حديث الجمعةشهر صفر

حديث الجمعة136:التجني التاريخي على شخصية الإمام الحسن – المشروع السياسي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


التجني التاريخي على شخصية الإمام الحسن المجتبى عليه السلام
من أمثلة هذا التجني (اتهام الإمام الحسن بكثرة الزواج والطلاق)، وقد أعتمد هذا التجني مجموعة مستندات زائفة من هذه المستندات:
(1) الأحاديث الموضوعة:
• من هذه الأحاديث الموضوعة والمكذوبة أنهم نسبوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:
“لقد تزوج الحسن وطلق حتى خشيت أن يثير عداوة”
وأمثال هذا اللون من الأحاديث المزورة المكذوبة كثيرة من أجل دعم هذه المقولة الباطلة الضالة.
أن ظاهرة “الوضع في الحديث” برزت في وقت مبكر من تاريخ المسلمين، ولقد كان لهذه الظاهرة دوافع كثيرة، من هذه الدوافع:


أولا: الدوافع السّياسية:
في عصر الأمويين والعباسيين طغى هذا اللون من اختلاف الأحاديث من أجل ” أغراض سياسية” من الشواهد على ذلك:
• ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في معاوية:”اللهم أجعله هاديا مهديا وأهد به”(ذكر الحديث الترمذي في جامعه في مناقب معاوية بن أبي سفيان)
• ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:”يا معاوية إن وليت أمرا فاتق الله وأعدل”(روى الحديث أحمد في مسنده)
• ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في دعائه للعباس بن عبد المطلب:”وأجعل الخلافة باقية في عقبه”(يقرأ: أضواء على السنة المحمدية)
واضح أن نفس هذه الأحاديث وأمثالها هو إعطاء الشرعية لأنظمة الحكم السياسية الأموية والعباسية ولاشك أن الأنظمة السياسية الحاكمة في كل زمان تحاول دائما أن توظف “العامل الديني” في تدعيم وجودها وفي خدمة أحدها، من دون مراعاة إلى أن يكون هذا التوظيف حقا أو باطلا، المهم أن تكسب هذه الأنظمة ولاء الناس ولو باعتماد”التزوير الديني” والعبث بالأحاديث، وترويج الفتاوى من أجل إسناد سياسات أنظمة الحكم، وتخدير الجماهير، وإسكان الأصوات المعارضة، فكم فعلت فعلتها في الأمة مقولة شريح القاضي”الحسين خرج عن حده فقتل بسيف جدة”هذه المقولة التي تعتمد على روايات موضوعة ومكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله تبرر قتل الخارجين على السلطان وإن كان ظالما منتهكا للحرمات، وإن كان فاسقا غارقا في النكرات، وان كان كافرا مستبيحا للمقدسات هكذا وعاظ السلاطين، وعملاء البلاطات في كل زمان، وفي مكان، وظفوا ألسنتهم وأقلامهم ولتزوير المواقف الشرعية، والفتاوى الدينية، من أجل حفنة من الدراهم المغموسة بالحرام، ومن أجل حظوة زائفة لدى السلطان، ومن أجل متاع دنيا لا يدوم.


ثانيا:الدوافع المذهبية:
منذ أن برزت الخلافات المذهبية، اتجهت أصحاب المذاهب إلى اعتماد”صيغة وضع الأحاديث” من أجل الانتصار لهذه المذاهب أو ذاك المذهب وكثرة الروايات المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله، الأمر المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله، الأمر الذي أنتج كما كبيرا من التراث الروائي المزور، ولا أريد هنا أن أقتحم هذا الباب، فشواهده كثيرة وكثيرة تزدحم بها كتب الفرق والمذاهب، ثم إن اقتحام هذا الموضوع قد تكون له مردودات سلبية، في هذه المرحلة التي تشهد تصعيدا طائفيا، وشحنا مذهبيا مما يفرض علينا جميعا من كل المذاهب  والانتماءات أن نتجاوز هذه “التجاذبات والخلافات” وأن نكرس الحديث عن “التقارب والتلاحم” وعن “التحاور والتفاهم” وعن المشتركات وعناصر الإتفاق، خاصة في الخطابات العامة بما تحمله من تأثيرات مباشرة على الجماهير والعامة من الناس.
إن أوضاع المسلمين في هذا العصر تمر بأصعب الأزمات، وتتعرض لأشرس المؤامرات التي تستهدف الإسلام والمسلمين.
سوف نتابع “دوافع وضع الحديث” في الحديث القادم بإذن الله تعالى


نحو وحدة وطنية إسلامية جامعة:
هذا هو شعار المجلس الإسلامي العلمائي لهذا العام، وهو شعار في غاية الأهمية والخطورة وحينما طرحنا هذا الشعار لا نريده شعارا للاستهلاك وللمزايدات الإعلامية، وإنما أردنا شعارا يتحرك على الأرض، في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة.
إن الاصطفافات الطائفية والمذهبية والحزبية والتي تحولت إلى احترابت ومواجهات دموية في بعض الساحات، وفي بعض المناطق، لهي إنذارات خطيرة جدا، ولا نشك أن القوى المعادية للإسلام والمسلمين وعلى رأسهم أمريكا هي التي تتغذي هذه الأجواء المشحونة بالعداوات الطائفية والمذهبية والحزبية والعشائرية والمناطقية مستغلة الخلافات والتناقضات المستشرية في أوساط المسلمين، وبفعل فتاوى التكفير، وخطابات التحريض، وبيانات التأجيج، فمتى يتحرك الغيارى من أبناء هذه الأمة ليواجهوا مشروعات التمزيق و التجزى والتشطير ومشروعات الفتنة والاحتراب والاقتتال.ى مواجهة هذا الواقع المأزوم بالصراعات
إن شعار المجلس الإسلامي العلمائي يهدف إلى مواجهة الواقع المأزوم بالصراعات والخلافات، ومواجهة الخطاب المشحون بالتأجيج والتحريض، وحينما نتحدث عن مواجهة الواقع، ومواجهة الخطاب نعني أن ينطلق هذا الشعار في برنامج عمل متحرك وأن لا يبقى شعارا نظريا.
إننا ندعو إلى لقاء علمائي شيعي يضم عددا محددا جدا من الرموز الدينية، وأقول (محدودا) ليكون جادا وهادفا وفاعلا، فإن اللقاءات الكبيرة أصبحت لقاءات إعلامية، ولقاءات مزايدات، ولقاءات أضواء، وإذا أردنا لهذا اللقاء أن يكون ناجحا ونتجا ومؤثرا، فيجب أن يكون تعبيرا شعبيا خالصا، وبعيدا عن أي وصاية رسمية، وحتى لا توظف هذه اللقاءات إلى خدمة أهداف سياسية موجهة.
إننا نؤمن كل الإيمان أن الأنظمة السياسية تلعب دورا كبيرا في خلق الوحدة  والتلاحم، وفي إنتاج الفرقة والتصادم، فحينما تمارس الأنظمة الحاكمة سياسيات التمييز والإقصاء والمصادرة، فإنها تؤسس لصراعات خطيرة تهدد وحدة الشعوب، وتمزق أواصرها، وتشتت تلاحمها، فحينما تصبح اللقاءات محكومة لتوجيه الأنظمة السياسية فلن تكون قادرة على صوغ”المشروع الوحدوي” المتحرر من كل المؤثرات السياسية الداخلية والخارجية.
ليكن دور الأنظمة الحاكمة دائما ومؤيدا ومباركا، وليس دور هيمنة ووصاية وتدخل، وغالبا ما تكون اللقاءات القائمة تحت مظلات الأنظمة الحاكمة يطغى عليها”الروتين الرسمي” مما يفقدها أي تأثيرا عملي.
مطلوب من أنظمة الحكم أن تشجع اللقاءات العلمائية الشعبية، واللقاءات الوطنية الشعبية، مادامت هذه اللقاءات تكرس خطاب الوحدة، ومضمون الوحدة، ومشروع الوحدة.
نكرر دعوتنا إلى لقاء علمائي يضم رموزا دينية سنية وشيعية، من اجل مواجهة أجواء التشنج الطائفي، وأجواء التصعيد الطائفي، ومن أجل التصدي لأي شكل من أشكال التمييز والذي يؤدي إلى خلخلة النسيج الاجتماعي في هذا البلد.
إن حماية هذا النسيج الاجتماعي من الخلخلة والاهتزاز أمر يحتاج إلى سياسة عادلة لا تفرق بين أبناء الشعب الواحد، ولا تميز بين أبناء الوطن الواحد فيما هو حقوق الشعب، وفيما هو حقوق الوطن.
إن شعار الوحدة الوطنية والإسلامية الذي طرحه المجلس الإسلامي العلمائي ، من أجل تحويله إلى واقع عملي متحرك ، يتطلب منا:


أولا: أن نملك وعي الشعار:
فبمقدار ما يتنضج هذا الوعي، يكون الشعار أقدر على أن يحقق أهدافه الصحيحة، وكلما أنخفض الوعي كان ذلك سببا في تعثر الأهداف، وارتباكها.
التطبيق الصحيح يحتاج إلى وعي صحيح، فما أكثر ما انحرفت التطبيقات نتيجة لغياب الفهم الصحيح للأفكار والمبادئ، جاء في كلام لأمير المؤمنين عليه السلام:
“قصم ظهري إثنان عالم متهتك وجاهل متنسك” فالعالم المتهتك يمثل قدوة سيئة تقود الناس إلى التيه والزيغ والضلال ، وتجرأ الناس على العبث والفسق والانحراف، والجاهل المتنسك سيشوه مفاهيم الدين، ويسئ إلى قيمه، ويربك تطبيقاته، من هنا كان أهمية وجود”الوعي” بالمفاهيم والأفكار والشعارات.


ثانيا: الانصهار الوجداني مع الشعار
لا يكفي أن يبقى الشعار مفهوما يختزنه الوعي بل لابد من تحويله إلى نبض يحتضنه القلب والوجدان، وإلى عاطفة تمتزج مع المشاعر وهنا تتصاعد حرارة التعاطي مع الشعار، وحرارة الارتباط بالشعار ، وحرارة التضحية من أجل الشعار.


ثالثا: فعالية الشعار
بمعنى أن يتحرك الشعار على الأرض، تترجمه أفعال وممارسات وتطبيقات، وإلا كان شعارا نظريا، وشعارا جامدا.


من أجل أن يتحرك المشروع السياسي:
لسنا أعداء لمشروع الإصلاح السياسي في هذا البلد فرغم الكثير من الملاحظات والتحفظات كان موقفنا إيجابيا منذ بدأ المشروع، ومنذ أنطلق المشروع، ويؤلمنا أن يوجد من يتنكر لهذا الموقف، وينسى أو يتناسى هذا الموقف، وإنه لجحود ونكران يشكل في داخلنا جرحا عميقا، نعم كان موقفنا من المشروع السياسي إيجابيا ومساندا داعما، إلا أن الكثير من الآمال أصابها الإحباط، حينما تعثرت الأهداف، وحينما تكلست الوعود، وحينما اهتزت الشعارات.
لا نريد أن نتنكر لمنجزات تحققت، ولمعطيات تحركت، إلا أن المسافة لازالت كبيرة وكبيرة بين العناوين التي انطلق من خلالها مشروع الإصلاح وما هو متحرك على الأرض حتى الآن.
ثم إننا لا نريد أن نزرع اليأس، وإن كانت منتجات اليأس ضاغطة وضاغطة، ونتمنى أن لا تتحول هذه المنتجات إلى واقع يفرض نفسه علينا، وعلى كل قناعاتنا وعلى كل مواقفنا.
إننا من منطلق الإخلاص والحب لهذا الوطن، ومن منطلق المصارحة والمكاشفة، نمارس هذا النقد الجاد والهادف، فنحن نريد لمشروع الإصلاح السياسي أن لا يموت، ونريد لمشروع الإصلاح السياسي أن لا يتعطل، هناك خلل، وهناك أخطاء في حركة المشروع السياسي، ولا نعتقد بأن القائمين على المشروع لايدركون ذلك، من الجناية على المشروع التستر على أخطائه، وزلاته، وانحرافاته، ومن الجناية على المشروع أن نبقى مصفقين له دائما، إذا كان خيارنا – ولا خيار غيره – هو خيار الأمن والاستقرار في هذا البلد، وخيار الوحدة والمحبة والوءام، وخيار المصير المشترك، فيجب أن نحاسب مشروع الإصلاح بصراحة ومكاشفة بعيدا عن المجاملات الكاذبة، والكلمات المراوغة، ويجب على كل المخلصين أن يمارسوا نقد الأخطاء  ومحاسبة الخلل، ومواجهة الفساد السياسي، بلغة لا تعتقد الطعن والقذف والسب والشتم، بلغة جريئة لا تنافق، ولا تجامل، ولا تداهن على حساب مصلحة هذا الوطن، ومصلحة هذا الشعب.
إذا كان خيارنا- و لا خيار غيره- أن يتحرك مشروع الإصلاح السياسي تحركا حقيقا، و صادقا و منتجا و جادا، فيجب أن نصارح القائمين على هذا المشروع بما يلي:
1- إننا نرفض سياسة التمييز و الإقصاء و المصادرة.
2- إننا نرفض سياسة التجنيس المدمر و الذي يستهدف بنية هذا الشعب المتجانس.
3- إننا نطالب بمعالجة جادة لأزمة الدستور و التي باتت مصدر قلق و احتقان.
4- إننا نطالب بحل عاجل لمشكلة العاطلين و التي أصبحت مأزقا صعبا يهدد بتوترات خطيرة.
5- إننا نطالب بمواجهة المشروعات العابثة و التي تهدد دين هذا البلد و قيمه و أخلاقه.
6- إننا نطالب بتطهير مؤسسات الدولة من كل أشكال الفساد الإداري و المالي،و الذي استشرى بشكل مخيف جدا.
7- إننا نطالب بكشف الحقائق حول التقرير الخطير – تقرير البندر- و الذي بات شبحا مرعبا، يلاحق طائفة كبيرة من أبناء هذا الشعب.
8- إننا نطالب باعتماد أسلوب الحكمة و الحوار في معالجة القضايا و الأحداث، و تجبن لغة العنف و المواجهة و الصدام.
9- إننا نطالب بإلغاء حزمة القوانين (قانون الإرهاب/ قانون الجمعيات/قانون التجمعات….و قوانين أخرى) و التي أصبحت هاجسا مخيفا لكل مواطن يريد الأمن و الاستقرار.
10- إننا نطالب بإلغاء الكوابح و المعوقات التي أثقلت (مجلس النواب) و جعلت منه مجلسا كسيحا لا يقوى على الحراك.
و الخلاصة: إننا نطالب بإصلاح سياسي حقيقي، و ليس إصلاحا مزورا


و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى