وفي كلِّ اللِّقاءات: المفروض على إدارات المآتم أن تملك فهمًا فقهيًّا.

هذا مشروع يخضع إلى أحكام فقهيَّة كثيرة، فلا يصح أن نسلِّم مشروعًا بهذا الحجم له أحكامه الفقهيَّة الكثيرة إلى إنسان لا يملك ألف باء الفقه، وعلى أقل تقدير فليكن معهم عالم ومشرف فقهي، بحيث يُتابع المسألة الفقهيَّة في كلِّ مسارات الإدارات الحُسينيَّة.

 

3- امتلاك مصداقيَّة عمليَّة تُعبِّر عن انسجام حقيقي مع رسالة عاشوراء

لا بدَّ للإدارات أن تمتلك مصداقيَّة، وأعني بالمصداقيَّة:

لا يمكن أن أجعل في إدارة مؤسَّسة حسينيَّة إنسان لديه انحرافات دينيَّة، أو خُلقيَّة، أو سُلوكيَّة، فهذا لا يجوز إطلاقًا.

يجب على من يتسلَّم هذه المواقع أن يكون نموذجًا من تقوى، وصلاح، وأخلاق، ونظافة، فهذه مسؤوليَّة.

– وحذارِ حذارِ من إنتاج الخلافات والصِّراعات

مطلوب أيضًا من الإدارات الابتعاد عن التَّجاذبات والخلافات، فلا نجعل إدارة تكون في نزاعات واختلافات يوميَّة وتؤدي إلى تعطيل مشروع المأتم، هذا لا يصح، وهذا يؤدِّي إلى خسارة كبيرة في نجاح المشروع الحُسيني.

 

4- امتلاك الكفاءة الإداريَّة (توظيف الطَّاقات والقدرات توظيفًا جادًّا وبصيرًا)

الحديث عن الإدارات حديث طويل، ويحتاج إلى محاضرات خاصَّة نتحدَّث فيها عن الإدارات وشروط الإدارات وكفاءات الإدارات، وأنا أكَّدت في أكثر من حديث أنَّ على كلِّ إدارة في كلِّ مأتم أنْ تعتمد لجنة استشاريَّة، خاصَّة الَّذين مرُّوا بتاريخ من الإشراف على الإدارات يُشكِّلون لجان إشراف، أو لجان استشارة، حتى يمكن الاستفادة من خبرات سابقة، ومن خبرات سنوات طويلة، هذه الخبرات يجب أن نستفيد منها.

 

الموقع الثَّالث: مسؤولو الفعَّاليَّات العاشورائيَّة

عاشوراء ليست مأتم فقط، بل عاشوراء موكب، وعاشوراء مراسيم كثيرة أصبحت جزءًا أساسًا من الموسم.

قد تُوزَّع المسؤوليَّات العاشورائيَّة على عدَّة مواقع:

– مسؤوليَّات الخطباء

– مسؤوليَّات الرَّواديد

– مسؤوليَّات المواكب

– مسؤوليَّات الإطعام

– وغيرها من المسؤوليَّات.

 

مساران في موسم عاشوراء

المسار الأوَّل: مسار ينطلق من رؤى فقهيَّة ثابتة.

– البكاء: توجد فيه نصوص، فهو يُعتبر أحد مراسم عاشوراء.

– الحزن: فيه نصوص صادرة عن المعصوم.

– الاجتماع وحضور المآتم: هذا فيه نصوص.

فهذا النَّوع من مراسيم عاشوراء منصوص عليها.

المسار الثَّاني: نوع يُشكِّل إحياءً للموسم لكن لا يوجد فيه نص.

الموكب: لا يوجد فيه نص من المعصوم، لكنَّ الموكب يمثِّل أحد مراسم إحياء عاشوراء.

لا يوجد مانع أن نُدخل مراسيم تُحيي عاشوراء، لكن بشرط أن تكون خاضعة للمعايير الشَّرعيَّة، فليس بمزاجي أن أدخل كلَّ شيئ وأسمِّيه شعيرة، كالدُّخول في النَّار، أو جلد النَّفس، فالشَّعائر لها ضوابطها.

فإذًا من أجل نجاح الموسم نحتاج إلى نجاح مراسيم عاشوراء.

 

الموقع الرَّابع: الجمهور العاشورائي

 

مواصفات الجمهور العاشورائي

1- الحضور العاشورائي

(المجالس/ المواكب/ الفعَّاليَّات)

جماهيرنا حضَّار المآتم هم جمهور عاشوراء، وكذلك حضَّار المواكب هم جمهور عاشوراء، وكلُّ الموجودين في الجو العاشورائي هم جمهور عاشوراء، الأسر في داخل البيت، الرِّجال، النِّساء، الأولاد، الأطفال، هؤلاء كلُّهم جمهور عاشوراء.

جمهور عاشوراء ليس فقط مَنْ يحضر المآتم، وجمهور عاشوراء ليس فقط مَنْ يحضر المواكب، بل كلُّ مَنْ يتفاعل مع عاشوراء في أيِّ موقع هو من جمهور عاشوراء.

إذًا حتى ينجح الموسم يجب أن يكون الجمهور العاشورائي ناجحًا، والهدف المركزي من المشروع العاشورائي أن ينتج جمهورًا عاشورائيًّا ناجحًا.

 

ظواهر بحاجة إلى معالجة

أ- التَّواجد في الشَّوارع

ب- التَّواجد في (البوفيهات)

ج- ظاهرة الاختلاط

د- الارتباط بالفضائيَّات

 

2- هُويَّة الجمهور العاشورائي

كيف ننتج جمهور عاشوراء؟

ما هي الشُّروط؟

هناك شروط كثيرة للجمهور العاشورائي تحتاج إلى وقت للحديث عنها، ومنها:

أ- الانصهار الوجداني والعاطفي

ب- الوعي العاشورائي

ج- الالتزام العاشورائي

د- الحراك العاشورائي

 

الحسيني العاشورائي هو الذي يستوعب وعي عاشوراء، وقيم عاشوراء، وأخلاق عاشوراء، وعاطفة ووجدان عاشوراء، وسلوك عاشوراء، ورساليَّة عاشوراء.

فأنت هيِّأ نفسك لكي تكون من جمهور عاشوراء، اصنع نفسك صناعة عاشورائيَّة، حينذاك تستطيع أن تكون النَّموذج لموسم عاشوراء.

 

 

[1] ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 5/130.

[2] الطَّبرسي: الاحتجاج 2/30، (احتجاج زينب بنت علي (ع) على يزيد).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى