حديث الجمعةشهر شوال

حديث الجمعة206: الشهر الفضيل وإنتاج التقوى – متابعة الحديث حول الإمام المهدي(ع) – لا تطبيع مع الكيان الصهيوني

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين وأفضل الصّلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله الطيبين الطاهرين…


هذه بعض عناوين:
الشهر الفضيل وإنتاج التقوى:
عشنا الشهر الفضيل في عباداته وطاعاته وبرامجه..
الوظيفة الأساس لكلّ هذه العبادات والطاعات والبرامج هو «إنتاج الإنسان المتقي».


الوظيفة الأساس للصيام هو إنتاج الإنسان المتقي.
• قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» [البقرة 183]
• وفي الحديث: «فإذا صمت فانوِ بصومك كفّ النفس عن الشهوات وقطع الهمّة عن خطوات الشياطين».
• وفي حديثٍ آخر: «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك عن الحرام والقبيح».
• وفي خطبة الرّسول صلّى الله عليه وآله المعروفة أنّه قال: «أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله».
• وفي كلام له صلّى الله عليه وآله: «يا جابر هذا شهر رمضان من صام نهاره وقام وِرْدًا من ليله وعفّ بطنه وفرجه وكفّ لسانه خرج من الذنوب كخروجه من الشّهر»
فقال جابر: يا رسول الله ما أحسن هذا الحديث؟
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «يا جابر وما أشدّ هذه الشروط».


وهكذا كلّ العبادات تهدف إلى إنتاج الإنسان المتقي.
فالصّلاة «تنهى عن الفحشاء والمنكر»…
ففي الحديث: «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلاّ بعدًا».
وفي الحديث: «كم من قائمٍ ليس له من قيامه إلّا العناء وكم من صائمٍ ليس له من صيامه إلّا الظّمأ».
وأمّا الذكر: فقد جاء في الحديث: «من أطاع الله فقد ذكر الله وإن قلّت صلاته وصيامه وتلاوته، ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته».
وعن التلاوة جاء في الحديث: «من قرأ القرآن ولم يعمل به حشره الله يوم القيامة أعمى  قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا،  قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَىٰ».
نفهم من جميع ما تقدّم أنّ القيمة كلّ القيمة لمحصّلة شهر رمضان هو بمقدار ما تُحقّق هذه المحصّلة من إنتاج «إنتاج التقوى في حياة الإنسان».
فالسؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا بعد هذا الشهر الفضيل: «هل استطعنا أن نُنتج التقوى في حياتنا من خلال عبادات وطاعات وبرامج شهر رمضان؟».
ويجب أن نكون صرحاء مع أنفسنا، لأنّ الله تعالى مُطَّلعٌ على كلّ واقعنا…
جلسة المحاسبة والمراجعة بعد الشّهر الفضيل ضروريّةٌ جدًا من خلالها:
أ‌- نقيّم برنامجنا في شهر رمضان شكلاً ومضمونًا…
ب‌- نقيّم حصيلة الشهر في واقعنا السلوكيّ…
الحديث هنا عن «برنامج كلّ فرد»، وعن حصيلة الشهر في واقعه السلوكيّ…
ربّما يتصور الكثيرون أنّ هذه الجلسة ليست إلّا «جلسة ترفيهٍ» لا ضرورة لها، وما قيمة الجلسة وقد انتهى الشّهر ومضت أيامه ولياليه؟.
هذا كلام خاطئ جدًا:
أوّلاً: إنّ موسمًا عظيمًا كموسم شهر رمضان يحتاج إلى «تقويمٍ» و«محاسبة»، إذا كنّا في «مشروعاتنا الدنيويّة» نعيش اهتمامًا كبيرًا في تقويمها ومحاسبتها، فكيف بالمشروعات الربّانيّة الأخرويّة بما ترسمه من مستقبل الإنسان الأبدي…
ثانيًا: إنّ هذه الجلسة تُصحّح أساليب التعاطي مع الممارسات العباديّة ليس في شهر رمضان فحسب بل في كلّ الأوقات…
ثالثًا: نحن نتحدّث عن دور الشهر الفضيل بكلّ عباداته وبرامجه في إنتاج «التقوى»، والتقوى ليست «حالةً موسميّةٍ مؤقّتةٍ» وإنّما هي سلوكٌ متحرِّكٌ ودائمٌ، ممّا يعني أنّنا في حاجةٍ إلى هذه الجلسة في كلّ وقتٍ.


أيّها الأحبّة:
إذا كان شهر رمضان يمثِّل دورةً تدريبيّةً مكثّفةً في بناء الذّات روحيًّا وثقافيًّا وسلوكيًّا، ممّا ينتج ارتقاءً في صنع «الشخصيّة التقوائيّة» فإنّ قيمة هذه الدورة التدريبيّة بمقدار ما تملك من الأثر الممتد والمتحرِّك.
وبمقدار ما تمنح الإنسان حصانةً دائمةً في مواجهة ضغوطات الهوى ومنزلقات الشّيطان…
كيف نحافظ على منتجات التقوى في حياتنا، وكيف نعطي التقوى القدرة على البقاء والاستمرار….؟
نتابع الحديث في الأسبوع القادم بإذن الله..


نتابع الحديث حول حركة الإمام المهديّ التغييريّة الكبرى:
خلاصة ما تقدّم من أحاديث:
1- يبدأ الإمام المهديّ (ع) حركته التغييريّة الكبرى في العالم من مكّة المكرّمة، ومن عند بيت الله الحرام…
2- الخطّ البياني لحركة الإمام المهديّ: مكّة المكرّمة     المدينة المنوّرة     النجف الأشرف     القدس     استمرار الحركة…
3- حينما يصل الإمام إلى العراق وينتصر على كلّ القوى المعارضة، يبدأ يؤسِّس لعاصمة الدولة الإسلاميّة الكبرى في العالم حيث تكون العراق هي عاصمة الإمام المهديّ عليه السلام.
4- وبعد أن يستقرّ الوضع في العراق لصالح الإمام المهديّ، يبدأ التحرّك على مناطق أخرى في العالم، فيرسل جيشًا إلى بلدان التُرك، ولعلّ المراد هنا ليس (تركيا) الحاليّة، وإنّما دول الشرق الأقصى.
5- ثمّ يتحرّك الإمام بنفسه على رأس جيشٍ متوجهًا إلى الشّام، وهناك تحدث معركتان عظيمتان: المعركة مع السّفياني، والمعركة مع الدَّجّال..
وكما تقدّم القول: أنّ السّفياني زعيمٌ سياسيٌّ ينتمي إلى الإسلام إلّا أنّه يمثّل الإسلام التحريفيّ ويمارس أبشع ألوان الظّلم وسفك الدّماء، وسُمي السّفياني نسبةً إلى أبي سفيان الأمويّ…
وأمّا الدَّجّال فزعيمٌ سياسيٌّ لا ينتمي إلى الإسلام، وإنّما يمثِّل خطّ الكفر…
وكيف تحدث المعركة مع السّفياني، وكيف تحدث المعركة مع الدَّجّال؟
هذا ما نتحدّث عنه قادمًا إنّ شاء الله تعالى..


لا تطبيع مع الكيان الصهيوني:
شعارٌ يجب أن يعيش في عمق وعي الجماهير العربيّة والإسلاميّة، وهو شعارٌ لا يُطرح للاستهلاك السّياسي، وللمناكفات السياسيّة، إنّه شعارٌ ينطلق من صميم الإيمان بالحقِّ الثابت في الأرض الفلسطينيّةِ، ومن صميم الرّفض لهذا العدوان الجاثم على هذه الأرض العربيّة الإسلاميّة.
ربّما تحاول الأنظمة السياسيّة الحاكمة هنا أو هناك أن تتعاطى مع هذه المسألة وِفق حساباتها السّياسية، ووِفق ما تفرضه إراداتٌ دوليّةٌ مهيمنةٌ على سياسات الأنظمة العربيّة والإسلاميّة.
إلّا أنّ هذا لا يبرّر للشعوب العربيّة والإسلاميّة أن تخضع لخيارات الأنظمة الاستسلاميّة، بل يجب أن تصرّ شعوبنا العربيّة والإسلاميّة على الرّفض لكلّ أشكال التطبيع، ولكلّ أشكال الهرولة لمعانقة السّاسة الصهاينة…
يجب على الشعوب أن تمارس الرّفض الصريح لهذا التطبيع ولهذه الهرولة الذّليلة، معتمدة كلّ أساليب الرّفض المشروعة، وإنّ كلّفها ذلك الكثير…
ويجب على علماء المسلمين أن يُعلنوا موقفهم الجريء في رفض التطبيع وأن لا يُداهنوا أنظمة الحكم والسّياسة وإلّا حلّت عليهم اللّعنة الإلهيّة لأنّهم صمتوا عن قول كلمة الحقّ، مطلوبٌ من علماء الأمّة أن لا يُبرّروا للأنظمة سياساتها المنحرفة أو الخاطئة، ومطلوبٌ من علماء الأمّة أن لا يصمتوا خوفًا أو مداهنةً أو مجاملةً، فمسؤوليّتهم أمام الله تعالى كبيرة وكبيرة، ومن النصيحة للحكام والسّاسة أن يقول العلماء كلمتهم الصّادقة، وإلّا هلك الحكّام، وهلك العلماء وهلكت الشعوب… إنّه التكليف الشرعيّ أن يقول العلماء الكلمة الناصحة للحكّام، حينما تنزع بهم أغراض السّياسة إلى مواقف تصطدم مع مصالح الدّين ومصالح الشّعوب.
وأمّا المثقّفون والسّياسيّون فمسؤوليّتهم في مواجهة التطبيع مسؤوليّة كبيرة، فيجب أن يُحرّكوا مواقف الرّفض والتصدّي لخيار التطبيع، معتمدين كلّ أدوات الفكر والثقافة، وكلّ أدوات السّياسة في مقاومة التطبيع، ولن يُعذر هؤلاء المثقّفون والسّياسيّون حينما يصمتون وحينما يُداهنون، وحينما يُبرّرون خوفًا أو طمعًا في دنيا زائلة… إنّ المثقّفين الصّادقين هم الذين يكونون أُمناء على مبادئ الأمّة ومصالحها، وإنّ السّياسيين الصّادقين هم الذين يكونون أمناء على أهداف الأمّة وفق هويّتها الإيمانيّة والإسلاميّة.
وأخيرًا: إنّ شعار «لا للتطبيع مع الكيان الصهيوني» يجب أن يبقى صامدًا في وجه كلّ المساومات والسّياسات الخانعة، والهرولات الرّخيصة الذّليلة…


وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى