حديث الجمعة 144: إغراء الجنس (5) قانون الحشمة – جولة جديدة من الاستنفار حول قانون الأسرة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يستمر بنا الحديث حول”لباس المرأة”
حينما فرض الإسلام “ضوابط”تحكم “لباس المرأة” عندما تتحرك خارج البيت، كان ذلك من أجل حماية المرأة من عبث العابثين، وفسق الفاسقين، ونزق الطائشين، ومن أجل صون المجتمع من أسباب الفساد والدمار والانهيار الأخلاقي
ماذا أنتج تعري المرأة وتهتكها وتبرجها؟
لن أتحدث عن ما يدور في العالم من مآسي وويلات وجرائم، فالإحصائيات مذهلة ومروعة
دعونا نتابع ما يحدث في هذا البلد الصغير، فجرائم الجنس أخذت تنتشر بشكل مرعب..
• أحداث الاعتداءات الجنسية وخاصة على الأطفال والصغار أصبحت مألوفة، تناقلها الصحف يوما بعد يوم وما غاب عن الأنظار والأسماع أكثر وأكثر، حتى أصبحت الأسر لتأمن على أولادها وبناتها، حينما يخرجون من البيوت، وحتى حينما يذهبون إلى المدارس، فما عادت أجواء المدارس آمنه، فهذه ظاهرة (البويات) تنتشر في المدارس، أين إدارات المدارس عن ذلك، أين الرقابة؟ أين مسؤولية وزارة التربية؟ المعلومات مخيفة جدا وما يدور في الخفاء أشد وأدهى.
• قبل أيام قرأتم عن “المجهول” الذي يقتحم منازل سلماباد ليلا ويتحرش بالإناث، ويلوذ بالهرب حال سماعه الصراخ والاستغاثة
• وقبل ذلك قرأتم عن العصابة التي اختطفت طفلين من المحرق، وكان موقع الجريمة بعد الاختطاف هو وسط الأحراش عند الحظائر في قرية البلاد القديم، وقد نجا الطفلان من الاعتداء الجنسي والقتل، وكما تحدثت الصحافة أنه وجد في موقع الجريمة: قبر محفور، ونار موقده، وسياط ومطارق، وأدوات حادة.
أمثال هذه الحوادث تتكرر وتتكرر وتتكرر، ناهيك عن بيوت الدعارة المنتشرة في الكثير من مدن وقرى البحرين، حتى باتت ظاهرة تهدد أخلاق هذا البلد وقيمه وعاداته النظيفة.
• أما طالات الفنادق وما يحدث فيها من فجور وفسوق وعهر وبغاء فحدث ولا حرج،وكثر الله خير الحكومة فقد حددت الحق في ممارسة العهر والدعارة للفنادق الراقية فقط، أنا الفنادق المتوسطة والعادية فمحظور عليها أن تعبث بأخلاق البلد وأن تروج للفساد والفجور.
• وإذا يممنا شطر وسائل الإعلام من تلفاز وإذاعة وصحافة، فنصيبها من إشاعة المنكر، ونشر الرذيلة من خلال المسرحيات، والبرامج والمشاهد، والأغاني الهابطة، فكبير وكبير.
• وما جاء في مهرجان ربيع الثقافة ضمن مسرحية مجنون ليلى ، يصب في هذا الاتجاه، ولا زلنا ننتظر النتائج التي تخرج بها “لجنة التحقيق” التي شكلها مجلس النواب، ونتمنى أن لا تخضع هذه اللجنة إلى مجاملة وزراء ومسؤولين كبار.
فمن المسؤول عن الفساد الأخلاقي الكبير في هذا البلد؟
ومن المسؤول عن الفساد الإداري وعن الفساد المالي؟
ومن المسؤول عن الفساد الاجتماعي؟
ومن المسؤول عن الفساد السياسي؟
هذه أسئلة صعبة وحرجة؟ والإجابة عنها أشد صعوبة وحراجة، والأشد من ذلك العمل الجاد من أجل إصلاح كل أسباب الفساد بأشكاله وألوانه المتعددة.
الفساد الأخلاقي و قانون الحشمة في الجامعة:
حديثنا هنا عن “الفساد الأخلاقي” بكل ما يحمل من مظاهر، وبكل ما ينتجه من جرائم، وما يحمل من مظاهر، وبكل ما ينتجه من جرائم، وما هذه الجرائم الجنسية المتمثلة في الاعتداءات والاختطافات، والبغاء، واللواط وأشكال الشذوذ “ثقافة العهر” وانتشار “مشروعات الفساد” وغياب برامج” البناء الروحي والأخلاقي والتربوي”، وغياب القوانين التي تحمي القيم والأخلاق.
يستنكر البعض حينما يدور الحديث عن “قانون الحشمة في الجامعة” بدعوى أن مثل هذا القانون يصادر حرية الطالب الجامعي، والطالبة الجامعية، كما أن هذا اللون من القوانين والتوجيهات لا تتناسب مع الرشد العلمي والثقافي لطلاب وطالبات الجامعة.نأسف كثيرا لهذا المنطق في بلد ينتمي إلى الإسلام، ويعتز بقيم الدين.
ماذا يعني قانون الحشمة؟
إذا كان يعني “الالتزام بالزي الشرعي” كما تفرضه الشريعة الإسلامية، هذه وظيفة الإنسان المسلم رجلا كان أو امرأة، وهذه مسؤولية إدارة الجامعة أن توجه إليه.
وإذا كان قانون الحشمة في الجامعة يعني أن يتوفر “اللباس الجامعي” على مواصفات تبتعد به عن مستوى التبذل والتهتك والأزياء الصارخة فهو أمر مطلوب جدا في هذا الوسط الذي يحتضن الشريحة الهيئة لأن تكون العقل الموجه لهذا المجتمع، فإذا كان هذا العقل لا يملك قدرة الالتزام بالقيم والضوابط في اللباس والسلوك، فالويل كل الويل لمجتمع تقوده هذه العقول، وتؤسس لحركته هذه الشرائح.
إن جيلا جامعيا ملتزما، يحمل أصالة الانتماء، يملك وعي الإسلام، وعنفوان الإيمان، وإرادة الثبات والصمود والتحدي في مواجهة كل أشكال التغريب الثقافي والأخلاقي، وفي مواجهة كل حالات الاستلاب والهيمنة والهزيمة… إن جيلا جامعيا من هذا النوع هو الضمانة لحماية المجتمع في مساراته الثقافية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية.
نتابع الحديث – إن شاء الله – في لقاء قادم
جولة جديدة من الاستنفار حول قانون الأسرة:
بدأت جولة جديدة من الاستنفار حول “قانون الأسرة” من خلال ملتقيات وندوات ومحاضرات، وفعاليات متنوعة.
لا مشكلة لدينا في أن ينطلق أي حراك ثقافي أو اجتماعي أو إعلامي حول “قانون الأسرة” إذا كان هذا الحراك يحمل طابعا علميا، وطرحا موضوعيا ولغة مهذبة، أما إذا تحول الحراك إلى إثارات طائشة وانفعالات مفتعلة، وكلمات زائفة فهذا نرفضه كل الرفض، وندينه كل الإدانة.
لقد طرح العلماء مسألة”الضمانات” انطلاقا من مسؤولية شرعية ملزمة، ولا خيار لهم في ذلك، كون الموافقة على قانون للأسرة بلا ضمانات حقيقية تعد خيانة لشرع الله، وتفريط في الدفاع عن أحكام الله.
من خلال متابعتنا لبعض الندوات الأخيرة وجدنا”حديث الضمانات” يتحرك بقوة وهذا اتجاه إيجابي جيد في مسار الطرح والمعالجة، تذكرون حينما أكد العلماء على شرط “الضمانات” ثارت ضجة، وانطلقت كلمات غير مسؤولة، وكثر التهريج والتشكيك في مواجهة موضوع ” الضمانات” وأخيرا عاد حديث ” الضمانات” في الملتقيات والندوات، نتمنى أن تكون هناك معالجات جادة في هذا الاتجاه.
المشكلة الأساسية هي مشكلة”الضمانات” لقد طالب العلماء بمجموعة ضمانات وجدوا أنها تشكل الحماية الحقيقية للقانون من أن ينحرف عن شريعة الله، ومتى غابت هذه الضمانات أو بعض هذه الضمانات فالقانون سوف يكون في معرض العبث والتلاعب والانحراف.
والضمانات التي يصر عليها العلماء هي:
1. مرجعية الشريعة الإسلامية
2. إشراف فقهاء معتمدين في وضع القانون وتعديله
3. وجود نص دستوري ثابت غير قابل للتعديل يؤكد الضمانتين الأولى والثانية
فمن خلال هذه الضمانات الثلاث نتوفر على “حصانة القانون وحمايته”:
فمن خلال الضمانة الأولى”مرجعية الشريعة الإسلامية” نتوفر على قانون يستمد جميع أحكامه ومواده من الإسلام، ولا يسمح لأي حكم يتنافى مع الإسلام في أن يجد موقعه في هذا القانون..
ما هو موجود في دستور البلاد الحال هو أن “الشريعة مصدر رئيس للأحكام” وهذا يعني اعتماد مصادر أخرى إلى صف الشريعة، وإن خالفت الشريعة.
ومن خلال الضمانة الثانية: إشراف الفقهاء المعتمدين” نتوفر على الجهة المتخصصة المؤهلة الأمينة التي تشرف على مواد القانون وأحكامه في (الوضع والتأسيس) وفي مرحلة (التعديل والتغيير) وما عدا هذه الجهة ليس مؤهلا ومعتمدا في القيام بهذه المهمة.
ومن خلال الضمانة الثالثة”النص الدستوري الثابت غير القابل للتعديل” نتوفر على المؤّمن لاعتماد الضمانتين الأولى و الثانية، ولا يكفي وجود نص في القانون نفسه، كون هذا القانون قابل للتعديل والتغيير حتى لو كان النص بصيغة(ألقانون الدستوري)، ولا يكفي وجود مادة دستورية عادية، فهي قابلة للتعديل والتغيير.
إننا نطالب بمادة دستورية غير قابلة للتعديل على غرار المادة التي تتحدث هن “دين الدولة” والمادة التي تتحدث عن ” نظام الحكم”، قد يقال أن أصل الدستور لا يملك الشرعية، فكيف نعتمد على ضمانة في هذا الدستور؟
نجيب عن ذلك في اللقاء القادم إن – شاء الله –
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين