حديث الجمعةشهر ربيع الثاني

حديث الجمعة201: متابعة الحديث حول آخر توقيع صادر عن الإمام المهديّ (ع) – كيف يتعاطى طلابنا مع الامتحانات النهائيّة؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله الطيبين الطاهرين…


جاء في آخر توقيعٍ للإمام المهديّ عليه السلام بواسطة السفير الرابع عليّ بن محمدٍ السمري قوله: «وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر».
قلنا: أنّ المشاهدة – هنا- تعني «ادعاء السفارة والنيابة الخاصة» وهذا ادّعاءٌ باطلٌ وقد أجمع علماء الشيعة على وجوب تكذيب من يدّعي «السفارة» في عصر الغيبة الكبرى لذلك تصدّى الفقهاء في كلّ الأزمنة لأيّ مدّع لهذا الموقع، وأصدروا الفتاوى المشدّدة في مواجهة هذا اللون من الادعاءات الكاذبة…


هنا سؤال يطرح: لماذا حدّد التوقيع الأمر بظهور السفياني وحدوث الصيحة «فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّابٌ مفتر»؟
هذا يعني: أنّ ادّعاء المشاهدة إذا حصل بعد خروج السفياني والصيحة فلا يشمله هذا الوصف بالكذب والافتراء..


الجواب:
إنّ خروج السفياني والصيحة من العلامات المقارنة لظهور الإمام المهديّ، فمن الطبيعي أن يكون للإمام المهديّ عليه السلام «وكلاء ونوابًا وسفراء» في تلك المرحلة، فمن ادّعى النيابة في ذلك الوقت لا يُكذّب ولكن يطالب بالدليل والبرهان…


من المعارك التي سوف يخوضها الإمام المهديّ وأنصاره هي المعركة مع (السفياني)


من هو السفياني؟
هو زعيمٌ سياسيّ، ينتمي إلى الإسلام إلاّ أنّه يمثّل الإسلام التحريفي، يمارس أبشع ألوان الظلم وهتك الحرمات وسفك الدماء. وإباحة المحرمات…
في بعض الروايات أنّه «يقتل حتى يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان».
وفي حديثٍ: «إنّك لو رأيت السفياني، لرأيت أخبث النّاس، أشقر، أحمر، أزرق، يقول: يا ربّ ثاري ثاري ثمّ النار».
وهناك رأيٌ آخر يحاول أن يفهم (السفياني) فهمًا رمزيًا، فالسفياني يمثّل خط الانحراف في الوسط الإسلاميّ، ويندرج في ذلك كلّ الرموز والقوى والحركات والكيانات المنحرفة في داخل مجتمعات المسلمين…
كما أنّ الدّجال يمثّل الخط المعادي للإسلام الكافر بالدين…
إذن أمامنا تصوران للسفياني:
التصور الأول: أنّه يمثل شخصًا معينًا له اسمه ونسبه ومواصفاته…
التصور الثاني: أنّه يمثل خطًا انحرافيًا يتجسّد في أكثر من شخص، وأكثر من حركة وأكثر من كيان…
من الملاحظات الملفتة للنظر: أنّ المصادر السنية لم يرد فيها أيّ ذكرٍ للسفياني، وإنّما تحدّثت بشكلٍ واسع عن الدجال..
أمّا المصادر الشيعيّة فركّزت كثيرًا على أخبار السفياني… وأمّا الدّجال فلم يرد إلاّ قليلاً في هذه المصادر…
كيف تبدأ المواجهة بين الإمام المهديّ وجيش السفياني؟
هذا ما نحاول الإجابة عنه في الحديث القادم – بإذن الله تعالى-


الامتحانات على الأبواب:
كيف يتعاطى طلابنا مع الامتحانات النهائيّة؟
يمكن أن نصنّف طلابنا وطالباتنا في التعاطي مع الامتحانات النهائيّة إلى أصناف:


الصنف الأول:
أولئك الجادّون المجتهدون الحريصون كلّ الحرص على خوض الامتحانات برغبةٍ وشوقٍ وإصرار، وهم يحملون طموحًا كبيرًا في التفوّق ونيل أعلى الدرجات… من أجل أن يرسموا لأنفسهم مستقبلاً علميًا واعدًا….. فما أحوجنا إلى هذا الصنف من الطلاب والطالبات، فواقعنا يبحث عن الكثير الكثير من الكفاءات والقدرات العلميّة المتميّزة ليس من أجل الوظائف الرسميّة فقط… وإنّما من أجل حاجات الواقع فيما تفرضه ضرورات المرحلة، ومتطلبات العمل الدينيّ والثقافيّ والاجتماعيّ والسياسيّ، أيّ جماعة لا تملك الكفاءات والقدرات العلميّة والتخصصيّة التي تغطي مساحات الحاجة جماعة مكتوب عليها التخلّف والتأخر، والفشل والضياع والانهزام…


فإلى مزيدٍ من التفوق العلميّ أيّها الأبناء الأعزاء، وإلى مزيدٍ من الطموح في سلّم الاختصاصات المتقدّمة، فالدين يريد لأتباعه أن يكونوا متفوّقين في كلّ المجالات ما دام هذا التفوّق يخدم أهداف الدين وأهداف المجتمع النظيفة المشروعة، الدين يريد لأبنائه أن يكونوا الأقوياء «فالمؤمن القوي خيرٌ وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف» المؤمن القوي في قدراته الإيمانيّة والروحيّة والفكريّة والعلميّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والإعلاميّة والعسكريّة ما دامت هذه القدرات تصبّ في خدمة الإسلام وأهداف الإنسان الكريمة…
قال الله تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ….» إذا كانت هذه الآية تتحدث في سياق الإعداد للقوة العسكريّة بكلّ أشكالها ووسائلها مهما تطورت، فإنّه يمكن أن يُستوحى من الآية ضرورة الإعداد للقوة في كلّ المجالات العلميّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة ممّا يعطي للمسلمين موقعهم المتميّز بين الأمم، وممّا يحميهم في مواجهة كلّ الأطماع المعاديّة…
من هنا نفهم أهميّة أن ننتج أجيالاً متفوقين من طلابنا وطالباتنا… أعداؤنا يريدون لنا أن نبقى متخلفين، ضعفاء، مهزومين…. فالحذر الحذر من التهاون في الدراسة والتحصيل والبناء والتكوين..


الصنف الثاني:
الطلاب والطالبات الذين لا يطمحون إلى أكثر من النجاح في الامتحانات ولو في الحدّ الأدنى من المستويات، هؤلاء لا يحملون طموح التفوق والنجاح المتقدّم… إنّها هممٌ مُتدْنِّية، كسولة، مسترخية، هذا الصنف من الطلاب والطالبات يهيئون لأنفسهم مستقبلاً ضعيفًا، فاشلاً، هذا الصنف من الطلاب والطالبات قد عطّلوا ما لديهم من قدراتٍ وطاقاتٍ وكفاءاتٍ كان بالإمكان استثمارها والاستفادة منها إلاّ أنّهم حرموا أنفسهم، وحرموا دينهم وأمتهم من هذه الإمكانات، كم هي جناية على النفس أن يقتل الإنسان إمكاناته ومواهبه وقدراته…..


إنّ تدنّي الطموح والهمّة والعزيمة لدى هؤلاء هو الذي جعلهم يكتفون بالحدود الدنيا للنجاح، وكانوا بإمكانهم لو استثاروا ما في داخلهم من طموحاتٍ وهممٍ وعزائم أن يكتشفوا الكثير الكثير من الاستعدادات والقابليّات والإمكانات، نصيحتي لهؤلاء الأبناء أن يعيدوا حساباتهم في التعاطي مع الدراسة والامتحانات، وإذا كان هناك بقية من وقت فليوظّفوها في استنهاض القدرات والطاقات، فعسى أن يلحقوا بالصنف الأول، ليكونوا النماذج التي تحققّ آمال وأحلام الأمّة وطموحاتها في طريق الخير والصلاح والبناء والعطاء..


الصنف الثالث:
الكسالى المتخلفّون الذين يعيشون اللامبالاة، لا يهمهم نجحوا أم رسبوا فالدراسة لا تمثل عندهم همًا كبيرًا والنجاح لا يمثل عندهم هدفًا رفيعًا… هذا النمط يمثل عبئًا على الجميع في حاضرهم وفي مستقبلهم، ماذا سيقدمون لأنفسهم، ولأسرهم، ولمجتمعهم…
ربّما يتذرع هؤلاء الكسالى بأنّ أصحاب الكفاءات والشهادات ها هم عاطلون، محرمون من الوظائف والأعمال، فلماذا التعب والنتيجة بطالة وفراغ وتسكع في الشوارع والطرقات…


هذا تفكيرٌ خاطئٌ جدًا، وتفكير معتوه ومدمّر، إذا جارت على الكفاءات والمؤهلات سياسات أنظمة، فهذا لا يعني أن نجور على أنفسنا، ونتحول إلى مجاميع من الأغبياء والمتخلّفين علميًا وثقافيًا، ثمّ إنّ البناء العلميّ والثقافيّ ليس من أجل الوظائف الرسميّة، الذين يملكون الكفاءات والقدرات تنفتح أمامهم أبواب الخيارات أمّا المفلسون المحرومون من كفاءة العلم والمعرفة تنغلق أمامهم الخيارات وحتى لو أرادوا أن يكونوا عمالاً وخدمة وموظفين عاديين…


إنّنا نخاطب هؤلاء من أبنائنا الأعزّاء أن يتحرّروا من عقدة الكسل والتخلّف والفشل، فحرام أن تهدر هذه الطاقات، وأن تموت هذه القدرات، لا تكونوا أداة في تنفيذ مشروعات أعدائكم الذين يريدون لكم أن تكونوا الجهلة الأغبياء المتخلفين، أن تكونوا بلا شهادات، بلا تحصيل، بلا دراسة.
وهنا ندعو أولياء الأمور أن يلتفتوا إلى هذه الظاهرة الخطرة جدًا على مستقبل أجيالنا، فلا تتركوا أبناءكم يتسيّبون في مجالات الدراسة والتحصيل، راقبوهم بدقة، ربّما تحاول بعض الاهتمامات الأخرى أن تستوعب هؤلاء الأبناء، ليس صحيحًا هذا إذا كان على حساب الدراسة وحتى لو كانت تلك الاهتمامات مشروعة وذات قيمة اجتماعيّة، وسياسيّة، إنّنا نريد لأبنائنا أن تكون لهم مساهماتهم الفاعلة في المجتمع، إلاّ أنّ هذه المساهمات لا تحمل قيمة كبيرة إذا كانت المستويات العاملة متخلّفة علميًا وثقافيًا ودراسيًا، كلمّا ارتقى مستوى الكفاءات والقدرات كان العطاء أكبر وأقوى وأنجح…


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى