حديث الجمعةشهر ربيع الأول

حديث الجمعة111:• غيبة الإمام الحجة بن الحسن(عج) الحلقة الأولى• قراءة في سيرة الشهيد السيد محمد باقر الصر(رضوان الله تعالى عليه) الحلقة الأولى

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


عناوين الحديث:
• غيبة الإمام الحجة بن الحسن(عج) الحلقة الأولى.
• قراءة في سيرة الشهيد السيد محمد باقر الصر(رضوان الله تعالى عليه) الحلقة الأولى.


غيبة الإمام الحجة بن الحسن عليه السلام – الحلقة الأولى:
في اليوم الثامن من ربيع الأول سنة(260هـ) كانت وفاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وفي اليوم التاسع من ربيع الأول سنة 260هـ بدأت إمامة الإمام الحجة المهدي المنتظر عجل الله فرجة، وسهل مخرجة، وجعلنا من أنصاره وأعوانه والذائبين عنه، والمستشهدين بين يديه.
ومع بداية إمامة الإمام المهدي المنتظر بدأت غيبته واختفاءه واستتاره عن الأنظار، وكانت (الغيبة) ظاهرة جديدة في حياة الأئمة عليهم السلام، فلم يسبق لأحد منهم قبل الإمام الحجة المنتظر أن غاب عن الانتظار، وقد فرض هذا الأمر على الأئمة من أهل البيت عليهم السلام أن يهيئوا ذهنية ونفسية أتباعهم لهذا الحدث الجديد خشية أن يفاجأوا به فيشكل لهم صدمة صعبة، كما حدث بالفعل أن شكلت الغيب صدمة قاسية لبعض أتباع مدرسة أهل الأئمة من أهل البيت، ومن أجل التهيئة والإعداد لغيبة الإمام الحجة المهدي لمنتظر صدرت كلمات صريحة وواضحة عن الأئمة عليهم السلام تتحدث عن هذا الأمر.
وهذه طائفة من الروايات صحيحة الإسناد تتحدث عن موضوع (الغيبة):


• عن الإمام الصادق جعفر بن محمد عن آباءه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه آله قال:”المهدي من ولدي ، اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، أشبه الناس بي خلقا وخلقا، تكون له غيبة وحيرة حتى تضل الخلق عن أديانهم، فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها قسطا وعلا كما ملئت ظلما وجورا”.


• وعن زرارة قال: قال أبو عبد الله (الإمام الصادق) عليه السلام:
“يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم فقلت له: ما يصنع الناس في ذلك الزمان؟ قال: يتمسكون بالأمر الذي هم عليه حتى يتبين لهم”.


• وعن إسحاق بن عمار قال : قال أبو عبد الله(الإمام الصادق) عليه السلام:”للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة والأخرى طويلة…””
• وعن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام :”إن بلغكم عن صاحب هذا الأمر غيبة فلا تنكروها”.
• عن الإمام  علي بن موسى الرضا عليه السلام في حدي له عن الإمام المهدي المنتظر قال:”ذاك الرابع من ولدي ، يغيبه الله في ستره ما شاء، ثم يظهره فيملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما”
• عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (يعني الإمام الباقر) عليه السلام قال: سمعته يقول:”إن أقرب الناس إلي الله عز وجل ، وأعلمهم به، وأرأفهم بالناس محمد(صلى الله عليه وأله) والأئمة عليهم السلام فادخلوا أين دخلوا وفارقوا من فارقوا، فإن الحق فيهم ، وهم الأوصياء، ومنهم الأئمة، فأينما رأيتموهم فأتبعوهم ، وإن أصبحتم لا ترون منهم أحدا فاستغيثوا بالله عزوجل، وانتظروا السنة التي كنتم عليها وأتبعوها، وأحبوا من كنتم تحبون وابغضوا من كنتم تبغضون، فما أسرع ما يأتيكم الفرج”.
• وعن صفوان بن مهران قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام:”أما والله ليغيبن عنكم مهديكم حتى يقول الجاهل منكم ما لله في آل محمد (صلى الله عليه وآله) حاجة، ثم يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما”.
• عن أبي أحمد محمد بن زياد قال: سألت سيدي موسى بن جعفر (الإمام الكاظم) – وذكر الحديث إلى أن قال – فقلت: ويكون في الأئمة من يغيب؟ قال:”نعم يغيب عن أبصار الناس شخصه، ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر منا، يسهل الله له كل عسير، ويدلل له كل صعب، ويظهر له كنوز الأرض ، ويقرب له كل بعيد، و يبرر به كل جبار عنيد – إلى آخر الحديث”.
• عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:”إن للقائم غيبة قبل أن يقوم…”، القائم :الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام.
• عن إبراهيم بن عمير الكناسي قال: سمعت أبا جعفر(الإمام الباقر) عليه السلام يقول: “إن لصاحب الزمان هذا الأمر غيبيتن، وسمعته يقول:”لا يقوم القائم ولأحد عنقه بيعة”، صاحب هذا الأمر: الإمام المهدي المنتظر.
• عن أبى الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام أنه قال : كأني بالشيعة عند فقدهم الرابع من ولدي كالنعم يطلبون المرعى فلا يجدونه ، قلت له : ولم ذاك يا ابن رسول الله ؟ قال : لان إمامهم يغيب عنهم ، فقلت : ولم ؟ قال : لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا قام بالسيف .
هذه مجموعة روايات، وغيرها كثير مدونة في أوثق مصادر الحديث، وقمت شخصيا بدراسة سنديه لعدد كبير من الروايات ، تتحدث عن غيبة الإمام المهدي المنتظر، فوجتها تملك درجة عالية جدا من الصحة، ورواتها يملكون درجة عالية جدا من الوثاقة، وهذه الدراسة جزء من مشروع يحاول أن يعالج كل الإشكالات حول (الإمام لمهدي المنتظر) وقد أسميته “الإمام المنتظر.. قراءة في الإشكالات”، أسأل الله تعالى أن يوفقني لانجازه.


وبعد أن استعرضنا بعض روايات الغيبة نطرح هذا السؤال:
لماذا حدثت غيبتان:صغرى وكبرى؟

الجواب:
من المعلوم أن الإمام المهدي المنتظر غيبتين:
الغيبة الصغرى: بدأت سنة260هـ وانتهت 329هـ، أي استمرت ما يرب من سبعين سنة .
الغيبة الكبرى:بدأت سنة 326هـ ولا زالت مستمرة حتى يأذن الله تعالى بالظهور ليملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.


أما لماذا الغيبة الصغرى؟
الغيبة غيب من غيب الله تعالى وهو العالم بأسراره، ولكن ما يمكن أن نفهمه من حكم ومصالح هذه الغيبة الصغرى، الحكمتين والمصلحتين التاليتين:
1. التهيئة والإعداد للغيبة الكبرى، وحسبما ذكرنا، فإن ظاهرة “الغيبة” لم تكن مألوفة في حياة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام، وما كان الواقع الشيعي المنتمي إلى مدرسة أهل البيت عليهم السلام قد مر بهذه التجربة ، وحتى لا يصاب هذا الواقع باهتزاز وارتباك وحيرة وصدمة فلا بد من مرحلة لا تشكل غيبة كاملة، وإنما متوسطة بين الغيبة والحضور، فالإمام ليس غائبا كل الغيبة بل له نحو من الاتصال عبر السفراء والوكلاء، وهكذا بدأت القاعدة الشيعية تتعاطى مع هذا الشكل من العلاقة مع الإمام المعصوم استعدادا وتهيؤا للتعاطي مع الغيبة الكاملة.
2. التأسيس لفكرة “النيابة العامة عن الإمام المعصوم” فمن خلال “النيابة الخاصة” في مرحلة الغيبة الصغرى يتأسس الأمر لفكرة النيابة العامة، فإذا كانت ” النيابة الخاصة تعني”التعين المباشر” من قبل الإمام المعصوم، فهو الذي يحدد النائب شخصا واسما، فإن” النيابة العامة” تعني “التعين غير المباشر”، وهنا يحدد الإمام “العنوان والمواصفات”، والأمة من خلال “أهل الخبرة” هي التي تشخص هذا”النائب” والمسألة في حاجة إلى توضيح نتناوله لاحقا.
وأما ما هي مسؤوليات ومهام”النواب الخاصين = السفراء” في مرحلة الغيبة الصغرى، فهذا ما سنعالجه في الأسبوع القادم – إن شاء الله تعالى – .


قراءة في سيرة الشهيد السيد محمد باقر الصدر(الحلة الأولى):


1. الانقطاع الكامل لله تعالى في العبادة:
يحدثنا الشيخ النعماني – وكان من ملازمي السيد الصدر – عن عبادته وخشوعه وانقطاعه الكامل لله تعالى فيقول: كنت أتربص الفرص لأصلي خلفه جماعة في البيت، فكان في أحيان كثيرة يجلس في مصلاه فكنت أجلس خلفه، وقد دخل وقت الصلاة بل قد يمضي على دخول وقتها أكثر من نصف ساعة والسيد الشهيد جالس مطرق برأسه يفكر، ثم فجأة ينهض فيؤدي الصلاة…”
سأله النعماني عن سبب ذلك فأجاب:
 “إنني آليت على نفسي منذ الصغر ألا أصلي إلا بحضور قلب وانقطاع، فاضطر في بعض الأحيان إلى الانتظار حتى أتمكن من طرد الأفكار التي في ذهني، حتى تحصل لي حالة الصفاء والانقطاع، وعندها أقوم إلى الصلاة”.
ولعل الأفكار التي تزدحم في ذهن الشهيد السيد الصدر ، والتي يحاول أن يطردها لكي لا تشغله عن التوجه والانصهار والذوبان في العبادة، ليست هي من نوع الأفكار المشدودة إلى الدنيا وإلى شهوات الحياة،  فالشهيد السيد الصدر ما كان يحمل في عقله وفي قلبه إلا هم الإسلام وهم المسلمين، وهم العلم وهم الدعوة إلى الله وهم الحوزة، وهم الأوضاع المأزومة والمتحركة في العراق، هذه هي الأفكار والهموم التي تزدحم دائما في داخله، ومع ذلك فهو لا يريد فكرة أو هم أن يزاحم انقطاعه الكامل إلى الله تعالى أثناء الصلاة، إنها لحظات أراد لها أن تكون منقطعة كل الانقطاع على إلى الله ، وخاشعة كل الخشوع إليه سبحانه، وهائمة كل الهيام في عشق الله سبحانه، وذائبة كل الذوبان في حبه ، وفي خشيته، وفي الحياء منه، وفي الطمع إلى رضوانه سبحانه وتعالى.


قيمة الصلاة بمقدار ما تحمل من الإخلاص والانقطاع والخشوع:
“قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ “
من خلال الخشوع الحقيقي في الصلاة تؤدي الصلاة دورها الفاعل في صنع الإنسان في خط الفلاح والصلاح وفي خط التقوى والاستقامة، صلاة ليس فيها خشوع ، وليس فيها انقطاع صلاة خاملة راكدة، إنها صلاة الكسالى:
“وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاةِ قَامُواْ كُسَالَى”
“وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ”
كان سيدنا الشهيد الصدر صادقا كل الصدق في خشوعه و انقطاعه إلى الله، وما كان يرضى لصلاة خالية من الخشوع والانقطاع ، لذلك نراه ينتظر بعض الوقت أحيانا قبل الدخول في الصلاة لكي يتوفر على الدرجة التي يطمح إليها من الخشوع والانقطاع ، وهنا يعطينا الشهيد السيد الصدر دروسا في ضرورة التهيؤ الروحي لممارسة العبادة من خلال تهيئة القلب وخلق الاستعداد الكامل للوقوف بين يدي الله تعالى .
لكي نتوفر على الخشوع في الصلاة نحتاج إلى الخطوات التالية:
الخطوة الأولى: التهيؤ للدخول في الصلاة: ومن خلاله يتم تفريغ القلب والنفس من كل الشواغل التي تصرف المصلي عن التوجه والخشوع والانقطاع.
الخطوة الثانية: أثناء الصلاة تحتاج إلى الإخلاص وحضور القلب”فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ *الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ “، وجاء في بعض الروايات:
• “لا ينظر الله إلى صلاة لا يحضر الرجل فيها قلبه مع بدنه”.
• “من صلى ركعتين لم يحدث فيهما نفسه بشيء من الدنيا غفر الله له ما تقدم من ذنبه”
ولكي نعيش الخشوع في الصلاة:صل صلاة مودع، ففي الحديث”إذا صليت صلاة فريضة فصلها لوقتها صلاة مودع يخاف ألا يعود”، وحسب بعض الوصايا: ضع الكعبة بين عينيك، والصراط تحت قدميك، والجنة عن يمينك، والنار عن شمالك، وملك الموت وراءك، وكن دائما بين الخوف والرجاء، وحاول أن تستوعب مضامين الأقوال والأفعال.
الخطوة الثالثة: بعد الفراغ من الصلاة، مسؤوليتنا  أن نمارس المحاسبة الدائمة لصلاتنا.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى