حديث الجمعةشهر محرم

حديث الجمعة 312: مع عامٍ هجريٍّ جديد – على أعتابِ محرَّم – عملٌ شائنٌ جدًا (في بلدٍ مسلمٍ تُقمع صلاة جمعة)

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم


الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلوات على سيِّد الأنبياء والمرسلين محمَّدٍ وآله الطيِّبين الطاهرين، وبعد فمع العناوين التالية:


مع عامٍ هجريٍّ جديد:
رغم أنَّ الهجرة النبوية لم تحدث في محرم، وإنَّما حدثت في شهر ربيع الأول كما هو المشهور، إلَّا أنَّ المسلمين توافقوا على أن يكون رأس السنة الهجرية هو بداية محرم، وكما كان العرب يؤرِّخون مطلع السنة ببداية محرم.


ماذا يعني أن يبدأ عامٌ جديد؟
المسألةُ ليست أنَّ شطرًا من الزمنِ قد انتهى وبدأ شطرٌ جديد، المسألة أنَّ شطرًا من عمر كلِّ واحدٍ منَّا قد انتهى، ليبدأ شطرٌ جديدٌ من عمره، وهنا تأتي القيمة الكبيرة لتحويل (بدايات ونهايات الأعوام) محطَّات جردٍ وحساب، ليس جرد وحساب ما نملك من أموال، وإنَّما جرد وحساب ما نملك من أعمال…


فماذا كانت حصيلة عامٍ مضى من عمرنا؟
هل توفَّرنا على رصيدٍ أكبر من الطاعات والأعمال الصالحة، وأفعال البر والخير، وخدمة الناس، ونصرة الدين، والدفاع عن الإسلام، ومواجهة الباطل؟
أم حدث العكس، فانخفض هذا الرصيد، وتراجع وانتكس…
أم حدث ما هو الأسوء، بأن ارتفع رصيد المعاصي والذنوب، والأعمال الطالحة، وأفعال الفساد والشر، وظلم الناس، وخذلان الدِّين، والدفاع عن الضَّلال، ومواجهة الحق…


فمن خلال الجرد والحساب السنوي، تقف – أيُّها الإنسان المؤمن – على واحدةٍ من حالاتٍ ثلاث:
الأولى: التقدّم (ارتفاع رصيد الطاعات والأعمال الصالحة).
الثانية: التراجع (انخفاض رصيد الطاعات والأعمال الصالحة).
الثالثة: الانتكاس (ارتفاع رصيد المعاصي والمخالفات الشرعيَّة).


فمطلوبٌ منك – أيُّها المؤمن – أن تمارس جردًا وحسابًا بشكلٍ جادٍّ وصادق، وأنْ لا تنسى أنَّ الله سبحانه هو (الرقيب) عليك، فحذارِ حذارِ أن تزوِّر، أو تتلاعب، أو تقصِّر في هذا الجرد والحساب، فالخسران كبيرٌ كبير…


وما يدري أحدنا أنْ لا تتوفَّر لديه فسحةٌ من العمر لكي يصحِّح أوضاعه، فتكون الخاتمة خاتمة سوء فالويل الويل لمن أدركه الأجل وهو على غير صلاح… ربَّما يكون الإنسان من الصالحين، وفي الأشواط الأخيرة من حياته يكون من المنحرفين، وربَّما يكون الإنسان من المنحرفين وفي الأشواط الأخيرة من حياته يكون من الصالحين…


كرِّروا هذا الدعاء واستوعبوه، وطبِّقوه:
«اللهمَّ اجعل مستقبل أمري خيرًا من ماضيه، وخيرَ أعمالي خواتيمَها، وخيرَ أيامي يومَ ألقاك فيه».


فمطلوبٌ أنْ نمارس (الارتقاء) دائمًا، الارتقاء الإيماني/ الروحي/ الأخلاقي/ السلوكي/ العلمي/ الثقافي لتكون (خاتمة الأعمال) في حياتنا هي الأفضل، وليكون (خير الأيام) يوم نلقى الله تعالى، وإلَّا كنَّا من النادمين يوم لا تنفع الندامة ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾. (الفرقان/ 27)


ورد في الحديث عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله:
«أنَّه يُفتح للعبد يوم القيامة على كلِّ يومٍ من أيام عمره أربعةٌ وعشرون خزانة عدد ساعاتِ الليل والنَّهار،
– فخزانةٌ يجدُها مملوءة نورًا وسرورًا، فيناله عن مشاهدتها من الفرح والسرور ما لو وُزِّعَ على أهل النَّار لأدهشهم عن الإحساس بألم النَّار، وهي السَّاعة التي أطاع فيها ربَّه،
– ثمَّ يُفتحُ له خزانةٌ أخرى، فيراها مظلمةً منتِنةً مفزعةً فيناله عند مشاهدتها من الفزع والجزع ما لو قسِّم على أهل الجنَّة لنغَّص عليهم نعيمها، وهي التي عصى فيها ربَّه،
– ثم يُفتحُ له خزانةٌ أخرى، فيراها فارغة ليس فيها ما يسرّه، ولا ما يسوؤُه وهي الساعة التي نام فيها، أو اشتغل فيها بشيئٍ من مباحات الدنيا، فيناله من الغبن والأسف على فواتها، حيث كان متمكِّنًا من أنْ يملأها حسنات ما لا يوصف، ومن هذا قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ (التغابن/9)».


أيُّها الأحبَّة:


 فلنحاسب كلَّ ساعةٍ من ساعاتِ حياتنا هل نملؤها بالطاعاتِ والحسناتِ والأعمالِ الصالحةِ، لتكون لنا فرحًا وسرورًا يوم نلقى الله، أم نملؤها بالمعاصي والذنوب والأعمال الفاسدة، لتكون لنا فزعًا وجزعًا في يوم الحساب، أم نتركها فارغةً، بما ضيَّعنا من أعمارنا، لتكون لنا حسرةً وأسفًا في يوم التغابن…


فالمحاسبةُ المحاسبة في كلِّ ساعةٍ ساعة…
والمحاسبةُ المحاسبةُ في نهاية كلِّ يوم…
والمحاسبةُ المحاسبةُ في نهاية كلِّ أسبوع…
والمحاسبةُ المحاسبةُ في نهاية كلِّ شهر…
والمحاسبةُ المحاسبةُ في نهاية كلِّ سنة…


وهكذا يكون العمر كلّ العمر خاضعًا للمراقبة والمحاسبة…
• ففي الكلمة عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله:
«حاسبوا أنفسكم قبل أنْ تُحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتجهَّزوا للعرض الأكبر».


• وفي الكلمة عن الإمام الصَّادق عليه السَّلام:
«فحاسبوا أنفسكم قبل أنْ تحاسبوا، فإنَّ أمكنة القيامة خمسون موقفًا، كلّ موقفٍ مقام ألف سنة، ثمَّ تلا هذه الآية ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ (المعارج/ 4)».


على أعتابِ محرَّم:


نقفُ على أعتاب أيام الحزن العاشورائيّ…


وهنا يُطرَح هذا السؤال:
لماذا هذا الإصرارُ على الحزن العاشورائيّ؟
ألا يكرِّسُ هذا حالات الضَّعف والانهزام والانكسار في النفسيَّة الشيعية، ولدى الإنسان العاشورائيّ؟
فلماذا لا تتحوَّل عاشوراء إلى موسم العنفوان والافتخار والابتهاج بما حقَّقه الإمام الحسين من انتصارٍ خالدٍ تترنَّم به كلُّ الدنيا…؟
إذا ألغينا مظاهر الحزن، ومراسيم الحزن فسوف تتحوَّل عاشوراء إلى مناسبة كلِّ النَّاس، ولن تكون للشيعة فقط…


لنا ملاحظات على هذا الكلام:
الملاحظة الأولى:
إنَّ فاجعةً في حجم فاجعة عاشوراء لا تملك إلَّا أنْ تُحرِّك الحزنَ في كلِّ قلبٍ، ما دام هذا القلب يحمل مشاعر الإنسان، ليس الحزن العاشورائيّ حزنًا شيعيًّا، إنَّه حزنٌ إنساني، مَنْ لا يحزن لمأساة الحسين فهو ميِّتُ المشاعرِ والأحاسيس، ومَنْ تموت في داخله مشاعرُ الحزنِ على الحسين، فمن الطبيعي أن يموتَ لديه الإحساسُ تجاه أيِّ مأساةٍ إنسانيةٍ، فحزننا على الإمام الحسين يُغذِّي فينا الإحساسَ بكلِّ مآسي الإنسان، وبكلِّ عذاباته، وليس الإنسان الشِّيعي أو المسلم، بل الإنسان بكلِّ انتماءاته…
الذين تربّوا في مدرسةِ (الحزن العاشورائيّ) يملكون إحساسًا عاليًا بكلِّ آلام البشرية، ويملكون نبضًا حيًّا تجاه كلِّ عذابات الإنسان، وكلِّ معاناة المضطَّهدين والمحرومين والمظلومين، فنحنُ حينما نبكي مأساة الحسين نبكي كلَّ مأساةٍ في الأرض…


الملاحظة الثانية:
الحزن العاشورائيّ ليس ضعفًا، ليس انكسارًا، ليس انهزامًا…
فكما يمثِّل هذا الحزنُ إحساسًا إنسانيًا ونبضًا وجدانيًا فهو في الوقت ذاتِه يعبِّرُ عن غضبٍ، رفضٍ، احتجاجٍ ضدَّ صُنَّاع الجريمة في يوم عاشوراء…


لو كان الحزنُ العاشورائي ضعفًا، انكسارًا، انهزامًا، فلماذا هذا الإصرارُ من قِبَل الطواغيت، وأنظمةِ الحكم على محاربة الموسم العاشورائيّ، يفترض أنْ تشجِّعه الأنظمة ليبقى الواقع الشِّيعي ضعيفًا، منهزمًا، منكسرًا…


لماذا هذا الرعب من عاشوراء؟
لماذا هذا الرعب من الحزن العاشورائيّ، البكاء العاشورائيّ، اتركوا الشِّيعة في حزنهم المدمِّر كما تقولون… اتركوا الشِّيعة في دموعهم، ما دامت هي دموعٌ تنتج واقعًا مهزومًا…
يبدو أنَّهم يفهمون تمامًا أنَّ الحزنَ العاشورائيّ صرخاتُ غضبٍ، ورفضٍ، وإدانةٍ ليس فقط للصنَّاع التاريخيِّين لجريمة كربلاء، بل لصنَّاع الجريمة، والظلم، والقهر، والاستبداد في كلِّ عصرٍ…


الملاحظة الثالثة:
مَنْ قال: أنَّ موسم عاشوراء موسمُ حزنٍ وبكاءٍ ودموعٍ فقط؟
صحيحٌ نحن نصرُّ على الحزن والبكاء والدُّموع، إلَّا أنَّنا لا نختصر عاشوراء في ذلك، هناك وعيٌّ عاشورائيّ ينفتح على كلِّ أهدافِ ثورة كربلاء، وأهداف هذه الثورة في حجم أهداف الإسلام، لأنَّ الإمام الحسين أراد من خلال ثورته أنْ يُسقط مشروعًا انقلابيًا خطيرًا ضدَّ الإسلام، مشروعًا أراد أنْ يُعيد الواقع الجاهليّ بكلِّ مفاهيمه وأفكاره وقيمه وعاداته… وقد حقَّقت ثورة الإمام الحسين هذا الهدف الكبير.


فنحن حينما نحيي ذكرى عاشوراء إنَّما نصرُّ على إبقاء حركة الإسلام، ومبادئ الإسلام، وقيم الإسلام، وحينما يغيب هذا الهدف في موسم الإحياء العاشورائيّ لا تبقى أيُّ قيمةٍ لهذا الإحياء…


هم يعلمون أنَّ موسم عاشوراء يرفض كلَّ أشكال التحريف والتزوير للإسلام، ويرفض كلَّ الصِّيغ المدجِّنة للدِّين والتي تحاول أنْ تنتجها أنظمةُ الحكم، من هنا لا تجد هذه الأنظمة أيّ إمكانية للتعايش مع عاشوراء ما دامت عاشوراء تؤسِّس لوعي إسلاميٍّ أصيل يتنافض مع الوعي المزوَّر الذي تعمل الأنظمة الحاكمة على إنتاجه…


الملاحظة الرابعة:
إنَّ عاشوراء ليس للشِّيعة فقط …
إنَّ مَذهبة عاشوراء محاولةٌ لمصادرةِ دور عاشوراء في كلِّ الواقع الإسلاميّ، وفي كلِّ الواقع الإنسانيّ، ولعلَّ المشروعات المعادية لعاشوراء تعمل جاهدةً لإعطائها الصبغة المذهية، لكي لا ينفتح عليها بقيَّة المسلمين وكذلك غير المسلمين، وربَّما كرَّس هذا الاتجاه بعضُ ممارساتٍ خاطئةٍ في الداخل الشِّيعيّ، وبعض خطاباتٍ لم تستوعب أهداف عاشوراء الكبرى، ممَّا أوحى للآخرين بأنَّ عاشوراء مطبوعة بطابع مذهبيّ بحت.
ربَّما يُقال: أليس الشِّيعةُ وحدهم هم الذين يتعاطون مع مناسبة عاشوراء فيما يقيمون من مجالس ومواكب ومراسيم، ممَّا يعني أنَّ المناسبة ذات طابعٍ مذهبيٍّ بحت…


هذا صحيحٌ فيما هو التعاطي العملي، إلَّا أنَّ الاستنتاج غير صحيح، إنَّ اختصاص الشِّيعة بإحياء مراسيم عاشوراء لا يُعطيها صبغة مذهبية، لأنَّ هذا الاختصاص فرضته أسباب خارجية، فقد عملت أنظمة الحكم المعادية لعاشوراء في الماضي والحاضر على عزل المذاهب الأخرى عن عاشوراء الحسين، من خلال إنتاج حساسية مفرطة لديهم تجاه عاشوراء، ومن خلال الإعلام المضادّ المسيئ لعاشوراء، الأمر الذي حصر التعاطي مع هذه المناسبة بالشيعة فقط، رغم أنَّ أهداف عاشوراء أهدافٌ إسلامية عامة، بل أهدافٌ إنسانية، وليس فيها ما يمذهب عاشوراء، صحيح أنَّ في الممارسات العاشورائيَّة ما هو خاطئٌ ويجب أنْ يصحَّح، إلَّا أنَّ هذا شيئ، والمذهبة شيئٌ آخر، أنْ أرفضَ بعضَ الممارسات أمرٌ، وأنْ أتَّهم عاشوراء بالمذهبية أمرٌ آخر… وبالتأكيد إنَّ وجود ممارساتٍ خاطئةٍ هو عاملٌ من عوامل التنفير، والابتعاد ممَّا يُكرِّس عزلة عاشوراء عن الأوساط غير الشيعيَّة، فلكي نعطي عاشوراء حضورًا يتجاوز الواقع الشِّيعيّ، مطلوبٌ أنْ نُهذِّب الممارسات العاشورائيَّة، وأنْ نجنِّبها ما يُسيئ إليها، وينفِّر الآخرين منها، لا يعني هذا الاستجابة لكلِّ مزاجات ورغبات ورؤى الآخر فيما هو المقبول والمرفوض من ممارسات عاشوراء، وإنَّما هي الاستجابة لرؤى الشَّرع وتوجيهات القيِّمين على شؤون الشعائر العاشورائيَّة من رجال الفقه والشريعة…


عملٌ شائنٌ جدًا:
في بلدٍ مسلمٍ تُقمع صلاة جمعة، كم هو شائنٌ شائنٌ جدًا هذا العمل، وكم هي مبرِّراتٌ ساقطةٌ جدًا تلك التي روَّجوها، حدث استنفارٌ غير مسبوق، حُوصِرت كلّ الطرق والمنافذ المؤدِّية إلى صلاة الجمعة في الدراز لوحق كُلُّ النَّاس المتوجهين لأداء هذه الفريضة الدينية، استخدمت كلّ وسائل القمع لكي لا يصل الناس إلى الصلاة…


سقط مَنْ سقط، وأغمي على مَن أغمي عليه، ودُهِسَ مَنْ دُهِس، ولاذ بالفرار مَنْ لاذ حمايةً لأرواحهم، أيُّ حماقةٍ كبرى هذه التي ارتكبوها، لماذا كلّ هذا؟


هل هو الخوف من أن تتحوَّل صلاة الجمعة إلى موقف شعبٍ رافض، إلى إرادةِ شعبٍ صامد، إلى عزيمةِ شعبٍ يتحدَّى، إلى صرخةِ شعبٍ غاضب، إلى كلمةٍ لا يُساوم عليها، إلى طوفانِ شعبٍ يُدمِّرُ كلَّ الظلم، كلَّ القهر، كلَّ البطش، كلَّ الفساد…


نعم هناك في الدراز صلاة جمعة، إمامها عبدٌ صالح لا يملكُ عتادًا ولا سلاحًا، نعم عتادُهُ وسلاحُهُ (الثقةُ بالله) و(التوكُّل على الله) و(الاعتصام بالله)…


أرادوا له أن يكون ذليلًا فكان شعاره (هيهات منَّا الذلة)…
أرادوا له أن يركع فكان شعاره (لن أركع إلَّا لله)…
أرادوا أن يساوموه فكان جوابه (لا بيع إلَّا بيع الله)…
أرادوا أن يُضعفوه فاستعان بالله القويّ القهَّار…
أرادوا إسقاطه فازداد رفعةً، وعلوًا، وشموخًا، وعزَّةً…
استهدفوه بكلِّ أدواتهم فكان الثابتَ، الصامدَ، المحتسبَ…
اتَّهموه ما شاء لهم أنْ يتَّهموه فكان الواثقَ، المطمئنَّ، الصابر…
هدَّدوه ما حلى لهم أنْ يهدِّدوه فكان جوابه (حسبي الله)…
حاولوا إرهابه فكان الجريئ، القوي، الثابت…
ظلموه وأوغلوا في الظلم فاعتصم بالله وحده…


ونقول له:
أيُّها الشيخ الوقور: لقد هيَّأ الله لك قلوبًا عشقتك في الله، ذابت فيك، لأنَّك عشقت الله، وذبت في الله.
فليس الأمرُ عصبيَّةً، ولا طائفيَّةً، ولا مذهبيَّةً…
وليس الأمرُ انفعالاً ذاتيًا…


إنَّه الموقف الواعي الرشيد، إنَّها المسؤولية الشَّرعية والوطنية، إنَّه الإخلاص لرمزٍ، لقائدٍ، لأبٍ، لفقيهٍ أعطى حياته لدينه، لمبادئه، لقيمه، لوطنه، ما دام هذا الوطن يحتضن دينًا وقيمًا، وما دام هذا الوطن لكلِّ أبنائه بلا تمييز وما دام هذا الوطن لا ظلم فيه ولا حرمان، وما دام هذا الوطن وطنَ أمنٍ وأمان…


هذا هو أنت، وهذه هي جماهيرُك…
هذا هو أنت لم تهادن، لم تساوم، لم تصمت، لأنَّ ذلك خيانة للدِّين، للقيم، للوطن، للشعب، وهيهات أنْ تخون لأنَّك (تخاف الله) ولأنَّك تملك (بصيرةَ الدِّين) و(تقوى الدِّين) وأنت العارف بأمور الزَّمان…


وهذه هي جماهيرُك الوفيَّة، معك معك ما دُمتَ مع دينك، ومع ربّك، معك معك تتألَّم حيث تتألم، وتقف حيث تقف، وتحيا حيث تحيا، وتموتُ حيث تموت…


فبوركت جماهير تحمل كلّ الوفاء ، كلّ الصمود وكلّ الإصرار…
فلها كلّ الدعاء، ولها كلّ الثناء، ولها كلّ الحبّ، ولها كلّ الشكر…


وآخر دعوانا أنْ الحمدُ لله ربِّ العالمين..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى