المفاهيم الإسلاميةمحاضرات إسلامية

خطبة العيد:النصر المؤزر لحزب الله – تقرير البندر وتداعياته – كلمة قصيرة حول التجنيس السياسي – الانتخابات ومسؤولية التصدي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يوم العيد محطة كبيرة لمحاسبة كل أوضاع الساحة الروحية والثقافية والاجتماعية والسياسية، محطة كبيرة ننطلق من خلالها مع أفراح الأمة وابتهاجاتها  وع آلامه وأحزانها وهمومها. في هذه المحطة نقف مع مجموعة من عناوين:


العنوان الأول: النصر المؤزر لحزب الله
في زمن الهزائم، وفي زمن الانكسارات، وفي زمن المساومات، جاء النصر المؤزر على يد حزب الله فأسقط كل الرهانات الخاسرة، وجاءت العمة الحسينية الخمينية فكشفت كل الأقنعة المزيفة وكل الهالات الكاذبة.


في زمن الهزائم، وفي زمن الانكسارات، وفي زمن المساومات جاء النصر المؤزر على يد حزب الله ليقول لا للجبت، لا للطاغوت، وجاء العمة الحسينية الخمينية لتقول: لا ركوع ولا سجود إلا لله الواحد القهار.


في زمن الهزائم، في زمن الانكسارات، في زمن المساومات، جاء النصر المؤزر على يد حزب الله وأعاد للذاكرة انتصارات بد وخيبر والأحزاب، وجاءت العمة الحسينية الخمينية فأعادت للذاكرة صولات علي وحمزة والحسين.


في زمن الهزائم، في زمن الانكسارات، في زمن المساومات جاء النصر المؤزر على يد حزب الله ليفضح كل المؤامرات وكل السياسات الخائنة، وجاء العمة الحسينية الخمينية لتعري كل الزيف والدجل والنفاق.


في زمن الهزائم، في زمن الانكسارات، في زمن المساومات جاء النصر المؤزر على يد حزب الله ليبعث في الأمة معنى الحياة، معنى العزة، معنى البقاء، وجاءت العمة الحسينية الخمينية لتوقظ في المسيرة معنى الصمود، معنى التحدي، معنى الشموخ.


في زمن الهزائم، في زمن الانكسارات، في زمن المساومات جاء النصر المؤزر على يد حزب الله لينهي أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وجاءت العمة الحسينية الخمينية لتسقط كل غطرسة اليهود، وكل صلف الصهاينة.


هذه بعض دلالات المعركة التي خاضها حزب الله وقادها نصر الله، المعركة التي أعادت إنتاج المواقف والإرادات، المعركة التي شكلت مفصلا تاريخيا في حركة هذه الأمة.


• يجب على كل العالم أن يقرأ هذه النتائج بوعي وبصيرة
• يجب على قوى الاستكبار أن تقرأوا هذه النتائج بوعي وبصيرة
• يجب على الأمريكيين أن يقرأوا هذه النتائج بوعي وبصيرة
• يجب على الإسرائيليين أن يقرأوا هذه النتائج بوعي وبصيرة
• يجب على حكام العرب والمسلمين أن يقرأوا هذه النتائج بوعي وبصيرة
• يجب على كل السياسيين والمثقفين ورجال الفكر أن يقرأوا هذه النتائج بوعي وبصيرة.
• يجب على كل قوى الجهاد والتصدي والمواجهة أن يقرأ هذه النتائج بوعي وبصيرة
• يجب على كل الشعوب أن تقرأ هذه النتائج بوعي وبصيرة


هذه القراءة هي التي تصحح كل الحسابات، وتحمي الواقع السياسي والأمني والعسكري من كل المغامرات المجنونة التي تدمر البلاد والعباد.


ومن هنا نخلص على بعض منتجات هذا النصر الكبير:
أولا: أعاد هذا النصر للأمة ثقتها بنفسها، بقدرتها، بقوتها، بحضورها.
ثانيا: برهن هذا النصر أن(الدين) هو خيار هذه الأمة وأن كل الخيارات الأخرى فاشلة.
ثالثا: أثبت أن (القيادات الدينية) في مستوى كل التحديات، وفي مستوى كل المعارك الثقافية والسياسية والعسكرية.
رابعا: كشف كل الأقنعة المزيفة التي صنعت تاريخا من التدليس والتمويه والخداع.
خامسا:أنهى أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
سادسا: أعطى أمريكا وقوى الاستكبار درسا لاينسى
سابعا:وضع كل أنظمة الحكم والسياسة في عالمنا العربي والإسلامي أمام حسابات عسيرة
ثامنا: أنتج دفعا كبيرا لكل قوى المقامة والمواجهة والتصدي
تاسعا: أوجد اصطفافا في مناصرة حزب الله
عاشرا: شكل مفصلا تاريخيا في حركة هذه الأمة


مسؤوليتنا أن نعطي هذا النصر حضورا في وعي كل الأجيال، في وجدان كل الأجيال، في حركة كل الأجيال
مسؤوليتنا أن نبقى مؤازرين ومناصرين
هذه أيدينا ممددو إليك يانصر الله
وهذه قلوبنا مفتوحة
وهذه عواطفنا فوارة
وهذه مواقفنا مساندة.



العنوان الثاني: تقرير البندر وتداعياته
يجب أن يستمر الحديث عن هذا التقرير حتى تتكشف كل حيثياته، لن ندخل في جدلية الإثبات والنفي حول هذا التقرير ، رغم أن الشواهد المتحركة على الأرض تحمل إثباتات قوية جدا  على مصداقية المعلومات التي احتضنها تقرير البندر.
فسياسة التمييز الصارخة واضحة ومكشوفة لا تحتاج إلى برهان حتى لو كان الخطاب الرسمي يحمل ألف تأكيد وتأكيد على رفض التمييز الطائفي، الواقع يبرهن على خلاف ذلك إننا لا نريد كلمات، نريد واقعا عمليا يبرهن على صدق هذه الكلمات، نريد خطوات عملية جادة، وهذه الكلمات ما أكده العلماء في لقائهم مع ملك البلاد.
لدينا ملفات كبيرة تفضح ممارسات التمييز في هذا البلد، فإذا كان هناك من يشك في تقرير البندر، فما عساه يقول عن هذه الملفات التي تحمل الكثير الكثير من الشواهد على مستوى الممارسات والأفعال والسياسات.


ثم ماذا يقول هؤلاء المشككون في الأشرطة الموزعة والمنتشرة وقبل أن يظهر تقرير البندر هذه الأشرطة التي تحمل (مشروعا طائفيا خطيرا) وتتحدث عن خطو مرسومة لهذا المشروع والحطة تلتقي تماما مع ما دونه صلاح البندر في تقريره.


تقرير البندر خطير وخطير جدا، ورغم أن الأفكار الأساسية في التقرير أصبحت منتشرة وأصبحت متداولة على كل الألسن،وفي كل المجالس، إلا أن الصورة التفصيلية لازالت غائبة، لا بأس أن أضع أمامكم بعض الخطوط الرئيسية لهذا التقرير:


1. التقرير يتحدث عن وجود(شبكة) أو (خلية) تحمل الهيكلية التالية:
• قائد الخلية أو الشبكة(الاسم أصبح واضحا ومتداولا)
• الحلقة القيادية أو (القيادة الميدانية) للشبكة، وتتكون من (خمسة أشخاص) تتبع مباشرة إلى قائد الشبكة.
• المجموعات وتعمل بشكل منفصل، ويتم التنسيق  بين المجموعات من خلال مشرفي هذه المجموعات(عدد المجموعات إثناعشر ولها أسماء مذكورة في التقرير).


2. الأهداف الإستراتيجية لهذه الشبكة:
• الهدف الأول: العمل بشكل مدروس ومخطط لمواجهة الانتشار الشيعي(أو ما سماه التقرير مواجهة الهيمنة الشيعية)، وقد تناول التقرير مشروعا مفصلا لتحقيق هذا الهدف، ومن مفردات هذا المشروع (زيادة عدد المجنسين حتى يتم تذويب الوجود الشيعي)
• الهدف الثاني: تحجيم دور القوى المعارضة في المؤسسة التشريعية، وإضعاف شوكتها وإبعادها عن دوائر التأثير في مؤسسات السلطة
• الهدف الثالث: تأمين المناخ الملائم للحصول على أكثرية موالية للسلطة في انتخابات(2006م)


3. التقرير يحمل عددا كبيرا من الوثائق المصورة بما فيها (شيكات استلام مبالغ)
4. التقرير قدر المبلغ الكلي الذي صُرف على عمل هذه الشبكة بأنه تجاوز(المليونين من الدنانير) إلى نهاية أغسطس 2006م.


ثم طرح التقرير سؤالا جوهريا يقول:
• من يقوم بتوفير هذا الدعم المالي السخي ولصالح من؟


ماذا بعد انتشار هذا التقرير؟
لقد حدث تفاعلات كبيرة في الشارع البحريني مع التقرير، أما الموقف الرسمي فلازال صامتا بدرجة كبيرة، وأما الأسماء المتهمة  بتورطها في المشروع والتي ورد ذكرها في التقرير فلازالت صامته بدرجة كبيرة أيضا .


وهنا نتساءل:
لماذا هذا الصمت الرسمي، ومن قبل المهتمين؟
أن اعتقال (صلاح البندر) وأبعاده عن البلاد أضاف تساؤلات جديدة، وشكوكا جديدة.
إن التفاعل الكبير في أوساط الناس مع هذا التقرير يتصاعد، وأن المخاوف الحقيقية التي ولدها لازالت تكبر وتكبر.


إننا في المجلس العلمائي وبالتشاور مع عدد من العلماء، ومع قوى سياسية بدأنا التفكير الجاد في رسم الموقف المطلوب، وتحديد الخطوات اللازمة ،ورغم أن البيانات والخطابات تمثل تعبيرا أوليا في التصدي لهذا المشروع الخطر، إلا أن المطلوب مواقف وخطوات أكثر فاعلية لأن التقرير يتحدث عن(مشروع مدمر) نسأل الله تعالى أن يجنب هذا البلد آثاره المروعة.


إننا من منطلق الحب لهذا الوطن، وحماية لأمنه واستقراره ووحدة أبنائه طالبنا توضيح صريح من قبل المسؤولين لكل ما ورد في هذا التقرير من معلومات خطيرة جدا، وكان هذا الموضوع احد الموضوعات الأساسية التي تناولها  لقاء العلماء مع ملك البلاد، وقد أكدنا بشكل صريح وواضح على ضرورة أن تتحرك تحقيقات جادة لمتابعة ما أثاره التقرير ولن يطمئن الناس وعود وكلمات ما لم تتجلى الحقيقة ويحاسب المتورطون.


إننا مصرون على أن نتابع الموضوع معتمدين كل ما نتوفر عليه من وسائل فاعلة ومؤثرة ومطلوب من كل القوى السياسية والثقافية والاجتماعية، ومطلوب من الناس جميعا أن يلتحموا في موقف متماسك يطالب بسرعة التحقيق حول هذا التقرير.


العنوان الثالث: كلمة قصيرة حول التجنيس السياسي
من الواضح جدا  – وفق المعلومات المؤكدة ووفق الشواهد المتحركة – أن عملية التجنيس في هذا البلد أخذت تتصاعد في الآونة الأخيرة بدرجة كبيرة جدا، وملفتة جدا، مما أثار القلق والمخاوف لدى أبناء هذا الوطن.
لا نفهم تفسيرا لهذه العملية التجنيسية المحمومة إلا أنها تعبر عن أهداف سياسية وطائفية ولعل ما حمله تقرير البندر من فقرات تتصل بهذا الموضوع يكشف النوايا الحقيقية وراء هذا التجنيس، وإلا فمن حق أبناء هذا الوطن أن يتساءلوا:


ما هي مصلحة البحرين، وشعب البحرين من هذه التعبئة في التجنيس؟هل أن هؤلاء المجنسين يمثلون كفاءات وقدرات وخبرات علمية سوف تساهم بالنهوض العلمي والاقتصادي لهذا البلد؟


المسألة واضحة كل الوضوح، فالأعداد الكبيرة من المجنسين هم من الأفراد العاديين الذين يشكلون عبئا ثقيلا على أوضاع هذا البلد الذي ينوء بأعباء وأزمات اقتصادية ومعيشية خانقة.
أليس آلاف المواطنين يعانون من وطئة البطالة؟
أليس آلاف المواطنين يعانون من أزمة السكن؟
أليس آلاف المواطنين يعانون من أوضاع معيشية متردية؟
أليس هذا البلد يعاني الكثير الكثير من العجز الكبير في الخدمات الصحية والحياتية؟
أليس هذا البلد يعاني الكثير الكثير من الارتباكات على أكثر من صعيد وصعيد؟
فلماذا هذا الإصرار على إضافة أعداد كبيرة من المجنسين ليزيدوا من معاناة هذا الشعب، وليزيدوا من أزمات هذا البلد؟
ولا نريد هنا أن نتحدث عن التأثيرات الخطيرة على مستوى القيم والأخلاق والعادات ، ولا نريد أن نتحدث عن الانحرافات والمفاسد والجرائم التي شاعت في البلد مع هذا الزحف من المجنسين.


فالسؤال الكبير لازال قائما: (ما هو الهدف الحقيقي لهذا التجنيس؟)
لا نملك إلا جوابا واحدا وهو أن حركة التجنيس لها أهداف سياسية وأهداف طائفية.

 أما الأهداف السياسية فهي محاولة تشكيل أغلبية شعبية تعيش المولاة المطلقة للسلطة.
 وأما الأهداف الطائفية فهي محاولة تغيير التركيبية السكانية لهذا البلد لتغليب طائفة على أخرى، وفي تقرير البندر ما يؤكد هذا المعنى.


إننا في المجلس الإسلامي العلمائي أعلننا رفضنا الشديد لهذا المشروع الخطير، ونحن على تنسيق كامل مع العلماء ومع قوى سياسية لمواجهة التجنس السياسي والطائفي.
وكان هذا الملف أحد الملفات الرئيسية التي تناولها العلماء في لقائهم مع ملك البلاد وطالبوا بقوة في إيقافها وإخضاعها إلى ضوابط واضحة ومقبولة.


مطلوب من كل القوى الدينية، والقوى السياسية، ومن كل الفعاليات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ومن كل جماهير هذا الشعب أن تواصل الرفض لهذا المشروع معتبرة مختلف الوسائل السلمية الفعالة والمؤثرات، لسنا دعاة فوضى وانقلاب ، ولسنا دعاة فتنة وصراع، إننا طلاب حقوق، وطلاب عدالة، وطلاب مساواة.


العنوان الرابع: الانتخابات ومسؤولية التصدي
قلنا في خطاباتنا وفي بياناتنا، وفي حواراتنا أنه رغم كل الإحباطات التي يعيشها الناس في هذا البلد.
ورغم كل الأزمات والاحتقانات السياسية والأمنية
ورغم كل المعوقات التي تواجه المشروع السياسي
ورغم كل الإخفاقات التي عاشتها التجربة المنصرمة
ورغم كل الإصرار على العبث الرسمي بمسار العملية السياسية
ورغم كل الملفات الكبيرة المعطلة
ورغم كل القوانين الكثيرة المرعبة


ورغم كل ذلك فإن(خيار المشاركة في الانتخابات) هو الخيار الذي نؤمن به، وندعو إليه.
صحيح أن هذا الخيار تواجهه تعقيدات صعبة وصعبة جدا، وتواجه إشكالات لها مبرراتها، ولكن بقاؤنا خارج العملية السياسية سوف يدفع بنا إلى مزيد من التهميش وإلى مزيد من الإقصاء، وإلى مزيد من المصادرة ، وسوف يضعنا أمام إشكالات أكثر موضوعية، خاصة بعد تجربة مقاطعة لم تحقق نتائج واضحة.


أيها الأحبة:
إننا أمام عدة خيارات:
• مقاطعة قوية
• مقاطعة ضعيفة
• مشاركة قوية
• مشاركة ضعيفة


وفق كل الحسابات، ووفق كل معطيات التجربة، فإننا لا يمكن أن نتوفر على مقاطعة قوية قادرة على تحقيق مكاسب حقيقية أو قادرة على التخفيف من الأضرار والخسائر، ولن يبقى إلا المقاطعة الضعيفة، فهي خيار خطير جدا يكلفنا ثمنا باهظا، ويدفع بنا إلى مزيد من الأضرار والخسائر والانتكاسات وكذلك المشاركة الضعيفة هو خيار له آثاره السلبية الكبيرة.


يبقى أن تتضافر الجهود من أجل مشاركة تملك أكبر قدر ممكن من القوة، وهذا أمر ليس عسيرا ولا صعبا وفق كل الحسابات النظرية والموضوعية، فلا خيار إلا خيار المشاركة ، ومسؤوليتنا جميعا أن نعطي هذا الخيار أكبر قد ممكن من القوة والفاعلية.


المشاركة القوية والفعالة قادة على أن تربك المخططات والمشروعات المضادة وقدرة أن تقلل من الأضرار والأخطار حتى لو عجزت أن تحقق أرباحا ومكاسب واضحة. التشويش على المخططات، مضايقة المشروعات الفاسدة، التقليل من الخسائر والأضرار تشكل أهدافا مطلوبة، تشكل مبررات شرعية، وعقلانية للمشاركة.


إن المشاركة لا تعني الاعتراف المطلق بالمشروع السياسي بكل أخطائه وسلبياته، المشاركة صرخة من الداخل ضد أخطاء وسلبيات المشروع، صرخة لا يمكن أن تتهم بالعبث والتخريب ومحاولات إرباك المشروع السياسي مادامت من داخل البرلمان، ومادامت تحمل خطابا سياسيا سليما.


عندما طالبت المرجعية الدينية في النجف الأشرف الشعب العراقي أن يشارك بقوة في العملية السياسية كانت تعلم كل العلم أن المشروع السياسي في العراق يحمل في داخلة الكثير من الإشكالات والمخالفات، فدعوة المرجعية الدينية لا تعني اعترافا مطلقا بالمشروع السياسي.


حزب الله في لبنان حينما شارك في العملية السياسية كان يعلم أن الطائفية السياسية تشكل عصب المشروع السياسي في لبنان فدخوله لا يعني اعترافا مطلقا بهذا المشروع.


وهكذا الكثير من القوى الإسلامية والقوى الوطنية حينما تشارك في مشروعات  سياسية لا تحمل كل القناعة تجاهها فهي لا تعترف اعتراف مطلقا بتلك المشروعات.


الفقهاء والعلماء والسياسيون الذي نصحوا شعب البحرين أن يشارك بقوة في العملية الانتخابية الفعلية يعلمون كل العلم أن المشروع السياسي هنا يحمل الكثير الكثير من الإشكالات والمساوئ والأخطاء والنواقص فما كان نصحهم وفي دفعهم ما يعبر عن اعتراف مطلق بالمشروع.


أيها الأحبة:
مطلوب جدا من المؤمنين أن يكون لهم اصطفاف كبير، وتلاحكم صلب، ومشاركة مكثفة من اجل إيصال كتلة قوية متراصة من المنتخبين المؤهلين بما يحملون من إيمان وكفاءة وقدرات.
قبل أن نقول (نعم) لهذا المرشح أو لذاك ضع الله تعالى بين عينيك ، فما يؤسسه هذا النائب من خير فأنت شريكه، و لك أجره مادام ذلك الخير قائما، وما يؤسسه هذا النائب من شر فأنت شريكه ، وعليك وزره مادام الشر قائما، وإن أي تخاذل أو استرخاء أو عزوف عن المشاركة ربما وفر فرصة لنجاح غيره المؤهلين، وغير الصالحين، ووفر فرصة لفوز النفعيين والمصلحيين والمتسلقين وهنا يتحمل كل من تخاذل أو استرخى أو تهون أو عزف عن المشاركة مسؤولية خطيرة تضعه أمام محاسبة عسيرة بين يدي الله تعالى وكما أكدنا مرارا أن في المشاركة دفعا لبعض الأضرار والأخطار وتخفيفا من بعض المفاسد، وردعا لشيء من الباطل ممثلا في قوانين منافية للدين والقيم وممثلا في مشروعات تنشر الفساد في الأرض ، إذا فرضنا في المشاركة أو في إيصال القوي الصالح المخلصة نكون قد أعطينا الآخرين الفرصة في أن يصوغوا واقعنا، وحاضرنا، ومستقبلنا، أجيالنا، كما يشاءون.


قد يقال أن شعبنا المسلم بدينه وقيمه لن يسمح لأحد أن يعبث بالدين والقيم والأخلاق ، أو أن يعبث بحقوق هذا الشعب هذا صحيح، وإن شارعنا المسلم الملتزم يشكل حصانة كبيرة في التصدي لكل حالات العبث والتلاعب بالدين والقيم والمقدرات والحقوق، إلا أن ذلك لا يمنع أن نكون في مواقع القرار، وأن نعمل على محاصرة محاولات العبث والتلاعب من داخل تلك المواقع، وهنا يلتحم الموقف في هذا الداخل مع الموقف في الشارع.
إن المشاركة لا تعني إطلاقا أن نجمد صوت الشارع، أن نجمد المسيرات أو الاعتصام أوالعريضة أو الخطاب.


أعود للقول:
ليس أمرا مزاجيا أن أشارك أو أن أقاطع ، وليس أمرا مزاجيا أن أضع صوتي لهذا المرشح أو ذاك، المسالة مسؤولية شرعية قبل أن تكون أي شيء أخر.أن أمتلك القدرة على تحديد الموقف فأنا أتحمل مسؤولية هذا الموقف.وإن كنت لا أملك القدرة فيجب أن أعتمد على من يملك هذه القدرة.


قدرة الاختيار وتحديد الموقف تتشكل من ثلاثة عناصر:
1. الرؤية الموضوعية القادرة على فهم الواقع بكل معطياته.
2. الرؤية الفقهية القادرة على تحديد الموقف الشرعي في ضوء معطيات الواقع، وفي ضوء القواعد الفقهية المعتمدة.
3. التقوى التي تحصن القرار من أن ينحرف أو أن يزيغ أو أن يبتعد عن التكليف الشرعي.


إن غياب أحد هذه العناصر يعني غياب القدرة على اتخاذ القرار، فمن يقود إلى مشاركة أو مقاطعة يجب أن يتوفر على هذه المؤهلات لتكون معذورا أمام الله تعالى.


إن المجلس الإسلامي العلمائي أتخذ قرار المشاركة انطلاقا من رؤية موضوعية حاسبت كل النتائج والمعطيات، ومن رؤية فقهية متأنية وبصيرة استحضرت كل القواعد التي تحدد الوظيفة الشرعية فعلا او تركا قبولا أو رفضا، ومن محاسبة نفسية استحضرت خوف الله قبل أن نقول “نعم ” للمشاركة.


في الختام أوصيكم أن توحدوا صفوفكم فأخشى ما نخشاه أن تحدث انقسامات وتجزءات وانشطارات مما يؤثر لعناصر غير مؤهلة فرص النجاح، أخشى ما نخشاه أن تكون المؤثرات العائلية والمناطقية والمزاجية والعصبية تقود إلى التضحية بالكفاءات والمؤهلات الصالحة، وأخشى ما نخشاه أن تغيب في هذا الأجواء المحمومة ضوابط الشرع، وأخلاقيات الدين ، وموازين الفقه، فنخسر آخرتنا وأن ربحنا شيئا من الدنيا، وربما خسرنا دنيا وآخرة.


وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى